اطبع هذه الصفحة


لقاء " ذو النوريــن " مع الشيخ صالح بن عواد المغـامسي

صالح بن عواد المغامسي

 
لو تحدثون القارئ الكريم عن بداياتكم العلمية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، الحرم كان يعيش به الكثير من العلماء مثل الشيخ عطية محمد سالم والشيخ عمر رحمة الله عليهما والشيخ أبو بكر الجزائري أطال الله عمره، وكنا نتردد على الحرم كثيراً، ومنذ الصبا أذكر أني قرأت في الموطأ 1393هـ وكنت في الخامسة الابتدائي، ولنكن واضحين إنها قراء للثقافة والإطلاع فقط ولم تكن قراءة بقصد الشرح؛ لأن الكتاب كان موجوداً في مكتبة الوالد وكانت النسخة صغيرة جداً ولا زالت عندي منذ 34 سنة وعليها تعليقات في الأسطر وكنت في الخامسة ابتدائي وهذا أبرز ما يقال في هذا الجانب .

ما أبرز ما تميز به الشيخ في حياته؟

قاسٍ جداً أن يتحدث الإنسان عن نفسه، والناس الذين أقابلهم يقولون إنك جيد الحفظ، لكن أرى أنهم أخطؤوا في هذا لأني أرى أنه من عيوبي أنني لا أحفظ لكني أحب الشعر وهذه مسألة أخرى، لأن الحفظ الآن أصبح شيئاً من القدح يعني يرتبط بعدم الفهم وهذا ينبغي تحريره عن الكلام، وحيث أني لم أكن حافظاً منذ الصغر لذلك لم تكن درجاتي عالية في المرحلة المبكرة وبعض الأساتذة كانوا يشترطون الحفظ الحرفي، وأنا لم أكن أؤمن بذلك فكنت لابد أن أدخل شخصيتي في الكلام وكان هذا لا يرضيهم .

ولكن بعض الناس يستدلون على ذلك بأنكم لا تكتبون على الورق ألا تخافون النسيان أو الخطأ؟

استدلالهم بهذا الباب جيد لكن توجد نقطة أساسية والله كنت لا أريد أن أفصح عنها لكنك وأنت تجري هذا اللقاء أطريتني أن أقولها وهي :
أنا لا أكتب شيئاً قبل الدرس لأقوله للناس وقد استصحب ورقة أو أقرأه قراءة عامة وأنا في الطريق، وأحاول أن أستوعب ما أقرأه قدر الإمكان . وقد يقع الخطأ أو النسيان هذا بلا شك موجود ونحن بشر معرضون لهذا، ولكن الإلقاء المبكر ساهم في إزاحة هذا .

كيف كانت بدايتكم مع الخطابة في المنابر؟

أنا بدأت بالدروس قبل الخطابة بدأت بالدروس عام 1408هـ في مسجد السلام, مسجد أمام منزل الوالد وكنت أدرِّس فيه. ألقيت أول كلمة في الرابعة الابتدائي كتبها لي الوالد كانت عن الجار بعد الصلاة وأذكر كان بها حديث : ( مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) . وجلست ردحاً من الزمن حتى فهمت معنى الحديث الذي قلته وأنا لا أفهمه وقتها. أتيت الخطابة رسمياً أواخر 1412 هـ، وقبلها خطبت خطب عن بعض الفضلاء .

أول خطبة كانت عام 1408هـ بمسجد السلام كيف كانت؟
الحمد لله أنا ربيب إعلام من قديم كما قلت لك عندما كنت في الكلية ذهبت إلى الكويت مع أفراد نيابة عن المثقفين في الكلية وكنت ألقي ارتجالاً في جامعة الكويت كلية الحقوق .

نبارك لكم الخطابة في مسجد قباء كيف كان شعوركم وأنتم تخطبون في أول مسجد في الإسلام؟
الخطابة في مسجد قباء نعمة وفضل من الله سبحانه وتعالى، والإنسان ما وصل لهذا إلا بنعمة من الله ولو شاء الله لخذلنا ولكن الحمد لله على ما أظهر من محاسن وهي مِنهُ وعلى ما ستر من معايب وهي مِنَّا ولكن الله برحمته منَّ علينا بالخطابة في مسجد قباء .

أنا أحب أن أورد معلومة للمجلة غريبة وهي :

أنني ما سألت الله قط أن أكون إماماً أو خطيباً في مسجد قباء، ولم أطلبه من أحد ولكن ناداني المسئولون وأخبروني بذلك، وجلست متحيراً أقول من أين أتاني ؟ بعد أيام من التكليف بقباء جاءني أحد الأشخاص اسمه "
ياسر " وهو أحد طلاب العلم فقال لي أنه جلس بجواره أحد الرجال يحسبه من الصالحين كبير في السن جلس يشكو فجلس الأخ ياسر يهون عليه ويطمئنه فقال : " لا تخف أنا رجل كبير في السن وأنا أسأل الله منذ مدة أسأله أمرين: أن يشفيني وأن يضع صالح المغامسي في قباء "وهو لا يدري أني وُضِعتُ في قباء، فبشره الشيخ ياسر وقال له : " أنا أبشرك أن الشيخ المغامسي وضعوه في قباء " . وهذا الرجل لم أقابله حتى الآن. وقد ذكرت هذا حتى يعرف الناس أن لله عباداً صالحين لا يعرفهم أحد يرحم الله بهم الناس وأن دعاءهم مستجاب وعندما عرف أن الله استجاب لدعائه أخذ يبكي فسبحان الله يمنُّ على عباده ما يشاء .

أول خطبة في قباء كيف كانت؟
كانت خطبة قباء عن حجرات النبي صلى الله عليه وسلم وما تضمنته من أحداث عظام كقيام الليل وسماعه للصحابة وعشرته لزوجاته وتربيته للحسن والحسين شهدتها حجراته صلى الله عليه وسلم .

الحضور في قباء منوع وكبير فكيف توفقون في الخطبة؟

لاشك أنه لا يحسن أن تخاطب فئة واحدة وإنما يكون الخطاب لجميع الفئات، وكما هو معروف أن الخطبة في مسجد قباء تختلف بكثرة الحضور والطبقة نفسها التي تحضر الخطبة تختلف عن طبقة جامع الملك عبد العزيز وجامع السلام وجامع المهاجرين ولذلك أنا أرى الشمولية في مواضيع الخطابة قدر الإمكان وأن لا تخاطب فئة معينة لأنها تحيد الباقين ولا يكون ليس لهم إنصات معك فأفضل للخطبة أن تكون شاملة وتعنى بجميع المستمعين .

كيف يكون الانتفاع من خطبكم ودروسكم ؟ وهل لكم موقع خاص؟

نعم نحاول أن نعمل على جهتين نحن نسجل الخطبة رسمياً ونعطي للتسجيلات التي تتبنى ذلك وتخرجها للناس في نفس الوقت فنحن نحرص الآن على نقل دروس التفسير من مسجد القبلتين إلى مسجد قباء .
أما بالنسبة للدروس فالحمد لله الدروس قائمة ولا يوجد موقع خاص بي ولكن هناك منتديين في قناة المجد أحدهما محاسن التأويل والآخر القطوف الدانية وهو ثقافي، ومحاسن التأويل ينشر فيه دروسنا العلمية وشبكة " ذو النورين " المباركة لها دور كبير في نشر الكثير من دروسنا وأنا مقصر في هذا المجال التقني وهذا لجهلي به ولكن له دور كبير، وإنشاء الله سوف يتم الترتيب مع الشيخ يوسف المهوس، وستطور هذه الصفحة بإذن الله وإن كنت أنا أحب العمل المرحلي .

بالنسبة لسكنكم في المدينة علمنا أنكم متمسكون بها ورفضتم العمل خارجها ما صحة ذلك؟

نعم نحن نسافر لفترات محدودة ونرجع ولا نقيم خارج المدينة فالإقامة بالمدينة وصَّـانا بها سيد الأخيار والآثار ( والمدينة خير لهم إذ لو كانوا يعلمون ) و ( من استطاع منكم من يموت في المدينة فليفعل )، والحديث المعروف ( المدينة تنفي خبثها ) إننا نسأل الله العافية والستر .


بالنسبة لـ(
لجنة الأئمة ) والتي أنتم الأمين العام لها ما أهم أهدافها؟
لجنة الأئمة منبثقة من تعاون وزارة الشؤون الإسلامية مع المشروع الخير للزواج وهذا المشروع رئيسه العام رئيس المحاكم الشرعية بالمدينة الشيخ " صالح المحيميد " والأمين العام الدكتور " عبدالباري الثبيتي " إمام الحرم، والمشروع طلب من الأوقاف اختيار أئمة نتعاون من خلالهم بوضع رسالة للمسجد تعنى بالأسرة من خلال هذه اللجان تعمل اللجنة وقد عقدت اجتماعاً أولياً لها وتم اختياري والحمد لله أميناً عاماً للجنة .
وقد أعددنا خطبة تم إلقاؤها وأحياناً بعض المذكرات تقرأ على الناس وأحياناً نتشاور في أمور دعوية بقضايا العنوسة وغيرها .


ماذا عن عملكم في كلية المعلمين؟
أنا أعمل محاضراً لكنني أحياناً أدرس مواد لغة عربية وأحياناً يسند إليّ تدريس مواد الأدب، طبعاً هذا يحدث ازدواج في الشخصية لكنه نجم من هذا نفع كثير، ولكن الازدواج حاصل فأنا أحياناً في الأدب العربي الحديث أتكلم عن نزار وشوقي وحافظ والبارودي .
أنا أخرج من الدرس ثم أذهب إلى مسجد الحي فأعظ ثم بعد المغرب أقول درساً في التفسير طبعاً تحدث نوعاً من الازدواجية ولكن أعانني الله عليها، وأنا أستثمر هذا التدريس فيما ينفع الناس .

والطلاب غالبهم طبعوا على فهم القضية وإن كان بعضهم جديداً أو لا يعرفني أو سمع عني أموراً معينة يحدث عنده شيء من الارتباك ولذلك أنا أحياناً أوقف الدرس وأدرأ عن نفسي التهم .

كيف توفق بين حياتكم الخاصة والعامة؟

أنا أعتذر لله أولاً ثم للأهل ثانياً وبلا شك أنا مقصر في حق أهلي وأولادي ولكنهم بإذن الله أنهم محتسبون، وكثرة الأسفار لاشك تؤثر وينجم عنها ضرر على المنزل فأحياناً أرتب الأمر في السيارة أو قبل المحاضرة وما إلى ذلك، وهم لا يتضجرون من كثرة أسفاري، أما العتاب واللوم البسيط حاصل فهم بشر وليسوا ملائكة فتارة يرتفع هذا الأمر وتارة ينخفض .

كيف هو منهج الشيخ في تعامله مع أبنائه؟
أنا أحاول أن أربي فيهم الوضوح وهذا أولاً، وثانياً وهو المهم أعدهم لأن يعبدوا الله، لأنه الله لا لأنهم أبناء فلان بن فلان هذه مهمة عندي، وأنا أريدهم أن يعبدوه لأن الله هو المستحق بالعبادة لا لأن أباهم فلان، فيحاول أن يراقب الله ولهذا أنا لا أطالبهم ولا أجبرهم وأحاول أن أنمي ما فيهم من مهارات وهم ليسوا ملزمين أن يكونوا صورة طبق الأصل مني هذا لا أطلبه وأسأل لهم التوفيق .

هل تحدد لهم مسارات التعليم؟
أنا أرشد من بعيد وألاقي في هذا بعض النقد من القرابة ولكن لكل شخص رؤية في الحياة أنا لا أؤمن بالتدخل المباشر ولكن أؤمن بالإرشاد العام والتوجيه من بعيد وهم أنفسهم يختاروا وقد يرى الناس أن هذا غير محمود ولكني أرجوا الله أن تكون الثمار بعد ذلك محمودة. أما الزواج لابد فيه من التشاور والتدبر ولكني أؤمن بالحرية .

ماذا ترى في الهجمة الإعلامية الشرسة تجاه الأسرة المسلمة؟
ما نحن فيه أمر مخيف لكن الاعتصام بالله أمر مهم ثم إعطاء النشء جرعات إيمانية وكلما غرسنا في أبنائنا وبناتنا حب الله ومحبته وتعظيمه كانوا بعيدين عن المعاصي .
أما أن نعطي أوامر فكرية هذا حلال وذاك حرام دون أن يكون مصحوباً بشحنات إيمانية هذا لا أظنه ينفع فالذي يتوجب على الأسرة المسلمة قضية السعي إلى الحصول على إيمانيات عظيمة بمعرفة الله وهذا ما ينفع النشء ويحصنهم ضد التيارات الجافة .

قضية المرأة كيف تراها؟ وهل تؤمن بتعليمها؟
طبيعي نحن محكومون بالشرع في التعامل مع المرأة فإن ظلمناها فالظلم منا ناجم عنا لا من الرؤية الشرعية لها لأن الشرع أعطاها قدرها ومعرفة فضلها وإدراك مالها من مكانه وأعطاها مساحة كبيرة من الثقة وهذا أمر أراه واجب في حق المرأة المسلمة .
أما تعليمها نعم أؤمن به ولكن ماذا تتعلم هذا هو أهم شيء، فيجب على المرأة أن تتعلم ما يناسب طبيعتها ولا يجب عليها أن تتعلم ما لا يناسبها ولا يمكن أن تعمل به ميدانياً فلا يجب أن يفتح الباب هذا لأن الاختلاط شر عظيم .

ما نظرتكم للفضائيات والإعلام الإسلامي؟
لاشك أن الإعلام الإسلامي نتمنى وجوده ولاشك أن بعض أصحاب الأموال سخروا قنواتهم لهدم الدين وحتى إن ظهر في تلك القنوات من ظهر من أهل الإصلاح إلا أنه لا يغير شيئاً لأن أساس تلك القنوات باطل، وإنما جعلوا من هؤلاء المشايخ الفضلاء أمراً يهدئون به الناس فما أسس على بطل لا يمكن أن ينفع فيه شيء .
لذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما أُسس مسجد الضرار لم يجعل أي من الصديق أو الفاروق أن يدرسا فيه بل أمر بحرقه وتدميره، لكن هناك قناة المجد والقليل من أمثالها ولكن قناة المجد هي الأبرز .

كيف تنظر لحال الأمة الآن؟
هذا يرجع إلى فلسفة قديمة هل ما يحدث للأمة بسبب سقوط الخلافة أم أن الأزمات هي التي أسقطت الخلافة، والصواب هو أن الأزمات هي التي أسقطت الخلافة والحل يكون بعلاج تلك الأزمات الموجودة كلٌ على ثغر مع الحفاظ على جمع الكلمة ولم الشمل وحفظ دماء المسلمين أما أي طريقه للإصلاح التي تدعو للتفريق أو تشتت شملاً أو تزهق دماً فليست من الإصلاح في شيء .

هل لكم مؤلفات؟

لقد كان السلف قبلنا يتحرجون من التأليف في فترة مبكرة ولكن النية موجودة وسأشرع بإذن الله في تفسير للقرآن .

ما علاقتكم بـ((جامع عثمان بن عفان))؟
جامع ((عثمان بن عفان)) أضحى لي مركزاً دعوياً لا يمكن التفريط فيه وإمام الجامع والإخوة والقائمون عليه وطلاب العلم المحيطون به على خير ولا أزكيهم على الله وأنا أجد راحة معنوية فيه عز نظيرها وقل مثيلها .

ما رأيكم في الدورات القرآنية؟
هذا شيء جيد وإن كان بعض العلماء لديه تحفظ في الدورات المكثفة، ولكنها قد أثبتت وجودها وأثمرت وأينعت وقطفت ثمارها في الحرم النبوي مثل دورة الشيخ " اليحيى " في القرآن والسنة والمساجد الأخرى توجد بها دورات مكثفة وفي الرياض ما شاء الله في هذا الباب أشد نشاطاً .

ماذا توجه لطلاب العلم والحلقات؟

حفظ القرآن شيء عظيم وطريق عظيم من طرق العلم أوصيهم ونفسي يتقوى الله وكثرة المراجعة، محاولة تعلم علم التفسير والتدبر في الآيات واستشعار عظمة الله منها والعمل بها وهذا كله يجعل القرآن حجة لك .


المصدر : مجلة جامع عثمان بن عفان رضي الله عنه " ذي النورين " .

 
 

 صالح المغامسي
  • تأملات قرآنية
  • السيرة النبوية
  • مجمع البحرين
  • آيات وعظات
  • مشاركات إعلامية
  • خطب
  • رمضانيات
  • فوائد ودرر
  • صوتيات
  • الصفحة الرئيسية