اطبع هذه الصفحة


أسلحة لا تصنعها الحضارات

 محمد بن عبدالله الشمراني *

 
إن الحرب مع الأعداء لا تكاد تعرف إلا منطق القوة سواء كانت هذه القوة هي القوة الحسية المادية أو القوة المعنوية الغيبية ، لذا قال الله عز وجل :- }وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ..{ (1) ومن الخطأ الفادح أن تقيّم معادلة القوة بالنظر إلى أحد جانبيها ( الحسي أو المعنوي ) مع إغفال الجانب الآخر . وأعظم من ذلك خطأًًُ الاعتماد على جانب دون الجانب الآخر ، كمن يعتمد فقط على نصر الله لعباده المؤمنين إنطلاقاً من قوله عز وجل :- }وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ،إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ{ (2) فيدعوه ذلك إلى ترك الأخذ بالأسباب المادية ، أو يرى أن عدم التكافؤ في الأسباب المادية يوجب الهزيمة والاستسلام ، ويظن أن مواجهة الأعداء مع عدم التكافؤ المادي الحسي (( التكنولوجي )) إلقاء بالنفس إلى التهلكة ، والحق أن قوله عز وجل : } وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ { (3) جاء في سياق الآيات وهي تلفت النظر إلى الجانب الأهم للقوة وهو جانب معية الله لعبادة المتقين ، قال عز وجل : } فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ % وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{ (4) قال ابن عباس رضي الله عنه  : ليس التهلكة أن يُقتل الرجل في سبيل الله ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله .(5) ولما قام رجل من الصحابة في غزوة القسطنطينية فحمل على العدو حتى دخل فيهم ثم خرج فصاح الناس وقالوا : سبحان الله ألقى بنفسه إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هكذا أن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة أو يبلى في نفسه إنما نزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار ، أنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه ، قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله في كتابه يرد علينا ما هممنا به ، فقال عز وجل :}وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ{ (6) فالا لقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها ، وندع الجهاد قال : أبو عمران فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية 0 (7) .

إذاً مواجهة أهل الأيمان لعدوهم الذي يتفوق عليهم بالعدة والعدد مهما كان الفارق بينهم ومهما ملك العدو من وسائل الحرب المتطورة ليس من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة إذا بذلوا ما في وسعهم لإعداد العدة (الحسية والمعنوية) لمواجهة عدوهم ولو كان شيئاً يسيراً فإن الغلبة والنصر إنما هي من عند الله كما قال عز وجل : }وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ{ (8) ويزيد الأمر وضوحاً إذا عرف المؤمن أن معادلة القوة تكون لصالحه إذا كان يملك ( إلى جانب ما يستطيع أن يعده من القوة الحسية ) ، تلك الأسلحة التي لا يمكن لقوى الأرض كلها أن تقف أمامها وهي ما يمكن أن نسميها ( الأسلحة التي لا تصنعها الحضارات ) ونقصد بها :

أولاً : معية الله لعباده المؤمنين :

لا شك أن ميزان القوى ومعادلة التكافؤ بين الأطراف المتحاربة تخضع لمن يناصر كل طرف، ومن يقف بجانبه ويؤيده، وإن كان بمجرد التأييد العاطفي والتشجيع المعنوي! فكيف تكون المعادلة إذا كان الله جل وعلا مع أهل الإيمان يؤيدهم وينصرهم؟! كما قال عز وجل : }وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{ (9) 0 وقال اللهعز وجل (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ{ (10) وقال عز وجل:}إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ{ (11)
(فهو معهم عز وجل بالإعانة والرعاية والكفاية والنصر والتأييد والهداية والتوفيق والتسديد وغير ذلك مما تجفو عبارة المخلوق عنه ويقصر تعريفه دونه، وهذه هي معية الله الخاصة لأحبابه وأوليائه ). (12) ومن كان الله معه كان النصر حليفه مهما ملك عدوه من قوة ، وأصبح ذلك العدو أحقر من الذباب في نظره وإن كانت كل الأسباب المادية في يده ، كما قال موسى عليه السلام حينما خرج فرعون بغطرسته وجنوده يطاردونه هو والقلة المؤمنة معه ، حتى قال فرعون : }إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{ (13) وهذه المفارقة العظيمة بين الطرفين جعلت بعض من كان مع نبي الله موسى عليه السلام يقول : ( إنّا لمدركون ) كما قال عز وجل:} فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ{ (14) ولكن موسى عليه السلام لما كان يعي حقيقة المعادلة } قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ{ (15) ثم قال الله عز وجل بعد ذلك : }وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ،إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ{ (16)
وكذلك نبي الرحمة  صلى الله عليه وسلم  حينما خرجت قريش بغطرستها وكبريائها تطارده صلى الله عليه وسلم  فأوى إلى الغار ومعه صاحبه الصديق رضي الله عنه ، وما كانا يملكان من القوة المادية شيئاً يذكر ، حتى خاف أبو بكر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم  حينما رأى أن القوم قد وصلوا إليهم ولكن الثقة بموعود الله جعلت النبي  صلى الله عليه وسلم  يطمئن صاحبه ويقول : } لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا {(17) كما قال : عز وجل } إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{ (18)
وحينما تمتلئ قلوب أهل الأيمان يقينا بأن الله معهم لم يأبهوا بعدوهم مهما يكن معه من قوة، وقد اخبرنا الله عز وجل في كتابه العزيز عن هذا النوع من الناس فقال:
}فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ % وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ % فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ{ (19)

ثانياً : قتال الملائكة في صفوف المؤمنين

ملاحظة مهمة:
قبل أن نستطرد في الحديث عن الأسباب الغيبية لنصرة أهل الأيمان أو ما نسميه (بالأسلحة التي لا تصنعها الحضارات ) فأنه من المهم دفع شبهة قد ترد على البعض وهي ما يمكن أن يعبر عنها بهذا السؤال:
ما هي الحكمة من تسخير جنود السماوات والأرض لمناصرة أهل الأيمان والله عز وجل قادر على أن يهزم أعدائه بقوله كن فيكون }إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{ (20)؟ !
فقد ذكر السبكي رحمه الله جواباً على ذلك فقال: (وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي  صلى الله عليه وسلم  وأصحابه ، وتكون الملائكة- وغيرها من جنود السماوات والأرض- مدداً على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها اللهعز وجلفي عباده . والله هو فاعل الجميع) (21)
(وكلام السبكي رحمه الله يكشف عن طبيعة الإسلام في تحقيق أهدافه معتمداً على الجهد البشري وفي حدود السنن والقوانين الطبيعية والاجتماعية. وهذا الكلام يدل على بصيرة نافذة وعمق في فهم طبيعة هذا الدين) (22)
فمما يجعل كفة المعادلة ترجح لصالح أهل الإيمان أن الملائكة تقاتل في صفوفهم فقد ثبت بالكتاب العزيز والسنة الصحيحة أن الملائكة شاركت في قتال المشركين يوم بدر كما قال عز وجل : }وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ % إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ % بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ{ (23) . وقال عز وجل: }إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ{ .(24)
وقد رأى الرسول  صلى الله عليه وسلم الملائكة في غزوة بدر، ففي صحيح البخاري : باب شهود الملائكة بدراً، أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال:(هذا جبريل آخذ براس فرسه عليه أداة الحرب ) . (25) بل إن رؤيتهم لم تكن مقتصرة على النبي  صلى الله عليه وسلم  ،ففي صحيح البخاري عن سعد بن أبى وقاص قال:(رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم  -وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض لم أرهما قبل ولا بعد). (26)
قال ابن حجر في الفتح:هما جبريل وميكائيل كذا وقع في مسلم من طريق أخرى(27) (وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم  يوم بدر فقال:ما تعدون أهل بدر فيكم؟قال :من افضل المسلمين قال جبريل : وكذلك من شهد بدراً من الملائكة) (28) وفي صحيح مسلم عن أبن عباس رضي الله عنه ( بينما رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ، وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم ، إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقياً قال : فنظر إليه فإذا هو قد حطم وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة ). (29)
ولم تكن مشاركتهم مقتصرةً على غزوة بدر ، فقد حاربت الملائكة في مواقع أخرى ، ففي غزوة الخندق(يوم الأحزاب)أرسل الله ملائكة تقاتل في صفوف أهل الإيمان كما قال عز وجل : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً{ (30).[وكذلك قاتلت مع المسلمين في أحد ، (فقد ثبت أن الله تعالى أرسل جبريل وميكائيل من الملائكة ليقاتلا دفاعاً عن الرسول لأن الله تكفل بعصمته من الناس) (31) ولم يصح أن الملائكة قاتلت في أحد سوى هذا القتال . وإن وعدهم الله تعالى أن يمدهم ، لأنه جعل وعده معلقاً على ثلاثة أمور : الصبر والتقوى وإتيان الأعداء من فورهم ، ولم تتحقق هذه الأمور فلم يحصل الإمداد. تفسير ابن كثير(1/401 ) كما قال تعالى :(ألن يكفكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ) سورة آل عمران 124-125
وكذلك قاتلت يوم حنين كما قال تعالى: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، وأنزل جنوداً لم تروها ، وعذب الذين كفروا) سورة التوبة /26] (32)
وقد ثبت في الصحيح أنهم يقاتلون بأسلحتهم ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم  من الخندق ووضع السلاح واغتسل،أتاه جبريل عليه السلام فقال:(أو ضعتم سلاحكم ، فإننا لم نضع سلاحنا بعد ، فقال:إلى أين ؟ فأشار إلى بني قريظة)(33)
وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيراً فقال العباس : إن هذا ما أسرني ، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجهاً ، على فرس أبلق ما أراه في القوم ، فقال الأنصاري : أنا أسرته يا رسول الله ، فقال  صلى الله عليه وسلم : ( اسكت فقد أيدك الله بملك كريم ) (34)
فإذا علم ذلك فإن الملائكة خلق من خلق الله تعالى وقد أوتوا من القدرة ما يعجز عنه الوصف، كما قال عز وجلعن ملائكة النار : }عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{(التحريم) 6 وفي الحديث الصحيح أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال : ( أذن لي أن أحدث عن أحد حملة العريش ، ما بين شحمة أذنه وعاتقه مسيرة سبعمائة عام تخفق الطير )..(35) وقد رفع جبريل قرى قوم لوط بطرف جناحيه إلى السماء ثم فلتهم .. كما ذكر ابن كثير في تفسيره عن مجاهد أنه قال : ( أخذ جبريل قوم لوط من سرحهم ودورهم ، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم ، ورفعهم حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ، ثم كفأها ، وكان حملهم على خوافي جناحه الأيمن ). (36)
فسبحان الله كيف يُهزم جندٌ يقاتل معهم الملائكة ؟!! وهذا من أهم الأسرار التي تجعل كفة الغلبة والنصر في أكثر الغزوات ترجح لصالح أهل الإيمان رغم عدم التكافؤ في العدد والعدة .

ثالثاً : مؤازرة مسلمي الجن لإخوانهم المؤمنين :

الجن خلق من خلق الله تعالى خلقهم الله تعالى قبل خلق آدم عليه السلام فكانوا أول من سكن الأرض كما قال عز وجل : }وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ ، وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ{ (37) ، وقد وهبهم الله تعالى من القدرات العظيمة التي لا يعلمها إلا الله وقد بين عز وجلفي كتابه شيئاً من ذلك كما في قصة سليمان عليه السلام حينما طلب إحضار عرش ملكة اليمن ( بالقيس ) من اليمن إلى بيت المقدس ، فقال عفريت من الجن أنا أتيك به في مدة لا تتجاوز قيام الرجل من مجلسه كما في قوله عز وجل: }قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ{ (38). ويدل على ما أوتوا من القدرات الهائلة قدرتهم على اختراق الفضاء ووصولهم إلى السماء كما قال عز وجلعنهم:} وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً{ (39).
ومما لاشك فيه أن فيهم الصالحون اللذين تعلقت قلوبهم بحب الله كما قال عز وجل : }وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً{ (40)
ففي صحيح البخاري (باب إسلام عمر رضي الله عنه ) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : «ما سمعتُ عمرَ يقول لشيء قطُّ إني لأظنُّهُ كذا إلا كان كما يَظنّ. بينما عمرُ جالسٌ إذ مرَّ بهِ رجلٌ جميلٌ فقال عمرُ: لقد أخطأَ ظني، أو إنَّ هذا على دِينهِ في الجاهلية، أو لقد كان كاهِنَهم، عليَّ الرَّجُلَ. فدُعي لهُ، فقال لهُ ذلك. فقال: ما رأيتُ كاليوم استُقبِلَ بهِ رجلٌ مسلم. قال: فإِني أعزِمُ عليكَ إلاّ ما أخبرتَني. قال: كنتُ كاهِنَهم في الجاهلية. قال: فما أعجبُ ما جاءتكَ به جِنِّيَّتُك؟ قال: بَينما أنا يوماً في السوقِ، جاءَتني أعرِفُ فيها الفَزَع فقالت: ألم ترَ الجنَّ وإبْلاسَها، ويأسَها من بعدِ إنكاسِها، ولحوقَها بالقلاصِ وأحلاسها. قال عمر: صدق، بينما أنا نائمٌ عندَ آلهتِهم، إذ جاء رجلٌ بعِجلٍ فذبحَهُ، فصرَخَ به صارِخٌ لم أسمَعْ صارِخاً قطُّ أشدَّ صوتاً منه يقول: يا جَليحْ، أمرٌ نَجيح، رجُل فَصيح، يقول: لا إلهَ إلاّ أنت. فَوثبَ القومُ. قلتُ: لا أبرَحُ حتى أعلمَ ما وراءَ هذا. ثم نادَى: يا جَليحْ، أمرٌ نَجيح، رجُل فصيح، يقول: لا إلهَ إلاّ الله. فقمتُ، فما نَشِبْنا أن قيلَ: هذا نبيّ». البخاري رقم3866
وقد ساق ابن كثير في تفسيره بسنده إلى الأعمش انه قال:تروح إلينا جني فقلت له:ما أحب الطعام إليكم قال: الأرز ،قال: فأتيناه به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحد،فقلت فيكم من هذه الأهواء التي فينا ؟قال :نعم،قلت:فما الرافضة فيكم؟قال شرنا. (41)
[ومما ينصر الله به عباده المؤمنين أن يكون في صفوفهم إخوان لهم من صالحي الجن يقاتلون معهم أعداء الله تعالى ، فيكونون من جملة جنود الله تعالى الذين يجعلهم الله تعالى سبباً لنصرة أوليائه كما قالعز وجل: } ولله جنود السماوات والأرض { ](42) وقال عز وجل : } وما يعلم جنود ربك إلا هو {. (43)
قال الرازي في تفسيره : وفي جنود السماوات والأرض وجوه :
أحدها : ملائكة السماوات والأرض .
ثانيها : من في السماوات من الملائكة ومن في الأرض من الحيوانات والجن .
ثالثاً : الأسباب السماوية والأرضية ... حتى يكون سقوط كسف من السماء والخسف من جنوده .(44)
وقال السمرقندي في تفسيره ( بحر العلوم ) } ولله جنود السماوات والأرض { فجنود السماوات الملائكة وجنود الأرض المؤمنون من الجن والأنس . (45)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أن عمر رضي الله عنه لما نادى يا سارية الجبل قال : أن لله جنوداً يبلّغون صوتي . وجنود الله هم من الملائكة ومن صالحي الجن . فجنود الله بلّغوا صوت عمر إلى سارية ، وهو أنهم نادوه بمثل صوت عمر . (46) .
وقال شيخ الإسلام أيضا : وكان عمر مرة قد أرسل جيشاً فجاء شخص وأخبر أهل المدينة بانتصار الجيش وشاع الخبر فقال عمر : من أين لكم هذا ؟ قالوا شخص صفته كيت وكيت فأخبرنا ، فقال عمر : ذاك أبو الهيثم بريد الجن ، وسيجيء بريد الإنس بعد ذلك بأيام . (47)

رابعاً : أسباب السماوات والأرض .

ومما ينصر الله به عباده المتقين أن يسخر لهم أسباب السماوات والأرض التي لا يحيط بعلمها إلا هو عز وجل.
ومن هذه الأسباب :
1-الريــــــح :
الريح من جنود الله تعالى التي لا يقاومها شيء، فإذا خرجت عن سرعتها المعتادة - بإذن ربها- دمرت المدن وهدمت المباني واقتلعت الجبال والأشجار ،وقد سماها الله عز وجل (عاتية) في قوله : } وأما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية{ قال مجاهد:العاتية التي عتت عن الطاعة فكأنها عتت على خزانها ، فلم تطعهم ولم يقدروا على ردها لشدة هبوبها . (48) فقد اهلك الله بها قوم عاد.
وفي الحديث المتفق عليه، أن النبي  صلى الله عليه وسلم  في غزوة تبوك قال لأصحابه: (ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقم فيها أحد، فمن كان له بعير فليشد عقاله) فهبت ريح شديدة،فقام رجل، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء. (49)
بل إن الريح قد قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق. كما قال اللهعز وجل: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً{. (50).
قال مجاهد : هي الصبا ، أرسلت على الأحزاب يوم الخندق حتى ألقت قدورهم ونزعت فساطيطهم .
ويدل على هذا ما ثبت عند مسلم انه  صلى الله عليه وسلم  قال : (( نصرتُ بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور )) (51) .
وقد روى مسلم ايضاً في صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن رجلاً قال له: لو أدركت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لقاتلت معه وأبليت ،فقال له حذيفة:أكنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ليلة الأحزاب في ليلة ذات ريح شديد وقر..إلى أن قال حذيفة كما في رواية يونس بن بكير عن زيد بن اسلم:.. وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبراً ، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم ، الريح تضربهم بها ثم خرجت نحو النبي صلى الله عليه وسلم  فلما انتصفت الطريق إذ أنا بنحو من عشرين فارساً معتمين (( وهم من الملائكة )) فقالوا:أخبر صاحبك أن الله عز وجل كفاه القوم(52)
وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يرسلها (أي الريح)على قوم من هذه الأمة قد تمادوا في غيهم وعصيانهم فتهلكهم، كما في حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال:(يبيت طائفة من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير ،ويُبعث على أحياء من أحيائهم ريح،فتنسفهم كما نسفت من كان قبلكم ،باستحلالهم الخمر، وضربهم بالدف ،واتخاذهم ألقينات)(53)

2-الزلازل:

الزلازل من اشد الأسباب الطبيعية التي يقدرها الله تعالى تخويفاً لعباده كما قال عز وجل : }وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً{ (54) وقال عز وجل :}قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ{ (55) والعذاب الذي يكو ن من فوق هو الصيحة أو الحجارة والذي من تحت هو الرجفة (الزلازل ) والخسف كما ذكر الاصبهاني في تفسيره عن مجاهد0(56) قال العلامة ابن القيم رحمة الله وقد يأذن الله عز وجل للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام فيحدث من ذلك لعبادة الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه والندم كما قال بعض السلف وقد زلزلت الأرض:أن ربكم يستعتبكم .
وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقد زلزلت المدينة :[لان عادت لا أساكنكم فيها] (57)

فإذا علم أن الزلازل الهائلة إنما تحدث بأمر ربها، بل وقد اهلك الله بها ثمود-قوم صالح عليه السلام-كما قال عز وجل:} فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ، وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ{(58)
قال الشوكاني : (فأخذتهم الرجفة) أي الزلزلة0 (59)
وهي من أوضح الدلالات على عظمة الجبارعز وجل وضعف جبابرة الأرض مهما أوتوا من قوة.
كيف وهي في بضع ثواني تهلك مئات الألوف من الناس
*ففي مدينة تانجشان الصينية وقع زلزال في 14/11/1383هـ الموافق 27/مارس آذار/1964م وقع ضحيته 500.000 نسمة0
*ووقع زلزال في العاصمة اليابانية في 24/2/1324هـ الموافق 18/أبريل نيسان/1906م راح ضحيته 142000 نسمة0
*ووقع زلزال في مدينة بآم الإيرانية في 3/11/1424هـ الموافق 26/ديسمبر 2004م راح ضحيته 50,000 نسمة0
*ووقع زلزال في إقليم جيلان بإيران في 17/3/1410هـ الموافق 17/اكتوبر1989 م راح ضحيته 40,000 نسمة0
*ووقع زلزال في ولاية جو جارات الهندية في 18/10/1421هـ الموافق13/يناير2001 م راح ضحيته 30,000 نسمة0 (60)

3-الخسف

مما توعد الله به الظالمين الخسف وهو:أن يذهب جزء من القشرة الأرضية ويغيب في الأرض ، يقال خسف المكان خسوفا إذا ذهب في الأرض وغاب فيها.(61)
كما قال عز وجل : } أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (62) وقالعز وجل:} وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ % فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{ (63) وقال عز وجل :( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ{ (64) فهذا قارون ماذا قال الله فيه ؟قال عز وجل : } فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ { (65).
قال ابن كثير : لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى اِخْتِيَال قَارُون فِي زِينَته وَفَخْره عَلَى قَوْمه وَبَغْيه عَلَيْهِمْ عَقَّبَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ خَسَفَ بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عِنْد الْبُخَارِيّ ومسلم أَنَّ رَسُول اللَّه قَالَ  صلى الله عليه وسلم :بَيْنَمَا رَجُل يَجُرّ إِزَاره إِذْ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَل فِي الْأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. (66)
وفي صحيح مسلم عن أم المؤمنين عايشه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال:(سيعوذ بهذا البيت يعني الكعبة قوم ليست لهم منعه ولا عدد ولا عدة يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم )0 (67)
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه انه سمع رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول :(يشرب ناس من أمتي الخمر ، يسمونها بغير اسمها يضرب على رؤوسهم بالمعازف والقينات ، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير) (68)
ومما تقدم ، يتبين أن الله سبحانه وتعالى يجعل الخسف على أعدائه نصرة لأوليائه من الأنبياء والصالحين، بل وقد يأخذ الله به بعض العصاة إذا تمادوا في غيهم وضلالهم عياذا بالله0
وهذا مما يجعل أهل الحق على ثقة بربهم فيعلمون أن قوى الأرض أحقر من أن يؤبه بهم إذا كان الله معهم يسخر لهم أسباب السماوات والأرض التي لا طاقة لقوة من قوى البشر بشيء منها مهما بلغت قوتها .

4-إمطار الحجارة من السماء:

لقد اخبر الله تبارك وتعالى عن قوم لوط كيف أمطر عليهم الحجارة من السماء فقال عز وجل : }فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ %مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ{ (69) وتأمل قوله عز وجل:} وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ{ !! قال القاسمي في تفسيره: فيه وعيد شديد لأهل الظلم كافة0 (70) وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن أبي حاتم عن قتادة قال (وما هي من الظالمين ببعيد ) من ظالمي هذه الأمة . (71)
وكذلك فعل الله بجيش ابرهة الأشرم وآلي اليمن من قبل ملك الحبشة قد رأى أن يبني بيتا في صنعاء اليمن يدعون العرب إلى حجه بدل حجهم البيت الحرام ولقصد من ذلك تحويل التجارة والمكاسب من مكة إلى اليمن وعرضها على الملك الحبشي فوافق وسره ذلك ولما بني البيت (الكنيسة) وسماها القليس لم يُبني مثلها في تاريخها جاء رجل قرشي فتغوط فيها ولطخ جدرانها بالعذرة غضباً منها فلما رآه أبرهة الأشرم بتلك الحال استشاط غضباً وجهّز جيشاً لغزو مكة وهدم الكعبة وكان معهم ثلاثة عشر مقاتل ومن بينهم فيل يدعى محمود وهو أكبرهم وساروا ما وقف في وجههم حي من أحياء العرب إلا قاتلوه وهزموه حتى انتهوا إلى قرب مكة وجرت سفارات بينهم وبين شيخ مكة عبد المطلب بن هاشم جد النبي  صلى الله عليه وسلم  وانتهت المفاوظات بأن يرد ابرهة ابل عبد المطلب ثم هو وشأنه بالكعبة ، وأمر رجال مكة أن يخلوا البلد ويلحقوا برؤوس الجبال بنسائهم وأطفالهم خشية المعرة تلحقهم من الجيش الغازي ، وما هي إلا أن تحرك جيش أبرهة ووصل إلى وادي محسّر وهو في وسط الوادي سائراً وإذا بفرق من الطير فرقة بعد أخرى ترسل على ذلك الجيش الواحدة ما بين الحمّصة والعدسة في الحجم وما تسقط الحجرة على رجل إلا ذاب وتناثر لحمه فهلكوا ،وفر ابرهة ولحمه يتناثر فهلك في الطريق .وكانت هذه نصرة من الله لسكان حرمه وحماة بيته ومن ثم مازالت العرب تحترم الكعبة والحرم وسكانه إلى اليوم(72). وهذه الحادثة كانت في نفس العام الذي ولد فيه الحبيب محمد  صلى الله عليه وسلم ، وفيها دلالة واضحة على قوة الجبار عز وجل، وانتقامه المهلك لكل طاغ وباغ ومتكبر، مما يجعل جنده وأوليائه يركنون إلى الثقة والطمأنينة بنصره: }أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ{ (73)
إن إمطار الحجارة من السماء وان كان قد حدث لبعض الظالمين من الأمم السابقة إلا أن الله عز وجل قد توعد به المشركين من هذه الأمة مما يدل على إمكانية حدوثه كما قال عز وجل } أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً{(74)

فقد اخرج ابن جرير الطبري عن قتادة انه قال :الحاصب حجارة من السماء 0(75) واخرج ابن المنذر* عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية قال:الحاصب مطر الحجارة . (76) وقد أخبرالرسول صلى الله عليه وسلم  انه سوف يحدث في أخر هذه الآمة ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في آخر هذه الآمة خسف ومسخ وقذف، قالت قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال:نعم إذا ظهر الخبث) (77) وقال  صلى الله عليه وسلم : ( بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف ) (78) والقذف هو الرمي بالحجارة كما قال المباركفوري في تحفة الأحوذي ، ومحمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على سنن ابن ماجه0 (79)
وهذا مما يجعل إمكانية نصر الله لأوليائه وعباده الصالحين بمثل هذا النوع من السلاح وارداً وممكناً عقلا وشرعا

5-الصواعق المحرقة :

ومما يؤيد الله به أوليائه ويعذب به أعدائه الصواعق وهي : الصوت الشديد يكون معه نار يرسلها الله مع الرعد الشديد فلا تقع على شيء إلا أحرقته. (80) قال الله عز وجل:}هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) %وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ{ (81) وقد اهلك الله بها أهل العناد ممن كذبوا نبي الله (هود) وهم عاد وكذلك ممن كذب نبي الله (صالح)وهم ثمود كما قال الله عز وجل: }فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ{ (82) وفي هذه الآية تهديد واضح للمشركين من هذه الأمة ، فإن الخطاب للنبي  صلى الله عليه وسلم  ، إي قل يا محمد للمشركين الذين يعرضون عن الحق أنذرتكم أن تحل بكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، وهذا من أشد الوعيد الذي خافت منه قريش ووجلت منه قلوبهم كما في قصة عتبة بن ربيعة حينما أرسلته قريش إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  يفاوضه ، فقد روى الإمام عبد بن حميد في مسنده بسنده عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال:« اجتمعت قريش يوما فقالوا انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه، فقالوا ما نعلم أحدا غير عتبة ابن ربيعة، فقالوا يا أبا الوليد فأتاه عتبة فقال يا محمد أنت خير أم عبد الله فسكت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ثم قال أنت خير أم عبد المطلب فسكت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم إنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومها منك، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون اغنى قريش رجلاً واحداً وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجنك عشرا فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فرغت قال نعم فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  {بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم} حتى بلغ {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} فقال عتبة حسبك حسبك ما عندك غير هذا قال لا فرجع إلى قريش فقالوا ما وراءك فقال ما تركت شيئا أرى أن تكلموه إلا قد كلمته قالوا فهل أجابك قال نعم قال لا والذي نصبها بَيِّنَة ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} قالوا ويلك يكلمك الرجل بالعربية لا تدري ما قال قال لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة» صحيح السيرة النبوية للالباني ص159
وفي هذه دلالة واضحة على إمكانية أن يرسلها الله على أعدائه فتكون من جملة الأسلحة التي يؤيد الله بها عباده الصالحين .

6-الأسقام والأوجاع المؤلمة:

ومما ينصر الله به أوليائه أن يسلط على عدوهم الأمراض التي تفتك بهم ، فيتولى الله عز وجلحربهم بهذه الجنود التي لا قبل لهم بها ، كما في الحديث القدسي يقول الله عز وجل :(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب…) الحديث (84)
وهذه الأوبئة التي يسلطها الله على أعدائه تكون غالبا من النوع الذي لا يمكن للأطباء أن يقاوموه حيث أنها أوبئة جديدة لم تكن معروفة لهم من قبل فيظلوا زمناً يبحثوا عن طريقة لعلاج ذلك الوباء ، ثم يسلط الله عليهم وباءً جديداً وهكذا ،
كما قال النبي  صلى الله عليه وسلم  : (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ) (85)
ومن الأمراض التي سلطها اللهعز وجل على المفسدين في هذا الزمان وما هي من المجرمين ببعيد :
مرض الزهري: وعن خطورة هذا المرض يقول الدكتور توماس :إن خطر هذا المرض لايقل عن خطر السرطان0 (86)
مرض الهربس: والذي فرض نفسه شبحاً مرعباً في نفوس اولئك الذين تعدو على حرمات الله عز وجل0
وقد اوضح تقرير لوزارة الصحة الأمريكية أن الهربس يفوق في خطورته مرض السرطان0 (87)
مرض الأيدز: وهذا المرض كما يقول الأطباء يقتل اكثر من 75٪
ويقول الدكتور جيمس كوران العامل في مراكز السيطرة على الوباء في مدينة أتلانتا في ولاية جـورجـيـا أن ما بـيـن ملـيـون إلى ملـيـون ونصف آخرين قدأصيبوا بهذا الوباء ، وحسب تخمينات الدكتور كوران المستقبلية فـإن(41) ألـف حالة جديدة ستظهر هذا العام في حين سيبلغ عدد الذين سيعانون المرض في أمريكا لـوحـدها مع حلول عام 1992 (365) ألف ، هذا وقد توفي إلى الآن نصف المجموع الكلي لمـرضى الإيدز في أمريكا ، وقد بلغت دقة هذه التقارير في الأعوام الماضية نسبة 98%. (88)
وقد سلط اللهعز وجل هذا النوع من السلاح على كثير من أهل الفساد من السابقين ، فقد سلط اللهعز وجل الطاعون على بني إسرائيل، فقد قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :(الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ) (89) وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم  قالت:( سألت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  عن الطاعون فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء ..) (90)
قال ابن القيم متحدثاً عن مفاسد الاختلاط: (ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة.. وهو من أسباب الموت العام والطواعين المهلكة. ولما اختلط البغايا بعسكر موسى ـ عليه السلام ـ وفشت فيهم الفاحشة أرسل الله عليهم الطاعون فمات في يوم واحد سبعون ألفاً، والقصة مشهورة في كتب التفسير؛ فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات) (91).

7-أهون المخلوقات

إن من هوان الطغاة والجبابرة على الله أنه ربما سلط عليهم أهون مخلوقاته فتهلكهم، وفي ذلك ابلغ الدلالة على حقارتهم وهوانهم على الله ، كما أن ذلك من أوضح الدلالة على عظمة الجبار القوي المتعال عز وجل وهو مما يبعث في قلوب أوليائه الثقة والطمأنينة فيصبح العدو في أعينهم أهون من الذباب. فقد سلط الله على النمرود(الطاغية ) يوم أن تكبر وأدّعى الألوهية سلط الله عليه بعوضة قال أبن كثير في تفسيره:( وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ملكاً، يأمره بالإيمان بالله، فأبى عليه، ثم دعاه الثانية فأبى ثم الثالثة فأبى، وقال:اجمع جموعك وأجمع جموعي، فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس، وأرسل الله عليهم باباً من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس، وسلطها الله عليهم
فأكلت لحومهم ودماءهم، وتركتهم عظاما بادية، ودخلت واحدة منها في منخري الملك، فمكثت في منخريه أربعمائة سنة، عذبه الله بها، فكان يضرب برأسه بالمرازب في هذه المدة كلها، حتى أهلكه الله بها). (92)
ومن ذلك ما سلطه اللهعز وجل على بني إسرائيل حينما عاندوا موسى عليه السلام فأرسل عليهم الجراد ، والقمل ، والضفادع .. كما قال عز وجل :
}وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ $ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ$ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ$ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ{ (93)
قال سعيد بن جبير: لما أتى موسى عليه السلام فرعون قال له: أرسل معي بني إسرائيل فلم يرسلهم فأرسل الله عليهم الطوفان وهو المطر فصب عليهم منه شيئاً خافوا أن يكون عذاباً فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فأنبت لهم في تلك السنة شيئاً لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمار والكلأ فقالوا: هذا ما كنا نتمنى فأرسل الله عليهم الجراد فسلطه على الكلأ، فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنه لا يبقي الزرع، فقالوا لموسى ادع لنا ربك فيكشف عنا الجراد فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم الجراد فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل فداسوا وأحرزوا في البيوت فقالوا قد أحرزنا فأرسل الله عليهم القمل وهو السوس الذي يخرج منه فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى
الرحى فلا يرد منها إلا ثلاثة أقفزة فقالوا يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا القمل فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل. فبينما هو جالس عند فرعون إذ سمع نقيق ضفدع فقال لفرعون ما تلقى أنت وقومك من هذا فقال وما عسى أن يكون كيد هذا فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع ويهم أن يتكلم فتثب الضفدع في فيه، فقالوا لموسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا وأرسل الله عليهم الدم فكانوا ما استقوا من الأنهار والآبار وما كان في أوعيتهم وجدوه دماً عبيطاً فشكوا إلى فرعون فقالوا إنا قد ابتلينا بالدم وليس لنا شراب فقال: إنه قد سحركم، فقالوا من أين سحرنا ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئاً من الماء إلا وجدناه دماً عبيطاً فأتوه وقالوا يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل . (94)
ومما يدل على أن هذه المخلوقات وغيرها من جنود الله عز وجل يسلطها على من يشاء قوله صلى الله عليه وسلم  :(لا تقتلوا الجراد ،فإنه من جند الله الأعظم ) (95)
وهذا مما يبعث الثقة في نفوس المؤمنين بأن الله ناصرهم وجاعل الغلبة لهم والدائرة على أعدائهم ، فلا ترعبهم الصواريخ الذكية ولا القنابل العنقودية ولا أسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها . } وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ{ (96)

خامساً :الرعب

وهو أن يقذف الله عز وجل في نفوس أعدائه المهابة والخوف الشديد الذي تخور معه قواهم وتضطرب أفكاره وتتوتر أعصابهم .
وهو من اعظم الأسباب نصرة لأنبيائه وأوليائه فان القوة الحقيقية هي قوة الفوائد وثبات الجأش وقد جعله الله من خصائص هذه الأمة المباركة .
ففي صحيح البخاري عن جابر رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال : أعطيت خمس لم يعطها أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت الأرض لي مسجد وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة. (97)
والحديث واضح الدلالة في أن هذه الخاصية هي له  صلى الله عليه وسلم  ولمن كان على هديه من أمته وقد ورد الحديث عند الدارمي بلفظ (ويرعب منا عدونا مسيرة شهر… ) (98)
وقال السندي في حاشيته على سنن النسائي :وقد بقي أثر هذه الخاصة في خلفاء أمته ماداموا على حاله . (99)
وقد قال الله عز وجل }إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ{ (100) وقال الله عز وجل }وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزا ` وأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً`وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً{ (101) وقالعز وجل }هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار{(102) وفي المقابل فان الله عز وجل يربط على قلوب المؤمنين وينزل عليهم السكينة حتى يصل بهم الحال إلى النعاس لما يجدونه في قلوبهم من الطمأنينة والسكينة ، كما قال الله عز وجل }إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ{ (103) وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره أن أبا طلحة قال كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا، يسقط فآخذه . (104)

سادسا :التكبير

وهو أن يهتف أولياء الله وأحبائه من المؤمنين بلا إله إلا الله والله أكبر فيكون لها من الأثر الحسي والمعنوي في أعداء الله ما لا تثبت أمامه قوى الأرض بل تتلاشى وتضمحل أمام تكبيرات أهل الأيمان الصادقين المخلصين الذين نصروا الله في أنفسهم فانتصروا قال الله عز وجل }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{(105)
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال:(سمعتم بمدينه جانب منهما في البر وجانب منها في البحر ؟ قالوا نعم يا رسول الله قال:لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألف من بني إسحاق فإذا جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا لا اله إلا الله والله اكبر فيسقط أحد جانبيها الذي في البحر ثم يقولون الثانية: لا اله إلا الله والله اكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولون الثالثة : لا اله إلا الله والله اكبر فيفرج لهم، فيدخلونها فيغنمون، فبينما هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال إن الدجال قد خرج فيتركون كل شي ويرجعون ) (106) فقال النووي في شرحه( المدينة التي بعضها في البر وبعضها في البحر القسطنطينية وقوله  صلى الله عليه وسلم :يغزوها سبعون ألف من بني إسحاق ) قال القاضي :هو كذا في جميع أصول صحيح مسلم من بني إسحاق والمعروف المحفوظ من بني إسماعيل وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه، لأنه إنما أراد العرب (107)
وفي يوم القادسية قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لجيشه:(ألزموا مواقفكم لا تحركوا شيئا حتى تصلّوا الظهر فإذا صليتم الظهر فإني مكبر تكبيرة فكبروا واستعدوا، واعلموا أن التكبير لم يعطه أحد قبلكم واعلموا إنما أعطيتموه تأيدا لكم، ثم إذا سمعتم فكبروا ولتستتم عدتكم، ثم إذا كبرت الثالثة فكبروا ولينشط فرسانكم الناس ليبرزوا وليطاردوا فإذا كبرت الرابعة فازحفوا جميعا حتى تخالطوا عدوكم وقولوا لا حول ولا قوة إلا بالله) (108)
ولاشك أن التكبير من جملة الذكر الذي أمر الله تعالى به عند ملاقاة العدو كما قال عز وجل : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ (109)
ولكن له ميزة خاصة كما تقدم0

سابعاً : التقوي بإقامة الصلاة وحسن الاتصال برب العزة سبحانه

الصلاة هي الصلة بقيوم السماوات والأرض فإذا أتصل العبد بالملك القدوس السلام المؤمن المهيمن الجبار المتكبر سبحانه وتعالى وكان حسن الاتصال بربه فإنه يفوز بكل ما يصبوا إليه ، فإن دعا أستجيب له وإن استنصر نصر ، ومن هنا فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وكيف لا يكون والله جل وعلا يقول:( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) (110) ولهذا قال علي رضي الله عنه :( لقد رأيتنا يوم بدر وما منا إلا نائم ، إلا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعوا حتى أصبح ..) (111)

ثامناً : الاستغفار والتسبيح والتوبة

كما قال تعالى على لسان هود عليه السلام وهو يدعوا قومه ويبين لهم سبباً عظيماً من أسباب القوة فقال: ((يا قوم لا أسألكم عليه أجراً أن اجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ، ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين )) (112)
ولا شك أن الاستغفار والتسبيح والذكر من أسباب القوة ولذلك في الصحيح أن فاطمة رضي الله عنها حينما كانت تجد ما تجد من العناء والتعب في عمل البيت فشكت لعلي رضي الله عنه وطلبت منه خادم فقال النبي  صلى الله عليه وسلم  :(ألا أدلكما على خير مما سألتماه؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعاً ثلاثين ، واحمدا الله ثلاثاً وثلاثين ، وسبحا الله ثلاثاً وثلاثين فأن ذلك خيرٌ لكما من خادم قال علي رضي الله عنه فما تركتها بعد ، قيل ولا ليلة صفين ؟ قال : ولا ليلة صفين) (113) فكان ذلك سبباً في أن وجدت فاطمة رضي الله عنها القوة والنشاط كما ذكرت ذلك في بعض طرق الحديث.

تاسعاً: الدعاء

وهو طلب النصر والغلبة على الأعداء من الله الواحد الأحد جل في علاه وقد كان نبينا  صلى الله عليه وسلم  يفزع إلى ربه جل وعلا في غزواته ويلح عليه بالدعاء .
ففي غزوة بدر بات رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يدعو ربه ويقول (اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد)(114)
[وفي صحيح مسلم أن النبي  صلى الله عليه وسلم  يوم بدر استقبل القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آتِ ما وعتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداءه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم ألتزمه من ورائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فأنه سينجز لك ما وعدك فأنزل اللهعز وجل:}إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ{ (115) ](116)
ولاشك أن الدعاء سلاح لا يقاوم كما قال الشاعر :

أتهزأ بالدعاء وتزدريــــــــــــه *** وما تدري بما صنع الدعاء
ســـــــهام الليل لا تخطي ولكن *** لها أمد وللأمد انقضـــــــاء

وقد كان السلف الصالح يعدون الدعاء من الأسلحة التي لاغنا لهم عنها في حروبهم وغزواتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (وكان الحرب إذا اشتد على المسلمين في الجهاد يقولون : يا براء ( أي البراء بن مالك) أقسم على ربك فيقول :يا رب أقسمت عليك لما منحتنى أكتافهم ،فيهزم العدو ، فلما كان يوم ألقادسية قال:أقسمت عليك يرب لما منحتنا أكتافهم وجعلتني أول شهيد، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيداً)(117)
وكان سعد بن أبي وقاص مستجاب الدعوة ، ما دعى قط إلاّ استجيب له وهو الذي هزم جنود كســرى وفتح العراق0 (118)
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء :قال الأصمعي :لما صاف قتيبة بن مسلم للترك وهاله أمرهم ،سأل عن محمد بن واسع ..فقيل :هو ذاك في الميمنة جامح على قوسه يبصبص بإصبعه نحو السماء ،قال : تلك الإصبع احب إلي من ألف سيف شهير وشاب طرير . (119)

عاشراً ً: الصالحون

هذا النوع من السلاح الذي ينصر الله بسببه أهل الأيمان من المجاهدين في سبيله هو من أعظم الأسلحة، بل أن كل الأسلحة والأسباب المتقدمة مبنية على هذا النوع المبارك فإن معية الله الخاصة لأ وليائه إنما تكون لأولئك ،وكذلك نصرة الملائكة وغيرهم من جنود الله إنما تقاتل نصرة لعباد الله الصالحين .
والمقصود بالصالحين أي من وحد الله التوحيد الخالص ،ونظر إلى أوامر الله فأتبعها ونظر إلى نواهيه فأجتنبها ، وكان عمله خالصاً لوجه اللهعز وجل فلم يصر على فعل صغيرة فضلاً عن الكبيرة ، ولم يصر على ترك واجب فضلاً عن الفرائض ،وكان مكثراً من النوافل و المستحبات ، مستخفياً بعمله قدر الإمكان لا يطلب الأجر والثواب ، ولا الإطراء والثناء إلا من الله عز وجل .
وهكذا كان دائب الصالحين : فقد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي حاتِم الرَّازي قال: حدثنا عَبدة بن سليمان المروزي قال: كنا سريَّةً مع ابنِ المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدوّ، فلما التقى الصفَّانِ، خرج رجل من العدو، فدعا إلى البِراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز، فخرج إليه رجل، فطارده ساعةً وطعنَه فقتله، فازدحم إليه الناسُ، فنظرتُ فإذا هو عبدُ الله بن المبارك، وإذا هو يكتمُ وجهه بكُمِّه، فأخذت بطرف كمه فمددتُه، فإذا هوهو. فقال:وأنتَ يا أبو عمرو ممن يُشَنِّع علينا(يعني يفضحنا)(120) وهذا كثير جداً في أخبار الصالحين .
وقد كان القادة من أهل الإسلام يعتنون بهذا النوع من السلاح أيما عناية .
فلما أبطاء على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح مصر كتب إلى عمرو بن إلعاص رضي الله عنه :(أما بعد فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر تقاتلونهم منذ سنين وما ذاك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم وان اللهعز وجللا ينصر قوماً إلا بصدق نياتهم ، وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما اعرف إلا أن يكون غيرّهم ما غيّر غيرهم ،[وهم ألزبير ابن العوام والمقداد بن الأسود بن عمرو ،وعبادة ابن الصامت ومسلمة بن مخلد رضي الله عنهم]فإذا أتاك كتابي هذا فاخطب الناس وحضهم على الصبر والنية وقدم أولئك الأربعة في صدور الناس ، وأمر الناس أن يكون لهم صدمة رجل واحد وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة وقت الإجابة واليعج الناس إلى اللهعز وجل وليسألوه النصر على عدوهم..فلما أتى عمر الكتاب جمع الناس وقراء عليهم ثم دعا أولئك النفر فقدمهم أمام الناس وأمر الناس أن يتطهروا ويصلوا ركعتين ثم يرغبوا إلى اللهعز وجل ويسألونه النصر .. ففتح الله عليهم0 (121)

ومن هنا نهمس في أذن كل مسؤول ممن ولاه الله أمراً من أمور المسلمين وخاصة قادة الجيوش الإسلامية فنقول: اعلموا أن أوجب الواجبات عليكم أن تربّوا جنودكم على تقوى الله وطاعته مبتدئين في ذلك بأنفسكم ومن هو دونكم ،فإن أنتم فعلتم ذلك نصركم الله على عدوكم ومكن لكم كما نصر أسلافكم ومكن لهم… وإن لم تفعلوا كنتم سبب تخلف النصر عن أمة الإسلام وتمكين الأعداء من أمتكم ، وبؤتم بإثم ذلك ثم يستبدلكم الله بقوم يحبهم ويحبونه فيجعل الله النصر والتمكين على أيديهم ، فكونوا انتم أولئك يكتب لكم النصر…و} اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{ (122)
 

--------------------------------
الحواشي والإحالات
* باحث شرعي بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بمكة المكرمة)
1-(لأنفال:60)
2-(الصافات:171-173)
3-(البقرة:195)
4-(البقرة: 194-195)
5-جامع البيان 2/201 .
6-(البقرة:195)
7- (صحيح) رواه الطبري فيجامع البيان 2/204،ورواه ابو داود برقم2513 ،والألباني في صحيح ابي داوود2/100حديث رقم 2513 ،والبيهقي في سننه الكبرى برقم 18568 ،والحاكم في المستدرك برقم 2474
8-(آل عمران:126)
9-(لأنفال:26)
10-(آل عمران:13)
11-(النحل:128)
12 - حافظ الحكمي في معارج القبول 1/206
13-(الشعراء:54)
14-(الشعراء:61)
15-الشعراء :62
16- الشعراء :67
17-(التوبة: من الآية40)
18- (التوبة:40)
19-البقرة249-251
20- يس82 (1)
21- السيرة النبوية الصحيحة د .اكرم العمري 366
22- فتح الباري7/311-312
23-آل عمران 123- 125
24- الأنفال 12
25-البخاري رقم 3995 ،الفتح7/396
26-البخاري ح4054 ،ومسلم ح2306
27-الفتح7/455
28-البخاري زقم3992 والفتح7\395
29- مسلم ( 1763 )
30-سورة الأحزاب 9
(صحيح) رواه البخاري(فتح الباري 7/358 و10/282) وصحيح مسلم (2/321)
السيرةالنبوية الصحيحة 2/502
(صحيح)البخاري رقم4117 والفتح7\518
(صحيح)أخرجه أحمد 1/117 وقال احمد شاكر إسناده صحيح - السيرة النبوية الصحيحة د.ضياء العمري2\364
(صحيح) رواه ابو داود برقم (4727) وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني برقم 151
36- تفسير ابن كثير 2/414 ، طبعة العبيكان
37- الحجر 26 – 27
38- سورة النمل 39
39-سورة الجن الآية 8
40- الجن 11
41-تفسير ابن كثير4\389 قال ابن كثير عرضت هذا الإسناد على شيخنا المزني فقال:هذا إسناد صحيح إلى الأعمش وقد عزاه الى احمد بن سليمان النجاد في اماليه قال : حدثنا الحسن بن اسلم بن سهل بن بخشل ،حدثنا علي بن سليمان وهو ابو الشعثاء الحضرمي شيخ مسلم ، حدثنا ابو معاويةقال: سمعت الأعمش يقول ..الحديث
42- الفتح 7
المدثر 31
ذكر ذلك عند تفسير الأية رقم 2 من سورة الفتح
بحر العلوم 3/308
فتاوى شيخ الأسلام 13/88
47- فتاوى شيخ الأسلام 13/88
48- فتح القدير 5/322
49-البخاري1481، ومسلم1392
50- الأحزاب 9
51-مختصر مسلم 450
52- مسلم 1788 ،وعند البخاري مختصراً4113 – مختصر تفسير ابن كثير للرفاعي 3/480
53- (حسن)رواه احمد والترمذي وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1604
54- (الإسراء: من الآية59)
55- الانعام65
56- مجلة البحوث الإسلامية العدد 51صـ376 في نصيحة للشيخ ابن باز رحمه الله حول الزلازل
57- مجلة البحوث الإسلامية في نصيحة للشيخ بن باز رحمه الله حول الزلازل العدد 51 ص376 ، وتأملات ابن القيم في الأنفس والآفاق ص273
58- (لأعراف: 77-78)
59 -فتح القدير2/252
60- تاريخ الزلازل من موقع بي بي سي على شبكة المعلومات
61-أشراط الساعة 381 .ولسان العرب 9/67
62-(النحل:45)
63- (العنكبوت: 39-40)
(الملك:16)
القصص : 81
البخاري ومسلم (مختصر مسلم للالباني 1362)
صحيح مسلم رقم الحديث2883
رواه ابن ماجه وبن حبان في صحيحه وقال الألباني صحيح لغيره صحيح الترغيب والترهيب 2378
69- (هود82 :83)
70- محاسن التأويل 6/122
71- فتح القدير للشوكاني 2/587
72- تهذيب سيرة بن هشام 26 ، مختصر السيرة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب37
73- (يونس:62)
74- (الإسراء:68)
75- جامع البيان 9/123
فتح القدير للشوكاني 3/276 ،الدر المنثور5/312 ، تفسير الألوسي 15/116
(صحيح) رواه الترمذي وهو في صحيح الترمذي للألباني برقم2185
(صحيح) رواه ابن ماجه وهو في صحيح ابن ماجه للألباني برقم 3269
تحفة الأحوذي 6/418 ،سنن ابن ماجه 2/1349
لسان العرب 7/348
(الرعد12 :13)
(فصلت:13)
المدثر من الأية 31
84- رواه البخاري حديث رقم6502
85- رواه البيهقي وابن ماجه واللفظ له وقد صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم764
86-التدابير الواقية من الزنا في الفقه الأسلامي ص72
87--كتابان في اللواط تحقيق خالد محمد علي ص26
88-مجلة البيان العدد13 مقال: الأيدز يهدد امريكا
89- متفق عليه وهو في صحيح الجامع برقم 3945
90- صحيح البخاري وهو في صحيح الجامع برقم 3949
91- الطرق ألحكمية ، ص259
92-تفسير ابن كثير1/275
93-(لأعراف 130 -133)
94-تفسير ابن كثير2/224
95-(حسن) رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الأيمان وهو في صحيح الجامع برقم7388
96-(المنافقون: من الآية8)
97- البخاري 328-427،الفتح335-438
98-الدارمي 1361 باب الأرض كلها طهور ماخلا المقبرة والحمام
99-سنن النسائي بشرح الحافظ السيوطي وحاشية الأمام السندي الحديث رقم432 1/211
100-(لأنفال:12)
101-(الأحزاب 25 :27)
102-(الحشر:2)
103- (لأنفال: من الآية11)
104- فتح الباري 4068
105- (محمد:7)
106- صحيح مسلم 2920
107- شرح صحيح مسلم للنووي 18/ 360
108-تاريخ ابن جرير 3/47 – حياة الصحابة 4/477
109- الأنفال /45
110- البقرة 45
111- رواه أحمد في المسند بإسناد صحيح(الفتح الرباني 21\30،36) والسيرة النبوية الصحيحة2\360
112- هود 50-51
113- متفق عليه البخاري 9/417-418 أنظر صحيح الجامع رقم 2619 وآداب الزفاف ص 290
114- (صحيح ) مسند الأمام احمد 21/30،36 ،والسيرة النبوية الصحيحة 2/362
115-(لأنفال:9)
116--صحيح مسلم حديث رقم1763
117-الفتاوى11/277
118-الفتاوى 11/278
119- سير أعلام النبلاء6/121
120- سير أعلام النبلاء8/393 ،صفة الصفوة4/128 ،تاريخ بغداد10/ 167
121- حياة الصحابة 4/474
122-(ألأعراف: من الآية128)
*ابن المنذر :هو ابو بكر محمد بن ابراهيم ابن المنذر النيسابوري المتوفىسنة318هـ انظر التفسير والمفسرون 1/144 ،وسير اعلام النبلاء


 

محمد الشمراني
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية