اطبع هذه الصفحة


أعلام وأقزام .. محمد حسنين هيكل (4)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السـابــق

عندما نتطرق لأزمة الثقافة العربية المعاصرة لا نقصد التجريح أو التشهير، بل المقصود عرض لمسيرة النخبة المثقفة التي تضخمت في الإعلام العربي (مصر نموذجا)، وأخذت حيزا وزخما كبيرا، فرصد واقع هذه النخبة يشير إلى أن وراء الأكمة شيئا ماكرا يدبر لهذه الأمة، سواء كان هذا التدبير داخليا أو خارجيا، إلا أن المحصلة أن أكثرية هذه النخبة المثقفة لم تكن على المستوى المطلوب الذي يرضاه الدين والعقل والعرف، وأنها أقحمت المجتمع العربي في أمور منافية لعقيدتنا الصافية وأعرافنا الراقية وتقاليدنا السامية، بل وصدرت لنا من غثاء الغرب الفكري والسلوكي الكثير والكثير، في الوقت الذي كنا في أشد الحاجة لنتعرف على مقومات النهضة العالمية، والاستفادة من خبرات الشعوب المتقدمة في مسيرتها التنموية، في إطار ثوابتنا الدينية الإسلامية الغالية.

هيكل وثورة يناير 2011

عرف هيكل بمعارضته الشديدة لنظام الدكتور محمد مرسي، وهذا ليس غريبا على هيكل الذي عاصر عداء عبد الناصر للإخوان، والذي ربما كان جزءًا منه.
عقب فوز الدكتور محمد مرسي، بمنصب رئاسة الجمهورية، كأول رئيس مدني منتخب للبلاد، وصفه هيكل في حواره مع صحيفة "صنداي تايمز البريطانية" بأنه رجل طيب جدا على المستوى الشخصي، إلا أنه غير متيقن بمدى معرفته بالعالم العربي، والسياسة المصرية.
واعتقد هيكل أن النجاح لن يكون حليفًا للإخوان، ومع ذلك يؤمن بضرورة منح مرسي والحركة الإسلامية التي يمثلها الفرصة، قائلا: "لقد ظلوا في مسرح الأحداث ردحا طويلا من الزمن، وهم يشكلون تيارا يظن البعض أن فيه الخلاص".
ثم كان هيكل مؤيدا لكل المظاهرات والاحتجاجات التي خرجت ضد الرئيس الشرعي المنتخب، بل اعتبر أن هذه المظاهرات هي استفتاء شعبي لصالح عبد الفتاح السيسي ليطيح بالرئيس محمد مرسي في 30 يونيو 2013.
كما خرج في لقاء تليفزيوني وقال بأن هذه المظاهرات ليست انقلابًا وإنما ثورة، وأن الجيش يحمي الديمقراطية دون التدخل فيها، ثم عاد وخرج في لقاء قال فيه أن السيسي «مرشَّح الضرورة» وأنه يجب أن يحكم مصر.
لذلك يعتبره كثير من المحللين «عرابا» للانقلاب العسكري. فهيكل ينظِّر لفرضيَّة أن ما أسماها «ثورة 30 يونيو» معتمدة بالأساس على ثورة 25 يناير، وأنها امتداد لها، وهي نفس الفرضية التي يستخدمها السيسي في خطاباته دومًا.
كما دعم هيكل حركة تمرد من خلال تقديم نصائح مباشرة لها عبر الفضائيات.
ظهر هيكل بعد الانقلاب في العديد من وسائل الإعلام مدافعا عن الانقلاب ونظام الحكم الذي تلاه، وموجها أيضا للسياسات الواجب اتخاذها من قبل النظام.
وقد عبر هيكل في أكثر من مناسبة عن إعجابه الكبير بالسيسي، كما أنه لم يتوان عن الخروج في مهام لصالح نظامه، بينها زيارة شهيرة إلى دولة الإمارات في نوفمبر 2013.
تقول بعض الروايات: هيكل سر كثيرا عندما سمع كلمات السيسي عنه، وشعر بالفرصة تأتيه من جديد وفي أرذل العمر عندما أبدى السيسى إعجابه الشديد به، وقال إنه قرأ كل كتب هيكل، ووافق السيسي على مقابلة هيكل والجلوس معه، واستمر اللقاء ثلاث ساعات، كان هيكل فيها هو المستمع، والسيسي هو المتحدث، وكانت تلك هي آخر مقابلة بينهما، فقد كان السيسي وزيرا للدفاع وقتها، وبعد وصوله للرئاسة اختفي هيكل من قائمة المحيطين بالرئيس، ولا يعلم أحد حتى الآن ما سر الفتور الذي أصاب العلاقة بينهما؟ لكن الأمر المؤكد أن السيسي هو من قرر الابتعاد عن هيكل، فقد تغير الزمن ولم يعد الصحافي المقرب من الرئيس فكرة تجد دعما أو رغبة وقبولا من السيسي.
وقال الدكتور أيمن نور زعيم حزب غد الثورة أن هيكل كان ضالع في وضع تصورات سياسية للفترة قبل الإطاحة بالرئيس محمد مرسي وخلال هذه الفترة وبعدها بفترة قصيرة.
وأضاف أيمن نور أنه بالرغم من دور هيكل في وضع تصور المرحلة الانتقالية، فإن السيسي تخلى عنه مبكرًا خلال فترة قصيرة بعد الانقلاب، وتخلى السيسي عن كل من كان يسعي لتزويده برؤى، فالنظام العسكري للسيسي يختلف عن نظام جمال عبد الناصر الذي كان يسمع لكل تصورات هيكل.
وأضاف نور أن هيكل كان يتوقع أن السيسي مثل جمال عبد الناصر الذي كان يسمع منه، ولكن السيسي يرفض أي فكر مدني ويثق بالفكر العسكري، مؤكدا أن الأستاذ هيكل كان أسيرا لتاريخه الذي كان يتحاشى الأنظمة العسكرية، وكان يري أنها هي الأنسب للبلاد.
ونسوق مقال رائع للأستاذ (عصام سلطان) نائب رئيس حزب الوسط، والمعتقل بسجون الانقلاب حول غموض أدوار هيكل الخفية في المؤسسة العسكرية، وهو مقال بعنوان.
«الحكاية من البداية: هيكل والسيسي واستسلام مرسى والانقلاب»
يقال أن محمد حسنين هيكل توقف عن ممارسة لعبة الجولف منذ ثلاثة أشهر، وأن السبب في ذلك أنه يقضى ١٢ ساعة يوميا داخل وزارة الدفاع مع المجلس العسكري..
ويقال أن خطاب السيسى الأخير المكتوب وليس الفوتوشوب، هو نسخة طبق الأصل من مقال هيكل بصراحة في الأهرام منذ ٤٥ عاما..
ويقال أن خطة هيكل التي فرح بها السيسى وطبقها كانت تؤكد أن الانقلاب ناجح ناجح بنسبة ١٠٠٪ وسيدخل رمضان على نضيف، والناس هتنشغل، وهتبدأ تطبيق خطة المنشية التي طبقت بنجاح سنة ٥٤ من اتهام الإخوان بمحاولة اغتيال عبد الناصر بميدان المنشية بالإسكندرية، إضافة إلى حصار كل من يقف ضد الانقلاب بأنه من الإخوان، وتسند له نفس التهم، وتبدأ النيابة تحقيقاتها على الفور، وتصدر قرارات بالحبس فيخاف الناس ويلزمون بيوتهم، ثم يتم المرور عليهم وتفتيشهم كالفراخ زى ما تم القبض على ١٨ ألف في ليلة واحدة سنة ٦٥، وتبدأ إعادة طباعة كتاب «رأى الدين في إخوان الشياطين»، تأليف الشيخ الشرييب..
ويقال أن هيكل أقسم لأعضاء المجلس العسكري أن مرسى لن يصمد عدة أيام، وسوف يوقع على ما يريدونه منه، خصوصا في ظل عزله تماما عن أهله وذويه ووسائل الإعلام، وتسريب أخبار معينة ومتظبطة له بحيث تلقى باليأس والإحباط في نفسه فيلبى ما يريدون..
ويقال أن هيكل اقترح تسميم أحد قادة الجيش المعارضين للانقلاب العسكري، على غرار تسميم المشير عبد الحكيم عامر سنة ٦٧، بدلا من محاولة اغتياله بإطلاق النار عليه والتي فشلت منذ أيام في سيناء..
ويقال أن السيسى كان غاضبا ومتوترا جدا بعد مذبحة رمسيس والجيزة أول أمس وأنه سأل هيكل بصوت عال: إيه الحكاية ..؟ الموضوع دخل في عشرين يوم، وأعداد الناس في الشوارع بتزيد بصورة مرعبة، والدم يملأ الميادين، ومش ممكن تكون الملايين دي كلها إخوان، والتهم والتحقيقات والحبس معملش حاجة، والجيش من جوه بيفك منى لدرجة إني مش قادر أقابل ضباطي وجها لوجه واستعنت بتسجيلات قديمة، وأوربا وأمريكا بدءوا يسحبوا دعمهم لي خوفا من شعوبهم، وجبهة الإنقاذ والفلول مش هاممهم غير الصراع على المناصب الوزارية والبزنس، ومش عارفين ينزلوا حد ميدان التحرير، وتواضروس زعلان من الإعلان الدستوري، ومش راضى يورد متظاهرين مؤيدين، والشيخ الطيب معتزل في بلدهم وفاكر نفسه شنودة في وادي النطرون، والإعلام جايب أثر عكسي وهو السبب في نزول الناس لأنه بيستفزهم، ومرسى دماغه زلطة وماسك المصحف هات يا قراية على طول مع إنه حافظ القرآن كله، ورجالتنا هما اللى اتأثرو بيه مش العكس .. ! إيه الحكاية يا عمى ..؟ هو إحنا رايحين على فين ..؟
ويقال أن هيكل رد عليه وقاله: إيزي .. رايحين على نكسة .. والنكسة قدر الزعماء الكبار فقط، ألم أبشرك قبل ذلك بأنك عبد الناصر هذا الزمان ..؟
صاح السيسى : يعنى إيه الكلام ده ..؟

رد هيكل : يعنى هأرجع للجولف تاني

ويلخص المحللون مسيرة هيكل مع رؤساء مصر بقولهم: "مدح الملك فاروق، وهاجم محمد نجيب لصالح جمال عبد الناصر، واعتقله أنور السادات، بعد أن كان أهم رجل في مصر في عصر عبد الناصر، وهمشه حسني مبارك، وهاجم محمد مرسي، وخطط للانقلاب عليه واقترب من عبد الفتاح السيسي الذي أبعده في النهاية".

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

تـــابــــع

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية