اطبع هذه الصفحة


الدولة الأموية نموذجا لتشويه التاريخ الإسلامي
بقلم / أسامة إبراهيم سعد الدين

محمد جلال القصاص
mgalkassas@hotmail.com


ادعى بعض المؤرخين أن بني أمية أرهقوا البلاد وظلموا العباد ، وهذا الإدعاء من جملة اللغط الكثير الذي أثير حول بني أميه ، وفيه مبالغة شديدة .
ولعل بعضهم قد قارن بين خلافتهم وبين الخلافتين الراشدة والعباسية فظنوا أنها لم تقدم أي تطور للحياة الإسلامية بمفهومها الحضاري ، غير تلك الفتوحات التي امتدت شرقا وغربا .
وبالغ بعض مؤرخينا المعاصرين والمتأثرين بالنظرة الاستشراقية في تفسير أحداث التاريخ الإسلامي فاعتبروها دولة مغتصبة للخلافة ، مَتوقة للزعامة ، قامت دعائمها قوية وطيدة بعد أن شردت آل البيت وأبعدتهم عن الحياة السياسية ثم حولت الخلافة إلى ملك عضوض يتوارث . والأنكى من ذلك أن يذهب بعض هؤلاء ( المؤرخين ) إلى الاعتداء على خلفاء تلك الدولة بالتشريح والتجريح لمواقفهم وأفعالهم تجاه الأمة الإسلامية ، كمعاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ، وابنه يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان .. وغيرهم . ثم يقفون عند عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ويعدونه النقطة الوحيدة المضيئة في تلك البقعة الزمنية المظلمة ، ناسين أو جاهلين أدوار الخلفاء الآخرين في نشر الإسلام وإعلاء كلمته في أنحاء الدنيا .
ولنا مع هؤلاء وقفه بسيطة بما يسمح به المقام ..
إذا نظرنا إلى الخلافتين السابقة واللاحقة لخلافة بني أمية لوجدنا الآتي .
الخلافة الراشدة وهي تلك الفترة السابقة لعهد بني أمية فهي فترة ربانية بحق لما فيها من ولع بالدين وحب للعلم وشغف بالدراسة وزهد في الدنيا فرعاياها تلاميذ مدرسة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأعظم بها من مدرسة !
وخلفاؤها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ وكم يتشوق الناس لتلك الخلافة .
والخلافة العباسية . وهي اللاحقة لعهد بني أمية ، امتازت تلك الخلافة وعصرها بالبحث العلمي والنهضة العلمية والأدبية وذلك بعد أن اتسعت رقعة الدولة الإسلامية شرقا وغربا ، وحدث الامتزاج بين الحضارات القديمة ليبرز في النهاية الحضارة الإسلامية بصورتها الرائعة وبريقها الأخاذ وفي تلك الخلافة تم تدوين التاريخ وكتابته ، وإن كانت إرهاصاته بدأت في نهاية عهد بني أمية إلا أن حركة التأليف والتأريخ ظهرت بوضوح في ذلك العصر .
ويكفينا أن نعرف أن تاريخ بني أمية قد كتب في عهد بني العباس ( ألد أعدائهم ) فكان في هذا نظرة مجحفة ظالمة لهم .
ومن هنا نجد أن لكل حقبة من التاريخ مزاياها الخاصة .
فدولة رائدة عادلة صنعتها يد النبي ـ صلى الله عليه وسلم وساسها خيرة أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ ، ثم دولة فتوحات ثم دولة حضارية بالمعنى المادي والمعنوي .
فما الثانية إلا نتيجة للأولى وما الثالثة إلا خلاصة المرحلتين الأولى والثانية .

وما كتبه الحانقين على هذه الدولة في عصرنا الحاضر مستمد من مصدرين .
الأول : كتابات المستشرقين الحاقدين على الإسلام وتاريخه وحضارته . وخاصة دولة بني أمية التي أدخلت الإسلام بلادهم حتى كادت أن تدخل باريس من الغرب وحاصرت القسطنطينية وأخذت كثيرا من ملك الدولة البيزنطية من جهة الشرق .

الثاني : الروايات الشيعية الملفقة والموجودة في بعض كتب التاريخ . كتلك الروايات التي نقلها الطبري عن أبي مخنف ذلك الشيعي الكذاب وغيرها كثير .
وكيف لهم يجهلون قدر تلك الدولة العظيمة التي اتسعت رقعتها من الصين شرقا إلى جنوب فرنسا غربا ، كل هذا تحت خلافة واحدة تعلي كلمة التوحيد وتدافع عنه وتنشر الإسلام في كل مكان فإن كان لبعض خلفائها هنات ، فلا نقف عندها لنحلل ونعطي الأمر أكثر مما يستحق ، ونذهب نعمم ونقول للناس بأنهم كانوا ظالمين ومعتدين ، فهذا خطأ بين وخطب فادح .

وهذه النظرة المغلوطة للتاريخ الإسلامي وأحداثه قد بدت جلية واضحة في القرن الماضي حيث العلمانية تطبق ذراعيها على عالمنا الإسلامي ، وحيث الصحوة الإسلامية التي لاحت بوادرها في الأفق ، وراحت تعيد البعث في الأمة من جديد لتعود سيرتها الأولى كما كانت في عهدها الأول ( خير أمة أخرجت للناس ) . مما يشي بأنه حقد على الإسلام لا حقد على بني أمية .


 

محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية