اطبع هذه الصفحة


خطبة عيد الأضحى المبارك 1441هـ
 للشيخ محمد السبر بجامع موضي السديري بالرياض   

محمد بن ابراهيم بن سعود السبر

 

الحمد لله مُعيدِ الجُمع والأعياد، ومُبيد الأُمم والأجناد، وجامعِ الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لايخلف الميعاد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له، ولاند ولا مضاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المُفضَّل على جميع العباد، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه إلى يوم الحشر والتَّنَاد، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

الله أكبر عدد ما ذكر الله ذاكرٌ وكبّر، الله أكبر كلما لبّى حاج وكبّر، الله أكبر عدد ما حمد الله حامد وشكر، الله أكبر ما سطع فجر الإسلام وأسفر، والحمد لله على نعمائه التي لا تحصر وعلى آلائه التي لا تقدر، والحمد لله جعل لنا عيدنا فرحاً وشكراً فهو في كل سنة يتكرر. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً.

معاشر المسلمين والمسلمات، اتقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، وراقبوه في السِّر والنجوى، فإن تقوى الله أكرمُ ما أسررتم، وأجمل ما أظهرتم، وأفضل ما ادخرتم، وقد قال ربكم آمرًا لكم:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

العيد من أعظم المنن التي امتنَّ الله بها على عباده، لإظهار الفرح والسرور والأنس والحبور: )قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(. وإن لكل أمة أعيادا تحتفي بها، وهذا عيدنا الذي يميزنا عن أعياد غيرنا، القائمة على الشرك والبدعة والشبهة، فالحمد لله على نعمة التوحيد والسنة.

العيد في الإسلام تذكير بنعمة الإخوة في الدين وتأكيد على الاعتصام بحبل الله المتين :)وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(.

العيد وئام وسلام، يبذل فيه المؤمنون التهاني والدعاء، ونفوسهم صافية من الضغائن والشحناء، والعاقل الحصيف من كان من أهل العفو والتجاوز، والتغافل عن الزَّلات والهفوات.

العيد فرصة لإظهار الأُلفة ومجانبة الفُرقة: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا).

العيد مبادرة بِالتَّهْنِئَةِ وإِحْيَاءِ الْمَوَدَّةِ، ورسم البسمة، والإغضاء عن الزلة والهفوة، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» لَا يَحُلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ«  أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

الْعِيدَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ وَحْدَةِ الْأُمَّةِ المسلمة؛ تَذُوبُ فيه الْفَوَارِقُ، وَتَتَلَاشَى عصبية العروق، فالغني والْفَقِير، وَالْعَرَبِي وَالْأَعْجَمِي يَهْتِفُونَ بِلِسَانٍ وَاحِدٍ:

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

الأضحية شعيرة إسلامية، ومِلَّة إبراهيمية، وسنة مؤكدة في الشريعة المحمدية، قال أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشٍ وَقَالَ: »بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ« أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

الْأُضْحِيَّةَ شَعِيرَةً يقدمها المسلم خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى:) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر) ، )قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(. والْأُضْحِيَّةِ تحقيق للتقوى:)لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ(. فضحوا تقبل الله ضحايكم وطيبوا بها نفسا.   

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

عباد الله: أيَّامِكم هذه أيام هدي وأضاح، وعج وثج، وتكبير وتهليل، وحمد وشكر، فكبِّروا الله واذكروه  على ما هداكم في كل وقت، ودبر الصلوات إلى آخِر أيَّام التشريق.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أيها الأحبة، اجتمع اليوم عيدان جمعةٌ وعيد ولله الحمد والمنة، روى أبو داود في سننه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مُجَمِّعون). فمن صلى العيد، أجزأته عن الجمعة ذلك اليوم، ويصليها ظهرا في بيته، والإمام يقيم الجمعة بمن حضر لصلاتها ممن صلى العيد وممن لم يصل العيد.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أيها المسلمون، عيدنا يأتي هذا العام في ظل جائحة كورونا، والمسلم الحق مستسلم لأمر ربه في جميع أحواله، راضٍ بقضائه وقدره، وصابر على بلائه، وشاكر لنعمائه، وإن بعد العسر يسرًا، والكرب منكشف لا محالة، فافرحوا بعيدكم، وتفاءلوا وأبشروا بالفرج القريب من عند أرحم الراحمين. فتوكلوا على الله ربكم وافعلوا الأسباب وخذوا بالتدابير الاحترازية والوقائية وذلك بالتباعد وترك المصافحة والبعد عن التجمعات حماية لكم من آثاره الجائحة ودرئها عنكم وذويكم .

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيَّتُهَا الأخوات الْمُسْلِمَاتُ: اتَّقِينَ اللهَ فِي أَنْفُسِكُنَّ وفي أزواجكن وبيوتكن، وَحَافِظْنَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا؛ فَإِنَّهُنَّ مِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ. وَأَخْرِجْنَ الزَّكَاةَ وَالصَّدَقَاتِ؛ فَإِنَّهَا وِقَايَةٌ مِنَ النَّارِ، وَعَلَيْكُنَّ بِالْحِجَابِ وَالِاحْتِشَامِ، وَلْيَكُنْ لَكُنَّ فِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أُسْوَةٌ، وَفِي بَنَاتِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام قُدْوَةٌ، فالْمَرْأَةَ نَوَاةُ الْمُجْتَمَعِ؛ ومن أعمدة صلاحه وسعادته.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

اللهم أسعد في هذا العيد قلوبنا، وفرج همومنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ادفع عنا الوباء والغلاء، اللَّهُمَّ وَفِّقْ ولي أمرنا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيته لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ بِلَادَنَا بِلَادَ إيمان وَأَمَانٍ، وَرَخَاءٍ وَسَعَةِ رِزْقٍ، وَاصْرِفْ عَنْهَا الشُّرُورَ وَالْفِتَنَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

 
 

محمد السبر
  • خطب دعوية
  • مقالات دعوية
  • تحقيقات وحوارات صحفية
  • الصفحة الرئيسية