اطبع هذه الصفحة


عش الشيطان

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

بدر بن نادر المشاري

 
الحمد لله الذي أحل الطيبات .. وحرم الخبائث القائل في محكم التنزيل:
{يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد بن عبدالله .. ما من خير إلا دعى أمته إليه .. وما من شر إلا حذرها منه صلى الله عليه وسلم.
عنوان هذا اللقاء
[ عش الشيطان ] ...
ما أكثر مخابئه .. وما أفدح جرائمه عشش في سويداء قلوب الضالين .. وتوسد نواة قلوب الملحدين .. وسوس لكل عباد الله الموحدين، حتى أصبح عشه الخطير ومُر شره المستطير سرطان العصر.
مرض مدمر .. كيف لا يكون كذلك ؟!! وهو عدو شرس يقتل الروح قبل أن يقتل البدن ويفتك بالعقل قبل أن يفتك بالجسد ويسلب الدين قبل أن يسلب الدنيا.
إنها السلاح الخطير .. بيد فاقد الضمير .. تفتك بالعقول فتعطلها .. وبالأجساد فتهدمها .. وتفتك بالأموال فتبددها .. وبالأسر فتشتتها .. وبالمجتمعات فتحطمها .. لقد زرت ممن عدداً ليس باليسير .. وسمعت قصصاً ليست بالقليلة .. ومن المآسي والجراحات.

في عالم المخدرات والمسكرات..
وبمرور السنون اجمتع عندي مزيجاً من المواقف والذكريات هي عَبرة وعِبرة ..
أما العَبرة ..
فهي دمعة حزن من عالم المخدرات .. عالم الدموع والعبرات .. والألم والحسرات.
وأما العِبرة ..
فهي رسالة أمل ودعاء .. بأن ينتفع بهذه القصص من أيقظ الله بالأيمان فكره وشرح للحق صدره وكان له حظ من قوله تعالى:{لقد كان في قصصهم عبر}.

