اطبع هذه الصفحة


تاريخ قريش

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم  


قريش هي ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة الذي سُمي _أي النضر_ قريشا، لأنه خرج يوما على نادي قومه فقال بعضهم لبعض: انظروا إلى النضر كأنه جمل قريش [شديد]، وقيل قريش تصغير قرش وهي السمكة المعروفة في البحر تأكل أسماك البحر كافة، وهي أعظم وأشرس أسماك البحر قوة.

روى مسلم عَنْ أَبِي عَمَّارٍ شَدَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ -رضي الله عنه- يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ).

وروى ابن ماجة عَنِ الأَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّا مِنْكُمْ، أَوْ أَنَّكُمْ مِنَّا -شَكَّ أَبُو بِشْرٍ- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لاَ نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا وَلاَ نَقْفُو أُمَّنَا [نقْذِفُ]) قَالَ: فَقَالَ الأَشْعَثُ: لاَ أَجِدُ أَحَدًا، أَوْ لاَ أُوتَى بِأَحَدٍ نَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ إِلاَّ جَلَدْتُهُ الْحَدَّ.[إِسْنَادٌ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ]

فبني هاشم أهم بطون قريش، ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَىِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَىِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ [حيث ينتهي عنده نسب قريش.] بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِ بْنِ عَدْنَانَ، وعَدْنان من ولد نبي الله إِسماعيل بن إِبراهيم الخليل على نبيِّنا وعليهما السلام.

ومن بطون قريش الأخرى من قصي بن كلاب: بنو المطلب، بنو نوفل، بنو عبد شمس (ومنهم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه)، بنو عبد الدار، بنو أسد (ومنهم الزبير بن العوام).

قُصَىِّ بْنِ كِلاَبِ
قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي: سيد قريش في عصره، ورئيسهم. قيل: هو أول من كان له ملك من بني كنانة. وهو الجد الخامس في سلسلة النسب النبوي.
ولم يكن اسمه قصيا يوم ولد، إنما كان اسمه زيدا، وإنما سمي قصيا بعد ذلك، لأنه كان قصيٌّ (أي بعيد) عن قومه، فتربي في بني عذرة عند ربيعة بن حرام زوج أمه التي خلف عليها بعد أبيه كلاب
وبينا قصي بأرض قضاعة -على أطراف الشام- لا ينتمي إلا إلى ربيعة بن حرام, زوج أمه، وهو من أشراف قومه، إذ كان بينه وبين رجل من قضاعة شيء، فأنبه القضاعي بالغربة, فرجع قصي إلى أمه, وقد وجد في نفسه مما قال له القضاعي, فسألها عما قال له ذلك الرجل، فقالت له: أنت، والله، يا بني أكرم منه نفسًا وولدًا.
فأجمع قصي الخروج إلى قومه واللحوق بهم، فقالت له أمه: يا بني, لا تعجل بالخروج حتى يدخل عليك الشهر الحرام، فتخرج في حاج العرب، فإنني أخشى عليك أن يصيبك بعض البأس، فأقام قصي حتى إذا دخل الشهر الحرام، وخرج حاج قضاعة، فخرج فيهم حتى قدم مكة فلما فرغ من الحج، أقام بها واتخذها له مستقرًّا ومقامًا.
وتعرف قصي وهو بمكة على "حليل بن حبشية الخزاعي" وكان يلي الكعبة وأمر مكة، ثم خطب إليه ابنته، وهي "حُبى" فزوجه إياها، وولدت له ولده: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزَّى، وعبد قصي. وكثر ماله، وعظم شرفه.

فلما توفي "حليل" رأى قصي أنه أولى من خزاعة بولاية البيت, وأن قريشًا فرعة إسماعيل وإبراهيم، واستنفر رجال قريش، ودعاهم إلى إخراج خزاعة من مكة. وكتب إلى أخيه من أمه، وهو "رزاح بن ربيعة بن حرام العذري" يستنصره، فأجابه ومعه قومه من بني عذرة من قضاعة، ووصلوا مكة ونصروه؛ وغلبت قضاعة وبنو النضر خزاعة، وزال ملكهم عن مكة, وصار الأمر إلى قصي وقريش.
ثم إن قصيًّا بعد أن تمت له الغلبة، جمع قومه من الشعاب والأودية والجبال إلى مكة، فسُمِّي لذلك «مجمّعًا»، وأنه حكم منذ ذلك الحين فيهم، وملك عليهم، فكان قصي أول ولد كعب بن لؤي أصاب ملكًا، وأطاعه قومه به، وأنه قسم مكة أرباعا بين قومه، فبنوا المساكن، وأن قريشًا هابت قطع شجر الحرم في منازلهم، فقطعها قصي بيده, وأعانوه, وأنها تيمنت به, فكانت لا تعقد أمرًا، ولا تفعل فعلًا إلا في داره، فما تنكح امرأة ولا رجل من قريش إلا في دار قصي، وما يتشاورون في أمر ينزل بهم إلا في داره، ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره، يعقدها لهم بعض ولده، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره، يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه، ثم ينطلق بها إلى أهلها، فكان أمره في قومه من قريش في حياته وبعد موته كالدين المتبع، لا يعمل بغيره تيمنًا بأمره ومعرفة بفضله وشرفه، واتخذ قصي لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضي أمورها.

وأحدث قصي وقود النار بالمزدلفة حيث وقف بها حتى يراها من دفع من عرفة فلم تزل توقد تلك النار تلك الليلة في الجاهلية.
ويروى أن قريشا كانوا إذا أرادوا إرسال عيرهم، فلا تخرج ولا يرحلون بها إلا من دار الندوة, ولا يقدمون إلا نزلوا فيها تشريفًا له وتيمنًا برأيه ومعرفةً بفضله، ولا يعذر لهم غلام إلا في دار الندوة. وكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة واللواء والندوة وحكم مكة.

وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب فيصنع به طعاما للحاج فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد.
وذلك أن قصيا فرضها على قريش فقال لهم حين أمرهم به: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إنّكُمْ جِيرَانُ اللّهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَأَهْلُ الْحَرَمِ، وَإِنّ الْحَاجّ ضَيْفُ اللّهِ وَزَوّارُ بَيْتِهِ وَهُمْ أَحَقّ الضّيْفِ بِالْكَرَامَةِ فَاجْعَلُوا لَهُمْ طَعَامًا وَشَرَابًا أَيّامَ الْحَجّ حَتّى يَصْدُرُوا عَنْكُمْ فَفَعَلُوا.

فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام ثم جرى في الإسلام إلى يومنا هذا فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج.

وقد ترك قصي أثرا في أهل مكة وعدوه المؤسس الحقيقي لكيان قريش، وكانوا يذكرون اسمه دائما بخير، وكانوا لا يطيقون سماع أحد يستهين بشأنه.
والملاحظ أنه لم يبرز أحد بجواره في حياته، وبقي رمزا لقريش وتاريخا يعتزون به جميعا، حتى أن مشركي قريش قالوا لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهم يجادلونه:
"يا محمد إن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك، فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليخرق لنا فيها أنهار كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا منهم «قصي بن كلاب» فإنه كان شيخ صدق، فنسألهم عما تقول أحق أم هو باطل؟ فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا منزلتك من الله، وأنه بعثك رسولا كما تقول".

ثم إن قصيا هلك فأقام أمره في قومه وفي غيرهم بنوه من بعده، فاختطوا مكة رباعا بعد الذي كان قصي قطع لقومه بها، فكانوا يقطعونها في قومهم وفي غيرهم من حلفائهم ويبيعونها، فأقامت قريش على ذلك معهم ليس بينهم اختلاف ولا تنازع.

ثم إن بني عبد مناف بن قصي: عبد شمس وهاشما والمطلب ونوفلا أجمعوا أن يأخذوا ما في يدي بني عبد الدار بن قصي مما كان قصي جعل إلى عبد الدار من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم وفضلهم في قومهم، فتفرقت عند ذلك قريش فكانت طائفة منهم مع بني عبد مناف على رأيهم يرون أنهم أحق به من بني عبد الدار لمكانهم في قومهم، وكانت طائفة مع بني عبد الدار يرون ألا ينزع منهم ما كان قصي جعل إليهم.
قال ابن حبيب: كان الشرف والرياسة من قريش في الجاهلية في بني "قصي" لا ينازعونه ولا يفخر عليهم فاخر إلى أن تفرقت الرياسة في بني عبد مناف.

هاشم بن عبد مناف
وكما برز عبد مناف وساد في حياة أبيه قصي، كذلك برز هاشم وساد في حياة أبيه عبد مناف، وإذا كان قصي هو المؤسس الحقيقي لمجد قريش في مكة، فإن هاشم بن عبد مناف وإخوته هم المؤسسون الحقيقيون لاقتصاد قريش، هذا الاقتصاد الذي أثنى عليه الله تعالى في كتابه الكريم: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)}

وقد تعرض "الثعالبي" لموضوع "إيلاف قريش" فقال: "إيلاف قريش: كانت قريش لا تتاجر إلا مع من ورد عليها من مكة في المواسم وبذي المجاز وسوق عكاظ، وفي الأشهر الحرام لا تبرح دارها، ولا تجاوز حرمها؛ للتحمس في دينهم، والحب لحرمهم، والإلف لبيتهم، ولقيامهم لجميع من دخل مكة بما يصلحهم، وكانوا بوادٍ غير ذي زرع... فكان أول من خرج إلى الشام ووفد إلى الملوك وأبعد في السفر ومر بالأعداء وأخذ منهم الإيلاف [بمعنى ألفهً; لأن في العهد ألفة واجتماع] الذي ذكره الله, هاشم بن عبد مناف، وكانت له رحلتان: رحلة في الشتاء نحو العباهلة من ملوك اليمن ونحو اليكسوم من الحبشة، ورحلة في الصيف نحو الشام وبلاد الروم.

وكان يأخذ الإيلاف من رؤساء القبائل وسادات العشائر لخصلتين: إحداهما أن ذؤبان العرب وصعاليك الأعراب وأصحاب الغارات وطلاب الطوائل كانوا لا يؤمَنون على أهل الحرم ولا غيرهم، والخصلة الأخرى أن أناسًا من العرب كانوا لا يرون للحرم حرمة، ولا للشهر الحرام قدرًا، كبني طيء وخثعم وقضاعة، وسائر العرب يحجون البيت ويدينون بالحرمة له.
ومعنى الإيلاف إنما هو شيء كان يجعله هاشم لرؤساء القبائل من الربح، ويحمل لهم متاعًا مع متاعه، ويسوق إليهم إبلًا مع إبله؛ ليكفيهم مؤنة الأسفار, ويكفي قريشًا مؤنة الأعداء، فكان ذلك صلاحًا للفريقين، إذ كان المقيم رابحًا، والمسافر محفوظًا, فأخصبت قريش، وأتاها خير الشام واليمن والحبشة، وحسن حالها، وطاب عيشها. ولما مات هاشم قام بذلك المطلب، فلما مات المطلب قام بذلك عبد شمس، فلما مات عبد شمس قام به نوفل، وكان أصغرهم".

ولقب هاشما لأنه أول من هشم الثريد لقومه بمكة وأطعمه، وذلك أن أهل مكة أصابهم جهد وشدة فرحل إلى فلسطين فاشترى منها دقيقا كثيرا وكعكا وقدم بذلك إلى مكة فأمر به فخبز ثم نحر جزورا وجعلها ثريدا عم به أهل مكة، ولا زال يفعل ذلك حتى استكفوا.

وهو أول من سن الرحلتين، رحلة الشتاء إلى الحبشة ورحلة الصيف إلى الشام.

قال الرشاطي: كانت قريش تجارتهم لا تعدو مكة، وكانت الأعاجم تقدم عليهم بالسلع فيشترون منهم، حتى ركب هاشم إلى الشام فنزل بقيصر وكان كل يوم يذبح شاة فيصنع جفنة ثريد ويدعو من حوله فيأكلون، فذكر ذلك لقيصر: أن ها هنا رجلا من قريش يهشم الخبز ثم يصب عليه المرق ويفرغ عليه اللحم، وإنما كانت العجم تضع المرق في الصحاف ثم تأتدم عليه بالخبز، فدعا به قيصر وكلمه فأعجبه كلامه وأعجب به وجعل يرسل إليه ويدخل عليه، فلما رأى مكانه منه قال: "أيها الملك إن لي قوما وهم تجار العرب فإن رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمنهم وتؤمن تجارتهم فيقدموا عليك بما يستظرف من أدم الحجاز وثيابه فيمكنوا من بيعه عندكم فهو أرخص عليكم".

فكتب له كتاب أمان لمن أتى منهم فأقبل هاشم بالكتاب فجعل كلما مر بحي من العرب على طريق الشام أخذ لهم من أشرافهم إيلافا، والإيلاف أن يأمنوا عندهم وفي طريقهم وأرضهم بغير حلف، إنما هو أمان الطريق، فأخذ هاشم الإيلاف فيمن بينه وبين الشام حتى قدم مكة فأعطاهم الكتاب، فكان ذلك أعظم بركة.

ثم خرجوا بتجارة عظيمة وخرج هاشم معهم يجوزهم ويوفيهم إيلافهم الذي أخذ لهم من العرب، فلم يبرح يجمع بينهم وبين العرب حتى ورد الشام. ومات في تلك السفرة بغزة. فهذا سبب تسميته بهاشم.
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمر بن عبد العزيز قال: كانت قريش في الجاهلية تحتفد، وكان احتفادها أن أهل البيت منه كانوا إذا سافت -يعني هلكت أموالهم- خرجوا إلى براز [مرتفع] من الأرض، فضربوا على أنفسهم الأخبية ثم تناوبوا فيها حتى يموتوا من قبل أن يعلم بخلتهم [بفقرهم]، حتى نشأ هاشم بن عبد مناف، فلما نبل وعظم قدره في قومه قال: يا معشر قريش إن العز مع الكثرة، وقد أصبحتم أكثر العرب أموالاً وأعزهم نفراً، وإن هذا الاحتفاد قد أتى على كثير منكم، وقد رأيت رأياً. قالوا: رأيك راشد فمرنا نأتمر. قال: رأيت أن أخلط فقراءكم بأغنيائكم فأعمد إلى رجل غني فأضم إليه فقيراً عياله بعدد عياله، فيكون يوازره في الرحلتين رحلة الصيف إلى الشام ورحلة الشتاء إلى اليمن، فما كان في مال الغني من فضل عاش الفقير وعياله في ظله، وكان ذلك قطعاً للاحتفاد قالوا: نعم، ما رأيت فألف بين الناس.

وكان هاشم من أحسن الناس وأجملهم، وكانت العرب تسميه قدح النضار والبدر.

قال أبو سعد النيسابوري رحمه الله تعالى في «الشرف»: كان النور يرى على وجهه كالهلال يتوقد، لا يراه أحد إلا أحبه وأقبل نحوه.

وبعث إليه قيصر رسولا ليتزوج ابنته لما وجد في الإنجيل من صفته فأبى.

ووقعت العداوة بين هاشم وبين ابن أخيه أمية بن عبد شمس لأن هاشما لما ساد قومه بعد أبيه عبد مناف حسده أمية بن أخيه فتكلف أن يصنع كما يصنع هاشم فعجز فعيرته قريش وقالوا له أتتشبه بهاشم ثم دعا هاشما للمنافرة فأبى هاشم ذلك لسنه وعلو قدره فلم تدعه قريش فقال هاشم لأمية أنافرك على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة والجلاء عن مكة عشر سنين فرضي أمية بذلك، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي -وكان بعسفان- فخرج كل منهما في نفر فنزلوا على الكاهن. فقال قبل أن يخبروه خبرهم: "والقمر الباهر والكوكب الزاهر والغمام الماطر وما بالجو من طائر وما اهتدى بعلم مسافر من منجد وغائر لقد سبق هاشم أمية إلى المفاخر" فنصر هاشم على أمية فعاد هاشم إلى مكة ونحر الإبل وأطعم الناس وخرج أمية إلى الشام فأقام بها عشر سنين فكانت هذه أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية وتوارث ذلك بنوهما.
 

 

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 
 

 
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية