اطبع هذه الصفحة


ذوق الصلاة في كلام العلماء الربانيين (1)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله، يجيب المضطر، ويكشف السوء، فارج الهم، كاشف الغم، وهو على كل شيء قدير، أحمده سبحانه، وأسأله الفرج القريب والنصر العزيز، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أفضل الشاكرين، وقدوة العالمين -صلى الله عليه وسلم-، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الشاكرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد
** يحكى أنّ فأرةً رأت جملاً فأعجبها، فجرّت خطامه فتبعها، فلمّا وصلت إلى باب بيتها، وقف الجمل متأمّلا صُغر باب بيت الفأرة مقارنةً بحجمه الكبير جدًّا. فنادى الجمل الفأرة قائلاً :
إمّا ان تتخذي دارًا تليق بمحبوبك أو تتخذي محبوبًا يليق بدارك !
قال ابن القيم بعد أن أوردها في (بدائع الفوائد)، مخاطبًا كل مؤمن وَمؤمنة:
"إمّا أن تصلّي صلاةً تليقُ بمعبودك!، أو تتخذ معبودًا يليقُ بصلاتك"
من تعود على تأخير الصلاة،، فليتهيأ للتأخير في كُل أمور حياته!!.. زواج، وظيفة، ذُرية، عافية .
قالُ الحَسنُ البَصري: إذَا هَانَت عَليكَ صَلاتك فَمَا الذي يَعـزُ عَليـكْ؟!
بقدر ما تتعدل صلاتك تتعدل حياتك ..
ألم تعلم أن الصلاة اقترنت بالفــلاح “حي على الصــــــــلاة، حي على الفـــلاح”، فكيف تطلب من الله التوفيق، وأنت لحقه غير مجيب.
إن أسعد أهل الأرض: من يعي أن الصلاة هي الصلة بالله وليست الحمل الذي نذهب لنرميه عن كاهلنا و نتمللّ !
{رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء}

يقول ابن تيمية: فلفظ الذوق يستعمل في كل ما يحس به ويجد ألمه أو لذته
قال -صلى الله عليه وسلم-:
** (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا)
** (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار)
قال ابن القيم: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا، فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور.
يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول.

فالصلاة قرة عين الموحدين، ومحك أحوال الصادقين، وجعل الله تعالى حظ القلب منها أكمل الحظين وأعظمها، وهو إقباله على ربه وفرحة وتلذذه بقربه وتنعمه بحبه.
قال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزمر:22]

فلله في كل جارحة من جوارح العبد عبودية تخصه، وطاعة مطلوبة منها، خلقت لأجلها، وهيئت لها .. فدعا الله سبحانه الموحدين إلى هذه الصلوات الخمس رحمة منه عليهم، وهيأ لهم فيها أنواع العبادة لينال العبد من كل قول وفعل وحركة وسكون حظه من عطاياه.
والله تعالى جعل الصلاة سببا موصلا لقربه ومناجاته ومحبته والأنس به

وما بين صلاتين تحدث له الغفلة والجفوة والإعراض والزلات والخطايا، فيبعده ذلك عن ربه، وينحيه عن قربه، ويصير كأنه أجنبي عن العبودية، وربما ألقى بيده إلى أسر العدو فأسره وسجنه في سجن نفسه وهواه، فضاق صدره وجعل يعالج الهموم والغموم .. فاقتضت رحمة أن جعل في الصلاة خلاص من كل هذا.

الوضوء

بالوضوء يتطهر العبد من الأوساخ الظاهرة، هذا مع طهارة القلب من أوساخه بالتوبة، لأن الوضوء له ظاهر وباطن، ولهذا يقرن الله تعالى بين التوبة والطهارة {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222]

وبعد الفراغ من الوضوء يقول المرء: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)، وقال -صلى الله عليه وسلم- (من قال إذا فرغ من وضوئه: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك؛ طبع عليهن وجعلت تحت العرش فلم تفض حتى يلقى بها يوم القيامة) فبالشهادة يتطهر من الشرك، وبالتوبة يتطهر من الذنوب، بالوضوء يتطهر من الأوساخ .. وتلك أعلى مقامات الطهارة

ثم أمر العبد أن يستقبل القبلة بوجهة، ويستقبل الله تعالى بقلبه، فقال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزال اللَّهِ مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه)


ذوق الصلاة في كلام العلماء الربانيين (2)

جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية