وردت هذه العبارة في مشاركة لأحد الإخوة ،
وهي شائعة على لسان بعض الدعاة ، وهذا بعض ما قاله العلماء حول هذا الاطلاق :
ذكر العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد
في كتابه " معجم المناهي اللفظية " ص 252-256 أن جماع خلاف أهل العلم في هذا
على ثلاثة أقوال :
الأول :
الجواز
، واحتجوا بحديث الكميل عن علي : أولئك خلفاء الله في أرضه . وبقوله تعالى "
إني جاعلك في الأرض خليفة " وبالحديث " ان الله ممكن لكم في الأرض ومستخلفكم
فيها فناظر كيف تعملون " وبقول الراعي يخاطب ابا بكر :
خليفة الرحمن انا معشر ****** حنفاء نسجد بكرة وأصيلا
الثاني :
منع هذا الإطلاق
، لان الخليفة انما يكون عمن يغيب ويخلفه غيره ، والله تعالى شاهد غير غائب .
واحتجوا بقول أبي بكر لما قيل له : يا خليفة الله ، فقال : لست بخليفة لله ،
ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحسبي ذلك .
الثالث :
وهو ما قرر ابن القيم
فقال :
( ان أريد بالإضافة إلى الله : انه خليفة عنه ، فالصواب قول الطائفة المانعة
فيها .
وان أريد بالإضافة : ان الله استخلفه عن غيره ممن كان قبله ، فهذا لا يمتنع
فيه الإضافة ، وحقيقتها : خليفة الله الذي جعله الله خلفا عن غيره ، وبهذا
يخرج الجواب عن قول أمير المؤمنين : أولئك خلفاء الله في أرضه …. ) انتهى من
مفتاح دار السعادة ص 165 كما أحال الشيخ بكر
وهو في 1/151 ط.دار الفكر ، في شرح كلام علي رضي الله عنه في فضل العلم وأهله
، وهو الوجه التاسع والعشرون بعد المائه ، الذي ابتدأه ابن القيم في ( 1/123
) واستمر في شرحه إلى الوجه الثلاثون بعد المائة ( 1/ 153 ) . وقد اختصر
الشيخ بكر كلام ابن القيم وأدلة المانعين والمجيزين .
وعد ابن القيم هذه اللفظة من الألفاظ المكروهة في ( زاد المعاد 2/ 36-37 ) .
وقال شيخ الاسلام في منهاج السنة ( 1/
509 )
بعد ذكر الآيات ( اني جاعل في الأرض
خليفة ) ( يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض ) ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض
) ( وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض )
قال : " أي خليفة عمن قبلك من الخلق ، ليس المراد أنه خليفة عن الله …..
والمقصود هنا : ان الله لا يخلفه غيره ، فإن الخلافة إنما تكون عن غائب ، وهو
سبحانه شهيد مدبر لخلقه لا يحتاج في تدبيرهم الى غيره ، وهو سبحانه خلق
الأسباب والمسببات جميعا ، وهو سبحانه يخلف عبده المؤمن إذا غاب عن أهله .
ويروى انه قيل لأبي بكر يا خليفة الله ، فقال : بل أنا خليفة رسول الله ،
وحسبي ذلك " انتهى .
وانظر الفتاوى 35/42-46
وقال النووي في الاذكار ص 517 ت
الارناؤوط
" فصل : ينبغي ان لا يقال للقائم بأمر
المسلمين : خليفة الله ، بل يقال : الخليفة ، وخليفة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، وأمير المؤمنين .
ونقل عن البغوي في شرح السنة قوله : ولا يسمى أحد خليفة الله بعد آدم وداود
عليهما الصلاة والسلام … وقال رجل لعمر بن عبد العزيز : يا خليفة الله ، فقال
: ويلك لقد تناولت تناولا بعيدا ، إن أمي سمتني عمر ، فلو دعوتني بهذا الاسم
قبلت …
وذكر الإمام أقضى القضاة ابو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه
" الأحكام السلطانية " ان الإمام سمي خليفة ؛ لأنه خلف رسول الله صلى الله
عليه وسلم في أمته ….
قال ( الماوردي ) :
واختلفوا في جواز قولنا : خليفة الله ، فجوزه بعضهم لقيامه بحقوقه في خلقه ،
ولقوله تعالى " هو الذي جعلكم خلائف في الأرض " .
وامتنع جمهور العلماء من ذلك ، ونسبوا قائله الى الفجور . هذا كلام الماوردي
" انتهى .
وقال ابن علان في شرح الاذكار ( 4/82
– 84 ) ط. دار الفكر
" ( قوله ولا يسمى احد خليفة الله
تعالى ) في شرح الروض : لانه يستخلف من يغيب او يموت ، والله منزه عن ذلك .
وقضية هذه العلة امتناع ذلك حتى على آدم وداود ، والآيتان ليس فيهما إطلاق
خليفة الله على كل منهما ، إنما فيهما إطلاق خليفة ، مجردا عن الإضافة ، وذلك
جائز على كل امام للمسلمين ، ولم أر من نبه على هذا …
وفي المصباح المنير : لا يقال خليفة الله بالإضافة الا آدم وداود ؛ لورود
النص بذلك . وقيل يجوز وهو القياس ؛ لان الله جعله خليفة كما جعله سلطانا ،
وقد سُمع : سلطان الله ، وجنود الله ، وحزب الله ، والإضافة تكون بأدنى
ملابسة ، وعدم السماع لا يقتضي عدم الاطراد مع وجود القياس ؛ ولأنه نكرة
تدخله اللام للتعريف ، فيدخلها ما يعاقبها وهو الإضافة كسائر أسماء الأجناس .
( قوله : واختلفوا في جواز قولنا : خليفة الله ) قال ابن حجر الهيتمي في كتاب
تنبيه الأخيار : ظاهر كلام السيوطي البتري مما قاله الماوردي وان ذلك مكروه
فقط اه
قلت : لكن جرى على الحرمة في الروض ووافقه عليها شارحه " انتهى من شرح
الاذكار . والله أعلم .
[ كتب هذا المقال بتاريخ
9/7/1999 ، بشبكة سحاب ].