اطبع هذه الصفحة


كنوز نبوية (8)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم  

** روى ابن ماجة بسند حسن عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْفَقْرَ وَنَتَخَوَّفُهُ فَقَالَ: (أَالْفَقْرَ تَخَافُونَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُصَبَّنَّ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا صَبًّا حَتَّى لَا يُزِيغَ قَلْبَ أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيهْ، وَأيْمُ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ)

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ صَدَقَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَنَا وَاللَّهِ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ

وروى البخاري من حيث عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَتْ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا صَلَّى بِهِمُ الْفَجْرَ انْصَرَفَ فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ: أَظُنُّكُم قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: (فَأَبْشِروا وَأَمِّلوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشى عَلَيْكُمْ، وَلكِنْ أَخْشى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ).

وقال بعض الحكماء: من نظر إلى الدنيا بغير العبرة انطَمَسَ مِنْ بَصَرِ قلبه بقدر تلك الغَفْلَة.

قال تعال: {ذلك بِأَنَّهُمُ استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة} [النحل: 107]

أي ذلك العذاب الذي استحقوة {بِأَنَّهُمُ استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة} أي آثر وتكلَّف الحب؛ لأن العاقل لو نظر إلى الدنيا بالنسبة لعمره فيها لوجدها قصيرة أحقر من أَنْ تُحبَّ لذاتها، ولَوجدَ الأغيار بها كثيرة تتقلَّب بأهلها فلا يدوم لها حال، ينظر فإذا الأحوال تتبدّل من الغنى إلى الفقر، ومن الصحة إلى السَّقَم، ومن القوة إلى الضعف، فكيف إذن تستحب الدنيا على الآخرة؟!

والحق تبارك وتعالى يريد منّا أنْ نعطي كلاً من الدنيا والآخر ما يستحقه من الحب، فنحب الدنيا دون مبالغة في حبها، نحبها على أنها مزرعة للآخرة، لذلك نقول: إن الدنيا أهمّ من أنْ تُنسى، وأتفه من أن تكون غاية.

 

** روى البخاري ومسلم عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ قَالَ: قَالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلا يُصْبِحنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) فَلَمَّا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ قَالُوا يَا رَسُولَ الله: نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنا العامَ المَاضِي؟ قَالَ: (كُلُوا وَأطْعِمُوا وَادْخِرُوا فَإنَّ ذَلِكَ العامَ كانَ بالناسِ جَهْدٌ فَأرَدْتُ أنْ تُعِينُوا فِيها). وَقَالَ مُسْلِمٌ (أَنْ تَفْشُوَ فِيهِمْ)

** في الحديث تأسيس لمنهج العلاج الجماعي أو المجتمعي، فلا نجاح ولا مجاوزة لخطر دون المشاركة الجماعية، الكل في خدمة الكل لتأكيد الإحساس بينهم، وتثبيت التفكر والتفاعل للوصول لنجاتهم، وكذلك أهل السفينة.

** عدم المماطلة والمراجعة في القرار الصادر عن القيادة النبوية تنفيذ سريع، وتفعيل حرفي، وتعميم النفع وإيصال المعروف، وإن غابت العلة وتغيبت الحكمة.

- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)} [الصف]

- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون]

 

** عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَا تَتْرُكْ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [ أحمد]

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وأما إقام الصلاة فقد وردت أحاديث متعددة تدل على أن من تركها فقد خرج من الإسلام، ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) وروى مثله من حديث بريدة وثوبان وأنس وغيرهم

وخرج محمد بن نصر المروزي من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تترك الصلاة متعمدا فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة)

وفي حديث معاذ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) فجعل الصلاة كعمود الفسطاط الذي لا يقوم الفسطاط إلا به ولا يثبت إلا به ولو سقط العمود لسقط الفسطاط ولم يثبت بدونه

وقال عمر -رضي الله عنه-: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة

وقال سعد -رضي الله عنه- وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: من تركها فقد كفر

وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة.

وقال أبو أيوب السختياني: ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه.

وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف، وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق وحكى إسحاق عليه إجماع أهل العلم، وقال محمد بن نصر المروزي هو قول جمهور أهل الحديث [جامع العلوم والحكم]

ومن قال هو كفر دون كفر، لحديث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أتاني جبريل من عند الله تبارك وتعالى فقال: يا محمد! إن الله عز وجل يقول: إني قد فرضت على أمتك خمس صلوات، فمن وافى بهن على وضوئهن ومواقيتهن وركوعهن وسجودهن كان له عندي بهن عهد أن ادخله بهن الجنة، ومن لقيني قد انتقص من ذلك شيئا فليس له عندي عهد إن شئت عذبته وإن شئت رحمته)

وفي رواية: (خمس صلوات افترضهن الله عز وجل، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) ومعلوم أن الكافر لا يغفر الله له.

قال القاضي: شبه وعد اللّه بإثابة المؤمن على عمله بالعهد الموثوق به الذي لا يخلف، ووكل أمر التارك إلى مشيئته تجويز للعفو وأنه لا يجب على اللّه شيء ومن ديدن الكرام محافظة الوعد والمسامحة في الوعيد.

جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

 
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية