اطبع هذه الصفحة


قصة المنبر النبوي

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم 


{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ* وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الأنعام: 1-3]

وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبد الله ورسوله، صلّى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آل بيتِه الطيبين الطاهرين، وعلى صحابتِه أجمعين، ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين
.

أما بعد


روى البخاري عَنْ سَهْلٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ، وَكَانَ لَهَا غُلاَمٌ نَجَّارٌ، قَالَ لَهَا: «مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ المِنْبَرِ»، فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ [التي بالغابة]، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا قَضَاهُ، أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ»، فَجَاءُوا بِهِ، فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ
"

** هذا الحديث رواه البخاري في
«باب من استوهب من أصحابه شيئا» أي سواء كان عينا أو منفعة والجواب محذوف تقديره: جاز بغير كراهة إذا كان يعلم طيب خاطرهم.

** وراوي الحديث سيدنا سهل بن سعد الساعدي الأنصاري -رضي الله عنه-

//كان اسمه حزنا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلا

//قال الزهري: رأى سهل بن سعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع منه وذكر أنه كان له يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة.

//عاش سهل وطال عمره حتى أدرك الحجاج بن يوسف وامتحن معه .. أرسل الحجاج سنة أربع وسبعين إلى سهل بن سعد رضي الله عنه وقال له: ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان قال: قد فعلته قال: كذبت ثم أمر به فختم في عنقه وختم أيضا في عنق أنس بن مالك رضي الله عنه حتى ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان فيه وختم في يد جابر بن عبد الله يريد إذلالهم بذلك وأن يجتنبهم الناس ولا يسمعوا منهم

//توفي سهل سنة ثمان وثمانين وهو ابن ست وتسعين سنة،، ويقال: إنه آخر من بقي من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة.

** في الحديث مواكبة العصر وفقه الواقع لأن الإسلام كان قد انتشر وكثر الناس واحتاجوا لوضح الصوت ورؤية الخطيب،

وفيه وتجدد الوسيلة لأن الوقوف على الجذع عسير خاصة في جلسة الاستراحة،

وفيه والتماس الأجود والأحسن .. منهج متواجد بقوة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا يغفل عن أقل الأمور فيه فضلا عن أعظمها، والتجويد الدائم للوسائل عنوان المراحل النبوية المستمرة
.

** المرأة في المجتمع النبوي تتعدد مشاركاتها ولها دورها الواضح البين في خدمة دينها ونبيها، تسخر الإمكانيات وتفرغ الأفراد من تبعتها لخدمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والإسلام، لتبين بذلك كونها عنصرا هاما في المجتمع النبوي ولا تقل تضحياتها عن الرجال إن لم تزد أحيانا كثيرة.


//وانظر إلى «مراعاة المنزلة»، فهو لم يأمر الغلام بنفسه ليقر حقا لها، ويعلي احتراما لمنزلتها، ويعلم المتعلم بين يديه كيف نصل إلى القلوب بإنزال المنازل، وأن الحقوق لها أبواب لا ينبغي تجاوزها أو كسرها دون استئذان لأهلها

** أهمية وجود المهن في المجتمعات واستحسان التخصصات في فئات المجتمع منهج ملحوظ من أول بناء الدولة الإسلامية في عزها وتقدمها وفكرها، ليعيش الجميع بعنصر الكفاية وقلة العوز والاحتياج الدائم.


** قوله
«فاحتمله النبي، فوضعه» هنا تقف الكلمات والعبارات متأملة في فعله وحمله، ونصبه ووضعه، فهو دليل على المشاركة في الفعل، أم دليل على المشاركة في الأجر، أم حمل التبعة الدائمة معهم وأنه في أولهم، أم هو تعليم للجميع بتواضعه وخفض جناحه المعهود، أم الشفقة على أصحابه الذين حملوه، أم اختيارا لمكانه فيدل على تخطيطه واتخاذ مكانه

إن المنبر زينة المسجد وبهجتها وأول ما يشد الانتباه للداخل، وهو يرسل لغة الصمت إذا صعد عليه الإمام ليعي الجميع المقول ويفهم القوم المنطوق والمسموع، ويرسل للمصلي صدق الملقى من خلاله، فليس منبرا في المسجد كبقية منابر الدنيا فلغة التفرد واضحة، وسمات الصدق عالية
.

** وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ رُومِيٌّ، فَقَالَ: أَصْنَعُ لَكَ مِنْبَرًا تَخْطُبُ عَلَيْهِ، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرَهُ هَذَا الَّذِي تَرَوْنَ قَالَ: فَلَمَّا قَامَ عَلَيْهِ يَخْطُبُ حَنَّ الْجِذْعُ حَنِينَ النَّاقَةِ إِلَى وَلَدِهَا، فَنَزَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَسَكَنَ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُدْفَنَ، وَيُحْفَرَ لَهُ.


وفي رواية: فصنع له منبرا درجتين ويقعد على الثالث فلما قعد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك خار الجذع

//وفي رواية: فلما كان يوم الجمعة خطب -صلى الله عليه وسلم- على المنبر قال: فإن الجذع الذي كان يقوم عليه أنّ كما يئن الصبي. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن هذا بكى لما فقد من الذكر)


//وفي رواية: فلما صعد حن الجذع فنزل إليه النبي {صلى الله عليه وسلم} فاحتضنه وساره بشيء


//وفي رواية: فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: (وَلَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

 

جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية