اطبع هذه الصفحة


توجيهات للمعلمين من العلامة ابن عثيمين

فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 
 بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...أما بعد : فالشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله, عالم رباني, ومعلم فاضل, مارس التعليم أكثر من خمسين سنة, في المعهد والجامعة, والمسجد, وله رحمه الله في بعض مصنفاته توجيهات للمعلمين والمعلمات, يسّر الله الكريم لي فجمعتُ شيئاً منه, أسأل الله أن ينفع به, ويبارك فيه.

حسن التعلم للتلاميذ

قال الشيخ رحمه الله: رعاة التلاميذ في المدرسة, وهم الأستاذة والمدرسون والمديرون, يجب عليهم أن يقوموا بما هو أصلح, من حُسن التعليم, وقوة الملاحظة, والحزم, حتى لا يفوت الوقت على الطلاب, ويجب على الأستاذة أن يظهروا أمام الطلاب بمظهرٍ جميلٍ يرغبهم في الخير, ومن المؤسف أنك تجد بعض المدرسين يدخل الفصل عابس الوجه, مُقطباً, لا يريد من أي طالبٍ أن يسأل ولا أن يناقش....والذي ينبغي للمدرس أن يكون قوياً من غير عنفٍ, حليماً من غير ضعفٍ, حتى تستقيم له حياته مع تلاميذه.

المعلم المؤثر في تلاميذه من جمع بين العلم والتربية

قال الشيخ رحمه الله: الربانيون هم الذين جمعوا بين العلم والتربية..مأخوذ من التربية...قال الله تعالى: ] ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تُعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون { [آل عمران:79] لأن من العلماء من يُعلم ولا يُربي, وهذا وإن كان فيه خير, لكن العالم هو الذي يُعلِّم ويُربيِّ بقوله وتوجيهه وإرشاده, ويُربي أيضاً بفعله وسلوكه, وكم من طالب تأثر بشيخه في سلوكه أكثر مما لو أملى عليه الكلام أياماً ! وهذا شيء مشاهد مُجرَّب.

لا تستهن بالتلاميذ ولو كانوا صغاراً فعندهم ملاحظة عجيبة

وقال رحمه الله: إنني أقول للمعلمين : إن عند التلاميذ ملاحظة دقيقة عجيبة على صغر سنهم, إن المعلم إذا أمرهم بشيء ثم رأوه يخالفهم فيما أمرهم به, فإنهم سوف يضعون علامات الاستفهام أمام وجه هذا المعلم, كيف يعلمنا بشيء ويأمرنا به وهو يخالف ما كان يعلمنا ويأمرنا به, لا تستهن أيها المعلم بالتلاميذ حتى ولو كانوا صغاراً فعندهم أمر الملاحظة من الأمور العجيبة.

التحضير للدرس والإجابة على أسئلة التلاميذ:

قال الشيخ رحمه الله: بعض الأستاذة, يأتي إلى الدرس وهو ما حضَّر ومعلوماته قليلة, فلا يستطيع أن يعلِّم إلا بعد التحضير, وهو لا يُحضِّر, ثم إذا قام التلميذ يسأله وإذا هو ليس عنده علم, فماذا يصنع في التلميذ ؟ يقول: اجلس يا ولد, ما بقي وقت للمناقشة..هذا غلط. 

لا يلزمك الإجابة عن أسئلة خارج المقرر وأنت في الفصل:

قال الشيخ رحمه الله: الإجابة على أسئلة خارج المُقرر لا تلزمك وأنت في الفصل, بل يقال للطالب: لا تسأل إلا عن المقرر فقط, لأن السؤال عن غير المقرر تشاغل بما لا يجب عما يجب, أما إذا كان خارج الفصل يعني خارج الحصة فأجبهم بما تعلم, وتوقف عما لا تعلم, وإن كان السؤال مما لا يليق فانصح الطالب عن سؤاله, ووجهه إلى ما هو خير.

لا يجوز الإشارة إلى مواضع أسئلة الامتحان لا تصريحاً ولا تلميحاً:

قال الشيخ رحمه الله: لا يحل للمُدرِّسة أن تشير إلى موضع أسئلة الامتحان...مثل أن تقول: هذا مهم أو غير مهم, فلا يجوز أن تشير لا تصريحاً ولا تلميحاً إلى مواضع الأسئلة, وهي مؤتمنة على هذا, وليس المهم أن نُكدِّس طلبه أو طالبات أخذن الشهادة, بل المهم أن يكون الطالب نجح عن جدارة.

مناقشة التلاميذ:

قال الشيخ رحمه الله: ناقشهم, أحيهم بالمناقشة, قل: يا فلان قُم, يا فلانُ ما عندك؟ حتى تُحيي المجلس, وبعضُ الأستاذة تجدُه من حين يدخل الدرس إلى أن ينتهي وهو يقرأ, هذا غلط ونقص.

 التأخر في الإجابة على السؤال يكون له وقع كبير في نفوس الطلاب:

قال الشيخ رحمه الله: قوله: ( حين استلبث الوحي) أي: تأخر, لم ينزل على النبي علية الصلاة والسلام وحي, وهذا لحكمة, وهي أن تبلغ الأمور غايتها, والشيء إذا أتى بعد بلوغ الأمر غايته صار له وقع كبير في النفوس, فلو ألقى المعلم على الطلاب سؤالاً, ثم كلُّ واحد منهم أتى بجواب, وتأخر المعلم عن إخبارهم, كان إخبارهم بعد ذلك أشد وقعاً مما لو أخبرهم بأول وهلة.

سلوك أقرب الطُّرق إلى إفهام الطلبة:

قال الشيخ رحمه الله: المعلم يجب عليه أن يسلك أقرب الطُّرق إلى إفهام الطلبة, فلا يأتي لهم بعبارات معقدة, أو يتجاوز في الكتاب الشيء المعقد, بل يجب أن يوصل العلم إلى التلاميذ بأقرب وسيلة, والوسائل والحمد لله كثيرة.

تشجيع التلاميذ بمنحهم بإعطائهم جوائز من العمل الذي يؤجر عليه المعلم:

قال الشيخ رحمه الله: إذا أعطى المعلم أو المدرس تلاميذه جوائز تشجيعيه حتى يُرغبهم في الدرس وينشطهم عليه ويتسابقوا عليه فإنه يؤجر على هذا, وهو من الإنفاق على العلم الذي فيه الفضل لمن دفعه, وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في الغزو: ( من قتل قتيلاً فله سلبه ) وهذا لا شك طريق من طريق التشجيع, فإذا فعل المدرس أو المعلم هذا من أجل تشجيع الطلاب فإنه يؤجر على هذا, وهو يُعوِّدُ التلاميذ التنافس والوصول إلى الخير. 

التعليم بالفعل أقوى من التعليم بالقول:

قال الشيخ رحمه الله: التعليم بالفعل أقوى من التعليم بالقول, وهذا من وجهين:

الوجه الأول: قُربِ التَّصوُّر.

الوجه الثاني: بقاء الحفظ, لأن الإنسان إذا شاهد الشيء ارتسمت صوره في ذهنه, فاجتمع الحفظ, وارتسام الصورة, فيكُون ذلك أبقى لحفظ الإنسان.

ولهذا لو وصفت لإنسان صفة الصلاة, يقوم فيكبر, ويقرأ الفاتحة, وما أشبه ذلك إلى آخر الصلاة, لم يتصورها كما لو صليت أمامه.

وقال رحمه الله: التعليم بالفعل له شأن عظيم...وليس الخبر كالمعاينة.

من اجتهد فأخطأ فلا يوبخ:

عن عمار بن ياسر رضي الله عنه, قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة, فأجنبتُ, فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد, كما تمرَّغُ الدابةُ, ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك له, فقال: ( إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا) ثم ضرب بيديه الأرض ضربةً واحدةً, ثم مسح الشمال على اليمين, وظاهر كفيه ووجهه.[متفق عليه]

قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الحديث: إن المجتهد لا يُؤنب ولا يُوبخُ, وإن أخطأ في اجتهاده, وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوبخ عمار بن ياسر, ولم يُؤنبه على اجتهاده, مع أنه قد أخطأ فيه.

 

من جاء تائباً لا يعنف بل يشكر تشجيعاً له

قال الشيخ رحمه الله: من جاء تائباً فإننا لا نعنفه, بل نشكره تشجيعاً له, فإن الرسول عليه الصلاة والسلام, لم يعنف الذي جامع امرأته في نهار رمضان وهو صائم, لأنه جاء تائباً يريد الخلاص, وفرق بين من جاء تائباً يريد الخلاص, وبين من أعرض ولم يهتم بالأمر.

بيان حال الطلاب لمصلحة لا بأس به, ولا يعدّ من الغيبة

سئل الشيخ: نحن مجموعة معلمات, إذا جلسنا في غرفة المعلمات قلنا: فلانة اليوم ضعيفة, وفلانة من الطالبات اليوم جيدة, فهل هذا يعتبر من الغيبة ؟

فأجاب الشيخ رحمه الله: ليس هذا من الغيبة, لأنه ليس المقصود بذلك الشماتة بالطالبة, ولكن المقصود بيان حال الطالبة, حتى إذا كانت ضعيفة اهتمت بها المدرسات, وإذا كانت نشيطة وقوية أكرمتها المعلمات, فبيان حال الإنسان لمصلحةٍ لا بأس به.

التصدق بأجرة الأيام التي يغيب فيها الموظف بدون عذر ويحضر إجازة مرضية

سئل الشيخ : بعض المدرسات يتغيبن عن العمل بدون عذر, ثم يحضرن ورقة من الطبيبة بأنهن معذورات, وعندما نُناقشهن في ذلك يقلن : إنهم يتصدقن بالأيام التي غبن فيها, فما حكم ذلك ؟

فأجاب رحمه الله: تخلفهن محرم, وأخذ سند من بعض الممرضات بأنهن معذورات خيانة, والصدقة بما يقابل ذلك لا تقبل, لأنها صدقة محرمة.

كتب الشيخ التي تم الرجوع إليها

* التعليق على صحيح البخاري

* شرح عمدة الأحكام

* فتح ذي الجلال والإكرام شرح بلوغ المرام

* فتاوى نور على الدرب

* اللقاءات الشهرية

* سؤال على الهاتف

 

كتبه / فهد  بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ


 

فهد الشويرخ