اطبع هذه الصفحة


ذهبيات المؤمن كالغيث في التربية : هكذا ربتني أمي وسر الصفعة المؤلمة ..

المؤمن كالغيث

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله لكم العون والسداد وأن ينفع بي وبكم البلاد والعباد ..

في زمن قل فيه المربون .. وتوالد فيه الدخلاء على التربية .. وأُعلنت فيه الحرب على التربية النقية

شعرت أن علي واجبا وإن كان قلمي قاصرا عن العلاج وعقلي قد صغر عن مباشرة مثل هذه القضايا

ولكن لا ينبغي لكل مصلح أن يمر على مشكلة تفت في جسد أمتنا الطاهر إلا ويضع علاجا ..

وإلا على الأقل أن يضع لنا وصفة من خلال قصة أو موعظة تحيي موات قلوبنا والله وحده المستعان ..

المتتبع لمقالاتي هنا وهناك يتعجب من طول مقدمتي اليوم حيث أني سريع ومباشر .. وسأكون كذلك ..

---------------------------

حديثي اليوم يتجدد عن امرأة .. ندر معدنها في هذا الزمان ..

وعز مثلها في هذه الأيام ..

في زمن أصبحن فيه الأمهات لا يشغلهن إلا المسلسلات .. وجديد الأفلام ..

و لربما حديث الزينة وبرامج تدليس العيوب عبر الماكياجات .. والسؤال عن آخر الأقنعة للوجه ..

في زمن ..

قل فيه أن تجد امرأة يشار إليها بالبنان كمربية وكمدرسة .. تخرج نساءا فاضلات يقدرن واجبهن

تجاه الأزواج من جهة وجهة الأبناء وهي الأهم من جهة أخرى ..

----------------------

أمي ..والدتي العزيزة

حفظها الله .. وأمد في عمرها على الطاعة .. نموذج أعرضه لمن تبلغه هذه الأحرف ..

نموذج لكل أم .. ولكل فتاة مقبلة على الزواج ..

علها أن تدرك الواجب وتدرك عظيم الثمرة ..

لاشك أن الحديث سيقتصر على قطرة من بحر .. يعجز الذهن عن جمعه .. ولكن ..

يبارك الله فيما يقال ..

-----------------------------------

أيام الصغر ..

كانت تحكي عني والدتي فتخبرني .. أنني كنت شقيا ( من الطراز الأول ) .. ولي لسان فيه نوع طول ..

فكنت لسنا فصيحا بغض النظر في حق أو في باطل !!

فكنت – كما تذكر حفظها الله – ذا ردود حارقة .. ورغم هذا كانت مستملحة .. !!

فسبحان من ستر القبيح وأظهر الحسن ..

وضرب الحبيب مثل أكل الزبيب كما يقال ..

تقول الحبيبة حفظها الله ( والدتي ) :

كنت أخشى أن أصحبك إلى المجتمعات العامة خشية أن تغضب من تصرف أو غيره ..

فتظهر للناس ما يخشاه كل محترم .. !! من ردودك المعهودة ..

وكنت أحملك فيراك النساء في مجالسي الخاصة ..

فيقلن سبحان من حلاه بمليح الخلقة .. و يتناقلنك النساء بينهن كأي طفل فيه براءة الطفولة ..

وأنا أقول اللهم سلم سلم ..

فما إن تؤذيك امرأة حتى تقوم القيامة الصغرى ويفر من جوارك كل شيء ..

وكان والدي حفظه الله ( وأنا أصغر أبنائه حينها ) ..

يدللني جدا .. فلا يمكن أن يتعرض لي بعقوبة .. فكان يحبني جدا ..

ولا يرد إن حصل أمامه موقف إلا بالضحك ..

ويقول : خلو المؤمن كالغيث على كيفه .. !!

(( اتركوه على هواه ولا يؤذيه أحد ))

------------------------------

عرفت والدتي رعاها الله طيبة حنونة .. لا ترد لي طلبا ..