مدمنٌ في حاوية النفايات
يقول أحد ضباط رجال مكافحة المخدرات .. أن شاباً التقى به في المنطقة الشرقية .. هذا الشاب له قصة عمرٍ طويلة .. مليئة بالمآسي والعِبر يقول هذا الشاب قبل سنوات بدأت معاناتي على مقاعد الدراسة .. كان والدي يهددني بالعقوبة الشديدة في حال فشلي في الدراسة .. كان يقول:"إذا لم تنجح والله لأعلقك في مروحة الغرفة .. يقول مضت الأيام وحصل ما كنت أخشاه .. ركبت مع أحد زملائي في سيارته .. سألني لماذا أنت حزين؟!! فقلت له: أني رسبت في بعض المواد فقال لي: وإذا حصل وصار!! هل أنت أول من يرسب؟ فقال الولد:لا!! لكن الوالد سيعلقني في المروحة. فقال له زميله: لا تهتم – وهو يخرج من جيبه شيئاً – خذ هذا. قال لي: لا تخف هذه الحبة ستجعلك تنسى الدنيا. "وهذه يا شباب لحظة قاتلة .. كم من شاب دخل عالم الإدمان من هذه اللحظة" يقول: فأكلت الحبة وقلت لصاحبي: رأسي يكاد ينفجر ما الذي يحدث؟!!! فرد وهو يضحك: هذا أمر طبيعي لأنها أول مرة ولكنك مع التعود ستشعر بالراحة والسعادة.
ومع مرور الأيام تعلق قلبي بالحبوب .. لم أشعر إلا وقد خسرت نفسي .. ونسيت أهلي .. خرجت من المدرسة إلى ظلمات الإدمان .. أبحث عن السعادة الموهومة بين الحبوب والهروين .. ها أنا ذا في مشهد من مشاهد الانتحار وبيدي السم الأبيض – الهروين – وكأنه سلاح أطعن به قلبي الأسود ولما أظلمت الدنيا في عيني وضاقت الحياة أمام وجهي قررت السفر إلى الخارج إلى الهند وبسبب الإدمان على الهروين خسرت كل ما أملك من النقود .. وخرجت في أحد الأيام إلى أحد شوارع الهند وأنا التوي من الجوع جلست على الرصيف وبينما أنا جالس أقبل أحد الهنود وبيده قطعة من الخبز ثم لما دنى مني ألقى ما تبقى من الخبزة على الرصيف قلت لنفسي: الحمد لله جاء الفرج لكني ترددت هل أمد يدي؟!! تلفت ولكن الناس من حولي !! ولكن ماذا أفعل لهيب الجوع يقطع أحشائي .. انتظرت قليلاً ثم تقدمت وتقدمت وتقدمت وفي هذه اللحظة ظهر جائع آخر .. وما أن رأى الخبزة حتى هجم عليها وخطفها لم أتمالك نفسي فانطلقت أجري وراءه وهو يجري بسرعة وذيله القصير يضرب في الهواء .. ولكم أن تتصوروا المشهد .. كلب صغير يجري ورجلٌ مسعور يجري خلفه .. قف يا كلب .. ولكن دون جدوى .. قف يا كلب .. ومضى الكلب .. ولم أستطع السباق .. فأهل المخدرات من أفشل الرياضيين.
أنظروا كيف جعلت هذا الشاب بهذه المنزلة من الذل والمهانة .. إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون .. يقول هذا الشاب: واستطعت بعد شق الأنفس أن أعود إلى هذه البلاد وبعد عودتي كنت أجتمع مع بعض المدمنين في إحدى الشقق في المنطقة الشرقية وفي رمضان كانت إحدى الحلقات الخبيثة أخذت إبرة الهروين وطعنت بها جسمي .. ثم أغمي عليّ في الحال نظر رفاقي إليّ .. صاحوا باسمي يا فلان .. حركوا جسمي فلم يجدوا أدنى حركة .. ولما يأسوا مني قالوا: ماذا نفعل في هذه الورطة؟؟!! فكّروا بغير عقل قال: بدءوا أولاً بتفتيش ملابسي .. كان في جيبي شيئاً من الهروين فأخذوه مني ثم حملوني على الأعناق إلى الخارج في الشارع التفتوا يميناً وشمالاً بحثوا عن مكان يليق بشخصي الكريم وإذا ببرميل كبير للنفايات على جانب الطريق أنزلوني في البرميل ودفنوني بلا غسل ولا كفن ثم ودعوني وعادوا إلى ما كانوا عليه كأن شيئاً لم يكن .. وفي ظلمات الليل استيقظت فتحت عيني وإذا أنا في هذا المكان الغريب سألت نفسي: أين أنا؟!!! ما الذي حدث؟ ولم اشعر إلا مأكولات رمضان تنهال على رأسي مع النفايات .. حاولت أن أخرج منها ما استطعت لقد شل الهروين حركتي وهد أركاني وبعد جولات من المصارعة دامت عشر ساعات استطعت الخروج إلى الحياة ومع هذا فقد كان همي الأكبر في أمري هو أعظم عندي من الحياة .. أضع يدي بسرعة على جيبي هاه أين الهروين؟!!! فانطلقت مسرعاً إلى رفاقي أطرق الباب ولما فتحوا الباب ونظروا غلي تغيرت وجوههم من هول المشهد .. قالوا سلامات تصدق !! كنا نظن أنك ميت. لم أرد عليهم وبادرتهم بالسؤال من الذي أخذ الهروين الذي كان في جيبي؟ قالوا: نحن أخذناه. قلت: لماذا أخذتوه؟ قالوا: كنا نظن أنك ميت. فقلت: أعيدوه إليّ فوراً.
يقول: وفي يوم آخر كنت أبحث عن المال لأحصل على الهروين خرجت إلى الشارع على منزل أحد الجيران أطرق الباب فخرج جارنا من منزلة فقلت: السلام عليكم يا أبا فلان إذا سمحت عندي بعض الشباب في المجلس ونريد أن نشاهد المباراة ولكن الأهل يشاهدون القناة الثانية فهل يمكن أن أستعير جهاز التلفاز إلى أن تنتهي المباراة نظر إلي بتردد ولكنه لم يستطع أن يرفض طلبي ولو على سبيل المجاملة دخل جارنا إلى المنزل وخرج بعد قليل وهو يحمل بين يديه التلفاز أخذته منه ووضعته في السيارة ومباشرة إلى الحراج لأبيع التلفاز وأشتري بقيمته الهروين .. افتُضِحَ أمري بين الجيران كرهوا ذكري واستوحشوا مني في الواقع لم يعد لي معناً في هذه الحياة إلى متى إلى أين أمشي .. أسير وأسير .. ولكن أسير أرى حولي أشباحاً لم اعد أرى بعيني سوى الظلام ولم يبقى في قلبي سوى الأوهام ولكن مع ظلمت الليل لاحت أنوار الفجر فكان من لطف الله أن فتح لي باب التوبة والإنابة.
ولما تبت عدت الحارة فإذا بصوت الحق يلبي وينادي .. حي على الصلاة .. حي على الفلاح .. فأقول: لبيك وسعديك عبدك المذنب عائدٌ إليك منكسر بين يديك لا منجى وملجأ من الإدمان إلا إليك .. دخلت المسجد أرفع يدي أدعوا لله مستقبلاً حياة الإيمان مستدبراً شقاء الإدمان .. وفي هذه الأثناء رآني أحد الجيران ممن عرفني أيام الإدمان فيقول: احذروا هذا المدمن دخل المسجد وما أظن إلا انه سيسرق من المسجد إما سجادة أو مكيف أو حتى حذاء .. قال ذلك ولكني لا ألومه فلكم تأذى الجيران بسبب إدماني على المخدرات.
مضت الأيام وعلم الناس صحة توبتي وإنابتي .. ثم التحقت بدورة علمية ما هي هذه الدورة؟!! إنها دورة علمية متخصصة في مكافحة الإدمان وإرشاد المدمنين.
لقد انعكست الآية بالأمس كنت أسيراً للإدمان واليوم مجاهدٌ في وجه الإدمان آخذ بيد المدمنين إلى بر الأمان أصرخ في وجه الشباب: يا إخواني لقد جربت المخدرات وها أنا أعود إليكم لأخبركم بما أمامكم فارجعوا وراءكم واسلكوا طريقاً آخر لا تهلكوا أنفسكم بأنفسكم .. ولا تخربوا بيوتكم بأيديكم ..ولا تحطموا مستقبلكم بحاضركم .. فإني والله لكم من الناصحين.
قال حكيم: الخمر رأس الشرور وأصل البلايا وسبب الدمار.
قال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}.

وهذا شاب في إحدى الدول العربية ...
في التاسعة والعشرين من عمره .. انهال على أمه طعناً بالسكين حتى خرق جسدها ببضع وعشرين طعنة من أجل المخدرات إن الحلق ليجف .. وإن القلب يكاد يقف .. وتعجز الكلمات والمفردات أمام هذه المأساة ابن يطعن أمه.

ولقد نقلت إحدى الصحف ...
عن أرملة في السبعين من عمرها .. مات زوجها وترك لها الأبناء وقامت على تربيتهم خير قيام حتى احتلوا جميعاً مراتب مرموقة .. وفي ليلة خرجت الأم المسكينة في التاسعة مساءً لتزور أبناءها وفجأة انشقت الأرض أمامها عن ذئب وقح لعبت المخدرات برأسه فأعمت عقله وقلبه وبصره .. فرأى المرأة العجوز شابة فاتنة في العشرين وانطلق ذليلاً لنداء الجنس الذي يصرخ في أعماقه فلم يجد أمامه إلا هذه الأرملة المسكينة التي راحت تصرخ بأعلى صوتها وتستغيث وتذكره بأنها أكبر من أمه ولكن دون جدوى ففعل بها الفاحشة رغماً عنها وسرق ما معها من مال ثم تركها وانصرف ..
جريمة قتل وجريمة زنا وجريمة سرقة والسبب المخدرات

بلوتُ بنبيذ الخمرِ في كلّ بلدةٍ *** ملني الأخوان والنبيذ حفاظُ
فإني رأيتُ الخمرَ شيئاً ولم يزل *** أخو الخمر دخَّالاً لِشررِ المنازلِ

أيها الأحبة :
المؤمن لا ينتحر أنى لعبد أن يفعل هذا والله قد نهاه
{ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}. ولكن في علم المخدرات يقتلون أنفسهم التي هي أغلى ما يملكونها في حياتهم.
سبعة من الشباب أعمارهم في العشرينات يستقلون سيارة واحدة يتوجهون من المنطقة الشرقية إلى الرياض تنطلق بهم السيارة وبعد حوالي خمسين كيلوا متراً وفي لحظة قاتلة تصطدم السيارة المسرعة بإحدى الشاحنات الكبيرة تنطلق مقدمة السيارة على السائق وشابين بجواره يفارقون الحياة فوراً تنقلب السيارة على الطريق فيهوى السقف على الشباب الذين في المقعد الخلفي أما أحدهم فتنزل على رأسه ضربة مميتة فيفارق الحياة فور وصوله المستشفى أما الثلاثة الناجون فيدخل أحدهم العناية المركزة بسبب ضربة في مقدمة رأسه ويصاب الآخران ببعض الكسور والجروح.
يقول الذي يروي القصة التقيت بإحدى الشباب الناجين يحدثني عن هذا الحادث المؤلم فيقول: طلب مني أحد رفاقي أن أرافقهم إلى الرياض انطلقنا من بلدتنا في السيارة واحد يركب ثلاثة شباب في المقدمة وبينما أن الثلاثة في المقعد الخلفي وفي الطريق رأيت أحد الشباب يخرج علبة دخان من جيبه نظرت إلى العلبة فإذا فيها سجائر الحشيش أشعلت السيجارة الأولى فكانت تدور بين الشباب ثم وصل الدور إلى ترددت في البداية ولكن لم أشعر إلا وأنا أضع السيجارة في فمي ثم أصبت بدوار غريب وضعت راسي على كتف زميلي الذي كان بجواري وأنا في حالة بين اليقظة والمنام ، أما السائق فكان يقود السيارة بسرعة جنونية وكأننا نسبحُ في الفضاء حتى وقع الحادث المؤلم ثم استيقظت رفعت رأسي كأني في حلم صورة حقيقة لم أنساه أحمده أنه مد لي في عمري عاهدت الله على التوبة والاستقامة حتى الموت وأسأله أن يتب حتى الموت وما زلت
كم صاح الغيورون بأن المخدرات آفة على الإنسان والأسر والمجتمعات الإنسانية فهل من مجيب .

الفضيل بن عياض رحمه الله
حضر عند تلميذ له وكان قد حضره الموت فجعل يلقنه الشهادة ولسانه ينطق بها فكررها عليه فقال لا أقولها وأنا بريء منها ثم مات
فخرج الفضيل من عنده يبكي ثم رآه بعد مدة في منامه وهو يسحب به النار فقال له يا مسكين بم نُزعت فيك المعرفة فقال كان بي علةٌ فأتيت بعد الأطباء فقال لي اشرب في كل سنة قدحاً من الخمر .. وإن لم تفعل تبقَ بك علتك فكنت أشربها في كل سنة لأجد التداوي.
هذا حال من شربها للتداوي فكيف بحال من يشربها لغير ذلك

دع الخير فالراحة في ترك راحــها *** وفي كأسها للمرء كسوة عــارِ
وكم التبست نفس الفتى بعد نورها *** مزارع قار في مدار عقــــارِ

هذه امرأة حزينة ابيض وجهها من طوارق الأيام وبدأ وجهه بأسا من الآلام تحكي معاناتها مع زوجها المدمن وبكاءها يتخلل حديثها المحزن يقول راوي القصة لو أنني لم أقف على هذه القصة وانقل مشاهدها المؤلمة على لسان من عاشت أحداثها ظننتها نسجتها من الخيال أو المبالغة فلتسمع إلى هذه المرأة لتروي لنا معاناتها مع زوجها نقول كان زوجي يعمل ورئيساً في شركة مرموقة كان يحبني ويدللني وينبض العطف علي وعلى أولادي .. كنت أشعر بأنني أسعد زوجة في الدنيا وتمضي الأيام وسرعان ما يتحول هذا النعيم على جحيم بدأت الأحداث المرة تغير مفاجأ لحالة زوجي النفسية مزاجه متقلب عصبية لأتفه الأسباب .. وأحيانا كان يضربني حتى يتورم وجهي كان يأتي إلى البيت ورائحة كريهة وفي يوم من الأيام أخذت ثيابه لأقوم بغسلها فوقعت يدي على قطعة من الحشيش المخدر اكتشفت المصيبة وهي أن زوجي أصبح مدمنا للمخدرات لم تنجح محاولاتي المتكررة في نصحه .. فلجأت إلى والداي استجابا لطلبي وحضرا للمنزل وليتهما لم يحضرا فما أن تحدثا معه في الموضوع إلا شتمهما وضربهمها وطردهما من المنزل وازدادت حالة زوجي سوء – حتى صار يتهمها في سلوكها – تقول: كنت أتصبر على هذه الاتهامات المرة حفاظاً على أسرتي وأولادي تقول ربما لا تصدقوني أنه أحياناً يشك في سلوك ابنته الصغيرة البالغة من العمر سبع سنوات في أحد الأيام يطرق الباب فتقوم ابنتي المسكينة لفتح الباب ويدخل وهو في سكره فيخيلُ إليه أن هذه الطفلة تجلس مع رجال كيف لا أدري ينهال عليها بالضرب فتهرب المسكينة فينطلق وراءها فيجدها مختبئةً في غرفتي يرميها بزجاجات العطور مشوهاً جسمها ويكسر يدها صرخت بأعلى صوتي من هول الموقف اتصلت بأخي نقلت البنت إلى المستشفى وقد دخل الزجاج في عينيها البريئتين وفي يوم آخر .. يدخل علينا كالمسعور ويأخذ ولدى الرضيع ويلقي به في الشارع فيتورم رأسه ومن رحمة الله أن أم زوجي كانت معنا في المنزل فأخذت ابني المستشفى لإسعافه.
كان تناول زوجي للمخدرات بمثابة إعلان حالة الطوارئ في المنزل كل شيء محزن يمكن أن يقع ما إن يتناول هذه السموم حتى يتحول إلى مخلوق أخر قلب بلا رحمة جسم ٌ بلا عقل حيوان في ملامح بشر .. يدخل علينا يوماً وقد فقد عقله فيلقي بالشاي الحار على رأس ابنتي الصغيرة فتصاب بحروق وتشوهات لا تزال إلى يومي هذا تنطق على وجها ببشاعة الموقف .
أما أعظم المصائب كانت في ابني الأكبر كان عمره ذلك الوقت اثنا عشر عاماً كان هذا الولد الأمل الذي بقى لي في حياتي بعد الله .. فقد يأستُ من زوجي الذي قتل آمالي وحطم المعاني الجميلة في نفسي .. في إحدى الليالي يجتمع زوجي مع بعض رفاقه في مجلس من مجالس الشيطان كنت أخشى مما سيحدث في نهاية هذا المجلس أخذت بناتي وولدي إلى الغرفة وأقفلت الباب مضت الساعات ونام الأولاد أما أنا فبقيت لوحدي وكيف لي أن أنام في مثل هذا الليل المرعب وفي ظلمة الليل وعند الساعة الثالثة يرتج باب الغرفة وإذا بزوجي يصرخ افتحي الباب صرخت لن أفتح الباب استيقظ الأولاد وسرعان ما تحطم الباب فيدخل الغرفة ينهال علي وعلى أولادي بالضرب حتى تمزقت ملابسي تقع العصا في يده وسرعان ما تنكسر على رأس ودلي الصغير يلتفت يميناُ وشمالا فلا يجد سوى طاولة في الغرفة يرفعها إلى الأعلى ثم يهوي بها على رأس الصغير فإذا الدماء تنفجر من رأس ولدي صرخت بأعلى صوتي استنجدت بالجيران ولكن لا مجيب ولا معين أسرعتُ إلى الثلاجة وأحضرت قطعا من الثلج لأضعه على رأس ولدي وألفه بقطعة من القماش ولكن لا تزال الدماء تصب من جرحه ثم الله أكبر الصلاة خير من النوم خرجت من المنزل أجري من هول المصيبة بلا وعي ولا شعور بلا نعال بل والله بلا حجاب طرقت الباب على أحد الجيران أخبره بما جرى فيجري إلى المنزل وأنا أجرى وراءه وإذا بولدي الصغير يسبح في دمائه فيحمله إلى المستشفى فيجلس في العناية ثلاثة أسابيع وتأتي الفاجعة إذ يقر الأطباء أن هذا الولد قد اختل عقله بسبب الضربة وبعد شهرين خرج ابني من المستشفى لا يملك لنفسه نفعاً فكيف يكون عونا لي على مصائب الحياة صدقوني تمنيت أن يموت كانت هذه أمنيتي دعوت الله أن يقبض عليه ويسجن وبعد أسبوع قبض عليه رجال الأمن ليقضي عقوبة السجن مدة عامين وفي البيت بدأت معاناة أخرى أين أبونا؟؟ لماذا قبضوا عليه؟ لماذا أدخل السجن؟! أتوه في فكري فلا أجد لأسئلتهم جواباً إلا أن أقول هذا جزاء من يطيع الشيطان كنت أزوره في السجن وفي إحدى الزيارات طلب من أن أحضر الولد الصغير لبيت طلبه في الزيارة القادمة وليتني لم أفعل فها هو ولدي الصغير يسألني بكل براءة ونحن في طريق عودتنا إلى المنزل يقول لماذا لا يأتينا أبي في البيت؟ أسئلة تنزل على قلبي كالسكاكين وفي السجن كان زوجي قد استقامت حاله وابتعد عن رفقاء السوء ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان تجمع عليه رفاقه الأولون واستدرجوه في الإدمان من جديد تردت حالتنا المالية بسبب إدمان زوجي على المخدرات لم يكن مستغربا أن يقوم ببيع أثاث المنزل بل حتى أدوات المطبخ ومع هذا كله لم تكن هذه الأموال لتشبع شراهته في تعاطي المخدرات فكان لا بد لدفع ثمن أعلى ما هو هذا الثمن إنه للأسف ابنتي الصغير وكان عمرها إحدى عشر عاماً .. قام زوجي بتزويجها برجل مريض مصاب بتخلف عقلي ثم استولى على مهرها البالغ خمسين ألف ريال ليحصل على سمومه فضاقت حالي وأنا أحمل على رأسي أعباء المنزل وكان الناس يتصدقون علينا .. ويأتي هو ويأخذ ما يصلنا من المحسنين ويمضي .. تفكرت في أمان الخالق وكدت أموت قهراً ولكن عزاءي في هذا أني ولله الحمد مؤمنة بالله أعلم أن الله لا راد لقضائه صدقوني لم أفقد الأمل لم أترك الدعاء فأنا أدعو الله أن يصلح زوجي ويهديه فلعل فجراً صادقاً يضيء حياتي من جديد .

يا ويل من تعاطها
كل مسكر خمر وكل خمر حرام ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدفقها لن يشربها في الآخرة .. سبحان الله قال الحسن لو كان العقل يشترى لتقاتلت الناس في ثمنه فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده .

هذه قصة لأحد رجال الأمن المخلصين في هذه البلاد حرسها الله النقيب النقيدان شاب صالح من شباب هذا البلد .. متزوج وله ولدان عين في تبوك وفي منطقة الجهراء يجتمع عاصبة من مروجي المخدرات تكشف الأجهزة الأمنية أمر هذه العصابة فيعد على الفور خطة ميدانية لمداهمة هذه العصابة في وكرها وكان النقيب عبد الرحمن أحد أبطال هذه المهمة .. تنتقل الفرقة إلى المهمة وفي الطريق يحين وقت صلاة العشاء يجتمع أعضاء الفرقة ويتقدمهم عبدالرحمن ليصلي بهم إماماً يكبر ويكبرون وراءه وفي الركعة الأخيرة يرفع عبد الرحمن من الركوع فيقول:" سمع الله لمن حمده" ثم ينتصب قائما وبينما ينتظر المصلين سجوده رفع يديه إلى السماء قانتاً قنوت النوازل "اللهم ثبتنا اللهم انصرنا اللهم أعنا" تعجبوا أعضاء الفرقة وأمنوا على دعائه آمين !! ..
وإذا به يقول "نسألك الشهادة في سبيك" ما الأمر الذي حدث كيف خرجت هذه الكلمات؟!!
لتتابع معنا ..
بعد الصلاة يوصي عبدالرحمن إخوانه بالإخلاص أمام هذه المهمة الصعبة تصل الفرقة إلى الموقع المحدد ويصر عبدالرحمن على أن يكون في المواقع الأمامية وعند الساعة الثامنة مساء بدأت المداهمة ومع بدء المداهمة تبادل العصابة الفرقة بالطلق النارية لكن على الرغم من رهبة هذا الموقف تقابل الفرقة تواجه الموقف بكل شجاعة وأمام شجاعة الفرقة تولي العصابة الفرقة أدبارها في منطقة برية مكشوفة تواصل الفرقة مطاردتها وتضيق عليها الخناق وعبدالرحمن ثابت في المقدمة يناوش العصابة بسلاحه وهو يرى الموت أمامه وفي لحظة قاتلة تنطلق رصاصة غادرة قاتلة وعبر الهواء الساخن تشق الرصاصة طريقها تبحث عن مستقر لها في تجد أمامها سوء رأس عبدالرحمن تخترق الرصاصة رأسه فإذا الدماء تنزل من حينها ويصاب ثلاثة من ضباط الصف برصاصات أخرى ينقل المصابين إلى المستشفى وتستمر المطاردة إلى الساعة الثالثة فجرأ حيث ألقي القبض على جميع أفراد العصابة البالغ عددهم أحدى عشر رجلا وتقبض معهم على كمية كبيرة من المخدرات والأسلحة يعود أعضاء الفرقة فيتلقاهم الناس أحسن الله عزاءكم في النقيب عبد الرحمن فإذا الدموع تنهمل على الخدود هذه نتيجة المخدرات.

ذكر في كتب السنة أن رجلا عابدا كان يختلف في المسجد فلقيته امرأة سوء تستدرجه فأمرت جاريتها فأدخلته المنزل فأغلقت الأبواب وأرهبته وخيرته بني ثلاثة أمور أن يشرب كأسا من الخمر كان عندها أو يقتل غلاما كان معها أن يفعل معها الفاحشة أو تصرخ وتقول دخل علي في بيتي فمن الذي يصدقك فضعف الرجل عند ذلك وكأنما أراد الرجل أن يختار في ظنه أخف الأمور فشرب الخمر فلما أدارت رأسه زين له الشيطان أن يواقع المرأة فأقدم على ذلك وكأنما خاف من الغلام أو ضاق به قتله فكانت الخمر سببا في الشر العظيم والبلاء المستطير.
مجرمون باعوا دينهم وأُعتبر بهم

أحبتي في الله ..
إن الحل الجذري لهذه المشكلة الكبيرة تتمثل في البحث الصادق عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انتشار هذا الوباء السريع وعند هذه الأسباب يمكن العلاج فمن المستحيل أن نجد الدواء قبل أن تشخص الداء وأخطر هذه الأسباب بمنتهى الوضوح والصدق ما يلي :-
أولاً: الفراغ الديني عند كثير من هذا الشباب وعدم قيام المسجد بدوره الذي ينبغي أن يقوم به فلا شك على الإطلاق أن التدين والالتزام بمنهج الله جل وعلا هو عنصر الأمان والسعادة في الدنيا والآخرة قال تعالى: {فمن اتبع هدي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معشية ضنكا ..}.
وقارنوا مقارنة سريعة بين هذا الشباب الطاهر الطائع الذي تربى بين المساجد وبين هذا الشباب التائه الضائع الذين أدمنوا المخدرات إن الفرق كبير والبون شاسع.
فلا بد أن نعلم أن المسجد هو الحضن التربوي الطاهر الذي يعلم أبناءنا الفضيلة بعد أن انتشرت الرذيلة فلا تخافوا المساجد وادفعوا الشاب إلى المساجد يجلس بين يدي العلماء والدعاة ليتربى على أخلاق الإسلام فهي وحدها التي تحول بينه وبين هذا الدمار .
أما إذا حفل طريق المسجد ولم يتذوق معنى الطاعة سلك الطريق الآخر حتماًً الذي ينتهي إلا بمثل هذه النهايات المأساوية المروعة.
السبب الثاني: الخطير من أسباب هذه الكارثة هو الإعلام المدمر لكثير من القيم والأخلاق ونستطيع أن نقول أن كثيراً من الوسائل المختلفة وعلى رأسها البث الفضائي يقوم بدور رهيب والإنترنت ..
فماذا تنتظرون بعد ذلك من شباب يقتله الفراغ الديني الذهني وهو يسمع ويرى ما يحول العباد والزهاد إلى فساق فجار؟!!.
ثالثاً: المناهج التعليمية الحديثة فإنها تحسن أن تعلم الجيل المعارف والعلوم ولكنها قد لا تحسن أن تعلم عينيه الدموع وقلبه الخشوع .
السيجارة سبب ..
رابعاً: العامل الاقتصادي
لا يسعك أن تغفل عنه أيضا كسبب من الأسباب .
خامساًً: التفكك الأسري
سادساً: العمالة الداخلة وخصوصاً غير المسلمين.
{ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم} .
ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقى في جزيرة العرب دين غير دين الإسلام ..
ثم ارحموا أولئك فهم بشر ..

