اطبع هذه الصفحة


من أقوال السلف في الفتن

فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 
 بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فكلما قرب الزمان من الساعة كثرت الفتن, وتعاظمت حتى أن الفتنة الأولى وإن كانت شديدة, إلا أن التي بعدها تكون أعظم منها, فتخفّ الأولى. فهي فتن يرقق بعضها بعضاً كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والفتن إذا وقعت لا يسلم منها إلا من عصمه الله,
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " الفتنة إذا وقعت لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله.

للسلف أقوال في الفتن, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفعني وجميع المسلمين بها.   


كل ما أشغل عن الله فهو فتنة:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: كل ما يشعل صاحبه عن الله فهو فتنة له


أنواع الفتن وأعظمها:
**
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الفتنة نوعان: فتنة الشبهات ,وهي أعظم الفتنتين, وفتنة الشهوات. وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما.

**
قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: الفتنة كلمة مشتركة تقع على معان كثيرة: تقع على الشرك, وهو أعظم الفتن...وتطلق الفتنة أيضاً على التعذيب والتحريق...وتطلق الفتنة أيضاً على الاختبار والامتحان...وتقع أيضاً على المصائب والعقوبات....والفتنة يدخل فيها الحروب.

** قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الفتن التي تقع _ أيضاً _ بين الناس من حروب وغيرها هي _أيضاً _ عقوبات.

**
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: من أعظم الفتن فتنة التفرق والاختلاف وظهور الفرق والجماعات, هذا من أعظم الفتن.

الاستعاذة بالله من الفتن والدعاء بالسلامة والنجاة منها:
**
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:  قوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون) المقصود من هذا الدعاء: سلامة العبد من فتن الحياة مدة حياته, فإن قدر الله عز وجل على عباده فتنة قبض عبده إليه قبل وقوعها, وهذا من أهم الأدعية, فإن المؤمن إذا عاش سليماً من الفتن, ثم قبضه الله تعالى إليه قبل وقوعها, وحصول الناس فيها كان ذلك نجاة له من الشر كله, وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يتعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

**
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: استحباب الاستعاذة من الفتن, ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق, لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه.

تقديم الهوى والرأي أصل كل فتنة:
**
قال الإمام الاجري رحمه الله: الفتن على وجوه كثيرة, قد مضى منها فتن عظيمة, نجا منها أقوام, وهلك فيها أقوام باتباعهم الهوى, وإيثارهم للدنيا

**
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع, والهوى على العقل.  
وقال: فتنة الشبهات: من ضعف البصيرة, وقلة العلم, ولا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد, وحصولُ الهوى, فهنالك الفتنة العظمى, والمصيبة الكبرى.

الحي لا تؤمن عليه الفتنة:
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً, فإن آمن آمن, وإن كفر كفر, فإن كنتم لا بد مقتدين فاقتدوا بالميت, فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة.


إطلاق لفظ الشيطان على من يفتن في الدين:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: قال ابن بطال: في هذا الحديث جواز إطلاق لفظ الشيطان على من يفتن في الدين.


موافقة الأمراء في غير معصية الله لئلا تقع الفتنة:
قال الإمام النووي رحمه الله:
فيه الحث على موافقة الأمراء في غير معصية لئلا تتفرق الكلمة وتقع الفتنة.


الفتن لا يُعرف شرها إلا إذا أدبرت:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الفتن إنما يعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت, فأما أذا أقبلت فإنها تُزين ويظن أن فيها خيراً, فإذا ذاق الناس ما فيها من الشر صار ذلك مبيناً لهم مضرتها وواعظاً لهم أن يعودوا في مثلها.


الفتنة إذا أقبلت لم يعرفها إلا العالم:
قال عبدالرحمن بن مهدي: سمعت الحسن يقول: إن الفتنة إذا أقبلت عرفها العالم, وإذا أدبرت عرفها كل جاهل.


وعظ العالم الناس عند الفتن, وتسكينهم:
قال الإمام النووي رحمه الله: ينبغي للعالم, والرجل العظيم المطاع, وذي الشهرة, أن يسكن الناس عند الفتن, ويعظهم, ويوضح لهم الدلائل.

الحذر من الفتن, ومن دعاة الفتن:
**
قال معاوية بن سفيان رضي الله عنه: إياكم والفتنة, فلا تهموا بها, فإنها تفسد المعيشة, وتكدر النعمة, وتورث الاستئصال.

**
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: احذروا فتنة العالم الفاجر, والعابد الجاهل, فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.

**
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الفتن كثيرة متنوعة, والدعاة إلى الفتن أيضاً يكثرون, ويتدربون ويُدربون, كما قال صلى الله عليه وسلم: (( قوم من جلدتنا ويتكلمون ألسنتنا )) دعاة الفتن يتكلمون بألسنتنا, وهم من جلدتنا من العرب أكثرهم, أو من أقاربنا...فعلى الإنسان أن يحذر ولا يغتر.

**
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: بعض الناس...يعرض نفسه للخطر, يسمع لهذا, ويسمع لهذا, ويجلس مع أصحاب الفتن, لا, فإن من أسباب وقاية نفسك أن تبتعد عن أصحاب الفتن, والوقاية خير من العلاج.

**
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: الإنسان لا ينبغي به أن يُعرض نفسه لمواطن الفتن, فإنه لا يدري لعله تعلق في قلبه شهوة أو شبة فتُرديه, ومن أمثلة هذا أن الإنسان قد يجلس عتد قناة فيها داعية لباطل, وربما وصل إلى ذهنه معلومة من حيث لا يشعر, فترسخ في ذهنه وهي ضلاله

كتم ما يخشي منه الضرر, والفتنة:
قال القاضي رياض رحمه الله: قوله: [أي: عبادة بن الصامت رضي الله عنه] " ما من حديث لكم فيه خير إلا وقد حدثتكموه "
فيه دليل على أنه كتم ما خشي الضرر فيه والفتنة, مما لا يحتمله عقل كل واحد, وذلك فيما ليس تحته عمل

كل قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة:
قال الإمام البربهاري رحمه الله: كُلُّ ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة, فاتق الله وحده لا شريك له, ولا تخرج فيها, ولا تقاتل فيها, ولا تهو, ولا تُشايع, ولا تُمايل, ولا تُحبّ شيئاً من أمورهم, فإنه يقال: من أحبَّ فعال قوم _ خيراً كان أو شراً _ كان كمن عمله, وفقنا الله وإياكم لمرضاته, وجنينا وإياكم معصيته.


الفتن إذا وقعت كان الهلاك أسرع للعرب:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ويل للعرب من شر قد اقترب ) إنما خصّ العرب بالذكر لأنهم أول من دخل الإسلام, وللإنذار بأن الفتن إذا وقعت كان الهلاك أسرع إليهم.

كيف يعرف العبد أنه أُصيب بالفتنة:
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: إن الفتنة تعرض على القلوب, فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء, فإن أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء,
فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا. فلينظر فإن كان يرى حراماً ما كان يراه حلالاً, أو يرى حلالاً ما كان يراه حراماً, فقد أصابته الفتنة.


من لم يدخل في الفتن أطيب نفساً ممن دخل فيها:
قال قتادة بن دعامة: رأينا والله أقواماً يسرعون إلى الفتن, وينزعون فيها, وأمسك أقواماً عن ذلك هيبة لله, ومخافة منه, فلما انكشفت إذا الذين أمسكوا أطيب نفساً, وأثلج صدوراً, وأخف ظهوراً من الذين أسرعوا إليها, وينزعون فيها, وصارت أعمال أولئك حزازات على قلوبهم كلما ذكروها,
وايم الله لو أن الناس يعرفون من الفتنة إذا أقبلت كما يعرفون منها إذا أدبرت لعقل فيها جيل من الناس كثير.

الندم على الدخول في الفتن:
**
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: لما وقعت فتنة ابن الاشعث. قال أيوب في القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث, لا أعلم أحد منهم....نجا إلا ندم على ما كان منه.

**
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من استقرأ أحوال الفتن التي تجري بين المسلمين, تبين له أنه ما دخل فيها أحد فحمد عاقبة دخوله, لما يحصل له من الضرر في دينه ودنياه.

الفتن تفضح الكثيرين وتكشف أستارهم:
**
قال الإمام الاجري رحمه الله: الفتنة يفتضح عندها خلق كثير.

**
قال الإمام العبكري رحمه الله: هذه الفتن قد فضحت خلقاً كثيراً, وكشفت أستارهم عن أحوال قبيحة, فإن أصون الناس لنفسه أحفظهم للسانه, وأشغلهم بدينه, وأتركهم لما لا يعنيه.

**
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الفتنة قسمت الناس إلى صادقٍ وكاذبٍ, ومؤمن ومنافق, وطيبٍ وخبيثٍ, فمن صبر عليها كانت رحمة في حقه, ونجا بصبره من فتنة أعظم منها, ومن لم يصبر وقع في فتنةٍ أشدّ منها.

**
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان سنة الله في خلقه أنه يبتلي عباده ليتميز المؤمن الصادق من المنافق ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [التوبة:16] ﴿ مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ   [آل عمران:179] لا نعرف أهل الشر إلا عند الفتن.

الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل تعذرها بما يقع من الفتن:
قال الإمام النووي رحمه الله: معنى الحديث الحثُّ على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها, والاشتغال عنها بما يحدث من القتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة, كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر.


الفتنة تتقى بالإيمان والصدق والتقوى:
**
قال بكر المزني: لما كانت فتنة ابن الأشعث, قال طلق بن حبيب: اتّقوها بالتقوى

** قال الإمام العبكري رحمه الله: الفتن على وجوه كثيرة, وضروب شتى, قد مضى منها في صدر هذه الأمة فتن عظيمة نجا منها خلق كثير, عصمهم الله فيها بالتقوى.

**
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: في الحديث الصحيح: (( إن الدجال مكتوب بين عينيه كافر, يقرؤه كل مؤمن قارئ وغير قارئ )) فدل على أن المؤمن يتبين له ما لا يتبين لغيره ولا سيما في الفتن.

**
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن

**
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: علاج الفتن يكون بالاعتصام بالكتاب والسنة, قال جل وعلا: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النساء:92] 

**
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:  المؤمن لا بد أن يفتن بشيء من الفتن المؤلمة الشاقة عليه, ليمتحن إيمانه, كما قال الله تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:1_2]  ولكن الله يلطف بعباده المؤمنين في هذه الفتنة, ويصبرهم عليها, ويثيبهم عليها, ولا يلقيهم في فتنة مضلة مهلكة تذهب بدينهم, بل تمّر عليهم الفتن, وهم منها في عافية.

الحلم في الفتن:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: الحلم في الفتن وعند تقلب الأحوال محمود أيما حمد, ومثنى عليه أيما ثناء, لأنه بالحلم يمكن رؤية الأشياء على حقيقتها, ويمكن بالحلم أن تبصر الأمور على ما هي عليه.


الدعاء والتضرع عند نزول الفتنة:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: التضرع عند نزول الفتنة ولا سيما في الليل, لرجاء وقت الإجابة لتكشف, أو يسلم الداعي, ومن دعا له, وبالله التوفيق.


العبادة في الفتن:
قال الإمام النووي رحمه الله: المراد بالهرج هنا الفتنة, واختلاط أمور الناس, وسبب كثرة فضل العبادة فيه, أن الناس يغفلون عنها, ويشغلون عنها, ولا يتفرغ لها إلا أفراد


قلة الكلام في الفتن:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ : كان السلف في الفتن يكثرون الصمت, ويقلون الكلام, ولهذا كانت كلماتهم تحفظ, وتنقل, وأما كلام الخلف فهو كثير, و في الفتن يكون أكثر, وهذا من قلة العلم بنهج السلف في ذلك.

عدم تصديق الشائعات, أو نشرها بين الناس:
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من المعالم في الفتن التي ينبغي أن تتفطنوا لها وتحذروا منها, المسارعة في تصديق الشائعات وتلقفها بمجرد سماعها لأول مرة, ومن ثم السعي في نشرها وبثها بين الناس, وإصدار الأحكام بناء على تلك الإشاعة وتعويلاً على لوازمها فترجفون في أوساط الناس بنشر الشائعات.

استشارة أهل العلم عند نزول الفتن:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله:
استشارة أهل العلم والدين عند نزول الفتن.


الفرار من الفتن:
**
قال الإمام البربهاري رحمه الله: إذا وقعت الفتنة فالزم جوف بيتك وفرَّ من جوار الفتنة

**
قال الإمام السعدي رحمه الله: من فرَّ بدينه من الفتن سلمه الله منها, وأن من حرص على العافية عافاه الله, ومن أوى إلى الله آواه الله.

التمسك بالكتاب والسنة والفقه في الدين نجاة من الفتن
قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: طريق النجاة من صنوف الفتن هو التمسك بكتاب الله وبسنة رسوله علية الصلاة والسلام....
كل أنواع الفتن...لا سبيل إلى التخلص منها, والنجاة من شرها إلا بالتفقه في كتاب الله, وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ومعرفة منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم, ومن سلك سبيلهم من أئمة الإسلام ودعاة الهدى.  


بالصبر واليقين تدفع فتنة الشبهات والشهوات:
قال ابن القيم رحمه الله:
فتنة الشبهات تُدفعُ باليقين, وفتنة الشهوات: تُدفع بالصبر
ولا يُنجي من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول, وتحكيمه في دقّ الدين وجله, ظاهره وباطنه, عقائده وأعماله, حقائقه وشرائعه, فيتلقى عنه حقائق الإيمان, وشرائع الإسلام, وما يُثبتُه الله من الصفات والأفعال والأسماء, وما ينفيه عنه.

عدم الخوض في الفتن والدخول فيها:
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: إياكم والفتن لا يشخص إليها أحد, فوالله ما شخص فيها أحد إلا نسفته كما ينسف السيل الدمن,...ما الخمر صرفاً بأذهب بعقول الرجال من الفتنة,...
وليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق.


حال المؤمن عند وقوع الفتن:
**
قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا حصلت الفتن, فالواجب على الإنسان أن يصبر, وأن يحاول كشف هذه الفتن ما استطاع, ولا يجوز له أن يعتزل الناس ما دام قادراً على أن يُسهم في إزالة هذه الفتن, أو تخفيفها, نعم لو فرضنا أن الرجل لا يستطيع أن يُدافع هذه الفتن, ويخشى على نفسه, فهنا الأولى أن يعتزل الناس.

عدم تنزيل أحاديث الفتن على واقع حاضر:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: لا تطبق أيها المسلم أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه, فإنه يحلو للناس عند ظهور الفتن مراجعة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن, ويكثر في مجالسهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا, هذا وقتها, هذه هي الفتنة ونحو ذلك. والسلف علمونا أن أحاديث الفتن لا تنزل على واقع حاضر, وإنما يظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم بما أخبر من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها, مع الحذر من الفتن جميعاً.


الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء عن دفعها:
قال ابن تيمية رحمه الله: الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء.

أبيات كانوا يستحبون أن يتمثلوا بها عند الفتن:

عن خلف بن حوشب كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن:

الحربُ أول ما تـــكــــــــــــــــــون فتيـــةً         تسعى بزينتها لكلّ جهـــــــــول
حتى إذا اشتعلت وشبّ ضرامها        ولّت عجوزاً غير ذات حليل
شمطاءَ يُنــكــــــرُ لــــــــــــــونها وتغيـرت         مكروهة للشـــــــــمّ والتــــــــــقبيل  

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والمراد بالتمثل بهذه الأبيات استحضار ما شاهدوه وسمعوه من حال الفتنة, فإنهم يتذكرون بإنشادها ذلك فيصدهم عن الدخول فيها حتى لا يغتروا بظاهر أمرها أولاً.

من أراد الله تعالى به خيراً في الفتن:
**
قال الإمام الآجري رحمه الله: الفتن على وجوه كثيرة...فمن أراد الله تعالى به خيراً فتح له باب الدعاء, والتجأ إلى مولاه الكريم, وخاف على دينه, وحفظ لسانه, وعرف زمانه, ولزم الحجة الواضحة السواد الأعظم, ولم يتلون في دينه, وعبد ربه عز وجل, فترك الخوض في الفتنة.

وختاماً فإن الفتن تكثر وتعظم في آخر الزمان, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدُلَّ أُمتهُ على خير ما يعلمه لهم, وينذرهم شر ما يعلمه لهم, وإن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها, وسيُصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها, وتجيءُ فتنةً فيرقق بعضها بعضاً, وتجيءُ الفتنةُ فيقول المؤمن: هذه مهلكتي, ثم تنكشف, وتجيءُ الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه, فمن أحب أن يزحزح عن النار, ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يومن بالله واليوم الآخر, وليأت إلى الناس الذي يُحبُّ أن يؤتي إليه.)) [أخرجه مسلم]

والسعيد من جنب الفتن, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن السعيد لمن جُنب الفتن, إن السعيد لمن جُنب الفتن, إن السعيد لمن جُنب الفتن, ولمن ابتلي فصبر )) [أخرجه أبو داود, وصححه العلامة الألباني]

قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
إذا سلم العبدُ من فتنة الشبهات والشهوات حصل له أعظم غايتين مطلوبتين, بهما سعادته وفلاحه وكماله, وهما الهُدى والرحمة"

إن الدخول في الفتن له عواقب عظيمة قد تؤدى بالبعض أن يمسى مؤمناً ويصبح كافراً, ويصبح مؤمناً ويسمى كافراً, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( بادروا بالأعمال, فتناً كقطع الليل المظلم, يُصبح الرجل مؤمناً ويمسى كافراً, أو يمسى مؤمناً ويصبح كافراً, يبيعُ دينه بعرضٍ من الدنيا. )) [أخرجه الإمام مسلم]

اللهم نسألك أن تجنبا الفتن ما ظهر منها وما بطن. وأن تجعل شرها على أعداء المسلمين.


كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