اطبع هذه الصفحة


من أقوال السلف في حفظ اللسان

فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 
 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن رام السعادة في الدنيا والآخرة فعليه باتباع الكتاب والسنة, قال الإمام الشاطبي رحمه الله: ألقي في نفسي القاصرة أن كتاب الله وسنة نبيه لم يتركا في سبيل الهداية لقائل ما يقول ولا أبقيا لغيرهما مجالاً يعتد فيه, وإن الدين قد كمل, والسعادة الكبرى فيما وضع, والطلبة فيما شرع, وما سوى ذلك فضلال وبهتان, وإفك وخسران, وأن العاقد عليهما بكلتا يديه مستمسك بالعروة الوثقى, محصل لكلمتي الخير دنيا وأخرى, وما سواهما فأحلام وخيالات وأوهام.  

ويا سعادة من كان منهجه التسليم لنصوص الكتاب والسنة, قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: " الذي يتعين على المسلم الاعتناء به: أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, ثم يجتهد في فهم ذلك, ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العلمية, وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر واجتناب ما يُنهى عنه, وتكون همته مصروفة إلى ذلك, لا إلى غيره.

فأما إن كانت همّته مصروفه عند سماع الأمر والنهي إلى فرض أمور قد تقع وقد لا تقع, فإن هذا مما يدخل في النهي, ويثبطُ عن الجد في متابعة الأمر

سال رجل ابن عمر عن استلام الحجر, فقال له: رأيت النبي يستلمه ويقبله, فقال له الرجل: أرأيت إن غُلبت عليه ؟ أرأيت إن زوحمتُ ؟ فقال له ابن عمر: اجعل  "أرأيت", باليمن. رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمُهُ ويقبلُهُ.     

ومراد ابن عمر رضي الله عنهما: أن لا يكون له همّ إلا في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم, ولا حاجة إلى فرض العجز عن ذلك, أو تعسره قبل وقوعه, فإنه قد يفتر العزم عن التصميم على المتابعة."

وبقدر حرص المسلم على السير على الكتاب والسنة يقل التناقض والتضاد عنده, وتحصل له الطمأنينة واليقين, وتبتعد عنه الوساوس والشبهات,  قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: في وقت شيخ الإسلام كانت العقائد المنحرفة كثيرة وأتباعها كثر, وكانت لهم مناهجهم وطرائقهم المتنوعة...وقد صرح بعضهم بأن الكتاب والسنة لا يستفاد منها يقين ولا يؤخذ منها عقيدة وأن المعتقد يؤخذ من العقول ولم يلحظوا أن العقول متفاوتة وأن العقل تخفى عليه بعض أوجه الحق فإنه وإن نظر إلى جانب في طرق الاستدلال لكنه يخفى عليه جوانب أُخر, كما أنهم لم ينتبهوا إلى أن العقول يقع في طرق الاستدلال بها أنواع من أنواع الخداع في التفكير فإذا كان هناك خداع في البصر كما يرى الإنسان السراب ويظنه ماء ويرى القضيب والخشب عندما يجعل في الماء كأنه منكسر لخداع النظر هذا أيضاً يكون في العقول ثم إن الناس تختلف مداركهم في العقل ولذلك تجد الإنسان يجزم صباحاً بشيء ويظن أنه مما يقطع به العقل ثم يجزم بضده في آخر يومه ومصداق هذا في كتاب الله لأن الله عز وجل يقول   

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا [النساء:82] يعني تناقصاً وتضاداً فما كان من عند الله فلا تناقض فيه وما كان من عند غيره فلا بد أن يقع فيه التناقض والتضاد عنده فبقدر سير الإنسان على الكتاب والسنة يقل التناقض والتضاد عنده وبقدر ابتعاده عن هذين الأصلين يكثر التناقض والتضاد.

ـــــــــــــــــــ

والواجب التسليم لنصوص الكتاب والسنة فهمتها العقول, أو لم تفهمها, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الواجب على الخلق اتباع الكتاب والسنة, وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة...وما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه.

وقال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: الواجب علينا أن نحكم النصوص, فما جاءنا من النصوص سمعنا له, وآمنا به, وأيقنا بصحته, فما فهمته عقولنا ولم يكن مشكلاً عندها فذاك, والحمد لله, وما عجزت عقولنا عن دركه وفهمه فلا يجوز لنا أن نكذبه, لأن الشريعة قد تأتي بأمور تعجز العقول عن فهمها. ثم إننا مع ذلك نؤمن أنه لا يمكن أن يكون في أمور الشريعة ما هو معارض للعقل الصحيح الصريح, لكن قد تخفى بعض الوجوه عن بعض الناس, فلا يعرف وجه ما ورد في النص, فلا يعني أن ما ورد في النص يكون مخالفاً لمدلول العقل, بل عجز العقل عنه.

وعندما توجد أقوال أو آراء تخالف الكتاب والسنة فتترك ويُعمل بالكتاب والسنة, قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب, فانظروا في رأيي, فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به, وما خالف فاتركوه.

ومن أراد هداية بدون الكتاب والسنة فقد ضلً الطريق, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد إلا بعداً.

أحكام القرآن الكريم تحتاج إلى بيان من السنة, فلا إسلام بدون العمل بالسنة, ومن عطل العمل السنة بأي حيلة شيطانية فهو ممن يهدم الدين.

للسلف أقوال في اتباع السنة يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

ـــــــــــــــــ

الوصية بالعمل بالسنة, ودعوة الناس للعمل بها, والوصية بأهلها خيراً:

** قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: استوصوا بأهل السنة خيرًا، فإنهم غرباء.

** قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله: عليك بأدبين:

أحدهما: أن يكون حرصك على التمسك بالسنة باطناً وظاهراً, في خاصتك, وخاصة من يُطيعك.  

الثاني: أن تدعو الناس إلى السنة بحسب الإمكان.

** قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: الوصية بالسنة والعمل بما جاء فيها من العلم, والهدى, وحفظ ما تيسر منها.

التسليم لسنة الرسول علية الصلاة والسلام وعدم معارضتها برأي أو هوى:

** قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما يقول عرية يريد ؟ قال: يقول: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة. قال ابن عباس: أراهم سيهلكون !! أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم, ويقولون نهى أبو بكر وعمر.

** قال مالك بن أنس رحمه الله:

& سمعت ابن شهاب يقول: سلموا للسنة ولا تعارضوها.

& ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك, إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقاله قبله مجاهد والشعبي.

** قال الإمام الشافعي رحمه الله:

& إذا وجدتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُنة فاتبعوها, ولا تلتفتوا إلى قول أحد.

& إذا صحّ الحديث فهو مذهبي.

ـــــــــــ

& إذا صحَّ الحديثُ فاضربوا بقولي هذا الحائط.

& إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بها, ودعوا ما قلته.

& أي سماء تظلني, وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فلم أقل به.

** قال الربيع بن سليمان: سأل رجل الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: فما تقول ؟

فارتعد وانتفض الشافعي, وقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقُلتُ بغيره.

** عن ميمون بن مهران في قوله تعالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ  قال: الرد إلى الله إلى كتابه, والردّ إلى الرسول إذا قبض إلى سنته.

** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: الحجة عند الاختلاف السنة وأنها حجة على من خالفها

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من نور قلبه فرأى ما في النص والشرع من الصلاح والخير, وإلا فعليه الانقياد لنصِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه وليس له معارضته برأيه وهواه.

** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

& لا يلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تخالفها.

& قال ابن عبدالبر: الحجة عند التنازع السنة, فمن أدلى بها فقد أفلح.

& السنة إذا ثبتت لا يبالي من تمسك بها بمخالفة من خالفها.

ـــــــــــــــــــ

من ثمار وفوائد الأخذ بالسنة:

** قال الإمام الزهري رحمه الله: الاعتصام بالسنة نجاة.

** قال النيسابوري رحمه الله: من أمرّ السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة.

** قال الجنيد رحمه الله: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول, واتبع سنته, ولزم طريقته, فإن طريق الخيرات كلها مفتوحة عليه.

** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: البركة والخير كله في أتباع أدب رسول الله وامتثال أمره.

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال أبي بن كعب رضي الله عنه: عليكم بالسبيل والسنة, فإنه ما من عبد على السبيل والسنة, وذكر الله, فاقشعر جلده من مخافة الله إلا تحاتت عنه خطاياه, كما يتحات الورق اليابس عن الشجرة, وما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله خالياً ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبداً. وإن اقتصاداً في سبيل وسنة خير من اجتهاد خلاف سبيل وسنة, فاحرصوا أن تكون أعمالكم اقتصاداً واجتهاداً على منهج الأنبياء وسنتهم.

** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: كلما قرب الناس من السنة زالت الخلافات بينهم, وكلما ابتعد الناس عن السنة وجد الاختلاف بينهم.

عقوبة الاستهزاء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الخطيب البغدادي رحمه الله: قال زكريا الساجي: كنَّا نمشى في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين, فأسرعنا المشي, وكان معنا رجل متهم في دينه, فقال: أرفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسرها, كالمستهزئ, فما زال في موضعه حتى جفّت رجلاه وسقط

ـــــــــــــ

إثارة الشبهات حول السنة النبوية هدفه القضاء على الإسلام:

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: يثير أهل الزيغ والضلال شبهاً داحضة حول السنة, وقد ردّ عليهم علماء المسلمين قديماً حديثاً, بردود فضحت باطلهم, وكشفت زيفهم, وردتهم على أعقابهم خاسئين, ذليلين, ومعروف هدف هؤلاء: إنهم يريدون القضاء على الإسلام بالتشكيك في أصوله, لأنهم إذا أبطلوا العمل بالسنة فقد أبطلوا العمل بالقرآن. لأن القرآن يحتاج إلى بيان السنة له, وإذا عطل العمل بالكتاب والسنة قضي على الإسلام, وهذا ما يريدون, ومن ورائهم منظمات سرية من أمم الكفر تصنع لهم الخطط, وتلقنهم الشبه.

أخبار الآحاد التي ليس لها معارض, تفيد القطع واليقين:

قال الشيخ سعد الشثري: الصواب أن أخبار الآحاد الواردة في الحديث النبوي التي ليس لها معارض ولم يتكلم فيها أحد من الأئمة بشيء أنها تفيد القطع واليقين, لأمور

أولها: أن الله تعالى أكرم من أن يدخل في شريعته شيء ثم لا يُنبِّه الأمة عليه, ولا يمكّن علماء الحديث من اكتشافه.

ثانيها: أن الله تعالى قد تعهد وتكفل بحفظ هذه الشريعة, ومن حفظها حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] ومما يدخل فيه تفسير كتاب الله الذي يكون بالسنة.

ثالثها: أن لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من البهاء والوضوح والنور ما ليس لغيره, مما يجعل كلامه لا يمكن أن يلتبس بكلام غيره, ثم إن الأمة قد اجتهدت في تمحيص الأخبار النبوية والتمييز بين صحيحها وضعيفها, فلا يمكن أن يخفى كذب في الحديث على هذه الأمة المعصومة التي لا تجتمع على ضلالة.

ـــــــــــــــــ

الحكمة في كذب الكاذبين في حديث الرسول علية الصلاة والسلام:

قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله: حكمته سبحانه وتعالى شاملة لكل شيء, حتى وضع الوضاعين وكذب الكاذبين لله عز وجل حكمة بالغة في تمكينهم منه ففي ذلك بروز ما في نفوسهم من حبِّ الباطل, وبذلك تتم عليهم الحجة, وفي ذلك ابتلاء للناس, وفتح مجال لاجتهاد أهل العلم وجهادهم

من كذب في سنة النبي صلى الله عليه وسلم افتضح في حياته أو بعد مماته:

قال الشيخ سعد الشثري: عادة الله في الخلق أن الكاذب يفتضح في حياته أو بعد مماته, ومن افتضاحه أن يتبين كذبه. وأعظم ذلك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

الحذر من التهاون في المداومة على ترك السنن:

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال القرطبي: من داوم على ترك السنن كان نقصاً في دينه, فإن كان تركها تهاوناً بها, ورغبة عنها, كان ذلك فسقاً.

من علامات محبة الرسول علية الصلاة والسلام نصرة دينه:

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: من علامات محبته: نصرة دينه بالقول والفعل, والذب عن شريعته, والتخلق بأخلاقه, والله أعلم.

سنة رسول الله علية الصلاة والسلام على الرأس والعين:

قال علي بن زيد بن جدعان: بلغ مصعباً عن عريف الأنصار شيء, فهمّ به, فدخل عليه أنس بن مالك رضي الله عنه, فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( استوصوا بالأنصار خيراً اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم )) فألقى مصعب نفسه عن السرير, وألزق خده بالبساط, وقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرأس والعين, وتركه.

ـــــــــــــــــ

ثبات أهل السنة والجماعة على اتباع السنة:

قال الإمام الشاطبي رحمه الله: لا تجتمع الفرق كلها على مخالفة السنة عادة وسمعاً, بل لا بد أن تثبت جماعة أهل السنة حتى يأتي أمر الله, غير أنهم لكثرة ما تناوشهم الفرق الضالة وتناصبهم العداوة والبغضاء استدعاء إلى موافقتهم, لا يزالون في جهاد ونزاع, ومدافعة وقراع آناء الليل والنهار, وبذلك يضاعف لهم الأجر الجزيل ويثيبهم الثواب العظيم.

