اطبع هذه الصفحة


شئون وشجون (1)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم


أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.

• نصر المؤمنين

والنصر للمؤمنين لا يتخذ صورة واحدة هي صورة النصر بالغلبة المباشرة ودحر العدو كما يظن البعض، بل قد تكون له صور متعددة ومتكاثرة، فثبات المؤمنين على مبادئهم وقيمهم رغم الزلازل هو نوع من النصر وانتشار فكرتهم نوع من النصر بل إن نيل الشهادة هو أيضا نصر بذاته.
ولو كان الأمر كما يظن هؤلاء بأن النصر ماله غير تلك الصورة في النصر المباشر بالغلبة ودحر عدوهم لكان كثير من أنبياء الله ـ صلوات الله عليهم ـ محكوما عليه بالإخفاق ، وحاشا لأنبياء الله الكرام أن يوصفوا بهذا، رغم قلة المؤمنين بدعوتهم، فهذا نوح عليه السلام يدعو قومه ويمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ورغم هذا المكث الطويل فإنه لم يؤمن من قومه إلا قليل ، قال تعالى: " حتى إذا جاء أمرنا وفارالتنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل "، وهذا النبي يحيى عليه السلام قد قتلته يهود، وهذا النبي عيسى عليه السلام قد رفعه الله إليه ..وغيرهم كثير وكثير.
وكذلك كان أمر كثير من الأنبياء فإنهم يحشرون يوم القيامة، ومع بعضهم الواحد والاثنان والثلاثة، وبعضهم لا يكون معه أحد من المؤمنين. أخرج الترمذي من طريق ابن عباس رضي الله عنهما قال: " ولما أسرى النبي صلى الله عليه وسلم جعل يمر بالنبي والنبيين ومعهم القوم، والنبي والنبيين ومعهم الرهط، والنبي والنبيين وليس معهم أحد " . [إلى المنتصرين دائما ... رغم الجراح، خالد رُوشه]

• سقوط الرأسمالية

ورد على لسان رئيس تحرير مجلة «تحديات» الفرنسية تحت عنوان (البابا أو القرآن) تساءل فيها عن لا أخلاقية الرأسمالية، وهل الرأسمالية نظام أخلاقي؟ وركز في ذلك على دور المسيحية كديانة وتبريرها للفائدة، وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكم ومستسمحا البابا بندكت السادس عشر، قائلا: أطن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث لنا وبمصارفنا، لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات، وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري! لأن النقود لا تلد النقود.

• الشريف حسين

تعتبر كتب التاريخ أن التحركات التي قادها الشريف حسين من الحجاز ضد الإمبراطورية العثمانية هي "الثورة العربية الكبرى"، وبرأيي لم تكن تلك الحركة السياسية العسكرية سوى تعبير عن آمال لعائلة متكلسة تطلعت لبناء مجدها الخاص من خلال التعاون مع كل جهة قد تؤهلها لذلك.
فبريطانيا رأت في تطلعات شريف مكة مناسبة لزيادة الطعن بشرعية الإمبراطورية العثمانية المتحالفة ضدها مع ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى. صحيح أن بعض رواد القومية العربية دعموا تحرك الشريف حسين، لكنهم كانوا لاعبين ثانويين في تحرك تشد حباله بريطانيا وعملاؤها في المنطقة العربية ولم يكن التحرك نابعا عن إرادة قومية كما يحلو للبعض وصفه.[أسعد غانم عن مقال: زلزال القاهرة يبشر بفجر طال انتظاره]

• كيف ضاعت فلسطين

ظهر الدور الرسمي العربي على حقيقته في حرب عام 1948 عندما تآمرت الأنظمة على جيوشها وخرجت من الحرب مهزومة. لقد حققت جيوش مصر والعراق والأردن إنجازات كبيرة في الجولة الأولى من الحرب، وسيطرت على أجزاء لا بأس بها من الأرض التي خصصتها الأمم المتحدة لدولة اليهود وفق تقسيم عام 1948.
لكن الحرب توقفت فجأة، وقبلت الأنظمة الهدنة المؤقتة التي أتاحت لها تغيير القيادات العسكرية العربية الميدانية واستبدالها بضباط يحملون أوامر عسكرية جديدة، وأتاحت للدول الغربية تقديم المزيد من الدعم العسكري لإسرائيل.
وحين نشبت الحرب من جديد، وجدنا الجيش العراقي يخلي أماكنه العسكرية في منطقتي حيفا وطولكرم ليأخذ مواقع جديدة له في منطقة جنين، والجيش الأردني يخلي منطقتي اللد والرملة والقدس غرب، والجيش المصري يقع تحت الحصار بسبب الأسلحة الفاسدة التي أرسلها له ملك مصر. ضاعت فلسطين وقامت إسرائيل بفضل خيانة الأنظمة العربية. [عبد الستار قاسم، الجزيرة نت]

• الغرب هو الغرب

أميركا أزاحت الحبيب بورقيبة عندما انتهى دوره، وأتت بزين العابدين، وقتلت الملك فيصل بن عبد العزيز. أما بريطانيا فأزاحت الملك طلال ملك الأردن بحجة الجنون وأتت بابنه حسين ليجلس على إقطاعية الأردن عشرات السنين.
لا مانع لدى الاستعمار الغربي أن تتحدث هذه الأنظمة بالوطنية، وأن تخطب ضد إسرائيل، وأن تقدم معونات مالية واقتصادية للأشقاء الفلسطينيين، إنما إلى الدرجة التي لا تلحق أذى بإسرائيل، ولا تؤثر سلبا على نشاطات إسرائيل الاستخبارية والأمنية في البلدان العربية.
لا مانع من مؤتمرات قمة تدين إسرائيل ما دامت أنظمة العرب تقوم بوظيفة المدافع عن الأمن الإسرائيلي. وقد سبق للمخابرات الإسرائيلية أن مررت معلومات للأنظمة عن انقلابات عسكرية محتملة، وأنقذت أنظمة من الزوال. وسبق أيضا أن دافعت إسرائيل عسكريا عن الأردن عندما قام الجيش السوري بدخول شمال الأردن إبان حرب أيلول عام 1970.[عبد الستار قاسم، الجزيرة نت]

• أمن النظام أم أمن الأمة؟

بما أن أغلب أنظمة العرب موجودة بفضل الأجنبي المعادي أصلا للأمة العربية وحارس تمزقها وناهب ثرواتها، فإن هناك فصلا حادا بين أمن النظام وأمن الأمة. يكمن أمن نظام الحكم العربي في تعريض أمن الأمة للخطر، وهو يدرك أنه سيطرد إن لم يفعل ذلك.
هو محروس ليس من قبل شعبه، وإنما من قبل إسرائيل والاستعمار الغربي، وأمنه ومصالحه مرتبطة بهؤلاء الأعداء. أمنه يتعرض للخطر إن هو عادى إسرائيل فعلا، أو إن شعر بغيرة على الثروات العربية، أو إن دفع بجد نحو الوحدة العربية، أو إن خاض حربا لا تخدم مصالح إسرائيل وأميركا.
هناك تناقض بين أمن النظام وأمن الأمة لأن أمن الأمة يتطلب الاستعداد العسكري والأمني، وتوظيف الأموال لعملية البناء الاقتصادي الحقيقي والبناء العلمي، والاعتماد على الذات غذائيا وتقنيا... إلخ. كل هذه العوامل التي تعتبر من أركان أمن الأمة غير مسموح بها لا إسرائيليا ولا غربيا، وعلى الحاكم العربي أن يصر على ضعف شعبه وأمته، ويطمئن إلى أن أحذية أعدائها فوق رقابها.
ولهذا يجند الحاكم العربي أجهزة أمنه وأدوات قمعه ضد شعبه وليس ضد أعداء شعبه. العربي لا يستطيع النوم ذعرا من أجهزة الشرطة الفاسدة والمخابرات التي من المفروض أن توفر له الأمن والحماية. [عبد الستار قاسم، الجزيرة نت]

جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية