اطبع هذه الصفحة


سطور في سيرة الحجاج الثقفي (3)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم 


كذاب ومبير
** الشيعة دائمًا مغلوبون مقهورون منهزمون وحبهم للدنيا وحرصهم عليها ظاهر. ولذلك لما كاتبوا الحسين رضي الله عنه فلما أرسل إليهم ابن عمه ثم قدم بنفسه غدروا به، وباعوا الآخرة بالدنيا، وأسلموه إلى عدوه، وقاتلوه مع عدوه. فأي زهد في الدنيا وأي جهاد عندهم.
وقد ذاق منهم علي -رضي الله عنه- من الكاسات المُرَّة ما لا يعلمه إلا الله، حتى دعا عليهم فقال: «اللهم إني سئمتهم وسئموني فأبدلني بهم خيرًا منهم وبدلهم بي شرًا مني».
وقد كانوا يغشونه ويكاتبون من يحاربه ويخونونه في الولايات والأموال.
هذا ولم يكونوا صاروا بعد رافضة ...
فهم من شر الناس معاملة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وابنيه سبطي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانتيه في الدنيا: «الحسن والحسين» وأعظم الناس قبولاً للوم اللائم في الحق، وأسرع الناس إلى فتنة وأعجزهم عنها، يغرون من يظهرون نصره من أهل البيت حتى إذا اطمئن إليهم ولامهم عليه اللائم خذلوه وأسلموه وآثروا عليه الدنيا.
ولهذا أشار عقلاء المسلمين على الحسين ألا يذهب إليهم مثل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وغيرهم لعلمهم بأنهم يخذلونه ولا ينصرونه ولا يوفون له بما كتبوا به إليه، وكان الأمر كما رأى هؤلاء. ونفذ فيهم دعاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ثم دعاء علي -رضي الله عنه- حتى سلط الله عليهم الحجاج بن يوسف فكان لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم ودب شرهم إلى من لم يكن منهم حتى عم الشر.

** المختار بن أبي عبيد الكذاب فإنه كان (أمين الشيعة) وقتل عبيد الله بن زياد وأظهر الانتصار للحسين حتى قتل قاتله وتقرب بذلك إلى محمد بن الحنفية وأهل البيت. ثم ادعى النبوة وأن جبريل يأتيه، وثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (سيكون في ثقيف كذاب ومبير) فكان الكذاب هو المختار، وكان المبير هو الحجاج بن يوسف الثقفي
قيل لابن عمر وابن عباس إن المختار يزعم أنه ينزل إليه فقالا: صدق قال تعالى: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم}
وقال الآخر: وقيل له: إن المختار يزعم أنه يوحي إليه فقال: قال الله تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم}

** وعن ابن سيرين: "قال ابن الزبير رضي الله عنهما: ما شيء كان يحدثناه كعب إلا قد أتى على ما قال؛ إلا قوله: إن فتى ثقيف يقتلني، وهذا رأسه بين يدي (يعني: المختار)". قال ابن سيرين: "ولا يشعر أن أبا محمد قد خبئ له (يعني: الحجاج )". [رواه عبد الزراق في "مصنفه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، والطبراني . قال الهيثمي : "ورجاله رجال الصحيح"].
وقد رواه الحاكم في "مستدركه" من حديث الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف: "حدثني البريد الذي أتى ابن الزبير برأس المختار، فلما رآه قال ابن الزبير: ما حدثني كعب بحديث إلا وجدت مصداقه؛ إلا أنه حدثني أن رجلا من ثقيف سيقتلني". قال الأعمش: وما يدري أن أبا محمد خذله الله خبئ له.

** وعن عامر بن عبد الله بن الزبير: أن أباه حدثه: «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: (يا عبد الله! اذهب بهذا الدم؛ فأهرقه حيث لا يراك أحد)، فلما برزت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ عمدت إلى الدم فحسوته، فلما رجعت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ قال: (ما صنعت يا عبد الله؟). قال: جعلته في مكان ظننت أنه خاف على الناس. قال: (فلعلك شربته؟). قلت: نعم. قال: (ومن أمرك أن تشرب الدم؟! ويل لك من الناس وويل للناس منك!). [رواه: أبو يعلى، والحاكم، والبيهقي].


** وعن أبي عذبة الحمصي؛ قال: "جاء رجل إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأخبره أن أهل العراق قد حصبوا أميرهم، فخرج غضبان، فصلى لنا صلاة، فسها فيها، حتى جعل الناس يقولون: سبحان الله! سبحان الله! فلما سلم أقبل على الناس، فقال: من هاهنا من أهل الشام؛ فقام رجل، ثم قام آخر، ثم قمت أنا ثالثا (أو رابعا)، فقال: يا أهل الشام! استعدوا لأهل العراق؛ فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، اللهم إنهم قد لبسوا علي فألبس عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم أهل الجاهلية؛ لا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم". [رواه البيهقي].

** وعن الحسن قال علي -رضي الله عنه- لأهل الكوفة: "اللهم كما ائتمنتهم فخانوني، ونصحت لهم فغشوني؛ فسلط عليهم فتى ثقيف الذَّيَّالِ المَيَّالُ [الذيال: الذي يجر ذيله على الأرض تبخترا، والميال: الظالم]؛ يأكل خضرتها، ويلبس فروتها، ويحكم فيهم بحكم الجاهلية".
قال الحسن: وما خلق الله الحجاج يومئذ. [رواه: عبد الرزاق، والبيهقي في "الدلائل"، وهو منقطع، قال البيهقي: "ولا يقول علي ذلك إلا توقيفا"].

جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com




 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية