اطبع هذه الصفحة


أحداث ماسبيرو والانقضاض على مصر

محمد بن شاكر الشريف


بسم الله الرحمن الرحيم


لم يكد الشعب المصري ينتهي من إزاحة أشرس طاغية ملك البلاد والعباد في العصر المصري الحديث في خلال ثمانية عشر يوما من الاحتجاجات العارمة والمظاهرات والاعتصامات حتى سقط الصنم وزج به وبأركان نظامه إلى السجن حيث يحاكمون على ما اقترفته أيديهم، لم يكد المصريون يحققوا ذلك حتى بدأ النصارى الأرثوذكس-في ظل حالة عدم أو ضعف الأمن الناتج عن الثورة-محاولاتهم في الانقضاض على مصر رغم أن كاهنهم الأكبر كان أعلن في بداية الثورة تأييده للمخلوع وطلب من اتباعه عدم المشاركة في الثورة، لقد ظهرت عدة مناوشات من قيادات كنسية وافتعال بعض المصادمات التي كثيرا ما كان يتم تطويقها من خلال التحلي بالمسئولية الفائقة التي تتمتع بها القيادات الإسلامية أو قيادات المجلس العسكري والحكومة، حتى خيل لمن يريد الانقضاض على مصر من النصارى أن النظام ضعيف لا يقوى على الثبات أمام أية هبة قوية، ومن ثم بدأت الأحداث الدامية التي لا يمكن تسويغها بأي منطق عقلي سليم، فالذي تذيعه قيادات كنسية أن هناك مشكلة متعلقة بكنيسة في محافظة أسوان رغم أن هناك دلائل قوية على أن الأمر ليس على الصورة التي حاول المغرضون المحرضون على الفتنة أن يسوقوها، وليس لي في هذا المقال أن أفصل أي الروايتين أسلم وأدق فذلك تفصل فيه جهات قضائية مع أن الملاحظ من كثير من التصرفات أن هناك تجاوزا للعدل في قضايا النصارى تجاه مخالفيهم أو مخالفاتهم سواء في تعامل الإعلام نظير ما يحصلون عليه من منافع أو في تعامل المسئولين، وذلك مراعاة لهم وحتى لا تتهم الدولة بالوقوف ضدهم.

إذا أخذنا برواية الكنيسة كاملة في تلك المشكلة ولم نلتفت إلى الدلائل القوية التي تبين أنها رواية غير متماسكة وتلوح عليها أمارات الكذب البادية للعيان، يبقى هناك أمر في غاية الغرابة ويقدح في كل ما حاولت أن تسوقه قيادات الكنيسة سواء قبل الأحداث أو الأحداث نفسها أو بعدها، مما يبين أن تلك المشكلة اتخذت سلما لفرض إرادتهم على الدولة الضعيفة والانقضاض عليها ثم التهامها لتحقيق حلمهم في تحويل مصر لدولة نصرانية أو اقتطاع جزء منها ليقيموا عليه دولتهم النصرانية-علما أن مصر لم تكن يوما دولة نصرانية لا قبل الفتح الإسلامي مباشرة ولا زمن وجود عيسى رسول الله عليه السلام على أرض مصر.

قبل الأحداث:
المتوفر المعلن قيام بعض القساوسة بعمليات شحن النصارى وتهيئتهم للقيام بما يخططون له من إحداث الفوضى العارمة لتكون مدخلا للتدخل الغربي في مصر حيث يرون أن التدخل الغربي هو الذي سوف يحقق لهم أمانيهم من السيطرة على مصر، فمن ذلك ما دعا إليه بعض النصارى الذين يعيشون في الدول الغربية لفرض الحماية على مصر ودعوتهم لاحتلال مصر من قبل أمريكا ودولة اليهود وأثيوبيا، وما قام به البعض الآخر من إعلان قيام الدولة النصرانية على أرض مصر.

أما نصارى الداخل فما فتئوا يتطاولون على السلطات القائمة ويعلنون تحديهم لهم ويخاطبونهم بطريقة فيها استفزاز فها هو أحدهم يقول عن محافظ أسوان: "المحافظ دا كذاب ولو قابلته احط صابعي في عينه وأديله باللي في رجلي" ويقول بلهجة الآمر: "المحافظ دا لازم يستقيل وإذ ما استقالش في خلال 48 ساعة هيموت موتة شنعية"، وهذا تهديد بالقتل ثابت بالصوت والصورة، وهذا لا شك يشجع الاتباع على أن يفعلوا ما قاله أبوهم من غير أن يجدوا في أنفسهم حرجا، وعندما يصرح أحد قساوستهم وهم في مسيرتهم إلى ماسبيرو بأن الجيش كافر فماذا ننتظر من الاتباع أن يفعلوا، ويقول موجها خطابه للمشير محمد حسين طنطاوي وهو بمثابة رئيس الجمهورية " أنا بقول للمشير يحل المشكلة أحسن وهو عارف ايه اللي ممكن نعمله، يحلها أحسن"، وهو تهديد واضح وصريح ودليل على ما يبيتون مما يقود إلى أن الأحداث التي جرت بعد ذلك لم تكن عفوية وإنما كان مخططا لها لتخرج على النحو الذي خرجت عليه، والدليل على التخطيط والنية المبيتة أن التظاهرات خرجت في وقت واحد في محافظات متعددة متباعدة لإرباك النظام، وهذا قس آخر يقول: " هنعمل مسيره مشفتهاش مصر قبل كده .. و هنختم مسيرتنا -جوه- مسبيرو"، لقد ذكرني هذا الكلام بما قاله أبو لؤلؤة المجوسي لعنه الله، قال لعمر رضي الله تعالى عنه سأعمل لك رحى تتحدث عنها العرب، فقال عمر وهو الفطن اللبيب الأريب: "لقد توعدني العبد"، وكون القس سيختم المسيرة داخل (جوه) ماسبيرو يعني دعوة المتظاهرين لاحتلال مبنى الإذاعة والتليفزيون

وعندما يهتف حاديهم في المظاهرة في وجود القساوسة والجموع تردد خلفه "بيقولوا علينا أقلية احنا اصحاب الارض ديه" وهم يحملون الأسلحة النارية والبيضاء وزجاجات الملوتوف، ماذا يمكن ان يؤدي هذا في وجود هذا الجمع المتلاطم وفي ظل إقرار القساوسة له، واذا كانوا هم أصحاب الأرض فمعنى ذلك أن المسلمين الذين يشكلون الأكثرية بنسبة قريبة من 95% مغتصبون للأرض وما الشحن الذي يعمله مثل هذا الهتاف في جموع المتظاهرين.

هذا الهتاف ليس هتافا وليد فورة حماسة أو من شاب أغر أو نحو ذلك، بل هي عقائد تورث لهم، يشبون عليها وعليها يهرمون يقولها النصراني العامي كما يقولها رجل الدين عندهم وتتفاعل في أنفسهم يوما بعد يوم، وليس أدل على ذلك من كلام الرجل الثاني في الكنيسة قبل ثورة 25 يناير بزمن وذلك في شهر سبتمبر أيلول عام 2010 عن المسلمين أنهم ضيوف عليهم، يعني أن النصارى أصحاب الدار، كما رفض بشدة الدعوات لإخضاع الأديرة لرقابة الدولة، أسوة بالمساجد، إلى حد أنه لوح بـ "الاستشهاد" في مواجهة سيناريو من هذا النوع، وهو مما يدل على أن الكنيسة قد خرجت عن الحدود المرسومة لها من القيام بالعظات الدينية وتثبيت العقائد في وجدان أفرادها إلى تغذية الضغائن والأحقاد في نفوس أتباعها ضد الغالبية المسلمة، وتحدي سلطات الدولة.

الحدث نفسه:
عندما نأتي لليوم الموعود مساء يوم الأحد الحادي عشر من شهر ذي القعدة لعام 1432هـ (11/11/1432هـ) الموافق التاسع من شهر أكتوبر لعام 2011م (9/10/2011م) نجد أن هناك آلافا مؤلفة قصدت الذهاب إلى ماسبيرو، ومع اكتمال الأعداد اشتبكت هذه الأعداد الغفيرة مع قوات الجيش بحقد دفين وقسوة بالغة تأخذ بفكرك إلى مقاتلة عدو لعدوه وليس تعاملا من مواطن مع جيش بلده، إذا سلمنا بأن الداعي لتلك المظاهرات هو الغضب لما يدعون من قيام محافظ أسوان بمنعهم من استكمال بناء الكنيسة، فما علاقة جنود الجيش الذين يحمون مبنى الإذاعة بذلك، ولماذا يعتدى عليهم بقسوة بالغة لا تنم عن وجود أي قدر من الرحمة في قلوب المعتدين، عندما نجد القتل بلا رحمة وإحراق عربات القوات المسلحة وبداخلها الجنود بل وعربات مدنية ليس للدولة علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، نقول ما علاقة ذلك بموضوع الكنيسة التي يريدون بناءها في قرية المريناب، إلا أن تكون هذه نفوس مشحونة تعرضت لعمليات شحن مستمرة على مدى زمني طويل، ولقد ظهر منهم نحو ذلك في كل مرة يحتكون بالدولة وأقرب مثال لأحداث ماسبيرو ما سبق من أحداث عند محافظة الجيزة قبل الثورة بخصوص كنيسة العمرانية التي تبنى مقابل الطالبية، والعدوان الذي مارسوه على الجنود وعلى المارة، ما الذي يدعو لحمل قطع السلاح سواء الناري أو الأبيض وزجاجات المولوتوف في مظاهرة لو كانت سلمية وكان المراد فقط هو اظهار الاعتراض على قرار محافظ أسوان

بعد الحدث:
تصور المخططون المدبرون لهذه الجريمة أنهم استطاعوا أن يظهروا الحكومة والمجلس العسكري في وضع المعتدي ومن ثم ظهرت مطالبهم التي لا علاقة لها بأصل الموضوع مما يبين الدافع الحقيقي لتلك الأحداث، إن قوما يبيح لهم كتابهم الذي يزعمون أنه من عند الله الكذب لنشر دينهم لا يستبعد منهم تعريض طائفة للقتل منهم أو من غيرهم من أجل تحقيق مطالبهم، فماذا كانت مطالبهم:
-أعلن المحامي نجيب جبرائيل المستشار القانوني للكنيسة -في جرأة عجيبة وما جرأه إلا تهاون الدولة في تعاملها مع النصارى وتدليلها لهم وعدم أخذهم بصولة القانون وسطوته- أنه سيعطى الحكومة والمجلس العسكري أسبوعا لتنفيذ وعودهم بتحقيق مطالب الأقباط كمواطنين مصريين.

أهم المطالب التي أعلنها المحامي:

1- فتح الكنائس المغلقة قبل صدور قانون دور العبادة الموحد.
2-الإفراج الفوري عن الـ 28 قبطيا، المقبوض عليهم في أحداث ماسبيرو
3-تعويض الشهداء في أحداث ماسبيرو الأخيرة، أسوة بشهداء ثورة 25يناير.
4-إقالة محافظ أسوان فورا ومحاكمته.
5-إقالة وزير الإعلام ومحاكمته.
6-محاكمة رئيس قطاع الأخبار والمذيعة رشا مجدى.
7-تخصيص كوتة للأقباط في البرلمان، والتحقيق في الأحداث السابقة من يناير وحتى الآن ضد الكنيسة.

مطالب في صيغة الإملاء والأمر، وما على الحكومة والمجلس عنده إلا التنفيذ، لكن ما علاقة تلك المطالب بموضوع كنيسة المريناب في محافظة أسوان أليس تلك المطالب تدل على أن المريناب لم يكن إلا شماعة لمطالبهم غير المشروعة.
-فمن المعروف أن غالبية الكنائس المقامة في مصر لم تحصل على ترخيص رسمي بذلك وكان النظام البائد يتهاون في ذلك، فهم يريدون أن تكون تلك الأحداث سلما لترخيص تلك الكنائس التي تزيد على 50% من مجموع كنائس مصر التي أقيمت مخالفة للقانون
-التدخل في أعمال القضاء بالإفراج عن المتهمين من غير أن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي، وانظر إلى صيغة الاستعلاء في الطلب الإفراج الفوري
-المساواة بين من قتلوا دفاعا عن الأمة كلها في تصديهم للمخلوع أثناء الثورة وبين من قتلوا أثناء عدوانهم على قوات مصر المسلحة بطلب التعويضات لأسرهم
-إقالة المحافظ فورا ومحاكمته لأنه تصدى لمخالفة النصارى للقانون بالقانون
-إقالة وزير الإعلام ومحاكمته لأنه نقل الصورة الحقيقية من خلال التليفزيون المصري لما حدث من عدوان من النصارى على الجيش بلا أدنى مسوغ ففضح بذلك أية محاولة للتستر على تلك الجريمة
-محاكمة رئيس قطاع الأخبار والمذيعة للسبب نفسه المتقدم آنفا
- تخصيص كوتة للأقباط في البرلمان وهذا من أعجب ما يكون من الطلبات، حيث يطلبون تمييزا لصالحهم، والملاحظ أنك تجد في كل طلباتهم عنصر الفئة والطائفة النصرانية بارزا كأشد ما يكون البروز في الوقت الذي ينكرون فيه على الأغلبية المسلمة تمسكهم بدينهم وبما تتيحه لهم أغلبيتهم، فكأنه يريد أن يحقق من خلال المطالب ما لا يحققه لهم وضعهم كأقلية في مجتمع المسلمين

الحل:
إن من أكبر الأخطاء التي ارتكبت في العهد البائد والتي ما زلنا نتجرع من سوئها هو الوضع المتميز الذي أعطته الدولة للكنيسة حتى صارت دولة فوق الدولة، يجرم أتباعها في حق الدولة وحق المسئولين فيها ثم لا يلقون جزاء ما اقترفته أيديهم، بل من قبض عليه منهم متلبسا بالجريمة ما هي إلا أيام قلائل يقضيها في الحبس ذرا للرماد في العيون ثم يفرج عنه وتحفظ قضيته، ويكفي أن يمتنع كاهنهم الأكبر عن إلقاء موعظته الأسبوعية أو يعلن عن اعتكافه في الدير حتى يسارع الجميع إلى استرضائه وتحقيق طلباته وليس أدل على ذلك من قيام الدولة في العهد البائد من تسليط الكنيسة على النصرانيات اللاتي أسلمن وجوههن لله تعالى وقيام الكنيسة باحتجازهن لإجبارهن على العودة إلى الكفر بعد إذ أنقذهن الله منه، رغم أن جهات الضبط وأماكن الاحتجاز محددة تحديدا واضحا لا يشتبه في القانون والدستور، وليس من جهات الضبط قطعا القساوسة ولا حتى كاهنهم الأعظم، وليس من أماكن الاحتجاز قطعا دور العبادة أو الكنيسة أو أي مكان غير الأمكنة المحددة قانونا، ومع كل أسف ما زال الوضع على ما هو عليه حتى بعد قيام الثورة.

من الخطيئة التي كانت رائجة في حقبة نظام المخلوع والتي ما زالت قائمة بعد انهيار نظامه التعامل مع الكنيسة لا كمؤسسة من مؤسسات الدولة عليها أن تلتزم بالقانون ولا تخرج عليه، بل معاملة الند للند حتى تظهر الكنيسة وممثلوها في هيئة دولة مناظرة لدولة مصر.

من المعلوم أن رأس الكنيسة ومن يعاونه في مهمته دورهم روحي فقط لكن الدولة أعطتهم دورا سياسيا وسلطانا على أتباعه خارج السلطان الديني حتى تقع الحكومة في خطيئة بارزة جدا وهي الذهاب لكاهنهم الأكبر في مقر إقامته لتقديم العزاء في الذين قتلوا أثناء عدوانهم على جيش الدولة التي تمثله تلك الحكومة، ومن المفارقات الغربية أن أحدا من القسوس لم يكلف نفسه أن يعزي الجيش في جنوده الذين قتلوهم وهم يقومون بما يجب عليهم، ونحن لسنا ضد تعزية النصراني في وفاة قريب له لكن العزاء يكون لأولياء القتيل وليس لكاهنهم الأكبر فإن الحكومة بهذا المسلك ترسخ الولاية السياسية له على أتباعه.

وهنا مفارقة عجيبة رئيس وزراء الدولة التي سفك دماء جنودها بغيا وطغيانا يذهب لتعزية رأس الكنيسة في قتلى النصارى، ورئيس النصارى لا يعزي الدولة في قتلاها الذين قتلهم أتباعه، أليس هذا دليلا على ضعف النظام وعدم حنكته في التصرفات التي ينبغي أن تعبر على الأقل على غضبه من الاعتداء على جنوده، وفي المقابل أليس هذا دليلا على أن رأس الكنيسة لا يرى في قتل الجنود أي نوع من الخطأ حتى إنهم لا يستحقون أن يعزي فيهم أحدا