كان الإمام ملاك بن دينار رحمه الله يسير ذات ليلة في أحد شوارع البصرة فوجد رجلاً ملقى على ظهره يقول الله ... الله ولما نظر إليه وجد بعض قطرات الخمر تسير من شفتيه فعلم أنه سكران فقال الإمام مالك لأطهرن شفتيه حتى لا يخرج لفظ الجلالة من بين شفتين وعليهما قطرات الخمر النجسة ثم جاء بالماء وغسل الشفتين وقال بعد ذلك اللهم هذه إليك .. ثم ذهب إلى داره لينام ولما نام واستغرق في نومه سمع هاتفا ينادي ويقول له يا مالك طهرت فمه من أجلنا فطهرنا قلبه من أجلك ثم استيقظ الإمام مالك قبل الفجر وذهب إلى المسجد ليصلي الفجر كعادته إماماً بالناس لما عرج إلى مكان القبلة وجد عبداً يقول يا رب أنا واقف ببابك أقبلت توبتي فأهنئ نفسي أم رددتها علي فأعزي نفسي واقترب الإمام مالك منه وقال له: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا الذي غسلت فمي بالأمس ..
فالعلماء حكموا بالقتل على كل من يفسد في الأرض وعلى رأسهم شيخ الإسلام وابن القيم حيث قال: ( أن من لم يدفع فساده من الأرض إلا بالقتل وجب على ولي الأمر أن يقتله
{ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب..}).
فعلى الجميع أن يتكاتفوا لمعالجة هذه المشكلة الخطيرة والأمر العسير .. وعلى العلماء وطلبة العلم تبصير المسلمين .. وعلى الآباء والمعلمين والإعلاميين ثم الضرب بقيده على أيدي المهربين.
تلكم أيها الأحبة بعض المواقف تركت أكثرها لكم صفوها وعلي كدرها .. ولكم غنمها وعلي وغرمها القيها على مسامعكم رجاء أن ينفع الله بها من رفق من عباده
وإن في القصص لعبرة
وإن في مآسي المخدرات لمدكر

إليكم سادت الفكر *** معاناتي مع الخدر
جرت فيها دموع الحزن ***  بين الصب والصبرِ
بقلبي لوعة الأسرِ *** وموت يقتضي أثرِ
فيا حزني على التفريط *** فيما ضاع من عمري
فكم من حبة أضحت *** بها الأمراض تستشري
وكم من سيجارة أذكت *** بأحشائي لظى الجمرِ
فأكبوا حين أشربها *** وأشعر أنني أجري
وعقلي صار بالتخدير *** بين المد والجزرِ
فلا ألوى على أحد *** يعانيني من البشرِ
تراع بنتي العبرى *** فتقض الليل في ذكري
أبى بل لست أنت أبي *** فأنت الخِبُ بالضررِ
أبي قد كان يغمرني *** بفيض الحب والطهرِ
يداعبني فأسعد حين *** يبدو باسم الثغري
وأنت اليوم تغتال الفضيلة *** في ربى صدري
فأضحت كل آمالي سرابا *** في ثرى الفقرِ
أقاس الجوع والآلام *** من عسرٍ إلى عسرِ
لهيب اليتم يحرقني *** وحتى أنت لا تدري
أبي تب أبي تب قبل أن *** تنعى وتوسد ظلمة القبرِ
وتلقى بعدها أهوال *** يوم البعث والحشرِ
إذا ما قمت للرحمن *** قد أثقلت بالوزرِ
فيا أبتاه هل من توبة *** تنهي بها قهري
تهاجرُ من بقاع الخَدر *** للقرآن والذكرِ

 

بدر المشاري
  • رسائل ومقالات
  • الصفحة الرئيسية