حتى وأنا على عمري هذا وقد تجاوزت المرحلة الجامعية .. !!

كانت تحثني على الخير والطاعة من صغري .. فلا أذكر أني قلت سأستقيم أو سألتزم فقد نشأت على خير

كانت توفره لي رعاها الله ..

ولك أخي الكريم أختي الكريمة ...

أن تتخيل ذاك الابن يصحو يوميا .. ويجد أمه وهي تحيي الليل قياما ودعاءا ..

ألا يؤثر فيه ذاك .. !!؟

وكانت تتواعد معي موعدا .. مثلا في شهر شوال .. فيه نوع تحدي ومسابقة في الخيرات ..!!

فتقول لي : ما رأيك أن نبدأ من غد ونصوم الست من شوال دفعة واحدة ونفطر أنا وأنت سويا ..

وفعلا لا يخرم أحدا منا موعده .. !! حتى ننتهي ونعيش عيدا جديدا ..

بعد انتهاء الست ..

(أنا بشر) فقد أتأخر عن صلاة الفجر ربما بنوم لأني قد أسهر لبعض المشاغل

فلا تعاقب بكلمة شنيعة أو جارحة .. أو تقيمني بشدة أو تضرب ربما ..

فلم تضربني في حياتي إلا مرة واحدة ستأتي قصتها .. !!

ولكن لها ردود لم أر قوة كقوتها فترد بكل هدوء إذا استيقظت :

تقول غفر الله لك أنت في مجتمعك قدوة والناس ينظرون لأفعالك ..

كيف تنام عن الصلاة ؟؟

وأحيانا تقول قبل أيام كانت لك كلمة في الجامع الفلاني وقبله هناك واليوم تتأخر عن الصلاة ؟؟

الله يهديك ..

وتنصرف .. وهي أشد علي من السياط ..

من فوائد ذلك :

1-التربية بالكلمة دون اليد لها فوائد تربوية كبيرة حيث يصبح الابن لا يحتاج لكثير عبارات بل ينزجر بأقل كلمة .

2- عدم الزجر الشديد والتقريع المستمر الذي يورث البلاد .. بل تكون عقوبة حانية لطيفة تكون تبعاتها أقوى من الزجر العنيف المتكرر .

------------------------------

ولا عجب فيمن يتعجب مني من التعلق الشديد جدا بوالدتي ..

فأنا مسافر للدراسة .. ولي مع والدتي موعد يومي لا يتخلف ( فيوميا ) لها اتصال خاص ..

فكم أدخل للمنزل أحيانا أيام الدراسة الثانوية ..

فأجدها قد أعدت لي غداءا لذيذا .. وذلك لأني مرتبط بأعمال بعد العصر وأحتاج لراحة ..

وبقية أخوتي يتأخرون ..

فلما أدعوها .. تقول أنها ليست جائعة أبدا ..

فأضطر للأكل وحيدا – أحيانا – فما أن أنتهي وأذهب لأغسل يدي ..

أعود .. فأفاجأ بالصدمة الكبيرة ..

لأجد والدتي تأكل ما تبقى .. !!

فأجد الدنيا قد أظلمت في عيني ..

ولكنها لا تحب أن تأكل مما في الإناء فتسبق يدها لما أحبه .. !!

وأذكر أني دعوت على نفسي وهذا خطأ شرعي ..

أن يجعل الله ما في بطني سما إن فعلت ذاك مرة أخرى ..

ووجدت في ذلك حلا لهذه المرأة العظيمة والتي امتنعت عن كثير مما تحبه لأجلنا ..

ولعلكم أدركتم عن أي نوع من الأمهات أتحدث..

ومن فوائد ذلك التربوية :

1- جعل الأبناء يؤمنون بأنهم يعيشون مع أم حقيقة لا تفضل نفسها أبدا على أبنائها مما يجعلهم مع الكبر يتقطعون جميعا لما تشتهيه لا سيما بعد الكبر .. وغالبا للأمهات قد لا تجني ذلك عن الصغر وإنما تقطف جناها عندما يكبرون الأبناء وهي الفترة التي تنتظرها كل أم .

2- أن مثل هذه المواقف .. تجعل الأبناء يتعلمون البر بآبائهم بطريقة غير مباشرة مما يجعلهم مستقبلا لا يقدمون عليها شيئا .

3- لا ينبغي هنا للابن أن يفعل ذلك عمدا فيسبق والديه . وإنما الذي حدث بعاليه كان ظنا من الابن بعدم رغبة والدته ليفاجأ بأمر طارئ بعد فحص الدرس التربوي بذلك .

------------------------------

لم تصفعني في حياتي إلا مرة .. !!

وما هو سر الصفعة .. ؟؟

تخبرني والدتي أني أيام طفولتي كنت نائما بجوارها وكنت ألعب بأسفل وجهها وهي نائمة ..

فما كان منها إلا صفعتني صفعة خفيفة جدا وهي نائمة ..

فوقعت تلك الصفعة في قلبي موقعا عظيما ..

كيف تصفعني .. ؟؟

فقامت فزعة على بكائي الشديد ..

فلما علمت أنها ضربتني في منامها دعت على يدها بالشلل !!

(( شلت يمين أعدائها ))

كيف تضرب فلذة كبدا ..؟!! حتى ولو كانت نائمة فلم تسامح نفسها ..

حفظها الله من كل سوء ..

ومن فوائد ذلك :

1- عدم التربية بالضرب ينشئ الابن نشأة سليمة قويمة النفسية قوية الشخصية حساسة ليست بليدة مفعمة بالإحساس وهو ما تتمناه كل أم .

2- إيمان الطفل بمحبة أمه الشديدة له ، يجعله يحبها وإن لم يكن ظاهرا ولكن بقربه منها والعودة إليها والحديث معها .. وعند الكبر بحمايتها والبر العظيم بها .

--------------------------------

التربية بالعبارات المسددة ..

زميل لنا في العمل الخيري الذي أتعاون فيه ..

أخبرته سابقا عن أني كنت أهرب من البيت (لأصلي في المسجد) حيث كان يبعد عن البيت قليلا ..

فقال لي : ما شاء الله لكن أولادي أتعبوني جدا في هذا أجرهم إلى المسجد حتى يدخلون ولا يصلون ..

فلما عدت للمنزل .. استلطفت أن أخبر والدتي بهذا حتى أخبرها بنتاجها وهذا سيدخل السرور عليها والغبطة ..

فسرت بهذا الخبر أن الله وفقها في تربية أبنائها حتى رأتهم في مكان طيب في مجتمعهم ..

وقال يا ولدي : وراء كل رجل عظيم أم .. !

فلم تغادر هذه الكلمة ذهني ..

وعملت على تحقيقها حتى اليوم ..

حيث وضعتني من حيث لا تشعر على سبيل العظماء فعلا والسعي للجميل في كل سبيل ..

ومن فوائد ذلك :

1- التربية بالعبارات المختصرة والقوية : يوجه الابن لمقتضى تلك العبارة ويجعلها رسالة مبطنة له ..

2- عدم التطويل في وعظ الابناء حتى لا يملوا ولكن القصير منها يكن له وقع مع مرور الأيام قد لا يظهر حينها ولكن مستقبلا هذا إلا إذا احتاج المقام .

هذه مواقف معدودة ومحدودة جدا .. أرجو أن يكون منها المنفعة وسيكون هناك مواقف أخرى مع مدارس تربوية أخرى أثرت في حياتي .. حتى ينتفع بها كل من أراد الخير ..

والله وحده الموفق
 

المؤمن كالغيث
www.saaid.net/Doat/almomen 
ade2006@hotmail.com 

 

المؤمن كالغيث
  • قصص مؤثرة
  • تربويات
  • رسائل دعوية
  • إصدارات إلكترونية
  • Insured like rain
  • الدورات والبحوث العلمية
  • رمضانيات
  • الصفحة الرئيسية