اطبع هذه الصفحة


مقتطفات من روائع الكتابات السياسية (18)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم


يملك العديد من مفكرينا السياسيين رؤية جيدة لواقع الحال الذي يمر بأمتنا، هذه الرؤية من الرصانة والعمق ما يجعلها إضاءات نحن في أمس الحاجة لها في ظل هذه الأحداث الهادرة التي تموج بالأوطان الإسلامية خاصة والعالمية عامة، لذلك رأيت أن أقتطف طرفا من هذه الرؤى، وأجمعها في نظم نضيد، لتكون عونا للمسترشد، ونبراسا للمقتدي، لكن لا يفوتني أن أذكر أنها اجتهادات بشرية ربما يعتريها بعض المآخذ، وهذا ما لا ينكره البصير، فأسأل الله أن يعم النفع بها، ويجنبنا الزلل، إنه نعم المولى ونعم النصير.

• عن كيفية محاربة الإسلام عالميا يقول أحمد سمير في كتابه: «معركة الأحرار»
1/ تصعيد لأنظمة بدعوى «الإسلام المعتدل» وإبرازهم كنموذجًا إسلاميًا للحكم الإسلامي. ويُساعد ذلك الأسلوب كثيرًا في محاربتهم للإسلام، حيث تقوم تلك الأنظمة بشروطهم وتحت رعايتهم وأعينهم، ويُمكن احتوائهم لأقصى حد. وإنهم لا يتبعون منهجًا إسلاميًا خالصًا ولا يتبعون منهجًا آخرًا مما يؤدي إلى فشل تلك الأنظمة المدعيّة لتبعيتها للإسلام. وبفشل تلك الأنظمة يتم الترويج لفشل النظام الإسلامي وعدم صلاحية تطبيق تلك الشريعة. وبذلك أوصى جرهام فوللر؛ رجل المخابرات السابق في كتابه الإسلام السياسي عام 2003، قائلًا: «لا شيء يمكن أن يُظهر الأسلمة في صورة غير جذابة أكثر من تجربة فاشلة في السلطة».
2/ إبراز الجماعات والمجموعات والدعاة من المنهزمين نفسيًا، وإظهار بعضهم بمظهر الإسلام المدني الديمقراطي وبمظهر جذّاب يرضي الجميع. وتُفتح لهؤلاء منصات الإعلام والظهور، فيحثون الناس على التعايش أحيانًا، والخجل من بعض التشريعات الإسلامية مثل الجهاد أحيانًا، وتقبّل الواقع، والدعوة لبعض قِيم الإسلام دون الأخرى، ونقض قيم الإسلام واحدة بعد أخرى.
3/ عزل الأنظمة الحاكمة عن الشعوب. فرغم خدعة الديمقراطية وأن الحكام والحكومات ممثلين للشعوب، ويختارهم الشعب، إلا أن النظام العالمي هو الذي يختار فعليًا هؤلاء الحكام وتلك الأنظمة حيث يكون ولائها أولًا وأخيرًا للنظام العالمي، ولا يُعتد برأي الشعب ولا الجماهير المحكومة، بل إن تلك الأنظمة هي التي تقف ضد أي محاولات تغيير أو إصلاح، وهي التي يتخذها النظام العالمي أداة داخلية لمحاربة أي ظهور للجماعات الإسلامية المخالفة لقواعد النظام العالمي أو خارج الإطار الذي يحدده.
4/ محاولات نشر الهزيمة في نفوس المسلمين بأنهم مستضعفين لا بواكي لهم، ونشر حوادث قتل المسلمين بأعداد كبيرة لتفقد تلك الأحداث تأثيرها وتصبح أمرًا اعتياديًا، مع التضخيم أحيانًا من حوادث فردية لقتل مدنيين من غير المسلمين لزيادة التأكيد على أهمية غير المسلمين وعدم قيمة المسلم فتزيد الهزيمة النفسية. ومن ناحية أخرى نجد التكتم التام عن خسائرهم الحقيقية أمام المسلمين في المواجهات الفعلية.
4/ إفراغ الإسلام من محتواه، وتفريغ عقول الشباب من حقيقة الدين الإسلامي، ونشر الجهل بالدين والتغييب عن الواقع، والإلهاء للشعوب بقضايا فرعية أو بقضايا شخصية.
5/ إنشاء مواجهات مزيفة ومعارك وهمية بين الشعوب، وتفكيك روابط الأخوّة الإسلامية بإنشاء روابط قومية وعرقية.
6/ المحاربة العسكرية والقضاء على أي محاولات نشر الوعي أو إظهار الإسلام بالمنهج الصحيح أو إظهار حقيقة فساد الأنظمة العالمية وتشريعاته، وتشويه الأفراد والجماعات القائمة على ذلك.
على الرغم من ذلك، فإن الإسلام دين الحق، ولا تزال أقوام من الأمة قائمين على حماية الثغور والدفاع عن المنهج الصحيح والشريعة الإسلامية كما أُنزلت، ووعد الله حق مهما طال الطريق. وعلى القائمين على الطريق الاستمساك بالقرآن والسنة والسيرة النبوية، فسنن الله لا تتغير، وديننا مكتمل لا نقصان فيه، وآيات الله بينات لا ريب فيها.
قال تعالى “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”، “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا”، “يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون”، “وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ”.
• يعتقد البعض أن محاولة «علمنة» السعوديّة أمرٌ مستحيل سيؤدي إلى هدم النظام السعودي الذي يستمد شرعيته من أسباب دينية. لكن، ماذا عن التجربة المغربية؟ تقوم شرعية الملكية في المغرب بشكل جوهري على أساس ديني: السلالة الحاكمة علويّة من أحفاد النبي محمد، وعلى ذلك قامت مملكتهم لسنواتٍ طويلة، وعلى الرغم من وجود هذا الأساس فإن المجتمع المغربي يعيش حالةً من العلمنة السياسية والاجتماعية أكبر بكثير من التي يعيشها المجتمع السعودي، ولم يؤدِ ذلك إلى انهيار الدولة أو تفكُّك شرعيتها، إذ يبدو أن علمنة المجتمع لا تعني بالضرورة علمنة النظام السياسي.[عن مقال: «وهابيون وقت الحاجة».. هكذا أصبحت هيئة كبار العلماء على مقاعد الاحتياط، موقع ساسة بوست ]
• الحقيقة أنّه قَد حورِب الإسلام بالسيف والقوة مُذ بعث الله نبيّه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتزعزع المسلمون يومًا! حتى عَلِمَ عدوّنا أن القوة كل القوة في ذلك الدين المتين الذي في قلوب أولئك المسلمين؛ فقرّر محوه. وتوالت الهجمات الشرسة على المسلمين؛ ليست هجمات بمدافع ورشّاشات! وإنما هجمات بأفكار ومنهج يتم نشره بوسائل “إعلامية” مختلفة. [عن مقال الأستاذة الخنساء محمد: الإعلام المصري أكاذيب متراكمة واستخفاف بوعي الشعب، موقع أمة بوست]
• تحدث عالم اللسانيات والمفكر الأمريكي “نعوم تشومسكي” عن علاقة الإعلام والسياسة في كتابه «السيطرة على الإعلام»بشكل مستفيض فالإعلام هو الوسيط الأول بين الساسة و الشعوب ومن خلاله يتم “تصنيع الإجماع” وتوجيه القطيع الضال بإلهائهم بأفلام العنف والجنس ومباريات الكرة وتلفزيون الواقع الأمر الذي يتسبب في تشتيتهم، وهو ما يحول دون تأهيلهم للتفكير إضافةً إلى زرع ثقافة الخوف بإخافتهم من الأعداء في الداخل والخارج، واستدل على ذلك بمثال الزعيم النازي هتلر عندما استعمل الصحف والإذاعات لإخافة الألمان من اليهود و الغجر وتركيزه لآلة الدعاية النازية بقيادة جوزيف جوبلز، وكانت خلاصة هذا الكتاب هي قدرة البروباغندا على خلق ثقافة الرأي العام وتوجيهه حتّى ضد ما يريد وفق أجندات سياسية، كما كان للعلاقة بين الإعلام والسياسة جزء هام في مقال لنعوم تشومسكي في المقال الشهير «الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة» وهو مقال استند إلى وثيقة سريّة تضمنت عشر استراتيجيات للتحكم في الشعوب، كانت المنابر الإعلامية سواء المكتوبة أو المسموعة أو المرئية هي المسرح الأول وقاعة العمليات لتفعيل هذه الاستراتيجيات. [عن مقال طارق العمراني:الظاهرة الإعلامية وتأثيرها في السيرورة السياسية، موقع أمة بوست ]
 

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com


 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية