اطبع هذه الصفحة


تأملات قرآنية ( وإني لغفار لمن تاب )

عامر بن عيسى اللهو

 
قليل من الناس من يسامح الذي يخطئ في حقه وأقل منهم من يسمو ويسامح قبل أن يقع الخطأ في حقه أما الرحيم الرحمن سبحانه وتعالى فقد فتح باب الرجوع إليه لكل نادم وتائب ووعد بالمغفرة لمن صدقت توبته بل إنه يفرح بتوبة عبده إليه أكثر من صاحب الناقة التي عليها طعامه وشرابه وهو في صحراء من الأرض ففقد ناقته فانقطعت به أسباب الحياة فنام تحت شجرة ينتظر الموت فلما أفاق فإذا بناقته على رأسه وعليها طعامه وشرابه ففرح فرحاً شديدا وقال ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) أخطأ من شدة الفرح كما في الحديث الصحيح . إن هذا المشهد يصور لنا شدة فرح الله – وهو فرح يليق بجلاله – بتوبة عبده وهل هذا لأن الله محتاج إلى عباده أو إلى توبتهم ؟!! كـلا والله ، بل توبتهم راجع خيرها إليهم والله تعالى لا تنفعه توبة التائب كما لا تضره معصية العاصي ولا تنقصه إثابة الطائع كما لا يعجزه تعذيب الجاحد .

لكن شتان بين يحقق معنى العبودية ويعرف قدر الملك الجبار عز وجل ويخشاه ، وبين من يستهين بالله تعالى وبأوامره ولا يرجو لله وقاراً في حين أنه يتقلب في نعمه !! لذلك قيل : لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت .
إن مما يؤسف له إن الذي يصد كثيراً من الناس عن التوبة هي الغفلة والانشغال بالدنيا فترى الواحد ينظر لأمر دنياه إلى أبعد مما بين المشرق والمغرب أما لأمر دينه وآخرته فلا ينظر إلى أبعد من أرنبة أنفه !!
إن شهر رمضان فرصة عظيمة جداً لي ولك يا أخي المسلم لجرد حسابات الحسنات والسيئات ومحاسبة النفس
فكلنا ذوو خطأ فمن منا لم يزل لسانه أو يزل قلمه أو يظلم نفسه ؟!

من ذا الذي مـا سـاء قط *** ومـن لـه الحسنـى فقـط !!

كما إنها فرصة لدحر الشيطان والانتصار عليه فهذا شهر تفتيح أبواب الجنان وتغليق أبواب النيران وتقييد الشيطان والله تعالى يغفر فيه مالا يغفر في غيره فليكن هذا الشهر نقطة تحول في حياتك يا أخي المسلم تقودك بإذن الله إلى سعادة الدنيا والآخرة ومن تذوق حلاوة التوبة أدرك مرارة المعصية .

 

عامر بن عيسى اللهو
  • مقالات دعوية
  • كتب ورسائل
  • خطب
  • تأملات قرآنية
  • الصفحة الرئيسية