اطبع هذه الصفحة


مقتطفات من روائع الكتابات السياسية (4)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم


يملك العديد من مفكرينا السياسيين رؤية جيدة لواقع الحال الذي يمر بأمتنا، هذه الرؤية من الرصانة والعمق ما يجعلها إضاءات نحن في أمس الحاجة لها في ظل هذه الأحداث الهادرة التي تموج بالأوطان الإسلامية خاصة والعالمية عامة، لذلك رأيت أن أقتطف طرفا من هذه الرؤى، وأجمعها في نظم نضيد، لتكون عونا للمسترشد، ونبراسا للمقتدي، لكن لا يفوتني أن أذكر أنها اجتهادات بشرية ربما يعتريها بعض المآخذ، وهذا ما لا ينكره البصير، فأسأل الله أن يعم النفع بها، ويجنبنا الزلل، إنه نعم المولى ونعم النصير.

طبيعي عندما تزور بلدا أوروبيا أن تشعر بالغربة للبون الأخلاقي الشاسع بين العرب والأجانب وبين ما نعتبره حراما مرفوضا وبين ما يعتبرونه حلالا مقبولا ولكن أن تشعر بذات الاغتراب في بعض الدول العربية فهذه الغرابة بعينها!! .. أن تصبح المدينة العربية الفلانية هوليود العرب أو باريس العرب أو ريو ديجانيرو العرب أو موناكو العرب ليس شيئا عظيما يسجل في شهادة الامتيازات او السيرة الذاتية فهذه مدن تشابهت في تاريخها مع سدوم وعمورة وبومباي التي هلكت بالخسف والتدمير. [د.ديمة طارق طهبوب، عن مقال: مدن عربية بلا هوية]

البلد المتخلف الذي يجر أذيال التبعية الاقتصادية، الذي يفتقد لصناعة من عصارة بحوث أبنائه خريجي المعاهد والجامعات، تكون قادرة على دفع مركبة التنمية الشاملة في شتى الميادين والمجالات بالسرعة المطلوبة، وقادرة على توفير العيش الكريم والاكتفاء الذاتي، هو بلد محتل قليلا، محتل احتلال داخلي ذاتي، يستعبد مجتمعه ويقهره، فما تنفك الصراعات الداخلية تدمر مقوماته وطاقاته البشرية والمادية وتمزق نسيج وحدته الوطنية، فبدون قاعدة صناعية وطنية، ستظل الحريات والعدالة الاجتماعية صورية حبرا على ورق، تتعثر تحت وطأة الفقر والأمية فينجم كما هو الحال في بلدان عربية وإفريقية معروفة مظاهر الرشوة والتسيب ومآسي الحكم الشمولي، فتتجرد المهمة السياسية والوظيفة الإدارية في مؤسسات الدولة من غاياتها النبيلة السامية في خدمة المجتمع لتتحول إلى أوكار النهب والتعسف، ازدهار الصناعة الوطنية هو وحده من يحقق الاكتفاء الذاتي وتمويل المشاريع، ومن ثمة يفرض في المحيط العام تنظيما ونظاما ونشاطا منضبطا وسلوكا راقيا، فالصناعة المزدهرة تعني مستوى راق في الإبداع والابتكار فهي حصيلة أفكار ذكية في البحث العلمي وهذه عوامل كافية لإرساء قواعد ديمقراطية حقيقية .. إن ازدهار الصناعة بشقيها المدني والعسكري هو وحده الكفيل بضمان التنمية والاستقرار في الأوساط الشعبية وفي قطاعات الدولة ومنشآتها ومؤسساتها وبذلك ينمو النشاط الديمقراطي المنشود، فمتى يرتقي واقع الصناعة في البلدان العربية إلى مصاف البلدان الآسيوية التي تغزو منتجاتها أسواق مدننا وقرانا، الصناعة العربية في نظر العام والخاص في بلداننا هي منشآت تدور في فلك استيراد الضروريات والكماليات وفي أحسن الظروف تراها في تركيب قطع مستوردة لتسويق ما تعرضه المحلات التجارية من أجهزة ووسائل الاتصال والنقل وعلى رأسها الكهرومنزلية [أبوحفص بن شنوف]

حين تسمع وترى الاستعدادات التي تجري على قدم وساق قبيل انعقاد أي قمة عربية، وبعدها منظر الحكام وهم يتوافدون على مكان انعقادها كأنهم الاسود الضارية، ويدلون بالتصريحات والخطب النارية، يتبادر إلى الأذهان بأن مشاكلنا ستنتهي وتعود الحقوق الوطنية والقومية، ونعيش في ثبات ونبات وننجب شبابنا صبيانا وبنات. لكن سرعان ما ينتهي كل شيء وتتبخر البيانات والقرارات قبل ان يجف حبرها، حتى أصبح عقد مؤتمر من هذا القبيل موضع سخرية وازدراء.[ وراء كل قمة عربية مصيبة، عوني القلمجي]

الإمبريالية في تجربتنا العربية هي: الاحتلال، والنهب -النفط تحديدا- ومنح فلسطين للحركة الصهيونية، وتقسيم الوطن العربي إلى دويلات إقليمية تقف حاجزا في طريق تحقيق الوحدة العربية، وتنصيب حكام تابعين منبتين عن الأمة، معادين لتحررها، ونهوضها. [هل روسيا والصين إمبرياليتان؟! رشاد أبوشاور]

الاكتفاء الذاتي الزراعي والغذائي الصيني والفائض منه للتصدير لا يرجع فقط إلى أن الأراضي الصينية الشاسعة في بلاد الصين الرئيسة خصبة وصالحة للزراعة وتنتج الرز والذرة بشكل رئيسي وهما الغذاء الرئيس لأهل الصيــــن ووافديها أو إلى أن الفلاح الصيني نشط ومواظب على فلاحة الأرض والإعتناء بها وإنما يُعزى السبب الأهم إلى السياسات الوطنية الرشيدة لحكومات الصين المتعاقبة منذ حكومة (الرئيس ماو) التي وعت ضرورة أن تُطعم شعبها من أرضها وتكسوهم من نسيجها كيما تقع البلاد تحت رحمة الأجنبي.
لم يخرج (جبران خليل جبران) إذن عن الخط الصيني والتعاليم الدينية السماوية والفطرة الإنسانية عندما أطلق صيحته «ويلٌ لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع». فالصين لا تأكل إلا من أرضها ولا تلبس إلا من مصانعها. عندما تحقق أي أمة الأمن الغذائي كل أنواع الأمن الأخرى تتحقق تلقائيا في الغالب، والصين أكثر من أي دولة أخرى استطاعت أن تحقق بجدارة الأمن الغذائي لشعبها. الكارثة الكبرى عندما تحتاج إلى الآخرين لكي تأكل. فقد قال (أحمد بن بيلاَّ) يوماً على «قناة الجزيرة»: (كان الاستعمار الفرنسي يُعيب على الجزائريين أنهم لا يفقهون شيئاً سوى زراعة الأرض). فحتى هذا العيب الرائع لم يعد العرب يفقهونه فمعظم البلاد العربية تستورد غذاءها من الخارج لاسيما الدول الغنية التي أهملت معظمها الزراعة معتمدة على ريع النفط لاستيراد الغذاء وهي سياسة قصيرة النظر لا شك، في حين كان في الإمكان والوقت ليس متأخرا الآن استثمار دخول النفط وريعه في استصلاح الأراضي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الحد الأدنى من الغذاء. [لماذا لا يستفيد العرب من التجربة الصينية؟ أ.د. علي الهيل]

 

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية