صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







من أقوال السلف في الصدق والكذب

فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 
 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالصدق من مكارم الأخلاق, يكفيه فضيلة _كما قال الإمام الغزالي رحمه الله_ أن الله تعالى وصف به الأنبياء في معرض المدح والثناء, فقال الله: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾ [مريم:41] وقال تعالى: ﴿واذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا﴾ [مريم:54] وقال: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾ [مريم:56]

والصدق طريق إلى الجنة, والكذب طريق إلى النار, قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (( إن الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة, وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً, وإن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً.)) [متفق عليه]

للسلف أقوال قي الصدق والكذب, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

** قال ابن عباس رضي الله عنهما: أربع من كن فيه فقد ربح: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.

** قال يوسف بن أسباط: للصادق ثلاث خصال: الحلاوة، والملاحة، والمهابة. 

** قال مالك بن أنس: قلّما كان رجل صادقاً لا يكذب, إلا مُتع بعقله, ولم يصبه ما يصيب غيره من الهرم, والخرف

** قال أبو زرعة: قلت لأحمد بن حنبل: كيف تخلصت من سيف المعتصم وسوط الواثق ؟ فقال: لو وُضِع الصدقُ على جرح لبرئ.  

** قال الفضيل بن عياض: ما تزين الناس بشيء أفضل من الصدق, والله عز وجل يسأل الصادقين عن صدقهم, منهم عيسي بن مريم عليه السلام, كيف بالكذابين المساكين, ثم بكى.

وقال: من عامل الله عز وجل بالصدق أورثه الله عز وجل الحكمة

** قال سلمة بن دينار: أعدل العدل: كلمة صدق عند من ترجوه وتخافه.

** قال الخليفة المنصور لهشام بن عروة: يا أبا المنذر, تذكر يوم دخلتُ عليك أنا وأخوتي مع أبي, وأنت تشرب سويقاً بقصبة يراع, فلما خرجنا قال: أبونا: اعرفوا لهذا الشيخ حقه, فإنه لا يزال في قومكم بقية ما بقى, قال: لا أذكر ذلك يا أمير المؤمنين, فلاموه في ذلك, فقال: لم يعودني الله في الصدق إلا خيراً.

** قال ابن المبارك: إن الفضيل صدق الله, فأجرى الحكمة على لسانه, وهو ممن نفعه الله بعلمه.

* روح بن الفرج القطان, قال ابن قديد: رفعه الله بالعلم والصدق.

* قال القاسم بن القاسم المهدي المروزي: من حفظ قلبه مع الله بالصدق أجرى الله على لسانه الحكم.

** عن مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم, قيل له: ما بلغ بك ما نرى ؟ قال: صدق الحديث, وأداء الأمانة, وترك ما لا يعنيني.  

** قال الإمام ابن حزم: أعدل الشهود على المطبوع على الصدق: وجهه, لظهور الاسترابة عليه إن وقع في كذبةٍ أو همَّ بها.

** قال الإمام الغزالي رحمه الله: من حفظ لسانه عن الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق.

ــــــــــــــــــ

** قال الإمام الغزالي رحمه الله: الصدق في الأعمال, وهو أن يجتهد حتى لا تدل أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف هو به...ورب واقف على هيئة الخشوع في صلاته, ليس يقصد به مشاهدة غيره, ولكنه قلبه غافل عن الصلاة, فمن ينظر إليه يراه قائماً بين يدي الله عز وجل, وهو بالباطن قائم في السوق بين يدى شهوة من شهواته.

** قال الإمام النووي رحمه الله: الصدق......وإن كان فيه مشقة, فإن عاقبته خير, والصدق يهدي إلى البر, والبر يهدي إلى الجنة.

** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الصدق يُنجي.

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

& الصدق مفتاح كل خير

& الصدق أساس الحسنات وجماعها

& الصفة المميزة بين النبي والمتنبئ هو الصدق والكذب

& الصفة الفارقة بين المؤمن والمنافق هو الصدق, فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب.

& الصدق هو أصل البر

& الصادق تنزل عليه الملائكة.

& الفارق بين الصديقين والشهداء والصالحين وبين المتشبه بهم من المرائين والمسمعين والملبسين هو الصدق والكذب

&الرجل الصادق البار يظهر على وجهه من نور صدقه وبهجة وجهه سيما يعرف بها

& الصادق من لا يقلق قلبه.

ـــــــــــــــــــ

** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

& أصل أعمال القلوب كلها الصدق, وأضدادها من الرياء والعُجب والكبر والفخر والخيلاء والبطر والأشر والعجز والكسل والجُبن والمهانة وغيرها أصل الكذبُ, فكل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤه الصدق, وكل عمل فاسدٍ ظاهرٍ أو باطن فمنشؤه الكذبُ.

& ما أنجى الله من أنجاه إلا بالصدق ولا أهلك من أهلكه إلا بالكذب.

& قسم سبحانه الخلق إلى قسمين: سعداء وأشقياء فجعل السعداء هم الصدق والتصديق والأشقياء هم أهل الكذب والتكذيب وهو تقسيم حاصر مطرد منعكس, فالسعادة دائرة مع الصدق والتصديق, والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب.

& الصدق بريد الإيمان, ودليله, ومركبه, وسائقه, وقائده, وحليته, ولباسه, ولبه, فمضاده الكذب للإيمان كمضاد الشرك للتوحيد, فلا يجتمع الكذب والإيمان إلا ويطرد أحدهما صاحبه, ويستقر موضعه.

& ما أنعم الله على عبد بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذي هو غذاء الإسلام وحياته, ولا ابتلاه ببلية أعظم من الكذب الذي هو مرض الإسلام وفساده, والله المستعان.

& أظهر...السمات على الوجوه سمة الصدق والكذب, فإن الكذاب يُكسى وجهه من السواد بحسب كذبه, والصادق يُكسى وجهه من البياض بحسب صدقه.

& الصدق...سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيءٍ إلا قطعه ولا واجه باطلاً إلا أرداه وصرعه من صال به لم ترد صولته ومن نطق به علت على الخصوم كلمته

ــــــــــــ

& أخبر سبحانه أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلا صدقه, قال الله تعالى: ﴿هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [المائدة:119]

& حمل الصدق كحمل الجبال الرواسي, لا يطيقه إلا أصحاب العزائم.

& من علامات الصدق: طمأنينة القلب إليه, ومن علامات الكذب: حصول الريبة, كما في الترمذي مرفوعاً من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما ( الصدق طمأنينة, والكذب ريبة)

& الصادق مطلوبه: رضا ربه وتنفيذ أوامره وتتبع محابه, فهو متقلب فيها يسير معها أين توجهت ركائبها, ويستقل معها أنى استقلت مضاربها, فبينا هو في صلاة إذ رأيته في ذكرٍ, ثم في غزوةٍ, ثم في حجٍ, ثم في إحسان للخلق بالتعليم وغيره من أنواع النفع.

& الصدق قيل: موافقة السرِّ النطق. وقيل: استواء السرِّ والعلانية. وقيل: الصدق: القول بالحق في موطن الهلكة. وقيل: كلمة الحق عند من تخافه وترجوه.

& قيل: عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك فإنه ينفعك, ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.

& قال تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر:33] فلا يكفي صدقك, بل لا بد من صدقك وتصديقك للصادقين, فكثير من الناس يصدُق, ولكن يمنعه من التصديق كبر, أو حسد, أو غير ذلك.

& من صَدَقَ الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره.

** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فيه: عظم مقدار الصدق في القول والفعل, وتعليق سعادة الدنيا والآخرة والنجاة من شرهما.

ـــــــــــــــــ

** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: لا يصلح الكذب في هزل ولا جد, ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئاً ثم لا ينجزه به

** قال الأثرم: سمعتُ أبا عبدالله سئل عن الرجل يأتيه الأميُّ الذي لا يكتبُ, فيقول: أتكتُب لي كتاباً فيملي عليه شيئاً يعلم أنه كذب أيكتب له ؟ قال: لا, فلا يكتب له الكذب.

** قال جعفر الصادق: لا داء أدوى من الكذب.

** قال أبو العالية الرياحي: أنتم أكثر صلاةً وصياماً ممن كان قبلكم, ولكن الكذب قد جرى على ألسنتكم.

** قال مطرف بن عبدالله بن الشخير: ما يسرني أني كذبت كذبة واحدة وأن لي الدنيا وما فيها.

** قال الأصمعي: أتى رجل الحجاج, فقال: إن ربعي ابن حراش زعموا لا يكذب, وقد قدم ابناه عاصيين, فبعث إليه الحجاج, فقال: ما فعل ابناك ؟ قال: هما في البيت والله المستعان, فقال له الحجاج: هما لك, وأعجبه صدقه.

** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الكذب يُردي, ومن غلب لسانه أمَّرهُ قومه, ومن أكثر الكذب لم يترك لنفسه شيئًا يُصدَّق به، ولا يكذب إلا من هانت عليه نفسه، ولو لم يكن للكذب من الشين إلا إنزاله صاحبه بحيث إن صدَق لم يُصدَّق، لكان الواجب على الخلق كافة لزوم التثبُّت بالصدق الدائم وإن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيًّا

** قال الإمام ابن حزم رحمه الله: وأعدل الشهود على الكذاب: لسانه, لاضطرابه ونقض بعض كلامه بعضاً.

ــــــــــــــ

** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن كذاباً ؟ فقال: ( لا ) ومعناه: أن المؤمن لا يكون كذاباً, يريد أنه لا يغلب عليه الكذب, حتى لا يكاد يصدق, هذا ليس من أخلاق المؤمنين.

** قال الإمام الغزالي رحمه الله: المنافق ضد المؤمن الصادق, وهو الذي يكون كاذباً في خبره أو كاذباً في عمله كالمرائي في عمله قال الله ﴿إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ [النساء:142]

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

& الكذب مفتاح كل شر.

& الكذب أساس السيئات ونظامها.

& الكذب أصل الفجور.

& الكاذب تنزل عليه الشياطين.

& العمل السيئ مثل الكذب...يعاقب صاحبه في الحال بظلمة في القلب وقسوة وضيق في صدره...ونسيان ما تعلمه وانسداد باب علمه كان يطلبه ونقص في يقينه وعقله, واسوداد وجهه وبغضة في قلوب الخلق واجترائه على ذنب آخر.

* الكاذب يقلق قلبه.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

& إياك والكذب, فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه, ويُفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس. فإن الكاذب يُصورُ المعدوم موجوداً والموجود معوماً والحقَّ باطلاً والباطلَ حقاً, والخير شرّاً والشرَّ خيراً, فيفسُدُ عليه تصوره وعلمه عقوبةً له, ثم يُصور ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه, فيُفسدُ عليه تصوره وعلمه

ـــــــــــــــ

& أول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده, ثم يسري إلى الجوارح فيُفسد عليها أعمالها...فيعُم الذنب أقواله وأعماله وأحواله, فيستحكم عليه الفساد ويترامي داؤه إلى الهلكة إن لم يتداركه الله بدواء الصدق يقلعُ تلك المادة من أصلها

& الله يعاقب الكذاب بأن يقعده ويُثبطه عن مصالحه ومنافعه, ويُثيب الصادقَ بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته, فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق, ولا مفاسدهما ومضارهما بمثل الكذب.

& شرُّ ما في المرء لسان كذوب، ولهذا يجعل الله سبحانه شعار الكاذب يوم القيامة، وشعار الكاذب على رسوله سواد وجهه، والكذب له تأثير عجيب في سواد الوجه، & الصادق يرزقه الله مهابةً وحلاوةً، فمن رآه هابه وأحبَّه والكاذب يرزقه مهانةً ومقتًا، فمن رآه احتقره.

& أربعة تجلب البغضاء والمقت: الكبر, والحسد, والكذب, والنميمة.

** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: عادة الله في الخلق أن الكاذب يفتضح في حياته, أو بعد مماته, ومن افتضاحه أن يتبين كذبه. وأعظم ذلك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.


كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • كتب
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية