اطبع هذه الصفحة


تأملات قرآنية ( ويسعون في الأرض فسادا )

عامر بن عيسى اللهو

 
هذه من أبرز صفات اليهود التي يخبرنا الله عنها في القرآن الكريم أنهم يعيثون في الأرض فساداً أي بجميع أشكال الفساد كالفساد الأخلاقي فيُشيعون الانحلال الخُلقي في المجتمع والفساد الاقتصادي فيأكلون أموال الناس بالباطل عن طريق الربا والرشوة ، والفساد الاجتماعي فيُحِلون لأنفسهم قتل الأبرياء ولو كانوا أكرم الناس عند الله وهم الأنبياء والفساد السياسي فينقضون العهود والمواثيق ولا يرعون إلاً وذمة لمسلم ، والفساد الإداري فيتسترون على المجرم إذا كان شريفاً ويفضحونه إذا وضيعاً والفساد الديني وهو الأخطر فيغيروا عقيدة التوحيد الخالصة لله تعالى بنسبة الولد إليه تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا .

إن إفساد اليهود وفسادهم قديم قدم وجودهم في الأرض فقد ظهر فسادهم في عهد بختنصر ملك بابل فعمد إلى قتلهم وتشريدهم وهذا ما بيّنه الله لنا في كتابه العزيز حيث قال ( وقضينا إلى نبي إسرائيل في الكتاب لتُفسدنَّ في الأرض مرتين ولعلُنّ علوّا كبيراً  فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأسٍ شديد فجاسوا خلال الدِّيار وكان وعداً مفعولاً ) سورة الإسراء . لكن الله أعاد لهم الكرة وعاد ملكهم إليهم وأمدهم الله بالنعم وجعلهم الأكثر في الأموال والبنين فهل شكروا وتابوا وأنابوا ؟؟ لا والله مع أن شكرهم وتوبتهم لا تعود فائدتهما إلا إليهم ومع ذلك عادوا إلى الفساد والإفساد فأعاد الله عليهم العقوبة مرة أخرى وسلّط عليهم ملوك فارس والروم فقتلوهم وسبوهم ودخلوا مسجد بيت المقدس وخربوه ودمّروه وكانت هذه المرة أشد وأكبر كما قال تعالى ( وليُتبِّروا ما علوا تتبيرا ) ثم لفت الله أنظارهم بلفتة كريمة بقوله ( عسى ربكم أن يرحمكم ) أي لعلكم إن علمتم صدق ما ذكر الله لكم في التوراة من هذا الفساد وأن الله لا يخلف الميعاد وأنه وعده ووعيده حق لا يتخلف فترجعون وتتوبون وتأخذوا العبرة مما حصل لكم ؟! بل قال بعض المفسرين ( أن عسى من الله واجبة ) فقد رحمهم مرة ثالثة وجعل لهم الدولة لكنه أنذرهم وتوعّدهم بقوله ( وإن عدتم عدنا ) فهـل انـتهوا ولم يعودوا ؟؟ بل والله عادوا إلى فسادهم مما يدل على أن الفساد يجري في عروقهم فحقق الله فيهم وعيده وسلّط عليهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فأجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من ديارهم وهم بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع وطهّر الأرض من رجسهم . فهذا هو تاريخ فساد اليهود عبر القرون .

واليوم فقد عادوا إلى فسادهم وإفسادهم في الأرض بل بصورة أشد وتحت مباركة إخوانهم النصارى وذلك في ظل غفلة أو تغافل من المسلمين ولسان حالهم يقول :

خلا لكِ الجو فبيضي واصفري *** ونقّري ما شـئتِ أن تُنقّري

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يحقق فيهم وعيده ، وأن يُسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب وأن يهتك سترهم ويفضح أمرهم ويجعل تدبيرهم تدميراً عليهم وأن يجعل بأسهم بينهم …… آمين ،،
 

عامر بن عيسى اللهو
  • مقالات دعوية
  • كتب ورسائل
  • خطب
  • تأملات قرآنية
  • الصفحة الرئيسية