اطبع هذه الصفحة


كيف تحج ؟

     اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

عبد الله بن راضي المعيدي الشمري

 
  الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذه مذكرة عن أحكام الحج والعمرة كان أصلها دورة علمية  القيت في جامع العلي في حي أجابحائل أردت نشرها رجاء أن ينتفع منها الإخوان    .. مضافاً إليها الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج منقولا بنصّه من كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى  ...
   
 تعريف الحج:
 الحج لغة :القصد ويروى بفتح الحاء وكسرها والأشهر الفتح .
شرعا : هو التعبد لله بقصد مكة لأداء عبارة الطواف والسعي والوقوف بعرفة وسائر المناسك
حكمه : ركن من أركان الإسلام بالكتاب والسنة والإجماع .
الكتاب : قوله تعالى " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين .... إلى قوله " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإنه الله غني عن العالمين "
السنة : ماروه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بني الإسلام على خمس شهادة أن لااله إلا الله وان محمد رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا "
وقد اجمع العلماء على فرضيته وان من أنكر وجوبه فهو كافر مرتد عن الإسلام .
 
متى كان فرض الحج ؟ :
ذهب بعض أهل العلم إلى انه فرض في السنة السادسة لقوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله " الآية .
فقد نزلت بإجماع المفسرين في السنة السادسة ورجح ابن القيم رحمه الله أن افتراض الحج  كان سنة تسع أو عشر .
والثاني اقرب (قول ابن القيم ) لان المراد بالآية الإتمام ـ إتمام الحج ـ أما افتراضه فالصحيح انه لم يكن إلا في السنة التاسعة أو العاشرة .
 
فضل الحج :
ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال إيمان بالله ورسوله . قيل ثم ماذا ؟ قال : ثم جهاد في سبيل الله . قيل ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور " والحج المبرور : هو الذي لا يخالطه إثم.
وقال الحسن رحمه الله : إن يرجع زاهدا في الدنيا راغب في الآخرة . وقد روي في حديث مرفوع بسند لابأس به : " إن بره .. إطعام الطعام ولين الكلام "
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : يارسول الله أترى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ؟
قال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور " رواه البخاري ومسلم .
وعن عمرو بن العاص عند مسلم " أما علمت أن الحج يهدم ماقبله "
 
الحج يجب مرة واحدة :
اجمع العلماء ــــ كما حكاه وابن المنذر وابن رشد وابن حزم  النووي  وابن قدامة ـــ  على أن الحج  لايجب في العمر إلا مرة واحدة إلا أن ينذره فيجب الوفاء بالنذر وما زاد فهو تطوع فعن أبي هريرة قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم " ياأيه الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فقال رجل : أكل عام يارسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا . ثم قال صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم " الحديث رواه الشيخان.
وفي حديث ابن عباس عند أبي داوود والنسائي والحاكم وصححه احمد .انه قال " الحج مرة فمن زاد فهو تطوع "
 
مسألة: هل يجب الحج على الفور أو على التراخي ؟
  ذهب بعض أهل العلم إلى انه يجب على التراخي فيؤدى في أي وقت من العمر ولا يأثم من وجب عليه بتأخيره متى  مااداه قبل الوفاة .
الدليل : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخر الحج إلى سنة عشر وكان معه أزواجه وكثير من أصحابه مع أن إيجابه كان سنة ست أو تسع فلو كان واجبا على الفور لما أخره.
 والقول الثاني  انه واجب على الفور واستدلوا بأدلة منها :
حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من اراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتكون الحاجة " رواه احمد والبيهقي وابن ماجة .
وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تعجلوا الحج ـ يعني الفريضة ـ فإن أحدكم لايدري ما يعرض له " رواه احمد والبيهقي .
والقول الثاني أرجح لان تعليل القول الأول ودليله فيه نظر فنحن لا نوافق أن الحج فرض سنة ست وأما تأخير الرسول صلى الله عليه وسلم الحج من سنة تسع الى عشر فلأنه لازالت آثار الجاهلية موجودة  فالنساء يطفن عراة والكفرة يدخلون الحرم والرسول أخر الحج لهذه العلة .
وأما من ترك الحج حتى مات ( تركه تهاونا ) فإنه يصدق عليه قوله تعالى " ولله على الناس الحج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " فهو كفر بالله لكنه لايخرج من دائرة الإسلام أي الكفر اصغر وقد وردت آثار عن الصحابة أنهم قالوا: من مات ولم يحج فليس عليه أن يموت نصرانيا أو يهوديا".وعن عمر رضي الله عنه قال : اضربوا عليهم الجزية ماهم بمسلمين ماهم بمسلمين .
 
شروط وجوب الحج : هي خمسة :
1) الإسلام      2) العقل      وهذان الشرطان للصحة لا للجزاء     
 3) البلوغ     4) الحرية     وهذان شرطان للاجزاء لا لصحة
5) الاستطاعة:   شرط الوجوب
 
بم تتحقق الاستطاعة ؟
تتحقق الاستطاعة بما ياتي :
الأول : أن يكون المكلف صحيح البدن فإن عجز لشيخوخة أو مرض لايرجى شفاؤه لزمه أحجاج غيره إن كان له مال . ويأتي تفصيل هذا .
الثاني : أن تكون الطريق آمنه بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله .
الثالث : أن يكون مالكا لزاد .
الرابع : أن يكون مالكا للراحلة لحديث انس رضي الله عنه قال : يارسول الله ما لسبيل ؟ قال : " الزاد والراحلة "  رواه الدار قطني وصححه .
وقال ابن حجر " الراجح إرساله " وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر وفي إسناده ضعيف وقال شيخ الإسلام ابن تيميه : هذه الأحاديث مسنده من طرق حسان ومرسله وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة وهكذا ذكر صاحب أضواء البيان.
الخامس : أن لايوجد ما يمنع الإنسان من الذهاب للحج كالحبس أو الخوف من سلطان جائر يمنع الناس منه .
 
مسألة حج الصبي :
لايجب على الصبي الحج لكن إذا حج صح منه ولا يجزؤه عن حجة الإسلام و الدليل : حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة رفعت لرسول الله صبيا فقالت :ألهذا حج؟ قال نعم ولك اجر " رواه مسلم .
وقال السائب بن يزيد " حج بي مع الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين "  رواه البخاري.
ولا يخلو الصبي إما أن يكون مميزا فيحرم بنفسه ويؤدي مناسك الحج بنفسه .
وإما أن كان دون التمييز فيحرم عنه وليه ويلبى عنه ويطوف به ويسعى وويقف بعرفه ويرمى عنه . وإذا وقع في محظور من محظورات الإحرام فانه لافدية عليه  على الصحيح من كلام العلماء وذلك لعدم أهليته ولعدم خطاب الشارع .
 
مسألة حج المرأة :
 يجب على المرأة الحج كما يجب على الرجل سواء بسواء إذا استوفت شرائط الوجوب التي تقدم ذكرها ويزاد عليها بالنسبة للمرأة أن يصحبها زوج أو محرم
فعن ابن عباس رضي الله عنهما : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لايخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال : يارسول الله إن امرأتي خرجت حاجة واني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال : انطلق فحج مع امرأتك "    رواه البخاري ومسلم .
 واختار شيخ الإسلام ابن تيمية إذا وجدت النساء الثقات وأمنت الفتنه - كأن تكون كبيرة -  فإنه لأبأس أن تحج .
فإن لم تجد المرأة المحرم فلا يجب عليها الحج .
 
مسألة :  ولا يجب عليها استئذان زوجها في حج الفريضة وإنما يستحب لها أن تستأذنه فإن إذن لها خرجت وان لم يأذن لها خرجت بغير إذنه .والدليل:أن حق الله مقدم على حق المخلوق لقوله عليه الصلاة والسلام " اقضوا الله فالله أحق بالوفاء " فإن كان حج النافلة فإنه لايجوز لها أن تحج إلا بإذنه .لما رواه الدار قطني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " في امرأة كان لها زوج ولها مال فلا يأذن لها في الخروج فقال : ليس لها أن تنطلق إلا بأذن زوجها "
  
مسألة من مات وعليه حج :
 من مات وعليه حجة الإسلام أو حجة كان نذرها وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من ماله كما أن عليه قضاء ديونه.
الدليل : حديث ابن عباس رضي الله عنهما : إن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت افاحج عنها فقال : نعم حجي عنها ارايت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته . اقضوا الله فالله أحق بالوفاء "  رواه البخاري
 
مسألة  الحج عن الغير :
 من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه بمرض أو شيخوخة لزمه أحجاج غيره عنه لأنه ايس من الحج بنفسه لعجزه فينيب غيره .
الدليل : حديث الفضل بن عباس : أن امرأة من خثعم قالت : يارسول الله : إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة افأحج عنه قال: نعم "
 فائدة : وفي الحديث دليل على انه يجوز أن تحج المرأة عن الرجل والعكس .
 
شرط الحج عن الغير :
 يشترط فيمن يحج عن غيره أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجل يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال : أحججت عن نفسك ؟ قال : لا ،قال : فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة " رواه أبو داوود وابن ماجه وصححه احمد والبيهقي.
                              
 المواقيت:
 
المواقيت جمع ميقات وهي تنقسم إلى قسمين : 1) مواقيت زمانيه   2)مواقيت مكانية
القسم الأول : المواقيت الزمانية :
هي الأوقات التي لايصح شيء من أعمال الحج ألا بها وقد بينها الله تعالى بقوله " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"وقوله "الحج أشهر معلومات "
وقد اجمع العلماء على أن المراد بأشهر الحج شوال وذو القعدة واختلفوا في ذي الحجة هل هو بكامله من أشهر الحج أو عشر منه .
فذهب بعض أهل العلم ومنهم الشافعي واحمد إلى الثاني وذهب مالك إلى الأول وهو الراجح في نظري " لأمرين :
1) أن لفظ الشهرين وبعض الشهر يقال له  أشهر .
2) أن بعض أعمال الحج تكون في اليوم الثالث عشر كرمي الجمار وطواف الإفاضة وهو من أركان الحج يعمل في ذي الحجة كله بلا خلاف .
فصح إنها ثلاثة اشتر .
وثمرة الخلاف: تظهر فيما يقع من أعمال الحج بعد النحر فمن قال أن ذي الحجة كله من أشهر الحج قال : لم يلزمه دم بتأخير تلك الأعمال عن أيام التشريق  .
ومن قال ليس إلا العشر منه قال يلزمه دم التأخير .
 
مسألة الإحرام للحج قبل أشهره :
 ذهب بعض أهل العلم إلى انه لايصح الحج قبل أشهره  روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه من السنة أن لايحرم بالحج إلا في أشهر الحج "
وقال ابن عمر أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه البخاري .
وذهب بعض أهل العلم غالى انه يصح قبل أشهره مع الكراهة .والصحيح الأول لان الله عزوجل حدد لأعمال الحج أشهراً معلومة والإحرام عمل من أعمال الحج فمن ادعى انه يصح قبلها فعليه دليل ولا دليل .

القسم الثاني : المواقيت المكانية :
هي الأماكن التي يحرم منها من يريد الحج أو العمرة ولا يجوز لحاج آو معتمر أن يتجاوزها دون أن يحرم وقد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم   كما في الصحيح من حديث ابن عباس ..فجعل ميقات أهل المدينة ذا الحليفة  (موضع بينه وبين مكة 450كيلومتر يقع شمال مكة)
وميقات أهل الشام الجحفة (موضع في الشمال الغربي بينه وبين مكة 187 كيلومتر وهي قريبة من رابغ  ( ورابغ بينها وبين مكة 204كيلو متر وقد صارت رابغ ميقات أهل مصر والشام ومن يمر عليها بعد ذهاب معالم الجحفة )
وميقات أهل نجد قرن المنازل ( جبل شرقي مكة يطل على عرفات بينه وبين مكة 94كيلومتر )
وميقات أهل اليمن يلملم (جبل يقع جنوب مكة بينه وبينها 54كيلومتر )
وميقات أهل العراق ذات عرق ( موضع في الشمال الشرقي بمكة بينه وبينها 94كيلومتر ) وقد نظمها بعضهم .

عرق العراق ويلملم اليمن              وذو الحليفة يحرم المدني
والشام الجحفة إن مررت بها            ولأهل نجد قرن فاستبن .

هذه هي المواقيت التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مواقيت لكل من مر بها سواء كان من أهل تلك الجهات أو كان من جهة أخرى وقد جاء في كلامه صلى الله عليه وسلم " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد  الحج أو العمرة " إي أن هذه المواقيت لأهل البلاد المذكورة ولمن مر بها وان لم يكن من أهلها فإنه يحرم منها إذا أتى قاصدا النسك .
ومن كان بمكة وأراد الحج فميقاته منازل مكة لقوله عليه الصلاة والسلام " حتى أهل مكة من مكة "
واختلف العلماء في العمرة لمن كان بمكة .
ـ فقال بعضهم يحرم من التنعيم لان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم "عمرة الحائض "
ـ وقال بعض أهل العلم : الحج والعمرة سواء لان الرسول صلى الله عليه وسلم قال " حتى أهل مكة من مكة " .
 
مسألة الإحرام قبل الميقات :
قال ابن المنذر : اجمع أهل العلم على أن من احرم قبل الميقات انه محرم والصحيح انه مكروه لأنه خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد وقت الرسول لأهل المدينة ذي الحليفة .....الخ الحديث  وهذا يقضي بالحلال من هذه المواقيت ويقضي بعض النقص والزيادة فإن لم تكن الزيادة محرمه فلا اقل من ان تكون مكروهه.
 
"   صفـــــة الإحرام "
 
أنواع الإنساك : قبل أن اذكر صفة الإحرام لابد أن أبين أنواع  الإنساك وهي ثلاثة:
1) قران                               2) تمتع                              3) إفراد
وذكر غير واحد إجماع العلماء على جواز كل واحد من هذه الأنواع    
والصحيح أن في هذا الإجماع نظر فقد ذهب إلي ابن عباس أيجاب التمتع وقال بهذا ابن القيم ومن المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني (1) .
 والدليل على الانساك الثلاثة حديث عائشة رضي الله عنها قالت " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بالعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله بالحج فأما من أهل بعمرة فحل عند قدومه وأما من أهل بحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحل حتى
جاء يوم النحر " رواه البخاري ومسلم .
صفة القران: أن يحرم عند الميقات بالحج والعمرة معا ويقول عند التلبية لبيك حجا وعمرة وهذا يقتضي بقاء المحرم على الإحرام إلى أن يفرغ من أعمال الحج والعمرة معا أو يحرم بالعمرة ويدخل عليها الحج قبل الطواف .
صفة التمتع: هو الاعتمار في أشهر الحج ثم يحج من عامه الذي اعتمر فيه وسمي تمتعا للانتفاع بأداء النسكين في أشهر الحج في عام واحد ولان التمتع يتمتع به التحلل من أحرامه بالعمرة بما يتمتع به غير المحرم من لبس الثياب والطيب وغيره .
وصفة الإحرام به : أن يحرم من الميقات بالعمرة وحدها ، ويقول عند التلبية لبيك عمرة ، وهذا يقتضي البقاء على صفة الإحرام حتى يصل الحاج إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق أو يقصّر شعره ثم يتحلل ، ويأتي كل ماكان حرم عليه بالإحرام .
صفة الإفراد : أن يحرم من الميقات بالحج وحده ويقول في التلبية لبيك حجاً ويبقى محرما حتى تنتهي أعمال الحج .
  
مسألة : اختلف العلماء في أي الانساك أفضل فمنهم من قال أن القران أفضل ومنهم من قال بأفضلية التمتع ومنهم من قال بأفضلية الإفراد  والأقرب التفصيل كما يلي :
أولاً : أن كان يسافر سفرة للعمرة وللحج سفرة أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم فيها حتى يحج فهذا الإفراد أفضل حتى قال شيخ الإسلام : باتفاق الأئمة .
ثانيا :أن يجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة ويقدم مكة في أشهر الحج فهذا آن ساق الهدي فالقران أفضل وان لم يسق الهدي فالتمتع أفضل وهذا اختيار شيخ الإسلام (منسك شيخ الإسلام ص5 ، ونيل الاوطار 5/40 ، تحقيق الروض المربع 5/78)
وأما إن اعتمر قبل أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ثم قدم مكة للحج فحكمه كالحالة الثانية. وأما نسك النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان قارناً .  
 
كيفية الإحرام:
إذا أراد أن يحرم بعمرة أو حج فالمشروع إذا وصل الميقات أن يتجرد ن من ثيابه ، ويغتسل كما يغتسل للجنابة ، ويتطيب بأطيب ما يجد من دهن وعود أو غيره في رأسه ولحيته لافي لباسه ، ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وبيص المسك في رأسه ولحيته بعد ذلك " .
والاغتسال عند الإحرام سنة في حق الرجال والنساء حتى النفساء والحائض ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس حين نفست أن تغتسل عند إحرامها وتستثفر بثوب وتحرم .. ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام ، ثم يصلي - غير الحائض والنفساء – الفريضة إن كان في وقت فريضة أويصلي نافلة كوترأوضحى وإلا صلى ركعتين ينوي يهما سنة الوضوء (2) ، فإذا فرغ من الصلاة أحرم فإن كان عمرة قال لبيك عمرة ، وإن كان حجاً قال لبيك حجاً ، وإن كان متمتعاً قال لبيك عمرة ممتعاً بها إلى حج .
 
مسألة متى يكون وقت الإحرام؟
ذهب بعض العلماءالي انه يحرم بعدا لصلاة مباشره و ذهب البعض إلى أن الإحرام يكون   بعد ركوب الدابة واستوائه عليها وهذاهواختيار شيخنا ابن عثيمين رحمه الله .
وإذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه ينبغي أن يشترط عند الإحرام فيقول عند عقده :" إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" أي منعني مانع عن إتمام نسكي من مرض أو تأخر أو غيرهما فإني أحل من إحرامي ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط وقال " إن لك على رب ما أستثنيت " . فمتى اشترط وحصل له ما يمنعه من إتمام نسكه فإنه يحل ولا شيء عليه.
وأما من لا يخاف من عائق يعوقه من إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط ، ولم يأمر بالاشتراط كل أحد ، وإنما أمر به ضباعة بنت الزبير لوجود المرض بها .
 
التلبية :
 
 وينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصا عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن يعلو مرتفعا أو ينزل منخفضا أو يقبل الليل أو النهار وان يسأل الله بعدها رضوانه والجنة ويستعيذ برحمته من النار.
وقتها: والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبتدئ بالطواف وفي الحج من الإحرام إلى أن يبتدئ برمي جمرة العقبة يوم العيد .
 لفظها : روى البخاري وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله عليه الصلاة والسلام " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك " وله أن يزيد على ذلك مما ورد عن الصحابة ومن ذلك قال نافع : وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها :" لبيك لبيك لبيك وسعديك والخير في يديك لبيك والرغباء " المسألة " اليك والعمل"  وهناك صفات أخر ( راجع تحقيق الروض 5/92  )                                       
 
" صفة العمرة "
 
ينبغي إذا قرب من مكة أن يغتسل لدخولها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل عند دخوله ، فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال : " بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، وأفتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " ثم يقدم رجله اليمنى ليبتدئ الطواف (3) فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله ويسجد عليه  ، فإن لم يتيسر تقبيله أستلمه بيده وقبلها ، فإن لم يتيسر أستلمه بشي معه  وقبله بيده  ،  فإن لم يتيسر فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده و لا يقبلها ، والأفضل أن لا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لعمر (( ياعمر إنك رجل قوي لا تزاحم الناس على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فأستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر )) .
ويقول عند استلام الحجر : بسم الله والله اكبر ، اللهم إيماناًُ بك ، وتصديقاً بكتابك ، ووفاءً بعهدك ، وإتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم يأخذ ذات اليمين و  يجعل البيت عن يساره ، فإذا بلغ الركن اليماني أستلمه من غير تقبيل ، فإن لم يتيسر فلا يزاحم عليه ويقول بينه وبين الحجر الأسود : ( ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .ولا يصح غير هذا .
وكلما مر بالحجر الأسود كبر ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة القرآن (4)، فإنما جعل الطواف باليت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
وفي هذا الطواف أعني الطواف أول ما يقدم ينبغي للرجل أن يفعل شيئين :
أحدهما : الإضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهاءه وصفة الإضطباع أن يجع لوسط ردائه داخل إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر ، فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف ؛ لأن الإضطباع محله طواف القدوم فقط .
الثاني: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط ، والرمل إسراع المشي مع مقاربة الخطوات ، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته.
 
فإذا أتم الطواف سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم (5) فقرأ " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ثم صلى  ركعتين خلفه يقراً في الأولى بعد الفاتحة
: (قل يأيها الكافرون ) وفي الثانية ( قل هو الله أحد ) بعد الفاتحة.
فإذا فرغ من صلاة الركعتين رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له .
ثم يخرج  إلى المسعى فإذا دنى من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله ...الآية)
ثم يرقى الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه (على هيئة الدعاء ) فيكبر ثلاثا ً ويحمد الله ثم يقول  لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعوا بين ذلك  بما شاء.
ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً ، فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضاً شديداً بقدر ما يستطيع ولا يؤذي ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسعى حتى ترى ركبتاه من شدة السعي ويدور به إزاره .
وفي لفظ : وأن مئزره ليدور من شدة السعي . فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل المروة فيرقى عليها ، ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا ، ثم ينزل من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه ، فإذا وصل الصفا فعل كما فعل أول مرة ، وهكذا المروة حتى يكمل سبعة أشواط ، ذهابه من الصفا إلى المروة  شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر ، ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة . فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه إن كان رجلاً ، وإن كانت إمراءة فإنها تقص من كل قرن أنملة . ويجب أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس ، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس ، والحلق أفضل من التقصير ؛ لأن النبي { صلى الله عليه وسلم } دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة ، إلا أن يكون وقت الحج قريباً بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس ؛ فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج بدليل أن النبي { صلى الله عليه وسلم } أمر أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة ؛ لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة .
وبهذه الأعمال تمت العمرة فتكون العمرة : الإحرام ، الطواف , السعي ، الحلق والتقصير ، ثم بعد ذلك يحل منها إحلالاً كاملاً ويفعل كما يفعله المحللون من اللباس والطيب وإتيان النساء وغير ذلك .

صفـــــــة الحــــج:
 

إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة احرم بالحج ضحى من مكانه الذي أراد الحج منه ويفعل عند إحرامه بالعمرة من الغسل والطيب والصلاة فينوي الإحرام بالحج ويلبي وصفة التلبية في الحج كصفة التلبية في العمرة إلا انه يقول هنا :لبيك حجا بدل قوله لبيك عمرة وان كان خائفا من عائق يمنعه من تمام حجه اشترط فقال " وان حبسني حابس فمحلي حيث حبسني " وان لم يكن خائفا لم يشترط .

ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا من غير جمع لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر بمنى ولا يجمع والقصر كما هو معلوم جعل الصلاة الرباعية ركعتين ويقصر أهل مكة (6) وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في حجة الوداع ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام ولو كان واجبا عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح .

فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى إلى عرفة فنزل بنمرة إلى الزوال أن تسير له وإلا فلا حرج لان النزول بنمرة سنة فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف والدعاء ثم يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل ويدعو بما احب رافعا يديه مستقبلا القبلة ولو كان الجبل خلفه لان السنة استقبال القبلة لا الجبل وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة "

وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم :" لااله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"

فإن حصل له ملل وأراد أن يستجم بالحديث مع أصحابه بالاحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصا فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسنا ثم يعود إلى التضرع إلى الله ودعائه ويحرص على اغتنام أخر النهار بالدعاء فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة . فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة ... فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعا إلا أن يصل مزدلفة قبل العشاء الآخرة فإنه يصلي المغرب في وقتها ثم ينتظر حتى يدخل وقت العشاء الآخرة فيصليها في وقتها ففي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه " انه أتى مزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك فأمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين" وفي رواية" فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما " لكن إذا كان محتاجا إلى الجمع إما لتعب أو قلة ماء أو غيرهما فلا بأس بالجمع وان لم يدخل وقت العشاء وان كان يخشى ألاّ يصل مزدلفة إلاّ بعد نصف الليل فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى مابعد نصف الليل .

 ويبيت بمزدلفة (7) .. ولا يحيي ليله بالقيام .. وأما الوتر فالصحيح انه يصليه لأنه صلى الله عليه وسلم كان لايتركه حضراً ولا سفراً .  فإذ تبين الفجر صلى الفجر مبكرا بأذان وإقامة ثم قصد المشعر الحرام فوحد الله وكبره ودعا بما احب حتى يسفر جدا وان لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلا القبلة رافعا يديه . فإذا أسفر جدا دفع قبل أن تطلع الشمس إلى منى ويسرع في وادي محسر.. فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى كل واحدة بقدر نواة التمر تقريبا يكبر مع كل حصاة .. فإذا فرغ ذبح هديه ..
 
ثم حلق رأسه إن كان ذكرا وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق .. ثم ينزل إلى مكة فيطوف  ويسعى للحج والسنة إن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق لقول عائشة رضي الله عنها "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف البيت " وبعد طواف الإفاضة يذهب إلى بئر زمزم ليشرب منه . ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى منى فيبيت بها ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر ويرمي الجمرات الثلاث إذا زالت الشمس في اليومين والأفضل أن يذهب للرمي ماشيا وان ركب فلا بأس فيرمي الجمرة الأولى وهي ابعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحده بعد الأخرى ويكبر مع كل حصاة ثم يتقدم قليلا ويدعو دعاء طويل بما احب فإن شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلا ليحصل السنة ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلا القبلة رافعا يديه ويدعوا دعاء طويلا أن تيسر عليه وإلا بقدر ماتيسر ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنه سنه وكثير من الناس يهمله إما جهلا أو تهاونا وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس اوكد لئلا تترك وتموت .

ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدع بعدها.

فإذا ا تم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر فإن شاء تعجل ونزل من منى وان شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق والتأخر أفضل ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى فإنه  يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال لكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب لكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه فإنه لايلزمه الرجوع لان تأخره إلى الغروب بغير اختياره فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لاينفر احد حتى يكون أخر عهده بالبيت " وفي رواية " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلاّ انه خفف عن الحائض " فالحائض والنفساء ليس عليهما وداع ولا ينبغي أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي  صلى الله عليه وسلم  ويجعل طواف الوداع أخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر.

مسألة : فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة آو تحميل رحله أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه ولا يعيد الطواف إلاّ أن يريد السفر في أول النهار فيطوف للوداع ثم يؤجل السفر إلى أخر النهار مثلا  فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت .

 مسألة : يجوز للحاج أن يؤخر طواف الإفاضة مع طواف الوداع ولكن بشرط أن ينويهما أو تكون لنية لطواف الإفاضة .

مسألة : السنة في رمي جمرة العقبة ضحى وتجوز للضعفاء ومن معهم بعد غياب القمر أو تأخيره إلى المساء وأما رمي الجمار في أيام التشريق فيبدأ من بعد الزوال إلى غروب الشمس ويجوز الرمي ليلا على الصحيح من كلام العلماء مع وجود المشقة وهو  اختيار شيخنا ابن عثيمين وقد رأيته  يرمي عصر اً
 



*الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج هداهم الله *


* الإحرام والأخطاء فيه :
ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، وقال ( فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ).
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق .{ رواه أبو داوود والنسائي }.
وثبت في الصحيحين أيضاً في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن ) { الحديث}.

فهذه المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود شرعية توقيفية موروثة عن الشارع لا يحل لأحد تغييرها أو التعدي فيها ، أو تجاوزها بدون إحرام لمن أراد الحج والعمرة ، فإن هذا من تعدي حدود الله وقد قال الله تعالى :( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: الآية229). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( يهل أهل المدينة ، ويهل أهل الشام ، ويهل أهل نجد) وهذا خبر بمعنى الأمر . والإهلال : رفع الصوت بالتلبية ، ولا يكون إلا بعد عقد الإحرام .فالإحرام من هذه المواقيت واجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بها أو حاذاها سواء أتى من طريق البر أو البحر أو الجو .  فإن كان من طريق البر نزل فيها إن مر بها أو فيما حاذاها إن لم يمر بها ، وأتى بما ينبغي أن يأتي به عند الإحرام من الاغتسال وتطييب بدنه ولبس ثياب إحرامه ، ثم يحرم قبل مغادرته . وإن كان من طريق البحر فإن كانت الباخرة تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه حال وقوفها ، ثم أحرم قبل سيرها ، وإن كانت لا تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه قبل أن تحاذيه ثم يحرم إذا حاذته .وإن كان من طريق الجو اغتسل عند ركوب الطائرة وتطيب ولبس ثوب إحرامه قبل محاذات الميقات ، ثم أحرم قبيل محاذاته ، ولا ينتظر حتى يحاذيه ؛ لأن الطائرة تمر به سريعة فلا تعطي فرصة ، وإن أحرم قبله احتياطا فلا بأس لأنه لا يضره . والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس أنهم يمرون من فوق الميقات في الطائرة أو من فوق محاذاته ثم يؤخرون الإحرام حتى ينزلوا في مطار جدة وهذا مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعدِّ لحدود الله تعالى وفي صحيح البخاري عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فُتح هذان المصران ـ يعني البصرة والكوفة ـ أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا : ( يا أمير المؤمنين ، إن النبي صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرناً وإنه جورٌ عن طريقنا ، وإن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا قال : فانظروا إلى حذوها من طريقكم ) فجعل أمير المؤمنين أحد الخلفاء الراشدين ميقات من لم يمر بالميقات إذا حاذاه ، ومن حاذاه جواً فهو كمن حاذاه براً ولا فرق . فإذا وقع  الإنسان في هذا الخطأ فنزل جدة قبل أن يحرم فعليه أن يرجع إلى الميقات الذي حاذاه في الطائرة فيحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه عند أكثر العلماء فدية يذبحها في مكة ويفرقها كلها على الفقراء فيها ، ولا يأكل منها ولا يهدي منها لغني لأنها بمنزلة الكفارة .
 
* الطواف والأخطاء الفعلية فيه :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبتدأ الطواف من الحجر الأسود في الركن اليماني الشرقي من البيت ، وأنه طاف بجميع البيت من وراء الحجر . وأنه رمل في الأشواط الثلاثة الأولى  فقط في الطواف أول ما قدم مكة . وانه كان في طوافه يستلم الحجر الأسود ويقبله واستلمه بيده وقبلها ، واستلمه بمحجن كان معه وقبّل المحجن وهو راكب على بعيره وطاف على بعيره فجعل يشير إلى الركن يعني الحجر كلما مر به .وثبت عنه أنه كان يستلم الركن اليماني . واختلاف الصفات في استلام الحجر إنما كان ـ والله أعلم ـ حسب السهولة ، فما سهل عليه منها فعله ، وكل ما فعله من الاستلام والتقبيل والإشارة إنما هو تعبد لله تعالى وتعظيم له لا اعتقاد أن الحجر ينفع أو يضر ، وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقبل الحجر ويقول : ( إني لأعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .

 والأخطاء التي تقع من بعض الحجاج :
1.   ابتداء الطواف من قبل الحجر أي من بينه وبين الركن اليماني ، وهذا من الغلو في الدين الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين ، وقد ثبت النهي عنه .وادعاء بعض الحجاج أنه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه ، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله .
2.  طوافهم عند الزحام بالجزء المسقوف من الكعبة فقط بحيث يدخل من باب الحجر إلى الباب المقابل ويدع بقية الحجر عن يمينه ، وهذا خطأ عظيم لا يصح الطواف بفعله ، لأن الحقيقة انه لم يطف بالبيت وإنما طاف ببعضه .
3.     الرمل في جميع الأشواط السبعة .
4.  المزاحمة الشديدة للوصول إلى الحجر لتقبيله حتى إنه يؤدي في بعض الأحيان إلى المقاتلة والمشاتمة ، فيحصل من التضارب والأقوال المنكرة ما لا يليق بهذا العمل ولا بهذا المكان في مسجد الله الحرام وتحت ظل بيته ، فينقص بذلك الطواف بل النسك كله ، لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: الآية197) . وهذه المزاحمة تذهب الخشوع وتنسي ذكر الله تعالى ، وهما من أعظم المقصود في الطواف .
5.  اعتقادهم أن الحجر نافع بذاته ، ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم ، وكل هذا جهل وضلال ، فالنفع والضرر من الله وحده ، وقد سبق قول أمير المؤمنين عمر : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .
6.  استلامهم ـ أعني بعض الحجاج ـ لجميع أركان الكعبة وربما استلموا جميع جدران الكعبة وتمسحوا بها ، وهذا جهل وضلال ، فإن الاستلام عبادة وتعظيم لله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يستلم النبي صلى الله عليه وسلم من البيت سوى الركنين اليمانيين ( الحجر الأسود وهو في الركن اليماني الشرقي من الكعبة ، والركن اليماني الغربي ) ، وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس : لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما ؟ فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجورا . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . فقال معاوية : صدقت .
 
* الطواف والأخطاء القولية فيه :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر الله تعالى كلما أتى على الحجر الأسود . وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(البقرة: الآية201) .وقال: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) .
 والخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين في هذا تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره ، حتى أنه إذا أتم الشوط قبل تمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلا كلمة واحدة ؛ ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه ، وإذا أتم الدعاء قبل تمام الشوط سكت .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم  في الطواف دعاء مخصص لكل شوط . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وليس فيه ـ يعني الطواف ـ ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له .وعلى هذا فيدعو الطائف بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ، ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن .ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يأخذ من هذه الأدعية المكتوبة فيدعو بها وهو لا يعرف معناها ، وربما يكون فيها أخطاء من الطابع أو الناسخ تقلب المعنى رأسا على عقب ، وتجعل الدعاء للطائف دعاء عليه ، فيدعو على نفسه من حيث لا يشعر . وقد سمعنا من هذا العجب العجاب . ولو دعا الطائف ربه بما يريده ويعرفه فيقصد معناه لكان خيراً له وأنفع ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر تأسياً وأتبع .
ومن الخطا الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع ، فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى ، ويتشوش بقية الطائفين فلا يدرون ما يقولون ؛ وفي هذا إذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن ، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن ) رواه مالك في الموطأ وقال ابن عبد البر وهو حديث صحيح .
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا اقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال افعلوا كذا ، قولوا كذا ، ادعوا بما تحبون ، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وما يعرفون معناه ويقصدونه ، وسلم الناس من أذاهم .
 
* الركعتان بعد الطواف والخطأ فيهما :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما فرغ من الطواف تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً )(البقرة: الآية125). فصلي ركعتين والمقام بينه وبين الكعبة ، وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثانية الفاتحة و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
والخطأ الذي يفعله بعض الناس هنا ظنهم أنه لا بد أن تكون صلاة الركعتين قريباً من المقام ، فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام الموسم ، ويعوقون سير طوافهم ، وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان من المسجد ، ويمكن المصلي أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد ، ويسلم من الأذية ، فلا يؤذِي ولا يؤذ َي ، وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة . ويا حبذا لو أن القائمين على المسجد الحرام منعوا من يؤذون الطائفين بالصلاة خلف المقام قريباً منه ، وبينوا لهم أن هذا ليس بشرط للركعتين بعد الطواف . ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم  . ومن الخطأ أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين وقف بهم قائدهم يدعو بهم بصوت مرتفع ، فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (الأعراف:55) .
 
* صعود الصفا والمروة والدعاء فوقهما والسعي بين العلمين والخطأ في ذلك :
 ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه حين دنا من الصفا قرأ : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ثم رقى عليه حتى رأى الكعبة فاستقبل القبلة ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو ، فوّحد الله وكبره وقال : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ،ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل ماشياً فلما انصبت قدماه في بطن الوادي وهو ما بين العلمين الأخضرين سعى حتى إذا تجاوزهما مشى حتى إذا أتى المروة ، ففعل على المروة ما فعل على الصفا .
والخطا الذي يفعله بعض الساعين هنا أنهم إذا صعدوا الصفا والمروة استقبلوا الكعبة فكبروا ثلاث تكبيرات يرفعون أيديهم ويومئون بها كما يفعلون في الصلاة ثم ينزلون ، وهذا خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم  ، فإما أن يفعلوا السنة كما جاءت إن تيسر لهم ، وإما أن يدعوا ذلك ولا يحدثوا فعلاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن الخطا الذي يفعله بعض الساعين أنهم يسعون من الصفا إلى المروة ، أعني أنهم يشتدون في المشي ما بين الصفا والمروة كله ، وهذا خلاف السنة ، فإن السعي ما بين العلمين فقط والمشي في بقية المسعى ، واكثر ما يقع ذلك إما جهلاً من فاعله أو محبةً كثير من الناس للعجلة والتخلص من السعي والله المستعان .
 
* الوقوف بعرفة والخطأ فيه  :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكث يوم عرفة بنمرة حتى زالت الشمس ، ثم ركب ثم نزل فصلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، ثم ركب حتى أتى موقفه فوقف وقال : ( وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ) . فلم يزل واقفاً مستقبل القبلة رافعاً يديه يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس وغاب قرصها فدفع إلى مزدلفة .
 
والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج :
1.  أنهم ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة ، وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج ، فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلا به ، فمن لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلى الله عليه وسلم  : ( الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ) (4) . وسبب هذا الخطا الفادح أن الناس يغتر بعضهم ببعض ؛ لأن بعضهم ينزل قبل أن يصلها ولا يتفقد علاماتها ؛ فيفوت على نفسه الحج ويغر غيره ، ويا حبذا لو أن القائمين على الحج أعلنوا للناس بوسيلة تبلغ جميعهم وبلغات متعددة ، وعهدوا إلى المطوفين بتحذير الحجاج من ذلك ليكون الناس على بصيرة من أمرهم ويؤدوا حجهم على الوجه الأكمل الذي تبرا به الذمة .
2.  أنهم ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس ، وهذا حرام لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غربت الشمس وغاب قرصها ، ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية .
3.  أنهم يستقبلون الجبل جبل عرفة عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم ، وهذا خلاف السنة ، فإن السنة استقبال القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم  .
 
* رمي الجمرات والخطأ فيه :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه رمى جمرة العقبة وهي الجمرة القصوى التي تلي مكة بسبع حصيات ضحى يوم النحر ، يكبر مع كل حصاة . كل حصاة منها مثل حصا الخذف أو فوق الحمص قليلاً ، وفي سنن النسائي من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما ـ وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم  من مزدلفة إلى منى ـ قال: فهبط ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم  ـ محسراً وقال : ( عليكم بحصا الخذف الذي ترمى به الجمرة ) قال : والنبي صلى الله عليه وسلم   يشير بيده كما يخذف الإنسان ، وفي مسند الإمام احمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ قال يحي : لا يدري عوف عبد الله أو الفضل ـ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم  غداة العقبة وهو واقف على راحلته: ( هات القط لي ) قال: فلقطت له حصيات هن حصا الخذف فوضعهن في يده. فقال ( بأمثال هؤلاء ) مرتين وقال بيده . فأشار يحي انه رفعها وقال: ( إياكم والغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين ).
 وعن أم سليمان بن عمرو بن الأحوص رضي الله عنها قالت : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم  يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر وهو يقول : ( يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، وإذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصا الخذف) رواه احمد .وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على أثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ، ثم ينصرف فيقول هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم  يفعله .وروى أحمد وأبو داوود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ).
 
والأخطاء التي يفعلها بعض الحجاج هي :
1.  اعتقادهم أنه لا بد من اخذ الحصا من مزدلفة ، فيتعبون أنفسهم بلقطها في الليل واستصحابها في أيام مني حتى إن الواحد منهم إذا ضاع حصاه حزن حزناً كبيراً ، وطلب من رفقته أن يتبرعوا له بفضل ما معهم من حصا مزدلفة .. وقد علم مما سبق أنه لا أصل لذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وانه أمر ابن عباس رضي الله عنهما بلقط الحصا له وهو واقف على راحلته ، والظاهر أن هذا الوقوف كان عند الجمرة إذ لم يحفظ عنه أنه وقف بعد مسيره من مزدلفة قبل ذلك ، ولأن هذا وقت الحاجة إليه فلم يكن ليأمر بلقطها قبله لعدم الفائدة فيه وتكلف حمله .
2.  اعتقادهم أنهم برميهم الجمار يرمون الشياطين ، ولهذا يطلقون اسم الشياطين على الجمار فيقولون : رمينا الشيطان الكبير أو الصغير أو رمينا أبا الشياطين يعنون به الجمرة الكبرى جمرة العقبة ، ونحو ذلك من العبارات التي لا تليق بهذه المشاعر ، وتراهم أيضا يرمون الحصاة بشدة وعنف وصراخ وسب وشتم لهذه الشياطين على زعمهم ، حتى شاهدنا من يصعد فوقها يبطش بها ضرباً بالنعل والحصى الكبار بغضب وانفعال والحصا تصيبه من الناس وهو لا يزداد إلا غضباً وعنفاً في الضرب، والناس حوله يضحكون ويقهقهون كان المشهد مشهد مسرحيه هزلية ، شاهدنا هذا قبل أن تبني الجسور وترتفع أنصاب الجمرات . وكل هذا مبني على هذه العقيدة أن الحجاج يرمون شياطين ، وليس لها اصل صحيح يعتمد عليه ، وقد علمت مما سبق الحكمة في مشروعية رمي الجمار وأنه إنما شرع ، لإقامة ذكر الله عز وجل ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم  يكبر على إثر كل حصاة .
3.  رميهم الجمرات بحصى كبيرة وبالحذاء ( النعل ) والخفاف ( الجزمات ) والأخشاب ، وهذا خطا كبير مخالف لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم  لأمته بفعله وأمره حيث رمى صلى الله عليه وسلم  بمثل حصا الخذف ، وأمر أمته أن يرموا بمثله ، وحذرهم من الغلو في الدين . وسبب هذا الخطا الكبير ما سبق من اعتقادهم أنهم يرمون شياطين .
4.  تقدمهم إلى الجمرات بعنف وشدة لا يخشعون لله تعالى ، ولا يرحمون عباد الله ، فيحصل بفعلهم هذا من الأذية للمسلمين والإضرار بهم والمشاتمة والمضاربة ما يقلب هذه العبادة وهذا المشعر إلى مشهد مشاتمة ومقاتله ، ويخرجها عما شرعت من أجله ، وعما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. ففي المسند عن قدامه بن عبد الله بن عمار قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم  يوم النحر يرمي جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك { رواه الترمذي وقال : حسن صحيح}.
5.  تركهم الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق، وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف بعد رميهما مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو دعاءً طويلاً ، وسبب ترك الناس لهذا الوقوف الجهل بالسنة أو محبة كثير من الناس للعجلة والتخلص من العبادة. ويا حبذا لو أن الحاج تعلم أحكام الحج قبل أن يحج ليعبد الله تعالى على بصيرة ويحقق متابعة النبي صلى الله عليه وسلم  . ولو أن شخصاًُ أراد أن يسافر إلى بلد لرأيته يسأل عن طريقها حتى يصل إليها عن دلالة ، فكيف بمن أراد أن يسلك الطريق الموصلة إلى الله تعالى وإلى جنته ، أفليس من الجدير به أن يسأل عنها قبل أن يسلكها ليصل على المقصود ؟ !
6.  رميهم الحصى جميعاً بكف واحدة وهذا خطأ فاحش وقد قال آهل العلم إنه إذا رمى بكف واحدة اكثر من حصاة لم يحتسب له سوى حصاة واحدة ، فالواجب أن يرمي الحصا واحدة فواحدة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم  .
7.  زيادتهم دعوات عند الرمي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قولهم : اللهم اجعلها رضاً للرحمن وغضباً للشيطان ، وربما قال ذلك وترك التكبير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والأولى الاقتصار على الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم  من غير زيادة ولا نقص .
8.  تهاونهم برمي الجمار بأنفسهم فتراهم يوكلون من يرمي عنهم مع قدرتهم على الرمي ليسقطوا عن أنفسهم معاناة الزحام ومشقة العمل ، وهذا مخالف لما أمر الله تعالى به من إتمام الحج حيث يقول سبحانه : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(البقرة: الآية196) فالواجب على القادر على الرمي أن يباشره بنفسه ويصبر على المشقة والتعب ، فإن الحج نوع من الجهاد لا بد فيه من الكلفة والمشقة فليتق الحاج ربه وليتم نسكه كما أمره الله تعالى به ما استطاع إلى ذلك سبيلا
 
* طواف الوداع والأخطاء فيه :
ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال : ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن الحائض) وفي لفظ لمسلم عنه قال : ( كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه أبو داوود بلفظ : ( حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت ) وفي الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم  أني اشتكي فقال : ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ) فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم  يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بـ :(وَالطُّورِ*وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) (الطور:1-2) وللنسائي عنها أنها قالت : ( يا رسول الله ، والله ما طفت طواف الخروج فقال : إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس) .
وفي صحيح البخاري عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدةً بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به  ، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن صفية رضي الله عنها حاضت بعد طواف الإفاضة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحابستنا هي؟) قالوا : إنها قد افاضت وطافت بالبيت قال : فلتنفر إذن . وفي الموطأ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال : ( لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت ) وفيه عن يحي بن سعيد أن عمر رضي الله عنه رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع .
 
* والخطأ الذي يرتكبه بعض الحجاج هنا :
1.     نزولهم من منى يوم النفر قبل رمي الجمرات فيطوفوا للوداع ثم يرجعوا إلى منى فيرموا الجمرات ، ثم يسافروا إلى بلادهم من هناك وهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت ، فإن من رمى بعد طواف الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم  لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج ، وقد قال :   ( خذوا عني مناسككم ) .
وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صريح في أن الطواف بالبيت آخر النسك .فمن طاف للوداع ثم رمى بعده فطوافه غير مجزئ لوقوعه في غير محله ، فيجب عليه إعادته بعد الرمي ، فإن لم يعد كان حكمه حكم من تركه.
2.  مكثهم بمكة بعد طواف الوداع فلا يكون آخر عهدهم بالبيت ، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبينه لأمته بفعله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت ، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه وهكذا فعل أصحابه ، ولكن رخص أهل العلم في الإقامة بعد طواف الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كبيرة كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها أو حضرت جنازة فصلي عليها ، أو كان له حاجة تتعلق بسفره كشراء متاع وانتظار رفقة ونحو ذلك فمن أقام بعد طواف للوداع إقامة غير مرخص فيها وجبت عليه إعادته.
3.  خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة ، وهذا خلاف السنة بل هو من البدع التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها:( كل بدعة ضلالة ) والبدعة كل ما احدث من عقيدة أو عبادة على خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ، فهل يظن هذا الراجع على قفاه تعظيماً للكعبة على زعمه انه أشد تعظيماً لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أن في ذلك تعظيم لها لا هو ولا خلفاؤه الراشدون ؟!
4.  التفاتهم إلى الكعبة عند باب المسجد بعد انتهائهم من طواف الوداع ودعاؤهم هناك كالمودعين للكعبة ، وهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفاؤه الراشدين ، وكل ما قصد به التعبد لله تعالى وهو مما لم يرد به الشرع فهو باطل مردود على صاحبه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )  . أي مردود على صاحبه .
فالواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يكون في عباداته متبعاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لينال بذلك محبة الله ومغفرته كما قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) واتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما يكون في مفعولاته يكون كذلك في متروكاته ، فمتي وجد مقتضي الفعل في عهده ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن السنة والشريعة تركه ، فلا يجوز إحداثه في دين الله تعالى ولو أحبه الإنسان وهواه ، قال الله تعالى : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ)(المؤمنون: الآية71) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) .نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب .
والحمد لله رب العالمين ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . 
 

و كتبه / أبو عبد الرحمن عبد الله بن المعيدي الشمري
المدرس بمعهد حائل العلمي
ج/ 0555168816
ف / 065390305
armsh1426@yahoo.com          
 

---------------------------------------------
(1) ولمعرفة مذاهب العلماء في هذا والراجح منها والأدلة راجع : التمهيد 8/205 ، شرح مسلم للنووي 8/134 ، فتح الباري 3/423 ،  الشرح الممتع 7/86 ـ 90 وتحقيق الروض 5/78 .
(2) فائدة مهمة : الصحيح من كلام العلماء أنّ الاحرام ليس له صلاة تخصه كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
(3) الطواف له شروط هي :1- الطهارة .2- ستر العورة .3 - أن يكون سبعة أشواط . 4- أن يكون ابتدائه بالحجر وانتهائه منه . 5- الموالاة بين الأشواط والفصل اليسير لا بأس به .6- أن يكون الطواف خارج البيت لا داخله أو داخل الحجر لأنه منه .7- أن يكون راكباً لا ماشياً إلا لحاجة .8- أن يكون البيت عن يساره .
(4) ليس لأشواط الطواف أدعية خاصة بكل شوط ، وأما تلك الكتب التي يدع بها بعض الحجاج ويشترونها والتي فيها تحديد دعاء لكل شوط فهي لاتجوز بل بدعه فان النبي صلى الله عليه وسلم  حج وحج معه جم غفير ولم يحدد لهم مثل هذا .
(5) الصلاة خلف مقام إبراهيم هي السنة.. وينبغي أن يعلم هنا انه إذا دار الأمر بين أن يصلي قريبا من المقام مع كثرة الزحام وبين أن يصلي بعيدا عن المقام ولكن بطمأنينة فالأفضل الثاني وذلك لأن القاعدة تقول " إن ما يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما يتعلق بمكانه "  وهذه قاعدة جليلة يدخل تحتها مسائل عدة .
(6)  قصر الصلاة لاهل مكة في المشاعر محل خلاف بين العلماء فالأئمة الثلاثة الشافعي ومالك واحمد يقولون لا يقصر المكي ولا يجمع لأنه غير مسافر وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجمعون ويقصرون وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأختاره العلامة ابن عثيمين رحمه الله وقال في فتاوى الباب المفتوح 51 / 22 : " والأحوط أن لا يقصروا في منى لأنها أصبحت حياً من أحياء مكة " .
(7)  المبيت الى الفجر هذا في حق الأقوياء أما الضعفة ومن كان مرتبطا معهم  فيحق لهم  الانصراف من مزدلفة بعد غياب القمر لما ثبت انه صلى الله عليه وسلم بعث الضعفة من أهله بليل .. وكانت أسماء بنت أبي بكر تنتظر حتى إذا غاب القمر دفعت .
 

عبد الله المعيدي
  • مقالات ورسائل
  • بحوث ودراسات
  • الصائم العابد
  • الصفحة الرئيسية