اطبع هذه الصفحة


رصد الحدقة (11)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم

أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.

• التاريخ لا يكذب


من الذي مكّن لـ”هولاكو” دخول بغداد وإسقاط الخلافة؟! أليس “ابن العلقمي”، و “نصير الدين الطوسي” الرافضيين الخبيثين اللذان قدما مليوني مسلم سني في العراق ليقتلهم هولاكو؟! ماذا فعل “أبو طاهر القرمطي” في مكة يوم التروية؟ ألم يقتل الحجيج في المسجد الحرام، واقتلع الحجر الأسود وظل بحوزتهم قرابة العشرين سنة؟!
لولا مساعدة الفرقة الرافضية الخبيثة للصليبيين، وقيامهم بفتح أسوار عكا لما نجح الصليبي “ريتشارد قلب الأسد” من دخول عكا في عهد البطل صلاح الدين. من ردّ الجيوش الإسلامية أثناء الخلافة العثمانية عن فتح غرب أوروبا؟ أليست الدولة الصفوية الخبيثة؟!

• محنة الإسلام
إن الإسلام يتعرض لمحنة كبرى وأعداؤنا لم يكتموا من نيَّاتهم شيئاً لأنهم لم يروا أمامهم ما يبعث الكتمان أو الحذر فاليهود يقولون: لا قيمة لإسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون الهيكل: والمعنى واضح فإن الهيكل المطلوب فوق تراب المسجد الأقصى، والصليبيون الجدد يقولون: خلقت إسرائيل لتبقى .. والباطنيون، يستبيحون الدماء ويهتكون الأعراض، ويصادرون الأموال ويعملون ليل نهار لتصفية رموز أهل السنة، وممارسة التطهير المذهبي ونشر الثقافات المغلوطة والبدع والانحرافات والتي تمس عقيدتنا وتاريخنا ورجالنا وأخلاقنا.
إن أية أمة تريد أن تنهض من كبوتها لا بد أن تحرك ذاكرتها التاريخية لتستخلص منها الدروس والعبر والسنن في حاضرها وتستشرف مستقبلها، وإيجاد الكتب النافعة في هذا المجال من الضرورات في عالم الصراع والحوار، والجدال والدعوة مع الآخر، وهذا يدخل ضمن سنة التدافع في الأفكار والعقائد، والثقافات والمناهج وهي تسبق التدافع السياسي والعسكري، فأي برنامج سياسي توسعي طموح يحتاج لعقائد وأفكار وثقافة تدفعه، فالحرف هو الذي يلد السيف، واللسان هو الذي يلد السنان والكتب هي تلد الكتائب [دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي – الدكتور علي محمد الصَّلاَّبي]

إن الأمة الإسلامية تمر بأمور عصيبة، فالعلل القديمة تتجمع ونذر العاصفة المدَّمرة من أعداء الإسلام ظهر في الأفق القريب يحاولون السيطرة الفكرية والثقافية والعقائدية والسياسية والاقتصادية على قلب العالم الإسلامي. فالخطط تنفذ حالياً لضرب القلب بعد قص الأجنحة، فقد نجح الصليبيون في تنصير أربعة أخماس الفلبين ثم اتَّجهوا إلى جزر اندونيسيا يحملون الخطة ذاتها. وقد محوا المعالم الإسلامية من «سنغافورة» وهم الآن يبعثرون طلائعهم في شرق وجنوب آسيا، والمشروع اليهودي في فلسطين لا يكل ولا يمل، والأمريكي ماضٍ بقوة السلاح والنفوذ السياسي والإعلامي وقدراته الاقتصادية لغزو الأمة، وموازياً لهما، التغلغل الباطني، ومشروعه السياسي الهادف إلى إضلال الأمة وإبدال دينها الصحيح بالبدع والخرافات والمعتقدات الفاسدة، فالمشاريع الباطنية واليهودية والصليبية تنخر في هذه الأمة العظيمة!! كيف لا يقشعر جلد المؤمن وهو يتابع ويطالع هذه المخططات والأنباء؟ كيف يطيب له منام أو طعام؟
[دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي – الدكتور علي محمد الصَّلاَّبي]

• سلطة المعرفة
لم يكن أحد ليتصور ما تشهده هذه الأيام من منحى عميق في تحول السلطة، وأن القوة والثروة باتتا تعتمدان بشكل رئيسي على المعرفة، وأن المعرفة تكاد تكون المصدر الوحيد للسلطة.
ورغم أن هذه الأطروحة قد غزت جموع الباحثين والمثقفين في كل أنحاء العالم، فقد بقيت قاصرة عن تصور أثر الثورة المعرفية على عملية احتكار المعرفة بوصفها قوة، حيث أصبحت المعرفة أفقية ولم تعد محصورة في شريحة النخب التي تجلس على رأس الهرم الاجتماعي بفعل هذا الاحتكار.
ولكونها عنصر القوة الأساس بات احتكار القوة أيضا في حكم الماضي ولم يعد ممكنا. كما لم يعد أيضا رأس المال وحده العنصر الحاسم في العملية الإنتاجية. وأصبح النشاط الذهني بمادته وقدراته المعلوماتية هو أساس الإنتاج، في حين أصبح رأس المال الذي كان أساس الإنتاج مجرد عنصر من عناصره ولم تعد له الأولوية الرئيسية. فهل يعطينا هذا الفهم الحق في التساؤل عن مدى قدرة هرمية النظم والمؤسسات والبنى بكل مستوياتها على الصمود، وأن ضرورة التفكير في تنظيم المؤسسات بشكل أفقي باتت ملحة لتتناسب مع أفقية المعرفة وأفقية القوة.
وفي ضوء الصياغات الجديدة فإن كل الهرميات والترتيبات ستسقط بما فيها من أفكار وصور ورموز، ستسقط نظرية الاستعمار المبنية على التفوق المعرفي وستسقط نظرية القائد الملهم، وستسقط نظرية النخبة الحاكمة، وستسقط نظرية الشعوب المختارة والمكلفة بمهام إلهية في إنقاذ الشعوب. لقد باتت ملحوظة مستويات التمرد العالمي على هرمية النظام الدولي السابقة، فالعالم المحافظ الذي يسعى لتأبيد هيمنته بات عاجزا وبحق عن كبح جماح كوريا وإيران وفنزويلا وحزب الله وحركة المقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية والمقاومة الأفغانية وحركات الشعوب المختلفة، مما يعني سقوط تابو النظام الدولي الهرمي الكلاسيكي.
أفقية المعرفة باتت تفرض على أطراف أي منظومة في حالة تعاون وتكامل أم في حالة صراع إلى التحرك على شكل تيارات أفقية، وليس تيارات رأسية هرمية. هذه التيارات يجمعها وحدة الموقف والرؤية للعالم والذات، وليس المرجع المكرس من خلال الهيكل الهرمي. بمعنى أن الأولوية باتت لمركزية البرنامج والرؤية وليس لمركزية التنظيم. وأن الشكل الأفضل لتنظيم تيارات العمل المشترك بات يكمن في القيادة الهارمونية وليس القيادة الهرمية، وبات دور القيادة في أحسن الأحوال يؤدي دور قائد الأوركسترا بين هذه التيارات أو دور المرشِّح لماكينات البحث لا أكثر.
إن آثار انحسار نخبوية المعرفة واحتكارها المولد للوصاية والدكتاتورية والهرمية في البناء التنظيمي ستفرض على الجميع سؤال الموت والحياة، فإما الموت والفوات التاريخي وإما فهم هذه الثورة ومتطلباتها. ولن ينفع أحد الهروب إلى التبرير والأكل من خارج المائدة. لأن هذه النزعة هي نزعة الجهل المولد للموت والتآكل. وثمن الهروب سيكون أغلى بكثير من ثمن المواجهة، وإن إدراك البيئة الدولية والتحولات النوعية هو المدخل الحقيقي للانتصارات التاريخية. والانغلاق والهروب إلى الخلف والمحافظة غير المبررة كانت دوما محرك الهزائم الأقوى والنكبات الإنسانية على مر التاريخ.
[إبراهيم عجوة، عن مقاله: حول النخب وهرمية النظم]

 

جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com



 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية