اطبع هذه الصفحة


مهلاً الأمر فيه خلاف ؟!!

عبد الله بن راضي المعيدي الشمري


سيل من السهام .. وزحام من الأقلام !!
ظنون كاذبة .. وأراجيف مبطلة .. وفرية شنيعة !!
نفوس مريضة أعماها الحقد .. وأعشاها الحنق !! فانطلقت تهذي بما لا تدري .. وتهرف بما لا تعرف !!
يقلد بعضها بعضاً .. تتحاكى تحاكي الببغاء ..
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدّق ما يعتاده بالتوهم
تستغرب ويتملك العجب ..
ماذا يريد هؤلاء ؟!
وماذا يضيرهم حينما ينطق العالم بمايعتقد من الحق ؟!
لماذا يجن جنونهم حينما ينكر المنكر .. ويزهق الباطل ..
إن الأقلام الجائرة .. والأفهام الحائرة .. يصدُق عليها بحق وحقيقة قول الأول :
إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحاً هذا وما سمعوا من صالح دفنوا
وكل ينفق مما عنده .. وكل إناء بما فيه ينضح .. نفوس جُبلت على المقت والبغضاء والكراهية والشحناء ..
والعجب !! أن هذه الكتابات تنطلق من أقلام تدعي المصداقية .. وقول الحقيقة مهما كلف الثمن .. ونصبت نفسها محامية عن حقوق المجتمع !! ومدافعة عن قضايا الأمة ومعالجة لمشكلاتها ؟!! وهي ذاتها ركام المشكلات ..
نفوس لديها رصيد من التصورات والمفاهيم المنكوسة .. والتهيأت الباطلة .. ثم تدفع إلى بثها .. وتسابقت إلى نشرها عند أدنى حدث .. ولو كان كذباً مختلقاً .. في إسقاطات كاذبة .. وممارسات خطيرة ..
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم
\" قُتِلَ ٱلْخَرصُون \" ..
والأمر ـ أيها الأحبة في الله ـ لا يحتاج إلى تفكير طويل .. ولا إلى ذهن ثاقب في حلّ هذا اللغز .. لماذا يهجم هؤلاء على العلماء الربانين .. والدعاة الصادقين .. ورجال الحسبة المصلحين من غير ذنب جنوه ولا جرم ارتكبوه ؟
والذي أريده قوله هنا إيه القراء الأفاضل ..
هو أن نعلم جميعاً خطورة المنهج الذي يقوم به هؤلاء .. وينطلقون منه ..
فهؤلاء الكتاب – والمقصود به غالب الكتاب وليس الكل – ينطلقون من منطلقات خطيرة .. وهناك وسائل يروجون من خلالها [ المنكر ] ..

أخطرها ثلاث وسائل ..
الوسيلة الأول :
هي تسويغ المنكر بذكر الشبهات .. أو الفتاوى البا أو الأقوال الشاذة ..
ولذا تجدهم لاينقلون فتاوى علماء هذه البلاد المباركة !!
فهم يسعون إلى إباحة الباطل .. وذلك بنفي أن يكون في تلك المظاهر ما يخالف الدين والخُلُق .. والجدلِ بأن تصنيفها في دائرة المحرم لا يستند إلى أدلة متفق عليها بقدر ما يعود إلى اجتهادات ذاتية في معاني النصوص .. ومن ثَمَّ يكون هذا الحكم رأيًا قابلاً للنقاش والاختلاف!!! ومن ثَمَّ أيضًا يكون بالإمكان وفق هذا المنطق جعْلُ تلك المظاهر في دائرةِ المباح ..
وبرغم أن غالب إن لم يكن كل المسائل المنكرة ليست من المسائل الخلافية .. سواء كان الخلاف فيها معتبرًا أو غير معتبر ..
وإنما هي من المحرم القطعي بالنص والإجماع !!
فمثلاً [ مسألة الاختلاط محرمة بالنصوص الشرعية .. وبإجماع العلماء .. ولا يوجد قولٌ في الشريعة يبيح هذا المنكر ] ..
ولكن حينما تقرأ إلى كتابة لهؤلاء ومن دار في فلكهم تظن المسألة خلافية ؟! فلم الإنكار ؟!! ] .
وأمرٌ مهم هنا أريد قوله .. وأن أنبه عليه ..
وهو أنه حتى لوكانت المسألة مختلف فيها .. فيجب أن يعلم أن هذه البلاد المباركة .. تسير على مذهب معين .. ومنهج واضح .. لايجوز وبإجماع العلماء التشويش عليه أم التلبيس على العوام من خلال ذكر الخلاف ..
فنحن في هذه البلاد تبع لولاة أمرنا وعلمائنا وفقهم الله والذين يحكّمون كتاب الله وسنة رسوله .. ويأخذون في أمور حياتهم على مذهب إمام من أئمة الدين .. فلم التشغيب على أهل هذه البلاد ..
فهذه البلاد له خصوصيتها وهي قبلة المسلمين .. وبلاد الحرمين .. وولاة الأمر فيها – حفظهم الله - يتشرفون بذلك .. وأهلها يفخرون بذلك ..
ولذلك فلهذه البلاد خصوصيتها .. والواجب عليها أن تكون – زكما هي الآن ولله الحمد –رائدة في خلوها من كل مظهر يدل على مخالفة شرع الله ..
وأما قولهم أن لسنا أحسن من غيرنا فهذا باطل .. باطل ..
فنحن لاندعي العصمة لأنفسنا .. ولكن نحن أفضل من غيرنا .. وبلادنا خير من غيرها ..
أم يريد هؤلاء المفتونين .. أن تكون بلادنا متحررة كغيرها من بلاد العالم ؟!!
فيكون المنكر ظاهر .. والمعصية منتشرة .. والمحرمات مباحة !!
فليتَّق الله أولئك الذين يشوِّشون عند كلِّ حَدَث سانِح .. فيرمون أصالتنا وتمسُّكَنا بديننا ردحًا من الزَّمن بأنه هو سببُ هذه الحوادثِ والمعضلات .. فيكون هذا التَّشويش تكأَةً يتَّكئ عليها أعداءُ الإسلام من الكَفَرة الحاقدين ومن المعجَبين بهم ..
إن كيانَ هذه الدّولة قام واستقام على قواعدَ ثابتةٍ .. وأصولٍ راسخة من الدين والخِبرة والعِلم والعمَل .. وهي قوية باذن الله ثم بولاتها وعلمائها ورجالها ...
حفِظ الله بلادَنا وبلادَ المسلمين من شرّ الأشرار وكيد الفجّار، وأدام علينا نعمةَ الأمن والأمان وإن كرِه الحاقدون المغرِضون الحاسدون المتبربّصون ..
وإن رغمِت أنوفٌ من أناس فقل يا ربّ لا ترغم سواها

الوسيلة الثانية :

إيجابُ الباطل .. وهذه الوسيلةُ أشدُ خطرًا من سابقتها .. لأنها لا تقف عند نفي تحريم تلك المظاهر والجدال لإباحتها، وإنما تتجاوزه إلى مدى أبعد وأخطر .. وهو محاولة إيجابه بالحكم الشرعي !! وذلك بنسبة الرضا عنها وإقرارِها إلى الله .. تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرًا ...
ولأنَّ الباطلَ ذو نَسَقٍ واحد فمقولةُ اليوم ليست إلاَّ إعادةً لمقولةِ الأمس .. مقولةِ الذين أرادوا تشريع باطلهم بأنه أمرُ الله وإيجابُه افتراءً عليه .. قال تعالى: \" وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا\" ...
في هذا السياق كان ثمةَ من يعلّل حماستَه لإنجاح أحدِ مهرجانات الاختلاط العربية مؤخرًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم يحث على الإتقان! وعلّل أحدُ الكتّاب العرب دفاعه عن ظاهرة العري بأن الله خلق الجمال من أجل الاستمتاع به ؟!!
والحقيقةُ العقديةُ الشرعيةُ التي قفز عليها هؤلاء وأولئك من المفترين أن الله تعالى وإن قدَّرَ الغوايةَ والفاحشةَ والباطلَ كونًا يقتضي الحدوث والوقوع لحكمةٍ بالغةٍ يريدها، فإنه لا يأمر بها ولا يرضاها شرعًا: \" قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ \" ...

الوسيلة الثالثة :
تحييد الباطل وتجريده عن الحكم الشرعي .. بمعنى نفي خضوع الأفعال للأحكام الشرعية وضوابطها .. فقد نفوا عن الأحكام الشرعية القدسية والعصمة والاطراد والثبات .. وذهبوا إلى أنها نتاج ظروف تاريخية غير ملزمة، وأن معايير الحكم على الأفعال يجب أن تكون عقلية صرفة .. فما رآه العقل حسنًا فهو حسن وما رآه قبيحًا فهو القبيح .. وهذا الفكر المنحرف هو فكر المعتزلة في القديم والعصرانيين العقلانيين في الحديث . ..ووفق هذا المنهج صارت مظاهرُ الباطل نسبية ومتحولة .. فما يكون اليوم حقًا من الممكن جدًا أن يكون غدًا باطلا .. وما هو باطل اليوم يكون غدًا حقا لدى رواد هذا الفكر المنحرف..
وأختم هنا فأقول : إيه الكتاب .. يأصحاب الأقلام ..
إلى الكتاب الذين يحترمون أنفسهم ويغارون على دينهم ..ويحيون العدل ويكرهون الظلم .. إلى أصحاب الأقلام الشريفة التي طالما نصرت الحق ودفعت الباطل وأزهقته ..
لتؤدوا دوراً مهما في بيان الحق ونصرته .. وكشف الباطل وإزهاقه .. هنا دوركم لكبح جماح الأقلام القذرة التي تتقيأ السم الزعاف .. وأنتم بذلك على ثغر عظيم من ثغور الإسلام .. فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم ...
والخطاب ثانياً أيضاً إلى كل من زل قلمه .. وكتبة المنكر يده ..
أيها الكاتب .. يا من جردت قلمك وأهرقت مداده الأسود .. مردِّدا تهماً ومزاعم .. ومروِّجاً للمحرمات .. ألا تعلم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً .. ألا تتقي الله؟ ألا تقدِّر الأمانة أمانة الكلمة .. وشرف المهنة؟
أعلم أنك غداً مسؤول بين يدي ربك فماذا عساك تجيب ؟!
وفق الله الجميع لكل خير ،،
وحفظ هذه البلاد من كل سوء ،،
وحفظ عليها أمنها وعلمائها وولاتها ورجالها ونسائها إنه سميع عليم ،،


 

عبد الله المعيدي
  • مقالات ورسائل
  • بحوث ودراسات
  • الصائم العابد
  • الصفحة الرئيسية