اطبع هذه الصفحة


جنة الديمقراطية !!! (2)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم

جنة الديمقراطية !!! (1)

من المثير للسخرية أنه قبل أسابيع قليلة من إصداره أمرا بغزو العراق عام 2003، قال الرئيس الأمريكي جورج بوش: "إنه بمجرد الإطاحة بصدام حسين، فسيصبح العراق «منارة للديمقراطية في الشرق الأوسط»" .. فصارت ببركة الأمريكان مستنقع للتطاحن والدماء والأشلاء والطائفية والفساد .. ضاعت العراق، والنار تطال سوريا واليمن وليبيا، فإلى الله المشتكى.

ويرى صناع القرار الغربي أنه لو تصرفت حكومات الشرق الأوسط بناء على ما تريده الشعوب، فإن إسرائيل -بالأخص- ستواجه مشكلة وتهديدا. وظهرت هذه القضية بصورة أكثر حدة عندما فازت حماس في الانتخابات في الأراضي الفلسطينية عام 2006، إذ رفض مسئولون إسرائيليون وغربيون لقاء ممثلي الحركة المنتخبين حديثا على أساس أنهم يريدون تدمير إسرائيل. وفي غضون بضعة أشهر، كان العديد من ممثلي حماس المنتخبين في السجون الإسرائيلية.

بل كشف صحفي إسرائيلي عن حديث صحفي لهيلاري كلينتون عام 2006، تقول فيه "إن الانتخابات الفلسطينية التي أجريت عام 2006 وفازت فيها حركة حماس، كانت «خطأ فادحا»".

وقال الصحفي إيلي خومسكي من صحيفة «جوويش برس»: "إن الحوار عبارة عن تسجيل أجري عام 2006، ورفضت الصحيفة نشره تفاديا لإحراج أي طرف".

وجاء في حديث كلينتون الذي كشفه الصحفي قولها: "لا أرى أنه كان من المجدي بالنسبة إلينا المطالبة بإجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية، وما دمنا طالبنا بهذه الانتخابات فإنه كان من الأجدر بنا التحقق من قدرتنا على تحديد الجهة التي ستفوز بها".

ولفت الصحفي إلى أنه سلم التسجيل لصحيفة الأوبزرفر، مشيرا إلى أنه "دهش كثيرا لحديث كلينتون ومنطقها القاضي بدعم فكرة تدخل الولايات المتحدة في سير الانتخابات في بلد أو آخر في العالم".
وأوضح جومسكي أن إدارة صحيفته حينها اعتبرت أن حديث كلينتون لم يرق إلى مستوى الخبر الذي يستحق نشره. وقال: "كنت على يقين تام بعدم صواب هذا الموقف الأمر الذي حملني على الاحتفاظ بالتسجيل طيلة هذه السنوات".

كما أبانت الانتصارات المتتالية لجماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات في مصر في مرحلة ما بعد مبارك معضلة الغرب مرة أخرى.

وباتت التناقضات أكثر إلحاحا الآن في سوريا، فلا تزال الحكومات الغربية تطالب بسقوط الرئيس الأسد، لكنها مترددة في اتخاذ مزيد من التدابير لتحقيق ذلك الهدف خوفا من وصول المعارضة الإسلامية للحكم وتهديد مصالحها وأمن إسرائيل في الجولان.

ولا يفوتنا التدليل على ازدواجية المعايير الغربية بما حدث عام 1992 في الجزائر .. فعندما كانت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في طريقها للفوز في الانتخابات البرلمانية، كان هناك ارتياح في العواصم الغربية عندما تدخل الجيش وفرض حظرا على الجبهة واعتقل العديد من أعضائها.

جدير بالذكر أن كلا من تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة يرفضان موقف الإخوان المسلمين من أن الإسلاميين يجب أن يسعوا للسلطة عبر صناديق الاقتراع. كما أن عدم دعم الغرب لنظام جماعة الإخوان المسلمين كان بمثابة انتصار للإسلاميين الراديكاليين، الذين يمكنهم الآن أن يقولوا: "ليس هناك فائدة من التصويت للإخوان، لأنهم سيظلون خارج السلطة حتى لو فازوا. يمكنكم الانضمام للقتال معنا بدلا من ذلك".

يقول الأستاذ نبيل البكيري: "لكن المتغير الجديد الذي فرض التعاطي مع الإسلاميين كواقع لا يمكن تجاوزه من قبل الغرب، هي ثورات الربيع العربي وإرباكاتها المفاجئة للغرب والشرق على حد سواء، لكن لم يكن يعني هذا أن الغرب قد غير قناعته وإستراتيجياته تجاههم، باعتبارهم خصومه التقليديين في العالم العربي، بنظره إليهم كحاملين للمشروع الحضاري الإسلامي.

ذلك المشروع الذي كان يوماً ما حاكماً للعالم القديم لقرون عديدة، وصلت حدوده الجغرافية قلب أوروبا، أرضها ووجدانها ومشاعرها معرفةً وفلسفةً وتاريخاً، لا يمكن اختزاله بـ(بلاط الشهداء) صراعاً ولا برشديات ابن رشد فلسفةً، وإنما هو مشروع وجودي مستمر إلى ما لا نهاية، وبتالي لا يمكن التعاطي معه إلا كند، ومنافس حضاري محتمل في أية لحظة مستقبلية".

وبصراحة وواقعية نقول: لقد صدَّر الغرب قشور الديمقراطية إلى العالم الإسلامي لا لتكون بديلًا عن الديكتاتورية، بل لتكون بديلًا عن الإسلام، ولذلك فهي ديمقراطية سطحية مشروطة بعدم وصول الإسلاميون للحكم.

يقول الأستاذ محمد الأحمري: "نتفق مع الليبراليين العرب على أن الديمقراطية المسوّقة في العالم العربي هي من النوع الرديء جداً، الذي لا يصلح للاستعمال، وكذبة كبيرة، أخف منها كذبة سلاح الدمار الشامل، هذا إن كان في تلك الكذبة خفة، أو مصلحة، فتلك الكذبة كانت وسيلة لذبح أكثر من مائة ألف عراقي قبل مذبحة الفلوجة، والمذابح جارية بسبب الاحتلال لا غيره، ونهب المليارات التي خزنها صدام له أو لشعبه، منها ما ناءت به الطائرات ولم تستطع إكمال توصيل المبالغ إلى منتهاها -والعهدة على الخازن في الخبر- وشركة تشيني هاليبرتن تمتص البترول العراقي حتى دون عدادات، والبرميل وصل لأكثر من 50 دولاراً، احتقنوها مجاناً أو شبه مجان، والديمقراطية القادمة كفيلة بنهب الباقي. وشارون ديمقراطي ما دام يذبح العرب، ويغصب أرضهم، ويدين بالصهيونية، ويتفق مع عصابة الشر.

وبعد انكشاف كذبة السلاح الشامل جاءت كذبة كبيرة بديلة «الديمقراطية» وهي أشنع من سابقتها، ولكنها قابلة للتزويق والعبث أكثر، وترن رنة جميلة في الآذان، بالرغم أن محتواها هو الاحتلال، والاحتلال هو أشر أنواع الإرهاب، والإرهاب هو الابن الشرعي للاحتلال، لا بد من أن يولد صبيحة أو بعيد ليلة الاحتلال في كل مكان، وأمريكا من الأمم التي مارست الإرهاب للخلاص من المحتل البريطاني، مع فوارق كبيرة لا نجد مجالاً لسردها تجعل الاحتلال البريطاني لأمريكا أقل مبررات من أن يقاوم ورحمة إذا ما قورن باحتلالات عصرنا".

من المصادر

• سقوط نظرية الديمقراطية بالقاضية .. أمير سعد
• مكن اعتبارها أقوى عشرين دليلا في نقد الديمقراطية .. جنيد الله، منتدى التوحيد.
• إلى معارضي الديمقراطية الغربية .. عبد الله الجسمي
• في نقد الديمقراطية .. د. محمد مورو
• الفجر الكاذب للديمقراطية .. محمد الأحمري
• هل يمكن التقارب بين المسلمين والغرب؟ .. عدنان شيط
• خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام .. د. عبد الله بن عبد العزيز العنقري

 

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية