كانت المرأة هي المحور الرئيسي الذي هجم من خلاله أعداء الملة على ثوابتنا
الإسلامية ، فما زالوا بها حتى أخرجوها من بيتها لغير الحاجة التي أذن فيها
ربها ، وحين خرجت المرأة انهدمت الأسرة أو تصدعت ولم تعد على ذات الحال الأولى
، وكان أخطر ما في الأمر هو أن أصبح ( للمرأة الحديثة ) قضايا تتعارض مع
الشريعة الإسلامية ، ومن هنا وصل القوم إلى عقيدتنا عن طريق المرأة ، فراحوا
يناقشون الميراث ، ويتساءلون لم التفرقة بين الرجل والمرأة وهما سواء في طلب
الرزق ؟! وغير ذلك مما استحدثوه من قضايا .
فكانت القضية على حقيقتها حرب ضد الشريعة الإسلامية وما ( قضايا المرأة ) إلا
طريق للنيل من الشريعة الإسلامية وتغيبها عن أرض الواقع .
وكل من يستقرا أحداث التاريخ بعمق ، يعلم أن تغريب المرأة تم على عدة محاور ولم
يأتي الأمر على محور واحد ، فقد تعاون السياسيون ( أمثال كرومر وسعد زغلول
وغيرهما ) ، والمفكرون ( الكواكبي ، وقاسم أمين وغيرهما ) وبعض ( رجال الدين )
ـــ من أمثال محمد عبده الذي قدم لكتاب قاسم أمين ، وقيل أنه هو كاتب مباحثه
الفقهية كما ذكر ذلك الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في أحد محاضراته ـــ في حملة
( الإصلاح ) كما كانوا يسمونها .
وتم أيضا تفعيل دور المرأة .
وما زالت هذه المحاور تعمل إلى اليوم .
ما زالت عملية ( الإصلاح ) ــ والتي أحد أجزائها ( حرية ) المرأة ــ تتم على
هذه المحاور الثلاث :
السياسية ... التي تعنى باتخاذ القرارات المناسبة لإيجاد مساحة للمرأة على أرض
الواقع تزاحم فيها الرجل ، مثل التوظيف ، والاختلاط ، وحرية التنقل ، وإفادها
في المؤتمرات العامة ... الخ .
والاجتماعية التي تهدف إلى صبغ المجتمع المسلم بصبغة الغرب ... في ملبسه ، وفي
عاداته وسلوكه ويدخل في ذلك ما يسمى ( بقضية المرأة ) .
ودينية تُعنى بإعادة قراءة الشريعة الإسلامية من جديد ، لتكون ( ليبرالية )
تتماشى مع القضايا العصرية . !!
وما زال دور المرأة يُفَعَّلْ . فتراها تتظاهر من أجل حرية ( التنقل ) دون
مرافق ، وتراها تكتب قصصا عن واقع بنات بلادها والله أعلم بصدق قولها ، وتراها
تُدفع دفعا من حين لآخر لتتحدث على صفحات الجرائد والمنتديات ... الخ عن (
حريتها ) و ( رغبتها ) في اللحاق بأختها الغربية .
واليوم نحن بحاجة لتفعيل دور المرأة المسلمة ، فالقوم يتكلمون بأن ما ينادون به
هو رغبة ( بنات البلاد ) ، وما هي إلا رغبة عدد قليل جدا من الفتيات ، والواقع
يقول أن هناك كثيرات مستمسكات بعفتهن ، وحيائهن ، وقد تركوا ركب الشيطان
وانضموا لحزب الرحمن . وأن ركب الهداية بدأ يسير من عقود في البلاد التي بدأ
فيها التغريب ، وضمن الشرائح المستهدفة بالتغريب .
إن هناك ظاهرة ألحظها ، وهي التي دفعتني للكتابة في هذا الموضوع وهي أن للمرأة
المسلمة تواجد جيد في ميادين دعوية وخاصة على الشبكة العنكبوتية ... في غرف
البالتوك ، والمنتديات . ولكن دون استثمار .
العمل ارتجالي . غير منظم . أو قل : غير مُرشد .
أيها الكرام !
مما لا شك فيه أن الذكر ليس كالأنثى ، في الخِلقة والتكوين ، فالرجل يصلح
للقيام بأشياء لا تحسنها المرأة ، والمرأة تصلح لأشياء لا يحسنها الرجل ، (
والنساء شقائق الرجال ) ، فلا بد من مراعاة الفروق الفردية ، وعمل برامج خاصة
بالعمل الدعوي بين النساء يقوم به النساء .
ليس مُشاكلة للقوم فحسب ، وإنما استغلالا لهذه الطاقة المهدرة في غرف البالتوك
، والمنتديات ، وبرامج المحادثة .
ومما لا شك فيه أن الاختلاط تتولد عنه مفاسد ، ويتسبب في منع كثيرين ذويهم من
التواجد على الشبكة أو غيرها .
فلم لا تنشط الهمم ( النسوية ) لتكوين تكتلات دعوية تبدأ من الشبكة العنكبوتية
وتمتد على أرض الواقع ما أمكن .
إن هذا الطلب أصبح ملحا اليوم ... لمنع الاختلاط على الشبكة ... ولترشيد الطاقة
المهدرة التي ترتجل في عملها وتقف حائرة في دربها ... ومشاكلة للقوم .
نعم نحن بحاجة ملحة اليوم أن تكون عندنا داعيات متخصصات في ما يصلح للنساء ـ
وليس لكل شيء ـــ تتكلم بلسان المرأة ، وتخاطب الغافلات اللاهيات السائرات على
درب الكافرات . وترد على المتطاولات على مجتمعاتهن وشريعة ربهن .
فمن لهذا ؟
أنا لا أتكلم عن محاضرة تلقى هنا أو هناك ، ولا أتكلم عن تجمع للنساء بعيدا عن
الرجال فقط ، وإنما أتكلم عن مشاريع فكرية نسوية ... وإن وضعت بأيدي رجال .
ونفذها بعض الأخوات .
فمن لهذا ؟
|