صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كوارثنا العربية
للبيع أم للاستثمار؟

طارق حسن السقا


الضجة التي أثارها موقف سلطة المقاطعة بقيادة
محمود عباس في رام الله من تقرير القاضي اليهودي ريتشارد جولدستون مؤخراً يؤكد من جديد أن العرب لا يجيدون استثمار ما يمر بهم من كوارث ولا نكبات, بعكس الدولة الصهيونية التي أتقنت منذ نشأتها وحتى اليوم استثمار كل ما مر بها من كوارث ونكبات بشكل علمي فائق الدقة , وحققت – وما زالت تحقق – من ورائه العديد من المكاسب والنجاحات.


إدعاءات


فمنذ نشأتها استثمر قادة
الدولة الصهيونية ما مر بهم من كوارث بدءً بما يدَّعُونه من معاناة اليهود من الأسرِ النازي حتى يومنا الذي نحن فيه استثماراً بالغ الدقة . وبذلك وجد الإرهاب الصهيوني غطاءً علمياً, وإعلامياً, ودِعائياً منظماً حَوَلَّه من إرهاب صهيوني أسود مقيت إلى مجرد دفاع عن النفس!, ومحاولة لحفظ النوع!, والرغبة فقط في العيش والاستمرارية بين شعوب العالم!, إلى آخر هذه الادعاءات التي نجحوا في ترويجها وتمريرها حتى أصبحت من المسلمات عند الكثيرين.


خائبون ومجتهدون


أما في حالتنا العربية, فالذاكرة العربية مليئة بالكوارث التي ألحقتها بنا الدولة الصهيونية, وكلها كوارث تتشابه في المضمون: ( قتل أبرياء بأفظع الوسائل ), وتختلف في الشكل: ( وسائل التنفيذ المتاحة وقت تنفيذ المذبحة )، ومع ذلك لم يحاول القادة العرب طيلة السنوات الماضية ولو لمرة واحدة استثمار ما مر بنا من كوارث استثماراً حقيقياً علمياً يصب في صالح قضيتنا. ولما جاءت المرة الوحيدة التي ساقتها الأقدار لنا بتقرير القاضي جولدستون ضيعها
الخائبون من العرب واستثمرها المجتهدون من الصهاينة.


مذابح


وحقيقة الأمر إن ما حدث من فظائع في حرب غزة لم يكن أول ولا آخر الكوارث التي مرت بأمتنا العربية.، فلا يمكن لأي إنسان أن ينسى الهمجية والبشاعة التي صاحبت ارتكاب الصهاينة للعديد من المذابح أمثال:
مذبحة دير ياسين: ( 9 أبريل عام 1948م ) والتي. وراح ضحيتها ما بين 250 إلى 360 ضحية.
مذبحة الأسرى المصريين في سيناء: ( بعد نكسة 1967م ) تلك المذبحة التي كشف الفيلم الوثائقي الإسرائيلي (روح شاكيد) النقاب عنها لأول مرة حيث اعترف فيه قادة إسرائيل علانية بقتل مئات الجنود المصريين في الصحراء عقب انتهاء الحرب في واحدة من أبشع الجرائم التي يتخيلها عقل, تلك المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من 250 من أبناء مصر الأبرار.
مذبحة بحر البقر: ( 8 أبريل 1970م ) والتي راح ضحيتها نحو ثلاثين طفلا وإصابة أكثر من خمسين طفلاً بجروح وإصابات بالغة خلّفت عدداً من المعوقين.
مذبحة الطائرة الليبية: (12 فبراير 1973م ) التي راح ضحيتها 105 من الركاب المدنيين إضافة إلى طاقمها .
مذبحة صبرا وشاتيلا: ( سبتمبر 1982م ) والتي راح ضحيتها ما يقرب من 3000 شهيد فلسطيني .
 

تساؤلات


وحتى لا أقلب عليك المزيد من المواجع – عزيزي القارئ – أكتفي بهذا القدر لأتساءل :
هل صحيح ما يظنه الآخرون عنا نحن العرب أننا لا نعاني ؟
هل صحيح ما قاله أحد الباحثين الصهاينة بأن العرب لا يعقلون الكوارث التي تمر بهم لأنهم يلجأون إلى التسليم ؟! ( يقصد التسليم بالقضاء والقدر).
هل صحيح أن قيمة الإنسان العربي ليست لها أي اعتبار عند حكامنا وبالتالي عند أعدائنا ؟
وهل صحيح أننا نفرط في دم شهدائنا وأسرانا ولا نعيرهم اهتماماً عكس الدولة الصهيونية التي تضحي بكل ما تستطيع من أجل جندي أزعر ؟ ( شاليط نموذجاً ).
 

كسب الرأي العام


آن الأوان أن تتضافر الجهود من أجل دحض هذه
الادعاءات الصهيونية, والعمل على عرض معاناتنا وكوارثنا القديمة والحديثة على الرأي العام العالمي بطرق علمية بقصد كسب تعاطفه الشعبي مع قضايانا العادلة، وفي الوقت نفسه العمل على فضح وتعرية الدعاية الصهيونية الكاذبة. فالمساهمة في نشر ما مر و يمر بالإنسان العربي من معاناة وكوارث على الرأي العام العالمي حتماً سيساهم في تأجيج مشاعر المشاركة الإنسانية لدى هذا الرأي العام ليمارس ضغوطاته على حكوماته المؤيدة للدولة الصهيونية كما حدث في حرب غزة الأخيرة وهذا أضعف الإيمان في زمن الضعف والهزال.


الزمان اختلف


آن الأوان أن ننفق الأموال والخبرات في سبيل هذا العرض خاصة وأن الوضع اختلف عن ذي قبل. ففي الماضي لم تكن مثل هذه الكوارث تجد طريقها إلى الرأي العام العالمي إلا من خلال أسطر قليلة في الصفحات الداخلية
للصحف العالمية بحيث لا تحدث تأثيرها المطلوب. أما اليوم – وفي زمن الفضاء المفتوح والشبكة العنكبوتية – فالأمر أصبح أكثر اختلافاً, وهذا ما يجب استثماره أيضا.


إلى أن ...


إن استثمار ما يمر بنا من كوارث – مهما كان حجمها – أصبح ضرورة حتمية تقع على عاتق المخلصين من أبناء هذا الوطن في الداخل والخارج إلى أن يُقَيِّض الله لهذه الأمة قائداً ربانياً يستلهم موقف خليفة المسلمين
المعتصم بالله الذي لم يتوانى لحظة في تجيش الجيوش لنجدة إمرة مسلمة تحرش بها رومي ؛ قائداً يحول صرخة وامعتصماه من حبر على ورق إلى واقع ملموس؛ قائداً يعمل بقول خليفة المسلمين عمر بن الخطاب : والله لو أن بغلة عثرت في العراق لسألني الله لما لم تصلح لها الطريق يا عمر.
وفي النهاية أدعو كل من يبتليه الله بحكم شعب أو ولاية أمر أمة أن يجتهد في أن يقتدي بعمر الحاكم , فعمر الحاكم حجة الله على كل حاكم ، فإذا ما قال حاكم، ساعة حسابه، يا رب عجزت، قال الله له ، ولماذا لم يعجز عمر؟
 

طارق حسن السقا
alsaqa22@hotmail.com


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
طارق السقا
  • الفرد المسلم
  • الأسرة المسلمة
  • المجتمع المسلم
  • الحكومة المسلمة
  • أستاذية العالم
  • أعداء الأمة
  • الصفحة الرئيسية