اطبع هذه الصفحة


زوجي والعلاقات الأساسية

علي بن عبدالعزيز الراجحي


بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجي لايقوم بواجبات المنزل والأبناء والأهل ودوما في العمل أو مع الأصدقاء وكثير السفر مع أصحابه وحتى والديه ليسأل عنهم فماذا افعل؟؟؟؟ علما بأنه محافظ جدا على الصلاة والصوم !!!!


الجواب :
الأخت الفاضلة/ أم البنات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات مشروع ابن باز الخيري، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بالموقع في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح لك زوجك وأن يغفر له وأن يتوب عليه .
فمن نعم الله جل وعلا أن من عليك بنعمة الزواج الذي تتمنه كثير من النساء والذي يستقرئ الواقع يجد مصادقاً لذلك ، والدنيا مليئة بالأفراح والأتراح وفيها من النعم وفيها من المصائب .
وعندما يمن الله على الإنسان ذكراً أو أنثى بالزواج فلا بد أن نعلم علم اليقين أن الحياة الزوجية تسير في هذه الحياة كالسفينة تموج هنا وهناك مرة بالفرح ومرة أخرى بالحزن ، لاسيما أن زوجك محافظ على ركنين من أركان الإسلام وهما الصلاة والصيام .
وهذه المشكلة بدأ تظهر في العصر الحاضر عندما بعد الناس عن التمسك بالدين في جميع جوانب الحياة وصار الإقبال على الحياة المادية , فصار البعض من الأزواج يعيش لنفسه دون النظر ما عليه من الواجبات لغيره .
ومشكلتك تنحصر بما يلي :
1ـ تقصير زوجك بالواجبات المنزلية والعائلية .
2ـ عدم سؤاله عن والدية.
3ـ السفر مع أصحابه .
والحل في نظري لهذه المشكلة يكمن في ما يلي:
1ـ أعلمي أن الصاحب ساحب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) . (رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني ) ، ولابد من البحث عن أصدقاء لزوجك فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الأرواح جنود مجندة؛ ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ) (رواه البخاري عن عائشة و مسلم عن أبى هريرة ) .
و يقول الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكــل قــرين بالمقـارن يقتـدي
2ـ السفر ؟ هل يسافر للعمل ؟ أم يسافر للنزهة ؟ أم يسافر وحده ؟ أم يسافر مع أصدقاء وهل هم على درجه من الصلاح أم على الضد من ذلك ؟ أسئلة كثير لم تذكر في السؤال . والحل أن تحاوريه عن أسباب سفره حتى يقلل منها أو يصحبك معه إذا كان لا بد منه كأن عمله يتطلب ذلك . ولا تنسي أختي الدعاء بان يصرف الله جل وعلا من قلبه السفر وأن يبغضه فيه.
3ـ تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية ، فوردة توضع على مخدة الفراش قبل النوم ، لها سحرها العجيب ، وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال .
4ـ تخصيص وقت للجلوس معًا والإنصات بتلهف واهتمام للزوج عندما يتحدث ، يتخلله بعض المرح والضحك ، بعيدًا عن المشاكل ، وعن الأولاد وعن صراخهم وشجارهم ، وهذا له أثر كبير في الأُلفة والمحبة بين الزوجين .
5ـ إرسال رسائل حب ومودة للزوج عبر جواله أو إيميله .
6ـ التحية الحارة له عند الدخول والخروج، وعند السفر والقدوم، وعبر الهاتف، وغير ذلك من الوسائل والأساليب التي تغري الزوج وتقربه من أسرته.
7ـ وضع بعض المواد السمعية والمكتوبة النافعة في سيارته أو في أماكن الجلوس ، ويمكن كذلك الاستعانة ببعض المؤثرين ممن هم في سن الزوج ودعوتهم للمنزل للتعرف عليه ومصاحبتهم ويتم ذلك من خلال الاتصال أما بأمام المسجد أو من خلال شخصية مُعجب بها الزوج وسؤال بعض الأشخاص المهتمين بذلك .
8ـ ما مدى علاقتك بأهل زوجك سواءً والديه أو أخوته ؟ أن تعزيز تقوية العلاقة بينك وبين أهل زوجك يساعد في جانب من مشكلتك من حيث تشجع الزوج على الذهاب إلى أهله ودعوتهم إلى المنزل ، وأيضاً أدخلهما في حل المشكلة .
9ـ ذكري زوجك بالأسلوب الجميل والعبارة الحلوة ببعض النصوص الشرعية الوارد في تقصيره لوالديه وأهله لاسيما وهو محافظ على الصلاة التي هي سبب للبعد عن المحرمات وترك الواجبات كما قال تعالى : (أتلُ ما أُوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) سورة العنكبوت: 45 .
10ـ كتابة النصوص التالية وبعثها له بوسيلة من وسائل التواصل بينكما تكون أسلوب من أساليب العلاج يقول الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً )سورة الإسراء:24،23.
وقوله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (سورة النساء:36، وقوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً )سورة العنكبوت:8 .
وقوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )سورة لقمان:14.
وثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله قال لرجل استأذنه في الجهاد: (أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) رواه البخاري.
وعن معاوية رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: (هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها) رواه النسائي وابن ماجه بإسناد لا بأس به.
وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على من أدرك أبويه أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة، فيقول كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة: (رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عنده الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة). وبر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وببرهما تتنزل الرحمات وتكشف الكربات.
وكذلك جاءت النصوص بالإحسان إلى الأولاد وأداء الأمانة إليهم، محذرة من إهمالهم والتقصير في حقوقهم كما قال سبحانه وتعالى :(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) سورة النساء:58.
وقال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) سورة التحريم:6.
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) متفق عليه .
وفي حديث ابن عمر في الصحيحين: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته؛ الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ).
ولا تنسي أختي من الدعاء الصادق في أوقات الإجابة أن يصلح هذا الزوج وان يجعله قرة عين لكم ، وأن تبحثي له عن أصدقاء صالحين من الأقربين وغيرهم ، والله أسال أن يهدي هذا الزوج وأن يصلحه وأن يعود إلى رشده.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى إله وصحبه أجمعين .

28/4/1430هـ
 

علي الراجحي
  • مقالات دعوية
  • رسائل وبحوث
  • علم الفرائض
  • علم أصول الفقه
  • سلسلة الفوائد
  • الاستشارات التربوية
  • مختارات متنوعة
  • الصفحة الرئيسية