أخي الفاضل وضاح
نعم الكرخي من فقهاء الحنفية ، وهذه المقولة منسوبة اليه :
كل ما خالف مذهبنا فهو مؤول او منسوخ .
والذي أراه منذ زمن ان هذه المقولة
لها محمل صحيح ينبغي ان يحمل عليه كلام هذا العالم .
انه يتحدث عن حقيقة ما آل إليه الأمر .
وتوضيح ذلك :
ان المجتهد اذا افترضنا انه الم بأدلة
الشريعة كتابا وسنة وإجماعا وقياسا وغير ذلك ، ثم بنى مذهبه على ما ترجح إليه
من هذه الأدلة .
فإنه اذا فرض وجود نص على خلاف ما ذهب إليه ، فلن يخرج هذا النص عن كونه اما
منسوخا ، فلم يعمل به المجتهد ، واما مؤولا لقوة ما عارضه من الأدلة .
لكن هذه القضية متوقفة على مقدمات لا
بد من تحققها كما ترى :
ان يكون المجتهد او جماعة المجتهدين
في المذهب قد وقفوا على مجموع أدلة التشريع .
وان تكون آراؤهم الفقهية لم يذهبوا إليها الا بعد هذه الاحاطة بالأدلة .
وهذا في الحقيقة متعذر خاصة لفقهاء الاحناف .
ثم هو معارض بما ثبت عن الأئمة من
قولهم : اذا رأيتم حديثا يخاف كلامنا
فاضربوا بكلامنا عرض الحائط .
وهذا تقرير منهم لاحتمال وجود أدلة صحيحة لم يطلعوا عليها .
وقد جزم الشافعي بأنه لا يمكن لمجتهد ان يحيط بالسنة كلها .
وتارة يصرح الإمام بأن رأيه موقوف على صحة الحديث : يقول : هذا جائز ان صح
الحديث ، وهذا إشارة إلى احتمال عثور مجتهد آخر على إسناد صحيح له .
الا ان يقال : انها مقيدة بما خالف مذهبهم من الأحاديث التي كانت في عصرهم
واطلعوا عليها ، وليس فيما لم يطلع عليه بعد .
إذن نحن نحسن الظن بالإمام الكرخي في مقولته هذه ، وان كنا نقول : انها من
الناحية العملية - خاصة لفقهاء الحنفية - لا يحسن الجزم بها .
أما المعنى الذي ننزه الأئمة عن
اعتقاده : فهو ان يظن أن المراد : ان
كلامنا هذا هو الحق القاطع ، وان ما جاء مخالفا له - مما اطلعنا عليه ومما لم
نطلع عليه - فهو مؤول او منسوخ ، لا ينظر فيه ، ولا يبحث عن طريقة للجمع بينه
وبين أدلتنا .
هذا رأيي والله أعلم .
[ كتب هذا المقال بتاريخ
2/9/1999 ، بشبكة سحاب ].