اطبع هذه الصفحة


عبقرية حازم صلاح أبو إسماعيل

محمد جلال القصاص


بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

عبقرية حازم صلاح أبو إسماعيل


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن أحبه واتبع هديه، وبعد:ـ
العبقرية عند عباس العقاد تتكون من عاملٍ وراثي، وعاملٍ بيئي؛ فكل عبقري له أب وأم، ومن بيئة تتناسب مع المجال الذي برز فيه.
والشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل من بيت عرف بالسياسة، ومن أب "دوخ" المجرمين، فكالأسد، تربى في العرين ...بين أولي النهى العارفين... المجربين...الحازمين ...

وغفل عباس العقاد عن عاملٍ آخر وهو هداية الله وتوفيقه، فمن البيت الواحد يخرج رجل ذات اليمن وآخر ذات الشمال، ومن البيت الواحد يصعد أحدهم ويصير فرداً، وآخرون لا تسمع لهم حساً..والأب واحد، والبيئة واحدة، ولكنه التوفيق من الله. فهو الله ـ جل في علاه ـ يعطي ما شاء، لمن شاء، متى شاء، يدبر الأمر، والكل عبيده. "هو الذي يسيركم في البر والبحر". "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله".
وأرى الله قد وهب للأمة الإسلامية كلها ـ وليس مصراً وحدها ـ حازم أبو اسماعيل، ولذلك أمارات، ليس من بينها أن بيني وبينه معرفة شخصية، فقد وفدت عليه في مقره مرتين فقط: في يوم 14/10/2011م، ممثلاً لحزب الفضيلة(أشغل عضو اللجنة العليا لرئاسة الحزب)، وكان لقاءً بين النخبة الثورية دعا له الشيخ لننظر في الأمر بعد أن أعلن العسكر أنهم قد أقاموا ولن يرحلوا في القريب، وكنت أقربهم مجلساً منه، والثانية ضمن وفد خماسي يمثل الجبهة السلفية ضم (الشيخ أشرف عبد المنعم، والدكتور خالد سعيد، والدكتور مؤمن وهدان، والمهندس حامد مشعل)، وكانت ثالثة للجبهة اعتذرت عنها لانشغالي.
في شخص الشيخ حازم وأفعاله أمارات تجعله رجل المرحلة، وعبقري الحدث، وفي الزمان والمكان أمارات تجعلنا لا نُقَدِّمُ غيره عليه.
من البداية كان له من اسمه نصيباً، فقد كان حازماً وأظهر هويته الإسلامية ثم الوطنية، وموقفه من بقايا النظام السابق، وعلى رأسهم "المجلس العسكري"، وبدا توكله على ربه، وصدقه في خدمة الناس بردهم رداً جميلاً إلى كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، حيث ينتفعون في الدنيا والآخرة، " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".
وليست تلك الحماسة التي تنتاب الصادقين من الوعاظ فيغفلون عن واقعهم ويضعون أقدامهم حيث لا يجدون ما يحملهم. فيَسقُطون ويُسقِطون ولكنها حماسة بهدوء، وأبواب جديدة تقتحم، وحديث في السياسة ما كنا نسمع به أو نتوقعه.
غيره ـ جل المرشحين المحتملين ـ يتكئ على الخارج وأولياء الخارج في الداخل.. لهم قرون استشعار ينصبونها تجاه الكافر و"المنافق"، ثم هو من الداخل يمد يديه للخارج يستنصره ويستنصحه، ويفعل ما يرضيه، ويخادع الشعب بأقواله، وحازم أبو اسماعيل ـ فيما يبدو لي ـ قطَّع حبالهم، وأمد بالله حبلاً، "وكفى بالله وكيلاً" ، "ومن يتوكل على الله فهو حسبه".
فاختيار حازم أبو اسماعيل، اختيار لحرٍ يريد بلداً حرّاً. اختيار حازم أبو اسماعيل اخيارٌ لمرحلة جديدة من الكرامة الحقيقية، واختيار حازم أبو اسماعيل إعلان لسيادة الأمة وأننا من نحكم أنفسنا.
والنقلات النوعية التي حصلت في الساحة السياسية كان السبب المباشر فيها ـ بتقدير الله ـ هو حازم صلاح أبو إسماعيل. فبعد أن أعلن العسكر أنهم لن يرحلوا قبل عام، وحاولوا عدة مرات أن تكون لهم الدولة بـ "وثيقة السلمي"، وبعد أن هدأ "الميدان"، وانصرف أهله، وظن القوم أن الكل قد انشغل، تحركت الأحداث بحازم صلاح أبو اسماعيل، فهو الذي دعى للنزول في مقرة يوم 14/10/2011، ونزل بالفعل في يوم 28/10/2011، ثم دعمه إخوانه في يوم 18/11/2011، فكانت أحداث محمد محمود الأولى، والتي بها أذهب الله مكر المجلس العسكري في البقاء، وإفشال الانتخابات، والإلتفاف على خيارات الشعب.
فنجاح الانتخابات وتمريرها، وذهاب وثيقة السلمي ، تم بحراك حازم أبو إسماعيل، ولو أطاعوه يوم "محمد محمود" لكسر يد الداخلية التي تضرب الشعب، وأرجع الجيش سكناته.
ولا زالت الأحداث تثبت أن الذي رآه الشيخ حازم أبو اسماعيل وطالب ـ ولا زال يطالب به ـ وهو السيطرة المدنية على الداخلية والقضاء، هو مطلب المرحلة، والوسيلة الأمثل للتخلص من المشاكل، وكسر شوكة المجرمين.
تحركات الشيخ حازم أبو إسماعيل نوعية، وهي التي تحرك الساحة، ومكتسباته يقتات عليها غيره، فهو قائد المسيرة حقيقة، وغيره مستفيد، أو مشارك. (أتكلم من حيث الأفراد).
بعض الطيبين يقف على خطوات يقول: لم يحن الوقت بعد؟ وإن فعلنا أتونا بقضهم وقضيضهم فأبادوا خضراءنا وأكلوا ثمارنا، وعدنا سيرتنا الأولى.. للسجون والمعتقلات.
وقد مضى الزمان، وشاء الرحمن أن تتداعى دولة الكفر أمريكا، فقد اتسع الخرق عليها، وانسحبت من العراق، ولا تجد قوة تواجه بها "الشباب" في الصومال، وتئن وحلفاؤها من ضرب الأبطال في أرض الأفغان، وتعاني من أزمات مالية.
وبنتها تحت أرجلنا لو أننا عزمنا وصدقنا، فإسرائيل قد عجزت من قبل عن "حماس"، قاتلت ومعها "العرب" والعجم، وما استطاعت أن تفعل شيئا، وحاصرت ومعها "العرب" والعجم لسنوات ولم تستطع شيئاً، ولن يستمر الحال، فغداً تأكلها حماس، وإن هددونا بكذا وكذا هددناهم بمد أيدينا لإخواننا في حماس، أو بتضيق الخناق (في البحر) على ابنتهم، أو قطع شراينها (الغاز)، وإنها صغيرة جبانة.. لا تقوى... وقد بدأت تحزم حقائبها استعداداً للرحيل، فأعداد المهاجرين من "أرض الميعاد" ـ والهجرة من أرض الميعاد ردة في دينهم ـ تزداد، وأنصارها في الشام ومصر وقريباً عمَّان والخليج يرحلون.إن الزمان قد استدار، وأرجى ما ترجوه منا أن لا نَبتز أمريكا بإسرائيل... لا أن نُبْتز بلا ثمن من أمريكا وإسرائيل.
فعلم الخوف من الغرب؟!
علم الخوف وفأسهم تتكسر في صخور الأفغان، وقد طمع بعضهم في بعض، وخرجت أوروبا "فرنسا وألمانيا" في دبر أمريكا، تحاول أن ترثها، وما يحدث في ليبيا والشام دليل، وليس لنا أن نقف مكاننا ليترك زمامنا الأمريكان ويأخذ به الفرنسيين والألمان.؟
ولم نرض رئيس من غيرنا (الإسلاميين)، وقد فعلناها من قبل فغدر بنا، وأدخلنا السجون، وجلد الظهور، وتعدى على الأعراض في البيوت.؟
إن أنصاف الحلول لا تأتي بخير. وإننا جربنا من قبل أنصاف الحلول ولم نجد خيراً، فبعد الحرب العالمية الأولى كانت الأمة مجاهدة ، عبد الكريم خطاب، وابن باديس، والقسام، وحركة الإخوان في الجزيرة العربية، والأفغان، والإخوان في مصر، ثم خدعنا الغرب وراودنا وانتهى الأمر بالجامعة العربية، التي لا تقول ولا تفعل، أو قد تقول ويقيناً لا تفعل .
ثم هبت الشعوب في ثورة وخدعنا، فقد كنا الوقود، ورضينا فقط بأن لا تكون الرأس منا، فانقلبوا علينا، وتبعتهم الجماهير.
وإن التجربة في غيرنا تعطي ذات النتيجة: حين لا يكون الرأس منا تنقلب الرأس على الجسد وتأكله، وقد فعل السادات ـ وكان أضعفهم بينهم ـ فنكَّل "بمراكز القوى"، واستقر له الأمر. وما كان أحد يظن، ثم جاء مبارك، وكأن أقل الحاضرين في المشهد هيبة وإمكانات شخصية فاستقر له الأمر، وصار بالناس حيث يريد وشياطينه.!!

ليس لنا الآن أن نترك زمام الأمة، بأقوال قلة مرجفة يحركها الحرص على الدنيا، أو قلة مخلصة لم تدرس التاريخ ولم تتأمل في حوادثه، وتريد لنا أن نخوض تجربة خضناها من قبل وفشلت.
وإن هؤلاء الذين سموا أنفسهم بالعلماء، وهم وعاظ يندر بينهم العلماء، وهم قلة قليلة من علماء الأمة، وليسوا كل علمائها، يُمكر بهم، فلن يزيدوا على شق الصف، وتفريق الكلمة، يقولون: مرشح جديد ليس من بين المرشحين؟؟
ولن يثمر حراكهم غير تشتيت الكلمة، وصرف الناس عن الشيخ حازم أبو اسماعيل، وظني أن القوم يمكر بهم، من داخلهم، (مَن يريد أن تكون له ولحزبه الرياسة)، ومن خارجهم ( من يريد أن يفرق الناس عن الشيخ حازم أبو اسماعيل.
مع أنهم لو فتشوا في أوراقهم لن يجدوا مثل حازم أبو اسماعيل، فهو "إخواني" المنبت، وسلفي المنهج، وعالم يعرف السياسة وقد مارسها، وحازم واضح الهوية، ذو رأي وعزيمة، يقف في نقطة وسط بين الجميع، ويحظى بالقدر الذي يطلبه الجميع. فمن مثله؟!
إن عبقرية حازم أبو إسماعيل لابد أن يدعمها عبقرية من النخب في الصف الإسلامي، تُقْدِمُ وتأخذ موقفاً تاريخياً، وتحسم أمرها باختيار هذا العبقري.

محمد جلال القصاص
صباح الثلاثاء 21/ 3 / 1433
13 / 2 / 2012

انتهى المقال وبعد:
لست من أنصار عباس العقاد ولا من محبي عبقرياته وأطروحاته، ولي دراسة نقدية عن فكره وعبقرياته هنا:
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=88&book=6308

 

 

محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية