اطبع هذه الصفحة


ميراث الصمت والملكوت

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم   

  

في كتاب «ميراث الصمت والملكوت» يستجمع الكاتب «عبد الله بن عبد العزيز الهدلق» مجموعة مقالات كتبها على امتداد سبعة عشرة عاما، يقول عنها: قد كان من أسمى مقاصدي المرجوة من نشرها، أن أكشف لكثير من القراء عما لمنهج التفكير والتنوع المعرفي والبيان الوضيء من أثر بالغ على بنية العقل ونوع الخطاب.

وإليك عزيزي القارئ محطات من هذا السفر الفكري الرائع، لعلها تجمع شتات ما ذكره المؤلف من خلاصة فكرة وروائع ذهنه:      

**  {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً} [الإنسان:1] هذا الذي لم يكن شيئا مذكورا، ويحه يحب الذكر !!

** "إنني أنتمي إلى جيل الرهانات الخاسرة، فجيلنا قد راهن على القومية، وعلى الثورة، وعلى الاشتراكية، وهو يراهن اليوم على الديمقراطية، لا لقيم ذاتية في هذه المفاهيم، بل كمطايا إلى النهوض العربي، وإلى تجاوز الفوات الحضاري" طرابيشي

** الفكر حين يتحول إلى قوة تاريخية.. في قصة الحضارة: "أن امرأة تدعى نينون دلّانكلو عاشت في عصر لويس الرابع عشر 1643-1715 حياة فاضحة متهتكة .. إلا أن تلك الحياة لم تمنعها من أن تلتقط قدرا من المعرفة لا يستهان بها، وأن تفتح صالونا أدبيا تقاطر إليه أرباب الأدب والفن والسياسة، حتى أذهلت باريس كلها بما أبدت من ذكاء ومعرفة، بل إنها أثارت فضول الملك لويس نفسه فاستمع إليها في قصره من وراء ستار.. عُمِّرت نينون بعد أصدقائها كلهم تقريبا، فلما دنت منيتها تنافس اليسوعيون والجانسنيون على هدايتها، فاستسلمت لهم في لطف وماتت في أحضان الكنيسة.

لم تترك في وصيتها –على ما بلغته من ثراء- سوى مال يسير لجنازتها حتى تكون أبسط ما يستطاع، ولكنها كتبت: أطلب في تواضع إلى المسيو لاروية –وكان وكيلها- أن يسمح لي بأن أترك لابنه الذي يتلقى العلم عند اليسوعيين ألف فرنك ليشتري بها كتبا"

قال ديورانت: واشترى الابن الكتب، وقرأها، وأصبح فولتير.

** إن التجربة الغربية تحد حضاري حافز، وليست مثلا أعلى أغلقته صيرورة التاريخ.

في شهر نيسان (أبريل) من عام 1930 عقدت في الجامعة المصرية مناظرة بين عباس العقاد وسلامة موسى بشأن بيت الشاعر الانجليزي رديارد كبلنج: "الشرق شرق، والغرب غرب .. ولن يلتقي الاثنان" وقد أيد العقاد رأي كبلنج ونال 228 صوتا، في حين عارضه سلامة موسى ونال 132 صوتا.

** القراءة بديل عن الحياة.. قال جرامشي: "ينتج عن الهيمنة الثقافية للبرجوازية: أن أفكار الطبقة المهيمنة تصبح بقوة الأشياء أفكار المجتمع كله، فلا يعود أحد قادر على معارضتها.. وحدهم المتعلمون جدا، وأصحاب الكفاءات الفكرية العالية، هم الذين يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين، وظيفة تغيير الشعوب.. ".

** لا شيء يشوه الأداء العلني للمثقف أكثر من تغيير الآراء تبعا للظروف، والتزام الصمت الحذر.

** فأنا في إيمان عميق بقدرة هذه الكلمة الصادقة -وحدها- على الرقي بالوعي والكرامة والوجدان في عالم الإنسان الذليل البائس، بما لا تقدر عليه الأنواع الأخرى الكاثرة من سائر ضروب النشاط الإنساني.. "المثقف في حاجة إلى الإيمان، والجماهير في حاجة إلى الوعي".

** يظل أهل البيوتات هم أهل البيوتات، فالتفاحة لا تسقط بعيدا عن شجرتها.

** وهناك آخر لا يقف إحساسه بالمسئولية عند حدود بيته، بل يتعداه إلى الفئة التي ينتمي إليها، أو وطنه كاملا، هذا النوع هو الذي يتكون منه: وقود الثورات، أو سكان السجون، أو الباحثون عن المعرفة.. أحمد بهاء الدين

** بناء الإنسان لحصونه مقدم على دك حصون الآخرين، فالتسلح بالمعرفة يكون قبل ثقافة الردود.

** ليس كل ما يقال عنا غير صحيح، لا تكن على مبدأ أطباء موليير: "خير للمريض أن يموت على قوانين الطب من أن يشفى على خلافها" لا تكن على هذا المبدأ لئلا يطبق عليك أول ما يطبق.

قال بولنوف: "القدرة على الإصغاء إلى الآخر تعني أكثر من التقاط الإشارات الصوتية، بل تعني أكثر من فهم ما يقوله الآخر.. إنها تعني إدراك أن الآخر يود أن يقول لي شيئا، شيئا مهما بالنسبة لي، شيئا علي أن أفكر فيه، وقد يرغمني –إذا دعت الضرورة- على أن أغير رأيي".

** إنه ليمر بي اسم العالم والعالم فلا أكاد آبه.. ثم يمر ذكر ابن تيمية فيأخذني شيء لا أتبين مأتاه، رحم الله أبا العباس، فالكتابة عنه ضرب شديد من الوعي والمسئولية، لأنه يحتاج إلى مقياس خاص:

1/ كثير من تراث ابن تيمية لا يبتدأ به، وإنما ينتهي إليه.. فالعلوم يأخذ بعضها بحجز بعض، فهي كدرجات السلم كل واحدة تسلم إلى أختها، ولعل مما أضر ببعض طلبة العلم، أن أحدهم يعلق بسمعه أول ما يسلك طريق العلم اسم هذا العالم الكبير، وما لتراثه من الأهمية البالغة، فيغوص في عمقه وهو لمّا يتعلم السباحة على شاطئه بعد، فيؤذيه ذلك كثيرا.

2/ ليست هناك شخصية حية حاضرة في بناء عقل ابن تيمية ولا تشكل وجدانه، فلا تراه يقول: وكان شيخنا، ودخلت مرة على فلان.. مما تراه فيما يذكره عنه ابن القيم مثلا، أو فيما يذكره كثير من الأعلام عن مشيختهم والآخذين عنهم.. لا أدري، لعل الله سبحانه لما أن أعد هذا الإمام لما هو بسبيله من هذا التجديد، وعصره على ما هو عليه من السوء، هيأ له ألا يتطامن عقله ولا وجدانه لسلطان أحد من مشيخته المعاصرين، فجاء منه هذا العقل الحر النزاع إلى الحق، الرافض للتقليد الأعمى. وهذا الوجدان الصافي الذي اغتسل بماء الوحي النقي، فلم تكدره تلك الأوضار التي كانت عالقة بكثير من أنفس أهل عصره.

3/ تمنيت لو أن سيد قطب وعبد الوهاب المسيري –رحمهما الله– قد عرفا تراث ابن تيمية وأفادا منه، لا أجد له ذكرا ولا أثرا فيما كتباه.

4/ رأيت ابن تيمية في مداخل ردوده على أهل الفرق المخالفة، وأرباب الأهواء المضللة، يبالغ كثيرا في عرض معارفه، وما يحسنه من علوم هؤلاء.. أظن أنه –رحمه الله- كان يمارس نوعا من الإذلال المعرفي لخصوم الوحي، كأنه كان يقول لهم: هذا الذي تتحدثون عنه وتأخذون في شأنه، لم نطرحه جهلا به، فنحن أعرف به منكم، لكننا آثرنا الوحي عليه.

5/ لابن تيمية سلطان بالغ الأثر على عقل قارئه، لما له من هذا الأسلوب السيال، والتدفق المعرفي المبهر، والحجة العقلية النافذة، والحماس المتقد لما يؤمن به.

6/ كان ابن تيمية –رحمه الله- من كبار مثقفي عصره.

7/ من أعظم المقاييس عندي للعمل الخالد: هو أنه العمل الذي لا تستطيع أن تتجاوزه مهما تركته وعدت إليه.. ثمة تراث يكون له أثر في نفس قارئه في مرحلة من مراحل عمره، لكنه حين يعود إليه بعد أن يقطع شوطا في العلم يشعر بأنه قد تجاوزه (هذا المنفلوطي يحبه المتأدب ويكرهه الأديب كما يقولون) لكن هناك أعمال لا تستطيع أن تتجاوزها مهما اكتسبت من معرفة وعدت إليها، وعندنا في التراث الإسلامي أمثلة لهذا: المغني لابن قدامة، فتح الباري، تراث ابن تيمية كله، وهذا لم يتأت لعالم من علماء الإسلام         

** بئس هذا الناس.. «إنهم يعرفون أنهم أكثر مما ينبغي، وأنه لابد أن يفترس بعضهم بعضا شأن العناكب في وعاء واحد» بلزاك

هذه النفس الإنسانية غريبة النوازع والبدوات والأطوار.. ومن مفارقاتها أن قلمي لا يكون في أحسن حالاته إلا إذا ساءت نفسي.. ما بال قلمي لا يضيء إلا بنار روحي وَوَقد ضميري؟

ألا بئس هذا الناس.. ولولا دين وحياء لقلت بقلمي هكذا فكشفت عن وجوه تصدر في المجالس، فلما عاملتها خشيت منها على نعلي!

قال سفيان الثوري لعطاء الخفاف: "يا عطاء احذر الناس، وأنا فاحذرني"

كتب رسكن ذات مرة: في طريقي إلى المتحف البريطاني كل صباح، أجد وجوه الناس في الشارع تزداد فسادا يوما بعد يوم.

** لا يصرفني عن القراءة إلا دموع عيني من فرط الجهد، لم أكن أتنفس من رئتي كنت ألتقط أنفاسي من ثقوب الكلمات.. كانت كتب التراجم الذاتية مسلاة لروحي، أجد فيها العظة والعبرة والمتعة، وكنت أعثر فيها على لطائف من المعارف لا توجد في غيرها.

وجدت أن كل تجارب الإنسان في حياته قابلة للنجاح والفشل، لا يؤول شيء من تجارب حياته إلى غير هذين.. وأما معاملة الرب –جل وعلا- فإنها لا تقبل إلا النجاح ببرهان وثيق.

ما إن استمررت في القراءة في هذا الفن، ومطالعة هذه التراجم، حتى وجدتني أمام حقيقتين تطلان علي فلا تخطئهما العين في كل ترجمة ذاتية أقرأها:

1/ رأيت أن الذين قرأت تراجمهم الذاتية يجمعون كلهم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأزمانهم وأعمارهم وأديانهم، وتفاضل تجاربهم، وتباين مشارب أنفسهم، وتنوع مطارح مقاديرهم: على أن الحياة نصب ومشقة، وأنهم ما نالوا ما نالوه منها إلا بالصبر والتجلد والمغالبة.

2/ ثم رأيتهم –وهذا هو بيت القصيد من حديث التراجم هذا- يجمعون وفيهم: العالم والأديب، والمخرج والفيلسوف، والسياسي والقائد، والممثل والأستاذ، والرسام والمهندس، والتاجر والمريض، والسجين والفقير، ومن شئت وما شئت.. رأيتهم يجمعون كلهم على فساد طبيعة الإنسان، وسوء خلقه، وبشاعة مخبره، وخبث طويته، ورداءة صنفه.. وأنهم لم ينلهم من أوصاب هذه الفانية، وأدواء هذا العمر، وأتراح هذة الروح، أشد ولا أشق ولا أكثر إيلاما من صراع الإنسان وحسده وقبحة.

فمن كاذب لا يصدق إلا في أنه كاذب، وخائن لمن ائتمنه، ومتنكر لصديق أحوج ما يكون إليه، وظالم يطلب ما لا حق له فيه، وجاهل خابي الذهن فاتر الموهبة ينقم على هذا وذاك أن منّ الله عليهما بما حرمه منه.

** ألق دينارا في غيابة تاريخ من تواريخنا، ثم ابتعد وانظر كم عمامة تسقط عليه؟

** قالت عمرة الفرغانية: ميراث الصمت: الحكمة والتفكير، ومن أنس بالخلوة مع العلم أورثه ذلك أنسا من غير وحشة.

** قال العقاد: الذاكرة ملكة مستبدة، تحفظ وتنسى على غير قانون ثابت.

** الشيخ زكريا الأنصاري كان إذا مرض استشفى بمطالعة كتب أهل العلم.

** الحافظ السيوطي ثار به صوفية الخانقاه التي كان يتولى نظارتها لأنه قال: إنكم لستم على شرط الواقف، فثاروا به وحملوه وألقوه في فسقية الماء بجبته وعمامته.. وأنه خرج من الماء وأصلح ثيابه ثم توجه إلى روضة المقياس فسكن هناك، وأغلق النافذة التي تجاه النيل، وألف كتابه «تأخير الظلامة إلى يوم القيامة» وانقطع بعدها هناك إلى التأليف حتى وفاته.

** من لا يدرس التاريخ يسخر منه التاريخ.

** يظل العلم مسئولية لا متعة، وفي صدق الالتجاء إلى الله سبحانه –ولاسيما أوقات السحر- منجاة من كثير من آلام الحياة، التي باتت تحطم فينا معنى الحياة.

** لم أقرأ فيما قرأت

1/ أعقل من هذه الكلمة لمحمد كرد علي: حفظ مسائل العلم التي قالها أهل العقول، لا تجعل ممن استظهرها عاقلا إن لم يكن ذا عقل.

2/ ولا أشد إيلاما من هذا البيت لمحمود أبو الوفا:

أود أضحك للدنيا فيمنعني .. أن عاقبتني على بعض ابتساماتي

** عبد الوهاب المسيري قامة فكرية عالية لا شك، لكني آخذ عليه كثيرا:

1/ ماذا حين ينعت بالمفكر الإسلامي، ثم أجده قد تجاهل النص الشرعي، فاستبعده تماما من نتاجه المعرفي كله؟

أين الآيات وأحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة فيما كتبه عن اليهود؟

إنه ليس كل من التقى وإياك في النتيجة يصدر –لا محالة- عن مقدماتك

هو مفكر إذن بلا إسلامي: من يستبعد الوحي عن مصادر المعرفة، ويتمثل في تحليله الحضاري أحد المنهجين الفلسفيين: المثالية أو المادية.. جارودي، تشومسكي، إدوارد سعيد، المسيري..

** كان مصطفى جواد يقول: إن التاريخ خير مرب للأمم الضعيفة.

وهذا حق إذا كانت تلك الأمم ذات تاريخ، فكيف وليس تاريخ كتاريخنا بالأمس، وليست أمة هي في الضعف إلى ما نحن عليه اليوم؟

** قال كارل بوبر: «وأنا على تمام الإدراك بأن العلم يخطئ كثيرا» هذا ما قاله أكبر فلاسفة العلم في النصف الثاني من القرن العشرين، فلا حاجة بنا إذن لتأليه هذا الذي يخطئ كثيرا {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} [الحج:6]

** ملأ الشاعر التوراتي محمود درويش الأرض صراخا عن الوطن والعروبة وأوراق الزيتون.. ثم فر فرار مخزيا من فلسطين إلى القاهرة، وخلف هذا كله وراءه، لم يقو -صاحب اليهودية «ريتا» التي كان «الإله» يسكن عينيها العسليتين- على ما كان يقوى عليه جيفارا والرفاق في أحراش بوليفيا، ولم يكن لدى من قال «فخذوا وقتكم لكي تقتلوا الله» وقت لكي يقتل رذال الناس ممن اغتصبوا أرضه وأزالوا عرضه.

وحفظا لماء الوجه فقد أصدر -آنذاك- الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي كان ينتمي إليه درويش بيانا بفصل هذا الثائر الناعم، بعد هروبه المخزي من ساحة النضال.

درويش الذي كان يقول:

وأنا ابن عوليس الذي انتظر البريد من الشمال

ناداه بحار ولكن لم يسافر

لجم المراكب وانتحى أعلى الجبال

يا صخرة صلى عليها والدي لتصون ثائر

أنا لن أبيعك باللآلئ

أنا لن أسافر

لن أسافر

لن أسافر!!

** المتدين إنما يتدين على طبيعته وخلقه، يتدين على مزاجه النفسي وإرثه من التجارب السيئة.. ثم هو لا ينفك عن تأثير النشأة، ووطأة الإلف والعادة، وغلبة روح العصر.

فإذا رأيت متدينا يأتي شيئا ليس من الدين الحق فحذار أن تحمل الدين جريرة هذه النفوس، لأن المتدين إنما يتدين على طبيعته وخلقه ومزاجه النفسي.

** قال أمين نخلة: وقوع الحافر على الحافر في المعاني يحصل بين لغة وأخرى حصوله في اللغة الواحدة، ولقد جاء للسيدة دي سيفينيه في بعض رسائلها إلى ابنتها وكانت مصدورة قولها –وهو من أشهر الرقائق التي تدور في كتب الأدب الفرنسي-: يا بنيتي إن صدرك يوجعني!!

وجاء في كتاب القضاة هذا الكلام لسهل بن علي، قال: كنت ألازم ابن نعيم القاضي وأجالسه وأنا يومئذ حديث السن، وكنت أراه يتجر بالزيت، فقلت له: وأنت أيضا تتجر؟ فضرب بيده على كتفي ثم قال: انتظر حتى تجوع ببطن غيرك! فقلت في نفسي: كيف يجوع إنسان ببطن غيره؟ فلما ابتليت بالعيال إذا أنا أجوع ببطونهم.

** كاد صاحب المعرفة أن يكون عرافا.

** الطبقات الكادحة هي التي تدفع من الثمن في مثل هذه التحولات الحادة ضعف ما كانت تدفعه من قبل.

** قال ابن القيم: ما ابيض رغيفهم حتى اسود فقيرهم.

** يكثر جريان المثل في كل مجتمع على ألسنة العامة من الناس، وكلما ارتفعت الطبقة الاجتماعية ضعف دوران المثل في كلامها، لأن المثل موروث تقليدي تتناقله الثقافة الشفهية الشعبية، وليس تتأكد هوية النخبة إلا بالقدر الذي تبتعد فيه عن هوية العامة.

** لأن الفقر تربة الرذيلة، ولأن الفقر يشوه القيم في نفس الفقير، ويورثه ميزانا غير صالح يزن به العادات والأخلاق، فإن الفقير يظن أن الأغنياء وأصحاب البيوتات لم يصبحوا كذلك إلا لقيم لا يملكها، فإذا انتقل إلى طبقة أعلى من طبقته، فإنه يحاول أن يقترب من أخلاق هذه الطبقة وعادتها.

** حسبكم الله ماذا فعلتم بعقولنا يا نقاد الجنون المعقول؟ زعمت أقلامكم أنها استيقظت «من عادة النوم على المجاد» ثم ماذا؟ وقفت ذليلة تتثاءب –بلباس النوم- على باب المنهج الغربي تتكففه نموذجه المعرفي..

** حفل تراثنا العلمي الذي خلفه الأجداد بضرب غريب من التآليف، إن في صنعة الكتاب أو في التصرف بمادته، تفتقت عنه أذهان القوم فافتنا فيه ما شاءت لهم عبقرياتهم الفذة، لقد تجاوزوا به المادة العلمية وقيمتها فخرج إلى شيء من هذا الذي يسمونه الترف الفكري، نعم، قد يعيبه من أدرك قيمة الزمن في حياة هذا الإنسان، إلا أنه لابد واقف وقفة الدهش المتحير من نبوغ هذه العقول وإبداعها.

** ليس كرهبة الموت رهبة تلجم الأقلام، فكيف بها إن كانت مقرونة بجلال الأحياء.

** إن التاريخ ليصغر ويصغر عند أقدام العظماء حتى يكون العظيم تاريخا يؤرخ التاريخ به.

** الأنفس الكبيرة ليس يغريها في هذه الحياة إلا ما هو كبير، وليس ثمة ما هو أكبر من معنى العلم في أنفس الكبار.

 ** السهل كل أحد يستطيعه، ولكن الصعب هو الذي يحتاج إلى أن ينذر الإنسان له نفسه، وهنا تكون الإرادة.

** قال الدكتور عبد الرازق السنهوري: وإن شيئا يشترك فيه أكثر العظماء: حياة الشظف والفاقة التي عاشوها أول حياتهم، فنفخت في أخلاقهم روح الصلابة، فأذاقوا الحياة بأسهم بعد أن أذاقتهم بأسها.

** رحم الله الإمام محمد بن عبد الوهاب، لم يكن نبيا، لكنه قام بدعوة نبي.

** قال ابن المقفع: الإنسان طبع على طرائق لؤم، وغنما يتفاضل الناس فيه كغالبة طباع السوء.

 ** إن سر النجاح ومكمن الظفر في هذه الحياة يرجع إلى جملة أمور، أهمها في نظري: أن يكون الإنسان ذا تفكير عملي يذود به عن ذاته غائلة العجز النفسي، وأن يوازن بين طموحاته وإمكاناته، ثم يعمل ما يستطيعه بما تهيأ له. «استعن بالله ولا تعجز»

** تريد الحق بلا توريب؟ إني حين أتأمل هذا السعي الناصب الذي يسعاه أكثر هذا الإنسان في حياتنا الدنيا، أجد أن جله إنما هو لتحقيق القيمة التي تحتفي بها الجماعة «الاحترام الجماعي».

** إياك أيها المبدع أن تنخدع بقولهم «إن الصعوبة إنما هي في البدايات فقط» .. كل مراحل الحياة صعبة،  {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد:4] والشأن إنما هو في أن نتعامل مع الحياة على ما هي عليه، لا على ما نريدها أن تكون عليه، فإنها على ما نريدها أن تكون عليه عصية.

** القراءة تورث المرء اغترابا روحيا ولاسيما في المجتمعات الجاهلة، وتكسبه حسد أقرانه، لازدياد كمية الإنسان فيه، وتجاوزهم بنموه العقلي، وستفقده القدرة على إقامة العلائق الاجتماعية والتكيف مع الناس.

** وقفت على حقيقة غريبة من حقائق هذه الحياة، وهي أن حدة التأمل المرهقة، وسعة الاطلاع المذهلة، وتراكم الخبرة الباذخ، ربما انتهى بالإنسان في بعض نتائجه إلى ما يقرره العامي ابتداء دون أن يتكلف شيئا من هذا كله.

** أول خطوة لتحقيق الحلم الاستيقاظ منه.. يمكن للمرء أن يعود نفسه على القراءة والاطلاع بأن يقرأ ويطلع، أعني بأن يمارس ما يريد أن يكتسب عاداته، فإن كان عنده قابلية لمثل هذا فإنه سيلزمه وينتفع به.


جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com

 

 
 

 
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية