اطبع هذه الصفحة


مقتطفات من روائع الكتابات السياسية (7)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم


يملك العديد من مفكرينا السياسيين رؤية جيدة لواقع الحال الذي يمر بأمتنا، هذه الرؤية من الرصانة والعمق ما يجعلها إضاءات نحن في أمس الحاجة لها في ظل هذه الأحداث الهادرة التي تموج بالأوطان الإسلامية خاصة والعالمية عامة، لذلك رأيت أن أقتطف طرفا من هذه الرؤى، وأجمعها في نظم نضيد، لتكون عونا للمسترشد، ونبراسا للمقتدي، لكن لا يفوتني أن أذكر أنها اجتهادات بشرية ربما يعتريها بعض المآخذ، وهذا ما لا ينكره البصير، فأسأل الله أن يعم النفع بها، ويجنبنا الزلل، إنه نعم المولى ونعم النصير.

إن إيران التي أنفقت ما أنفقت لتصدير ثورتها لم تفلح في هذا إلا بالخداع والعمل المخابراتي الطويل والإرهاب والحرب المباشرة وبالنيابة، وأما عالمنا العربي فما دفع أحد لأحد دينارا ولا درهما لنقل الشعلة من سيدي بوزيد إلى القاهرة فبنغازي وطرابلس وصنعاء وعدن، ثم دمشق وحلب وحماة؛ ما دفع أحد شيئا ليحدث هذا، لكنه الانبعاث التلقائي الذي إن عكس عمق الأزمة بين الأنظمة العربية وشعوبها، فقد عكس شيئا أخطر، وهو أن الهوية الواحدة ما زالت تجمع هذه الأمة، وكونها ممزقة وفي حال سياسية يرثى لها أقوى دلالة -حين يبدو منها هذا السلوك التجاوبي- على عمق الصلة بين أوصال هذا الوطن العربي المنكوب بالاستبداد وداعميه الخارجيين. [الأستاذ نبيل الفولي عن مقاله: الأقصى وواقعية الواقعيين]

إن الفهم النظري الصحيح لقضايانا، وفي مقدمتها الأقصى والقدس وفلسطين وشقيقاتها الجديدات في العراق وسوريا ومصر واليمن، واستيعابها على حقيقتها واجب لا يحتمل التأجيل، وأما ما يمكن أن نقدمه لها من أفعال فهو أمر يخضع لقاعدة التكليف بما يطاق.
بل هناك قواعد أصولية وفقهية أخرى عظيمة يمكن أن تمثل ضوابط مهمة هنا، مثل أن الأمر كلما ضاق اتسع، وأن الضرورات تبيح المحظورات، وأن المشقة تجلب التيسير، وغيرها من القواعد التي يجب فهمها على وجهها وتطبيقها في ظرفها، فلا يأتي أحد مثلا ويقول إن التطبيع مع إسرائيل ضرورة، أو إنني لا أستطيع أن أدعو للأقصى لأن لساني مشغول بالدعاء للأموي، أو لا أملك في قناتي الفضائية أن أتحدث عن القدس وسماء القاهرة وسيناء ملبدة بغيوم التوتر، أو إن المرابطين في باحات الأقصى وساحاته قد يتسببون في نشوب حرب دينية بيننا وبين إسرائيل!
ثم إن الواقعية تكون كلاما فارغا إن فُهمت على أنها انعزال كل وحدة سياسية في مشكلاتها ومصالحها الخاصة، فما من كيان سياسي إلا وتتجاوز مصالحه حدوده، وتهدده المخاطر من خارجه كما يتوقع أن تأتي من داخله. [الأستاذ نبيل الفولي عن مقاله: الأقصى وواقعية الواقعيين]

يقول الأستاذ عصام تليمة:
- القيادي الممتلئ يرى كل نقد له، إضافة له ولفصيله، وتصويب لقراراته، أو لتوجهه، ويراه مكسبا وربحا كبيرا يحرص على أن يظل دائم الوجود والطرح، ولذا رأينا معظم القادة الناجحين كلهم حرص على المشورة، والنقد ومراعاة ما ينتقده الناس فيهم، بينما القيادي الفارغ، أو قيادي الصدفة، يحسب كل صيحة عليه، وكل نقد هو تجريح في شخصه، يحيط نفسه بأمثاله من المهزوزين الضعفاء، ويخشى من ظهور أي شخص له كاريزما أو حضور، فهو وأمثاله خطر عليه.
- القيادي الممتلئ يرى قوته وقوة حضوره، سواء ظل قياديا أو ترك القيادة طواعية لغيره، لتدور عجلة الحياة، أما الفارغ فيرى أن الدعوة أو الكيان أو الدولة ستهدم، وستضيع لو تركها، لذا فليس مطروحا في ذهنه أن يكون سابقا، بل عليه أن يظل ممسكا بها، متشبثا بكل ما فيها ومن فيها، من المهد إلى اللحد، يكاد يظن أن حسابه في القبر سيكون أخف لو لقي ربه مسؤولا حاليا لا سابقا، يظن أن القيادة أشبه بذهب أمه الذي لا بد أن لا تورث لأحد إلا بعد وفاته.
- القيادي الممتلئ يريد من حوله أقوياء، وأصحاب رأي وحجة، وأخذ ورد، شركاء في صناعة القرار، وشركاء في تنفيذه، أما الفارغ فلا يريد حوله سوى حملة بخور، وماسحي أعتاب، وكهنة معبد، ليس لهم من الأمر سوى تنفيذه، لا رأي لهم ولا نقاش، صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
- القيادي الممتلئ يمتلك الشجاعة فيواجه نفسه والجماهير، ويعترف بأخطائه، ويصارح بكل ما لديه، لا يخشى أحدا، ويمتلك شجاعة الاعتذار، ويعرف متى ينزل من سدة الموقع، لأن المرحلة لا تناسبه، ليس شرطا عن خلل فيه، بل لأن الموقف يحتاج دما آخر.

الإفراط في التفاؤل، والاستغراق في النشوة مقتل، وإغماض العيون عن ثعالب الشرق وذئاب الغرب في هذه المرحلة المصيرية انتحار، فثعالب الشرق تبحث عن أي ثغرة لاختراق الأسوار وتدمير المنجزات، وذئاب الغرب أيا كان خطابهم وشعاراتهم في هذه المرحلة لا يرغبون أن تشرق الشمس على الأمة العربية، ومن يقول غير ذلك عليه استفتاء التاريخ وقراءة المحطات المفصلية فيه ليتأكد من هذه الحقيقة. منذ وقوف اللنبي على ضريح صلاح الدين الأيوبي بعد الحرب الأولى حيث وكز الضريح الطاهر بقدمه قائلا: 'قم يا صلاح الدين فقد عدنا'، وحتى خطاب بوش الابن عندما أعلن الحرب الصليبية المعاصرة على أمتنا من بوابة العراق، وهم دائما يهجسون بالعودة من البوابات الأمامية عندما تكون أسباب قوتهم جاهزة، أو من البوابات الخلفية كما يحدث الآن في البلاد العربية التي تشهد حراكا ثوريا يسعى إلى التغيير.

والعاقل من اتعظ بالتاريخ الذي يصرخ الآن بقلق بالغ بحراس الثورات العربية من العقلاء أن انتبهوا فلا تسرقكم النشوة ولا تفرطوا في الثقة بالخطاب الغربي الذي آلمه كثيرا نجاح المصريين والتونسيين الذين اختطفت ثورتاهما النصر من بين أنياب الثعالب والذئاب فأدهشتهم وأربكتهم، لأنهم كانوا نائمين على واقع عربي لم يكن في حساباتهم أنه ماض نحو النصر. [د. أحمد عرفات الضاوي. عن مقال: إلى حراس الثورات: إغماض العيون عن ثعالب الشرق وذئاب الغرب انتحار ]
 

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية