اطبع هذه الصفحة


غرقى فمن ينقذهم ؟!

عبد الله بن راضي المعيدي الشمري

 
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، أحمده سبحانه وأشكره وأسأله المزيد من فضله وكرمه، عليه توكلت وإليه متاب. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المختار من أشرف الأنساب، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى الآل والأصحاب، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
أما بعد:
إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل فلاحظوا الأجل.
أيها المؤمنون، يحيط بابن آدم أعداء كثير، من شياطين الإنس والجن، يحسنون القبيح، ويقبحون الحسن، ينضم إليهم النفس الأمارة بالسوء، والشيطان، والهوى، يدعونه إلى الشهوات، ويقودونه إلى مهاوي الردى. ينحدر في موبقات الذنوب صغائرها وكبائرها، ينساق في مغريات الحياة، وداعيات الهوى، يصاحب ذلك ضيق وحرج وشعور بالذنب والخطيئة فيوشك أن تنغلق أمامه أبواب الأمل، ويدخل في دائرة اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله .. وهذه ايه الاحبة حال كثير من الناس اليوم الامن رحم الله .. اليوم صار كثير من يعش في هم .. يعيش في ضيق .. غريق في امواج الفتن .. والفتن كما يقول ابن القيم فتن شبهات وفتن شهوات .. وأنا أقصد هنا فتن الشهوات .. ارأيتم ايه الأحبة امواج البحر .. موجة تعلوها موجة ..كيف تكون حال من يعيش وسط تلك الامواج ؟؟ وبكثيرمن الناس اليوم خاصه من الشباب صار اليوم غريق في هذه الفتن .... صارت هذه الفتن تعصف به عصفاً .. بل هناك من غرق فيها .. نعم هناك غرقى في هذه الفتن .. وصار صريعا لها .. غرقى وهم لا يشعرون .. غرقى فمن ينقذهم ؟!
لقد غرق اليوم كثيرٌ من الناس بأمواج الفتن .. واصبحت تتلاعب بهم هذه الأمواج .. فمن اغنية ماجنة .. إلى مجلة خالعة .. ومن امرأة فاتنة .. إلى تمثيلية هابطة .. مجون وخلاعة .. وضياع وانحلال .. فلا إله إلا الله اين المخرج وماهو السبيل ..
ومن هنا ايه الأحبة جاءت هذه المحاضرة .. لنبحر واياكم عبرها إلى بر الأمان .. ونخرج بإذن الله من امواج بحور الشهوات .. إلى شواطئ الرحمات ..
نعم إلى شواطئ ولكنها ليست شواطئ البحار الماجنة .. ولا تلك الشواطئ التي عرفت بالمجون والإنحلال .. فلا ترى فيها إلا امرأ ة متبرجة سافرة .. وأغاني محرمة .. ومناظر منكرة .. وترى فيها جرأة على الله وممارسة فلا حول ولا قوة إلا بالله .. ووالله ايه الإخوة ..
نعم ايه الأخوة .. نبحر وأياكم إلى شواطئ ... من وصلها وجد السعادة .. والطمأنينة ..وجد الراحة .. وجد الحياة الطيبة .. والعيشة الهنية .. انها شواطي الباكين .. شواطي التائيبن .. شواطي العائدين .. المنيبين .. النادمين .. فلااله الاالله .. مااحل تلك الشواطي .. والذ تلك اللحظات التي يخرج فيها العبد من امواج الشهوات .. الى شاوطي الطاعات .. مااجمل ايه الاحبة بكاء المذنبين .. وآنين العابدين .. ودموع التائيبن .. كيف والله يفرح بتوبتهم .. ويغفر زلتهم .. ويجبر كسرهم .. نسأل الله ان يغفر ذنوبنا ... حديث الفرح .. والسبي ..
ايه الاحبة مالذ الرجوع الى الله .. قصة ابو مشهور.....

حاجتنا للتوبة .. نحن ايه الإخوة بحاجة الى التوبة .. الجميع بحاجة للتوبة ..
الآية .... كلام ابن القيم ..
ومنزل التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به واستصحبه معه ونزل به فالتوبة هي بداية العبد ونهايته وحاجته إليها في النهاية ضرورية كما أن حاجته إليها في البداية كذلك وقد قال الله تعالى وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون وهذه الآية في سورة مدنية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم ... ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه وأتى بأداة لعل المشعرة بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح فلا يرجو الفلاح إلا التائبون جعلنا الله منهم ...
قال تعالى ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون قسم العباد إلى تائب وظالم وما ثم قسم ثالث ألبتة وأوقع اسم الظالم على من لم يتب ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله ..
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال يا أيها الناس توبوا إلى الله فوالله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ...
وكان أصحابه يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم 100

إن المرء مهما بلغ من الإيمان والصلاح والتقوى فإن ذلك لن ينقله أبداً إلى درجة العصمة وعدم مواقعة الذنوب ... ليس العيب والخطأ أن نذنب ايه الإخوة ..
تأمل !! حين حضرت أبا أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- الوفاة قال: كنت كتمت عنكم شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقاً يذنبون يغفر لهم»(رواه مسلم).
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: " إذا أذنب عبد فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفر لي فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين حتى قال في الرابعة: فليعمل ما شاء " .. يعني مادام على هذه الحال كلما أذنب ذنباً استغفر منه غير مُصر...
لذا فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم القدوة في الإيمان والتقوى والصلاح .....
ومع أنهم بلغوا هذه الدرجة ...!!! كانوا كما بلغوا الغاية في التوقِّي من الذنوب واجتنابها، من التوابين المطهرين .. كانو يتمثلون قوله تعالى ((إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)) ..ومن مواقفهم في المبادرة للتوبة .. هذه القصة العجيبة ..
جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يوماَ في المسجد .. وأصحابه حوله .. جلس كالقمر وسط النجوم في ظلام الليل .. يُعلّمهم ..يُؤدبهم ..يزكيهم ..
اكتمل المجلس بكبار الصحابة ..وسادات الأنصار.. وبالأولياء .. والعلماء ..
وإذا بامرأة متحجبة تدخل باب المسجد .. فسكت عليه الصلاة والسلام، وسكت أصحابه .. وأقبلت رُويداً .. تمشي وجلاً وخشية .. رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم .. تناست العار والفضيحة .. لم تخشى الناس .. أو عيون الناس .. وماذا يقول الناس .. أقبلت تطلب !!! الموت .... نعم تطلب الموت .. فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح .. يهون إن كان بعده الرضا والقبول .. حتى وصلت إليه عليه الصلاة والسلام .. ثم وقفت أمامه .. وأخبرته أنها زنت !!! وقالت: (يا رسول الله أصبت حدًا فطهرني) ..
ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! ؟! ا، احمرّ وجهه حتى كاد يقطر دماً .. ثم حوّل وجهه إلى الميمنة .. وسكت كأنه لم يسمع شيئاً ..
حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترجع المرأة عن كلامها .. ولكنها امرأة مجيدة .. امرأة بارّة .. امرأة رسخ الإيمان في قلبها وفي جسمها .. حتى جرى في كل ذرة من ذرات هذا الجسد. .. فقالت واسمع ماذا قالت .. قالت : أُراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك (تعليق ).. فوا الله إني حبلى من الزنا ..!! فقال: ((اذهبي حتى تضعيه))
ويمر الشهر تلو الشهر .. والآلام تلد الآلام .. حملت طفلها تسعة أشهر.. ثم وضعته .. وفي أول يوم أتت به وقد لفَّته في خرقة .. وقالت: يا رسول الله .. طهرني من الزنا .. ها أنا ذا وضعته فطهرني يا رسول الله .. فنظر إلى طفلها .. وقلبه يتفطر عليه ألمًا وحزنًا .. لأنه كان يعيش الرحمة للعصاة ، والرحمة للطيور، والرحمة للحيوان .. قال بعض أهل العلم: بل هو صلى الله عليه وسلم رحمة حتى للكافر، قال الله: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
من يُرضع الطفل إذا قتلها ؟!! من يقوم بشئونه إذا أقام عليها الحد ؟!! فقال: ارجعي وأرضعيه فإذا فَطَمْتيه فعودي إليّ .. فذهبت إلى بيت أهلها .. فأرضعت طفلها .. وما يزداد الإيمان في قلبها إلا رسوًّا كرسوِّ الجبال ..
وتدور السنة تعقبها سنة .. وتأتي به في يده خبزة يأكلها .. يا رسول الله قد فطمته فطهرني .. عجبًا لها ولحالها .!! أي إيمانٍ هذا الذي تحمله .. ما هذا الإصرار والعزم .. ثلاث سنين تزيد أو تنقص .. والأيام تتعاقب .. والشهور تتوالى .. وفي كل لحظة لها مع الألم قصة .. وفي عالم المواجع رواية ..
ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته، وفي يده كسرة خبز ..وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالت: طهرني يا رسول الله .. فأخذ – صلى الله عليه وسلم – طفلها وكأنه سلَّ قلبها من بين جنبيها .. لكنه أمْر الله .. العدالة السماوية .. الحق الذي تستقيم به الحياة ..
قال عليه الصلاة والسلام : " من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين ".
ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم ترجم .. فيطيش دم من رأسها على خالد بن الوليد .. فسبها على مسمع من النبي , فقال عليه الصلاة والسلام : مهلا يا خالد " والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه " .. وفي رواية أن النبي – صلى الله عليه وسلم – " أمر بها فَرُجمت، ثم صلّى عليها، فقال له عمر – رضي الله عنه -: تُصلي عليها يا نبي الله وقد زنت!! فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: لقد تابت توبة، لو قُسّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسِعَتْهُم، وهل وجدتَ توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى" !!..

وهنا يأتي السوال ؟؟
إنه الخوف من الله .. إنها الخشية .. نعم أذنبت .. ولكنها قامت من ذنبها بقلبٍ يملأه الإيمان .. ونفسٍ لسعتها حرارة المعصية .. نعم أذنبت .. ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت .. إنها التوبة ياعبدالله ..نعم إنها التوبة ياعبدالله .. لنحرص على التوبة .. لانه ياخوان العبد من لم يتب .. فهناك أمران لابد أن يحصلان له ..
الاول : وأحوال...لماذا...لماذا أحبتنا نرى تلك الصور المحزنة والوقائع المؤلمة والأحوال المتردية ....دخان ومخدرات وأفلام ومسلسلات ، ومجلات وفضائيات ، إتصالات ومعاكسات ، سهر وسفر ، زنا ولواط ، دوران وتفحيط ، أحوال وأحوال.. ثم ما النتيجة لما يعيش المرء وسط هذه الاحوال .. اسمع معي يارعاك الله .. أيه الأحبة : إن العبد إذا عصى ربه في طاعته وأطاع شيطانه وهواه صحبته قلة التوفيق وفساد الرأي وخفاء الحق وخمول الذكر والوحشة بين العبد وربه ومنع إجابة الدعاء ومحق البركة في الرزق والعمر وقسوة القلب وسوء الخاتمة وحرمان العلم ونزول النقم وزوال النعم وهذا كله متولد من المعاصي وغيرها أكثر فإن المعاصي هي الداء الداوي والمرض العضال الذي يفسد القلوب والبلدان والأبدان وهي تكسوا الوجه سواداً وذلاً ... وتجعل القلب ضيقاً حرجاً .. يعيش الهم والغم .. بل ان بعضهم ربم فكرفي الانتحار !! من جراء ما يعيشه من هم وغم .. وحتى ايه الاحبة اكثر وضوحاً .. والكلام اقرب اللى الواقع .. وحتى لايقول البعض اننا ربما نبالغ .. فلنستمع اليه الان ماذا يقول ...

نعم ايه الاحبة هذه حال من ابتعد عن طاعة الله .. ولا يزول هذا إلا بطاعة الله والإقلاع عن معصيته .. يقول الله تعالى :[ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ] ويقول تعالى :[ فمن يرد الله أن يديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أنت يضله يجعل صدره ضيقاً حرجا كأنما يصّعد في السماء كذلك يجعل الرجس على الذين لا يعقلون ] يقول بعض السلف : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وماذاقوا أطيب ما فيها فسئل عن ذلك فقال : مرضاة الله ومحبته والشوق على لقائه وعبادته ..

الامر الثاني .. هو أن تحذر سو الخاتمة ياعبدالله ..

عند الموت يا عباد الله تكون حال الإنسان أحدى حالتين .. إما أن يكون من أهل الخير والصلاح فهذه ميتته ميته طيبه ويبشر بالعفو والغفران .. ورب راضي غير غضبان .. قال تعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون } .. وأما إن كان العبد من أهل الكفر والضلال والفجور والفساد .. فهذا يبشر بالويل والعذاب { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بنما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } إن آخر ساعة في حياة الإنسان هي الملخص لما كانت عليه حياته كلها .. فمن كان مقيماً على طاعة الله عز وجل بدا ذلك عليه في آخر حياته ذكراً وتسبيحاً وتهليلاً وعبادة وشهادة ..
ذكر أهل السير أن أبا مريم الغساني رحمه الله كان صائما يوماً من الأيام فنزل به الموت .. واشتد به الكرب فقال له من حوله .. لو جرعت جرعة من ماء فقال بيده لا .. فلما دخل المغرب قال . .أذن ؟! قالوا نعم ففطروه وجعلوا في فمه قطرة ما .. ثم مات بعدها ...
وفي المقابل ... تأمل في حال من عصى الله كيف تكون حاله عند الموت .. وحتى نكون اقرب الى الواقع .. فدعونا نسمع ممن عايشه .. ورأه رأي عين .. هذا احد الاخوة ممن من الله عليه بالتوبة يتحدث عن تلك النهاية المحزنة فيقول ..
إن من أسباب سوء الخاتمة يا عباد الله - أن يصّر العبد على المعاصي ويالفها .. فإن الإنسان إذا ألف شيئاً مدة حياته وأحبه فعلق قلبه به فالغالب أنه يموت عليه إن لم يمت من ذلك ...
والقلب أثناء نزول للموت بالمرء لا يظهر منه إلا ما كان بداخله وما ستهواه صاحبه .. فانظريارعاك الله ما في قلبك وما تحب في الدنيا فهو خارج منه أثناء النهاية شاء ذلك صاحبه أم أبى ..
أيها الأخ المبارك : إن من اعظم ثمار التوبة بعد مغفرة الذنب .. أن العبد إذا اتجه إلى ربه بعزم صادق وتوبة نصوح موقنا برحمة ربه واجتهد في الصالحات .. دخلت الطمأنينة إلى قلبه .. وذهب عنه الهم والحزن وضيق الصدر و"الطفش " .. وانفتحت أمامه أبواب الأمل .. واستعاد الثقة بنفسه .. واستقام على الطريقة .. واستتر بستر الله .. وأسال التائبين ..
أواحذر ان تكون ممن يخدعه طول الأمل .. أو نضرة الشباب .. وزهرة النعيم .. وتوافر النعم .. فيقدم على الخطيئة .. ويسوف في التوبة، وما خدع إلا نفسه .. لا يفكر في عاقبة ..ولا يخشى سوء الخاتمة .. ولقد يجيئه أمر الله بغتة : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيّئَـاتِ حَتَّىا إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ الآن ... ومن الناس من إذا أحدث ذنبا سارع بالتوبة .. قد جعل من نفسه رقيبا يبادر بغسل الخطايا .. إنابة واستغفارا وعملا صالحا .. فهذا حري أن ينضم في سلك المتقين الموعودين بجنة عرضها السماوات والأرض ممن عناهم الله بقوله : واَلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَـئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ وَجَنَّـاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَـامِلِين ..
فهذه حال الفريقين .. فمن أيهما تريد أن تكون أنت ؟!
" آلا بذكر الله تطمئن القلوب "
من أراد الحياة الطيبة السعيدة فعليه بالأيمان بالله والعمل الصالح .. " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة .. واما من اعرض عن الله وحارب ربه بالمعاصي .. فلا ينتظر إلا الهم والنكد .. والقلق والتمزق .. والحيرة والفزع .. " ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا " فمع المعصية يصبح المال عذاب .. والولد فتنة .. والجاه مصيبة .. فيا من مزقه القلق .. وأضناه الهم .. وعذبه الحزن .. عليك بالاستغفار .. فانه يقشع سحب الهموم .. ويزيل غيوم الغيوم .. وهو البلسم الشافي والدواء الكافي .. الذي من عرفه وجربه وتداوى به فلن يحتاج إلى طبيب ولا إلى عيادة نفسيه .. قال بعضهم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب "
فهل آن للعبد أن يرجع إلي ربه ويغتنم جوده وكرمه .. وحلمه ورحمته .. فيلجاء إلى مولاه ويستقيله من كل خطاء .. ويستغفره من كل ذنب .. ويتوب إليه من كل سيئة ؟

يامن يرى مد البعوض جناحها *** في ظلمة الليل البهيم الاليل
ويرى نياط عروقها في مخهــا *** والمخ في تلك العظام النحل
ويرى مسار الدم في أعضائها *** متنقلا من مفصل إلى مفصل
اغفر لعـــبد تاب من زلاته *** ماكان منه في الزمان الأول

ومن أراد طيب العيش .. وسعادة الحياة وراحة البال .. وقرار النفس وحسن العاقبة .. فعليه بالاستغفار .. فكل كربة تفرج بالاستغفار .. وكل هم يزول بالاستغفار .. وكل حزن يذهب بالاستغفار .. وفي حديث :
والله اعلم وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه ..
 

أخوكم / عبد الله بن راضي المعيدي الشمري
المدرس بالمعهد العلمي بحائل وخطيب جامع عمر بن الخطاب بحائل
والمشرف على قسم الفتاوى والاستشارات في موقع همة المسلم موقع المنتدى المسكي والمستشار في موقع المستشار

أخي / أتشرف بزيارتك لصفحتي في موقع صيد الفوائد ...
http://saaid.net/Doat/almueidi/index.htm

 

عبد الله المعيدي
  • مقالات ورسائل
  • بحوث ودراسات
  • الصائم العابد
  • الصفحة الرئيسية