حفظ الله عز وجل لسنة نبيه علية الصلاة والسلام:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يجب أن يُعلم أن حفظَ الله تعالى لسنة نبيه من جنس حفظه لكتابه الذي لا يرُوجُ فيه الغلط على صبيان المسلمين, وكذلك الحديث لا يروج فيه على علماء الحديث

كل يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول علية الصلاة والسلام:

قال مجاهد بن جبر: ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم

قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: ليس أحد من خلق الله إلا هو يؤخذ من قوله ويترك, إلا النبي صلى الله عليه وسلم, فإنه لا يترك من قوله, إلا ما تركه هو ونسخه, قولاً أو عملاً, وليس في قول غيره حجة.

الحرص على إتباع السنة في أسهل الأشياء:

قال مسلم بن يسار رحمه الله: إني لأصلي في نعلي, وخلعهما أهون عليَّ, وما أطلب بذلك إلا السنة.

لا تترك السنة لترك الناس لها.

قال الإمام النووي: إذا ثبتت السنن لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها

ــــــــــــــــ

تعظيم حديث الرسول علية الصلاة والسلام عند التحديث به:

** كان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ, وجلس على فراشه, وسرح لحيته, وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة, فقيل له في ذلك, فقال: أحبُّ أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا أُحدِّث به إلا طهارة متمكناً.

** دخل المطلب بن حنطب على سعيد بن المسيب في مرضه وهو مضطجع, فسأله عن حديث, فقال: لأقعدوني, فأقعدوه, قال: إني أكره أن أُحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع.

** الفضيل بن عياض, كان شديد الهيبة للحديث إذا حدث.

** قال بشر بن الحارث: سأل رجل عبدالله بن المبارك عن حديث وهو يمشي, قال: ليس هذا من توقير العلم, قال بشر: فاستحسنته جداً.

** قال الإمام القرطبي رحمه الله: قال القاضي أبو بكر بن العربي: حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتاً كحركته حيّاً, وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثال كلامه المسموع من لفظه, فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته, ولا يعرض عنه, كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به.

ليس في السنة قياس وإنما التصديق بآثار الرسول علية الصلاة والسلام:

قال الإمام البربهاري: اعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس, ولا يضرب لها الأمثال, ولا تتبع فيها الأهواء, وهو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح, لا يقال: لِم, وكيف ؟

الكِبر وترك السنة:

قال أبو عثمان النيسابوري رحمه الله: ما ترك أحد شيئاً من السُّنة إلا لكبر في نفسه.

ــــــــــــــــ

لا تستقيم الأعمال إلا بموافقة السنة:

قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: لا يستقيم قول إلا بعمل, ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية, ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة.

عقوبة من ترك السنة:

** قال أبو بكر رضي الله عنه: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به, وإني لأخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ.

** نظر سعيد بن المسيب إلى رجل صلى بعد النداء من صلاة الصبح, فأكثر الصلاة فحصبه, ثم قال: إذا لم يكن أحدكم يعلم فليسأل: إنه لا صلاة بعد النداء إلا ركعتين فانصرف فقال: يا أبا محمد أتخشى أن يعذبني الله بكثرة الصلاة ؟ قال: بل أخشى أن يعذبك الله بترك السنة.

** قال الشافعي رحمه الله:

& اشهدوا أني إذا صحّ عندي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم آخذ به, فإن عقلي قد ذهب.

& لقد ضلّ من ترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول من بعده

** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله:

& عن ابن المسيب أنه رأى رجلاً يكثر الركوع بعد طلوع الفجر, والسجود بعد طلوع الفجر, فنهاه, فقال: يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة ؟ قال: لا, ولكن يعذبك على خلاف السنة.

& لو خالفوا السنة جهاراً بغير تأويل, لسقطت عدالتهم.

 

ــــــــــــــ

تأديب المعترض على السنن برأيه.

** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: عن زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: حرم ما بين لا بتي المدينة, وأنه حرم شجرها أن يعضد, قالت: زينب: فكان أبو سعيد يضرب بنيه إذا صادوا فيها, ويرسل الصيد

** قال الإمام النووي رحمه الله: فيه تعزير المعترض على السنة, والمعارض لها, برأيه

** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أُخذ من إنكار عبدالله على ولده تأديب المعترض على السنن برأيه.

متابعة السنة أولى:

قال الإمام الذهبي رحمه الله: أبو بكر بن عياش, روي من غير وجه عنه أنه مكث أربعين سنة أو نحوها, يختم القرآن في كل يوم وليلة.

قلت [القائل الإمام الذهبي]: إذا سمعت مثل هذا عن الرجل يعظم في عيني وأغبطه, ولكن متابعة السنة أرفع, فقد نهى صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث, وقال: (( لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث )) صدق نبينا صلى الله عليه وسلم, فلعل هؤلاء ما بلغهم النهي عن ذلك, والله أعلم.


كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