لذلك لا بد من مواجهة الحدث مواجهة حقيقية تضع النقاط على الحروف كما يقال بحيث لا يستثنى من ذلك أحد مهما كان وزنه، حتى لا نسلك مسلك اليهود الذين كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، إن محاولة الروغان من مواجهة الواقع على حقيقته ومحاسبة كل واحد على ما اقترفت يداه يعني استمرار النهج المدمر من غير أن يكون هناك أمل في وضع نهاية عادلة لمثل هذه الأمور، وهذا ينذر بتدمير المجتمع لأن محاباة طائفة (أقلية) على طائفة (أكثرية) لا يمكن أن يحتمل وإذا قدر أن يحتمل ذلك لبعض الوقت فلا يمكن أن يطول الاحتمال، إن من يسلك هذه السياسة العوراء العرجاء في التعامل مع الطوائف ساع في تخريب المجتمع وتدميره وهو لا يدري، إنك عندما تجد أن التعامل يختلف لاختلاف الطائفة مع أن الخطأ والجريمة في إحداها ثابتة، بينما في الأخرى مظنونة وتقوم دلائل كثيرة على عدم صحتها، فيحاسب صاحب الخطأ المظنون حسابا عسيرا لأنه مسلم، بينما يظل صاحب الخطأ أو الخطيئة الثابتة مطلق السراح لأنه نصراني، تستيقن أن هناك تمييزا للنصراني على المسلم تمييزا لا يقوم به أفراد إنما تقوم به مؤسسات تابعة للدولة التي آلت على نفسها مقاومة أي نوع من التمييز ووضعت له القوانين وفرضت بسببه العقوبات، لكن الظاهر أن التمييز الممنوع هو تمييز المسلم على النصراني فقط، أما تمييز النصراني على المسلم في دولة دينها الإسلام وغالبية شعبها من المسلمين فلا شيء فيه عندهم، اعتبر ذلك بقضية الشيخ مفتاح فاضل أبي يحيي بطل قضية إسلام الأخت كاميليا فرج الله كربها كيف اتهم في قضية انبابة وقبض عليه وأودع السجن وحول لمحكمة أمن الدولة طوارئ رغم أنه لم يكن موجودا في موطن الحدث كما تدل على ذلك شهادة الشهود، وكأن هذا عقوبة له على قيامه بمساعدة الأخت في إسلامها وشهادته بذلك وإقامته للأدلة على إسلامها واعتبر ذلك بالقساوسة التي ظهرت مقاطع الفيديو لهم وهم يحرضون على القتل والتخريب ويهددون رئيس المجلس العسكري وهم ما زالوا آمنين مطمئنين بين أهليهم وذويهم لم يقربهم أحد.

إن من الروغان والالتفاف على الواقع محاولة تحميل كل أخطاء طائفة النصارى الثابتة بالصوت والصورة على أشخاص وهميين كقولهم: إن الفاعلين قلة مندسة أو بلطجية أو فلول أو قوى خارجية وكفى، وهذا لا يصلح، فلو كان هذا القول صحيحا فلا بد أن يكون هؤلاء قد عرفوا وإلا كيف يصح إسناد فعل لأشخاص غير معروفين، ولن يعدم أحد كل ما أراد الهرب من استحقاقات التصرفات الطائشة الرعناء أن ينسبها لتلك الأشخاص الوهمية، إن من عرضوا البلاد وسلامتها لخطر حريق قد لا ينطفئ إلا بعد هلاك مدمر لا بد أن يحاسبوا حسابا عادلا وسريعا من غير شطط أو محاباة، ولا بد للجهات المسئولة أن تتخلص من عقدة خوف الاتهام بظلم النصارى لأن هذه العقدة إذا سيطرت على ذهن المسئولين فلن يمكنهم أن يقيموا العدل في أي قضية يكون النصارى طرفا فيها.

لذا أوجه كلامي من هنا وأقول من كان محبا لمصر حريصا عليها ساعيا في خيرها وكف الشر عنها، فعليه ألا يقصر أو يتوانى في محاسبة كل متورط في هذا العمل أيا كان اسمه ورسمه ومنصبه ذلك العمل الذي يمكن أن يأتي على الأخضر واليابس، إذ لا شخص فوق المساءلة، وحفظ ماء وجوه بعض القوم لا يمكن أن يكون على حساب استقرار البلد وأمنها، كما لا ينبغي الاعتماد على تعقل القيادات الإسلامية وحرصها على مصالح البلد، فإن الطغيان عندما يصل لحدود معينة فإنه لا يحتمل، وساعتها لن يكون في مقدور أحد إطفاء الحريق الذي سيصيب شرره كل من يعبث به.

اللهم احفظ بلاد المسلمين من كل شر وشرير وقها شر الأشرار وكيد الفجار واجمع كلمة المسلمين على الحق والبر والتقوى وحب الجهاد في سبيلك يا كريم يا منان.


 

محمد الشريف
  • مقالات في الشريعة
  • السياسة الشرعية
  • كتب وبحوث
  • قضايا عامة
  • الصفحة الرئيسية