اطبع هذه الصفحة


سياسة صنع الذرائع

طارق حسن السقا

 
في السابع والعشرين من يوليو 1953م- و بعد يوم واحد من إعلان
الرئيس جمال عبد الناصر قراره بتأميم شركة قناة السويس- وجه وزير الدفاع الفرنسي بورج مونوري دعوة لمقابلة شمعون بيريز بصفته - المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية وسأله عن المدة التي يتطلبها الجيش الإسرائيلي للوصول إلى قناة السويس. فأجابه بيريز : أسبوعين.

وبعد أسبوعين – تقريبا - وبالتحديد في 13 أكتوبر 1956 م - كانت ساعة الصفر قد تحددت لمعاقبة مصر عبد الناصر من جراء إقدامه على تأميم شركة
قناة السويس ذلك القرار الذي أصاب يهود العالم يومها بصدمة مربكة . فلقد دخلت إسرائيل الحرب إلى جانب انجلترا وفرنسا . وقامت إسرائيل بالدور المطلوب منها إبان هذه الحرب . فلقد كان دور إسرائيل في حرب 1956م هو القيام بمهاجمة مصر, لإيجاد الذريعة لكل من بريطانيا وفرنسا للتدخل للانتقام من قرار تأميم القناة و لتحقيق عدد من لأهداف أهمها :
1. إعادة السيطرة على القناة
2. التخلص من نظام عبد الناصر
3. وتدمير الجيش المصري.

وتلاقت هذه الأهداف مع الأهداف الإسرائيلية المتمثلة في :
1- رفع الحصار عن طريق تجارتها مع إفريقيا واسيا
2- وتصفية ما أسمته إسرائيل «إرهاب الفدائيين» الفلسطينيين.
3- وتدمير الآلة العسكرية المصرية إلى أقصى حد ممكن كما - يقول بيريز في مذكراته " (ص124).

وبعد أن وضعت الحرب أوزارها حصلت إسرائيل على ثمن اشتراكها في العدوان على مصر . وبالتحديد على دورها في إيجاد ذريعة لانجلترا وفرنسا لعقاب مصر . وكان المقابل عبارة عن :
1. ستين طائرة مقاتلة فرنسية من طراز «ميستيرز» ضمتها إلى سلاح طيرانها
2. تعهد من فرنسا بإرسال سربين من المقاتلات الفرنسية لحماية سماء إسرائيل من هجوم الطيران المصري المحتمل إبان العدوان
3. قيام فرنسا بتزويد إسرائيل بمفاعل نووي وإقامته في ديمونة . ولقد كشف المؤرخ الصهيوني ميخائيل بار زوهر أن تل أبيب انتزعت من باريس تعاونها في القطاع النووي انتزاعا ، عندما اشترطت عليها ذلك مقابل مشاركتها في العدوان الثلاثي على مصر..وكانت حجة بيريز التي فاجأ بها الجانب الفرنسي يومها أن إسرائيل تقوم بمجازفة كبرى، وقد تتعرض بعد ذلك لتهديدات كل العالم العربي، وبالتالي فعلى فرنسا أن تساعد إسرائيل لامتلاك وسائل ردعية قوية وغير تقليدية . وبالفعل وبعد خمسة أيام وافقت الحكومة الفرنسية على تسليم إسرائيل الكميات اللازمة من اليورانيوم.

وفي الأسبوع الأول من شهر ( يوليو 2007 م ) قام الجيش الإسرائيلي بمناورة عسكرية واسعة النطاق في الجولان المحتل لأول مرة منذ سبع سنوات تقريبيا تلكم المناورات التي وصفها احد المحللين بالمناورات المجنونة، . ولكن:-
هل جاءت هذه المناورات كبداية لقرع طبول الحرب في المنطقة ؟
هل جاءت مناورات يوليو 2007 م بداية لسيناريو محتمل( لسوريا بشار الأسد ) أشبه ما يكون بالسيناريو الذي تم مع ( مصر عبد الناصر 1956م ) ؟ .
هل تقوم إسرائيل بدورها في مهاجمة سوريا بغية إيجاد الذريعة لكل من الولايات المتحدة لتدمير إيران الحليف القوي لسوريا وحزب الله في الجنوب اللبناني ؟
هل تقوم إسرائيل بدورها في مهاجمة سوريا بغية إيجاد الذريعة لكل من الولايات المتحدة و بريطانيا وغيرهما من القوى صاحبة المصلحة في تدمير البرنامج النووي الإيراني ؟
هل تنجح إسرائيل في تنفيذ سياسة صنع الذرائع مرة أخرى مع سوريا وإيران كما نجحت في ذلك من قبل مع مصر عام 1956م ؟

أسئلة اسأل الله ألا تجيب عليها الأيام القادمة ؟

 

طارق السقا
  • الفرد المسلم
  • الأسرة المسلمة
  • المجتمع المسلم
  • الحكومة المسلمة
  • أستاذية العالم
  • أعداء الأمة
  • الصفحة الرئيسية