اطبع هذه الصفحة


(وجبتْ محبّتي)

حديثٌ نبويٌّ عظيم
وخبرٌ من أخبار الشيخ ابن باز

محمد بن سليمان المهنا
@almohannam

 
بسم الله الرحمن الرحيم


هذا الحديث القدسي الصحيح: (قال الله تعالى: وجبتْ محبّتي للمتحابّين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتباذلين فيّ) مِنْ أعظم الأحاديث المُبَشّرة، فالله تبارك وتعالى يوجِب محبّته -وما أعظمها من فضل وثواب- لمن أحبّ أخاه في الله، أو زاره لله، أو جالسه لله، أو بذل له وأعطاه من أجل الله.

وبهذا الحديث عمِل الأخيار من علمائنا وصالحينا، وسببُ روايته أنموذجٌ عظيمٌ لذلك، فليُراجعه من أراده، وهو في (باب زيارة أهل الخير) من كتاب رياض الصالحين.

وحدّثني العالِم الفاضل الشيخ عبدالمحسن العَبّاد البدر، المدرّس بالمسجد النبوي الشريف، ونائب الشيخ ابن باز في رئاسة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة، حدّثني في بيته بالمدينة عصر يوم الاثنين ١١ / ٤ / ١٤٣٨هـ عن آخر زيارةٍ له لشيخه ابن باز فقال:
في العام الذي مرض فيه الشيخ ابن باز (وقد ناهز التسعين) ومَنَعَهُ الأطبّاء من الحج -حج عام ١٤١٩هـ- قرّر الشيخ أن يقضي الأيّام التي تلي الحج في بيته بالعزيزيّة بمكّة، فعلمنا بمجيئه من الرياض إلى مكّة، فقلتُ لابني عبدالرزّاق: سنذهب إلى الشيخ ابن باز في مكّة نُسلّم عليه سلام العيد، ونعوده عيادة المريض، فخرجنا من بيتنا في المدينة أوّل الصباح، ووصلنا بيت الشيخ بمكّة قبل الظُهر بساعة، فدخلنا عليه في مجلسه، فإذا أحد الموظّفين عنده يقرأ عليه المعاملات الواردة إليه في ذلك اليوم، فسلّمنا عليه فرحّب بنا وتحدّث إلينا، ثمّ عاد إلى قراءة المعاملات إلى أن أُذّن لصلاة الظهر، فقال للموظّف: بقي من المُعاملات شيء؟ فقال: المعاملات التي عندنا اليوم واحدة وستون معاملة، قرأناها كُلّها في هذا الصباح عدا ثلاث معاملات نستأذنك في قراءتها بعد صلاة الظهر، فقال الشيخ: لا بأس.
فلمّا أراد الشيخ أن يقوم إلى الصلاة قُلت له: نحن نستأذنك في الانصراف، فقال: الغداء، فقلت: لعلّك تعذرنا، فإنّما أتينا من المدينة لزيارتك في الله، فقال الشيخ: ولو، ولو، الغداء جاهز بعد الصلاة إن شاء الله، تغدّوا معنا. ثم قال لنا: قال الله تبارك وتعالى: (وجبتْ محبّتي للمتحابّين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتباذلين فيّ) فقَبِلنا دعوته، وتغدّينا معه، وكان ذلك آخر لقاء لي بالشيخ، فقد توّفي بعد اللقاء بشهرٍ وأيام، وذلك في يوم ٢٧ / ١ / ١٤٢٠هـ رَحِمَه الله ورضي عنه.

 

محمد المهنا
  • مقالات
  • كتب
  • تغريدات
  • خطب
  • الصفحة الرئيسية