أمي مصرة على عدم زواج أختي

علي بن عبدالعزيز الراجحي

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال :
يعلم الله أنني أبحث عن الحلول أينما كانت ولكن عندي ثقة بالله سبحانه وتعالى أولا ثم بهذا المكان أن أجد من يساعدني
قصتي باختصار تقدم لأختي شاب ذا خلق ودين لكنه متزوج و أختي لا مانع لديها مادام الشاب مناسبا لها , والدي أيضا لا مانع لديه بل إنه أيضا معجب جدا بالشاب لكن أمي قد رفضت وبشدة هذا الموضوع لأن الرجل متزوج ذهبت أختي تكلمها وتخبرها أنها تريد الزواج فعمرها الآن 27 مناسب جدا للزواج . نهرتها أمي كيف تتواقحين بهذا الكلام أمامي , والدي صرّح بأنه لن يزوج أختي إلا برضي الوالدة وهانحن الآن لنا أسبوعان أمي لا تحادثني أنا وأختي لمجرد أن أختي أبدت رغبتها و أنا دافعت عن ذلك حاولت مناقشتها بالمنطق أكثر من مرة ولكنها مصره إصرار فظيع... جلّ ما أخشاه أن تصر والدتي على عنادها وتمر بنا السنين حتى نفقد الأمل بالزواج ففي عائلتنا من تصل عمر 30 من دون زواج يستحيل أن يتقدم لها احد..

وجزأكم الله خيراً.
 

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات ـ لها أون لاين ـ فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بالموقع في أي وقت ، ونسأله جل وعلا أن يسر الخير لكما .
هذه المشكلة من المشكلات الاجتماعية لا سيما في المدن الكبرى حيث أختلف الناس من حيث العادات الاجتماعية والتقاليد المختلفة ورغبة البعض في الزواج من خارج العائلة أو القبيلة .
وحل هذه المشكلة يكمن في ما يلي :ـ
1ـ لا يخفى على أحد مكانة الوالدين في هذا الدين العظيم كما جاء في النصوص الشرعية فقد قرن الله جل وعلا حق الوالدين بحقه سبحانه وتعالى حيث قال الله تعالى :( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) سورة الإسراء الآية 23 .
وقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) سورة البقرة الآية 83.
ويوصي سبحانه بحق الآم على وجه الخصوص فقال : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) سورة لقمان الآية 14 .
فلا بد من طاعة الوالدين أو أحدهما ومشاورته وخصوصاً في أمر الزواج حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه في المستقبل.
2ـ في بعض الأوقات يكون رفض أحد الوالدين لسبب مشكلات اجتماعية أو دينية للزوج وعليه لابد هنا من الاستجابة للوالدين لأن طاعتهما حينئذ واجبة كما تقدم.
3ـ إذا كانت المعارضة نابعة من أسباب شخصية وأهواء بعيدة عن الشرع فإن طاعتهم في هذا ليست واجبة ، لا سيما فقد يكون السبب هو أمر مادي أو أمور دنيوية أخرى وقد يكون في بعض الأحيان تحجير على زواج البنت من باب العصبية .
وأسباب رفض الوالدين لزواج بنتهما من زوج متقدم لها مختلفة فمن ذلك ً :
1ـ أمور دينية عامة : مثل عدم التزام بالزوج بالدين, أو أن يتعاطى الخمور والمسكرات ، أو كثير السفر للخارج من بدون سبب .
2ـ أمور اجتماعية : مثل فارق المستوى المادي أو ليس من نفس القبيلة أو حصول مشكلات قديمة بين العائلتين وغيرها.
3ـ أمور نفسية : وهذه أحياناً تكون خفية حيث أن أحد الوالدين مثلاً لا ينسجم مع التقدم من أول لحظه فيكره ويستمر هذا الكره أحياناً من دون سبب.
4ـ أمور أخرى كمن يسكن في منطقة بعيدة ، أو مواصفاته الجسمية غير مرغوبة .
5ـ أقترح مناقشة الوالدة لسبب الرفض لتتم المناقشة وحل المشكلة بالأسلوب المناسب والعبارة الجميلة والوقت المناسب ، ولكن عليك قبل الجلوس المناقشة أن تستعيني بالله في إرضاء والدتك فلم يحصل موافقة من قبل الوالدة فعليكم .
6ـ بالسعي في معرفة الأشخاص القريبين المؤثرين سواء كانوا رجال أم نساء على الوالدة والاتصال بهم وجعلهم يتحدثوا معها حول سبب الامتناع والسعي في حلها .
7ـ عليك يا أختي أن تعلمي أن التفكير في هذه الأمور الكبيرة والهامة في حياة الإنسان يكون بالعقل والتفكير والتدبر وليس بالعاطفة ، لأنه أمر الزواج ليس مدة مؤقتاً أو رحلة استجمام قصيرة .
8ـ عليك بالاستخارة وهو أن يدعو بعد السلام من الصلاة والأفضل أن يرفع يديه لأن رفعهما من أسباب استجابة الدعاء ، والدعاء الوارد هو ما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال : عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني له قال ويسمي حاجته). رواه البخاري .
ولا مانع من تكرر الاستخارة حتى يتبن لكي الأمر سوف كان بالقبول والإقبال أم بالرفض والإمتاع .
9ـ لو لم يحصل الزواج بينهما، فليس هذه نهاية الدنيا بل يسأل الإنسان الخير أينما هو وليعلم ويدبر ما جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قول الحبيب عليه الصلاة والسلام (احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً ) رواه الترمذي وهو حديث صحيح.

10ـ أن الواجب صرف الهمة والجدية التي تمتع بها الأخوات نحو استغلال الأوقات في المفيدة من الإعمال وسؤال الله جل وعلا التيسير بالزواج وتعجيله بالزوج الطيب .
11ـ لا تنسي أختي الدعاء وهذه بعض من آدابه وأسباب الاستجابة له :
1ـ الإخلاص لله
2ـ أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و يختم بذلك .
3ـ الجزم بالدعاء واليقين بالا جابه .
4ـ الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال .
5ـ حضور القلب في الدعاء .
6ـ لا يسأل إلا الله وحده .
7ـ الدعاء ثلاثا.
8ـ استقبال القبلة .
9ـ رفع الأيدي في الدعاء .
10ـ الوضوء قبل الدعاء إن تيسر .
أما أوقات يستجاب فيها الدعاء :
1ـ ليلة القدر .
2ـ جوف الليل الآخر ووقت السحر .
3ـ دبر الصلوات المكتوبات ( الفرائض الخمس ) .
4ـ بين الأذان والإقامة .
5ـ عند النداء للصلوات المكتوبات .
6ـ ساعة من يوم الجمعة ، وهي على الأرجح آخر ساعة من ساعات العصر قبل الغروب .
7ـ إثناء السجود في الصلاة .
وإننا نوصي هذه الأم بأن تتقي الله تعالى في بنتها وأن تراعي ما هو أصلح لها، ولا شك أن أباك هو الولي في الزواج فإن لم يوجد فأقرب رجل من عصبتك إليك.
ومسك الختام الله أسال لك التوفيق والسداد وان يختار لك الخير العظيم في الدنيا والآخرة .
13/5/1430هـ