اطبع هذه الصفحة


العمل للإسلام

الشيخ/ محمد بن إبراهيم السبر*

 
يعجب المرء من عمل أهل الباطل لباطلهم وكفاح أهل الكفر لكفرهم وسعي اهل اللهو في لهوهم وأعجب من ذلك تقاعسنا نحن المسلمين عن العمل لديننا وغفلتنا عن ما يراد لنا وجهل البعض منا بقضايانا المعاصرة اضف إلى ذلك ما حدث للأمة الاسلامية سلفا وما يحدث الآن من مصائب وويلات وهجمات تستهدف أمنها ودينها وأجيالها القادمة فأصبحت الحال موافقة للنبوأة الصادقة التي لا تنطق عن الهوى : " يوشك أن تداعى عليكم الامم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قيل يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم، لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت "
رواه أبو داود والحاكم صحيح الجامع 2/1359 .

كل ذلك راجع إلى ترك العمل لهذا الدين وعدم استشعار هموم المسلمين والتألم لآلامهم وتحسس حاجاتهم ما ذاك إلا ان بعض الناس يتنصل من هذا كله ملقيا التبعة والمسؤولية على كاهل المعنيين بهذه الامور من العلماء الذين يمتطون صهوة المنابر ويتسنمون زمام الكلمة.

إن كثيراً من الناس إلا من رحم ربك يجعل المسألة حكراً على هؤلاء نقول نعم لاشك أن لهؤلاء قصب السبق فهم ربابنة السفينة ولكن أين البحارة؟ هم الذين يرسمون لنا الطريق ويضيئون لنا دروب العمل للاسلام,.

فالعمل لهذا الدين وظيفة الجميع رجالا ونساء صغارا وكبارا كل بحسبه من العلم والجهد والقدرة والطاقة وحسب موقعه ومنزلته فالتاجر المسلم وإن لم يكن عالما يستطيع ان يعمل للاسلام فبماله ودعمه تنتشر كتب العلماء الناصحين بماله يعلم الجاهل ويهدي الضال وبدعمه يؤوي اللاجئ ويطعم الجائع ويؤمن بإذن الله الخائف وتنطلق رايات الجهاد وإن ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه لهو اكبر مثال للمسلم الذي يستغل موقعه ومنصبه وتجارته لخدمة دينه يوم ان فرض حصاراً اقتصاديا على قريش قائلا كما في صحيح الإمام البخاري: والله لا تصلكم حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهؤلاء اخوتنا من مؤمني الجن ليس لهم في الاسلام إلا ساعات ومع ذلك (ولوا إلى قومهم منذرين) وليعلم المتقاعسون عن العمل للإسلام ان الرسول يقول: بلغوا عني ولو آية ,.

العمل للإسلام لا تحده حدود الزمان والمكان بل المسلم يعمل في سائر الامكنة والاحوال
عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم: "على كل مسلم صدقة قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق قالوا فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال فيعين ذا الحاجة الملهوف قالوا: فإن لم يفعل قال فليمسك عن الشر فإنه له صدقة رواه البخاري وفي لفظ عند أحمد والنسائي تهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك الى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ".
وفي الترمذي عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة ونهيك عن المنكر صدقة، وارشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وافراغك من دلوك في دلو اخيك لك صدقة "

ولا يحتقر المسلم نفسه أو جهده أو يترك العمل تعللا بأنه لم ير أثراً ولا ثمرة ولنحذر من دخول اليأس على قلوبنا إذا لم نلق اجابة أو قبولا من الناس.

على المرء ان يسعى إلى الخير جهده *** وليس عليه ان تتم المقاصد

وليقدم كل منا ولو عملا بسيطا في منزله او عشيرته او مدرسته او وظيفته بقلمه ان كان كاتبا وعقله إن كان مفكراً وماله إن كان تاجراً فالكل على ثغر من ثغور الاسلام فالمدرس يمثل القدوة الصالحة للطلاب والتاجر بصدقه وأمانته والموظف باتقانه للعمل وسرعة انجازه للمعاملات.

لعل هذه الكلمات تحرك جذوة من نار الحرقة للاسلام في قلوبنا وعل جمرة الاحساس بواجب الاهتمام بالمسلمين تشتعل في جوانحنا وعل جليد الركون للدنيا والنوم والكسل يذوب من حياتنا لكي ننطلق في مهامه الحياة للدين عاملين وللاسلام ناصرين, والله من وراء القصد.


• إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالعريجاء

 

محمد السبر
  • خطب دعوية
  • مقالات دعوية
  • تحقيقات وحوارات صحفية
  • الصفحة الرئيسية