صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







نافذةُ الزمان و مثيرة الأشجان إلى عهد النبي العدنان

شعر: حامد خلف العمري
@Alumaryhamid

 

أرِقْتُ لبرقٍ واهنِ الومضِ قد غبرْ
يكاد لنأيٍ أن يشح به البصر
سرى لمْعُهُ نحو العقيقِ فليتني
أُخايِلُه بالجِزْع سابَقَهُ المطر
شجاني, و صحبي قد أناخوا رِكابَهم
و أثقلهم طِيبُ الرقادِ لدى السَحَر
فبِتُّ رقيباً، قد روى الخد مدمعي
تُكابدُ عينيَّ السهاد مع السهر
*******
حنانَيكِ " سَلمى " قد أقمتِ بمهجتي
لكِ اليومَ قصراً مُشّمَخِرّاً و مُستَقَر
إذا هاجني لمعُ البروق و غيثُها
تمنيت إلا في بلادك ينهمر
سوى بارقٍ نحو المدينة لمْعُهُ
فذلك ينسيني خيالَك و الصّوَر
و يفجؤني توقٌ هنالك مُبرحٌ
إلى بقعةٍ يثوي بها سيد البشر
فإن كنت في شرع المحبين مذنباً
فما أنا من ذنبي أيا "سلمَ" مُعتذِر
********
و بينا أنا و الشوقُ يُلهِب أضلعي
و أذكر ما جاءت به الكُتْبُ و السِّيَر
تمنيتُ لو أن الزمان يطيعني
و فيه إلى الماضي نوافذُ للسفر
فما راعني إلا نداءٌ سمعتُه
فأُلقِيْتُ أرضاً و العروقُ بها خَدَر

ألَا قُمْ، فهذي آلةُ الزمن التي
تمنّيتَها فاركب و أنت على حذر
سنطوي لك الماضي سريعاً و قبل أن
يُباغِتُكَ الإصباحُ و النورُ ينتشر
فيا لكَ من هولٍ تزلل إثره
فؤادي و اهتزت نواحيهِ و اقشعرّْ
و يا لك من شوقٍ تملَّكني و قد
يُقادُ أسيرُ الشوقِ طوعاً إلى الخطر
********
فبَينا أنا رهنُ التردد راغباً، وحيناً
لخوفٍ يوشكُ القلبُ ينشطر
و إذْ بي على أطَمٍ بظاهِر حَرَّةٍ
عليه يهوديٌ لشأنٍ له ظهر
يُحدِّقُ في الأُفْقِ البعيدِ, و إذ به
يُخِيلُ بياضاً في السراب له ظهر
تحسستُ ما حولي و كِدت لدهشتي
و ما حل بي من عالي الحصن أن أخر
فأشغلني عن ذاك مني نداؤه
بصوتٍ شديدٍ يُسمِعُ الصمَّ قد هدر
"لقد جاءكم يا معشر العُرْبِ جَدُّكم
فدونَك يا أزديُّ ما كنت تنتظر؟"
****
و إذ بي أرى الأنصارَ من كل منْسَلٍ
كسيلِ سراةٍ يمَّم البحرَ منحدر
تَرى كلَّ قِرمٍ ثارَ شاكٍ سلاحَه
و قد ماجت الدنيا بتكبير من حضر
أهذا رسول الله؟ بل ذاك، إنه
لهذا الذي تحت الظلال لدى الشجر
********
فما إنْ وعَيتُ الأمر حتى رأيتُني
و إنَّ بني عَمْرِ بنِ عَوْفٍ لَتشْتجِر
هنا الزادُ و المأوى فحيَّ على القِرى
يحيطون بالقصواء و الكلُّ يبتدر
سلامٌ على دارٍ بها المسجدُ الذي
أُقيم على التقوى و ليس على الضرر
********
و إذ مشهدٌ من بَعدِ ذاك أُريتُه
رسولُ الهدى نحو المدينةَ قد نفر
تَضَوَّع مِسكاً بطنُ بُطْحانَ و انتشت
خمائِله و الجِزْعُ، إذ ركْبُهُ عَبر
فيا ليت ذاك الدربَ من أعظُمي له
ترابٌ، و من أشلاءِ جسمي له مَدَر
*********
و إذ بي أرى الغِلمان طُرّاً نشيدُهم
أتانا رسولُ الله في صورة القمر
و إذ بي أرى القصواء عفواً خِطامُها
يقول دعوها إنه الله قد أمر
فيا لك من يومٍ أضاء لضوئِه
جميعُ الذي ما بين واقِم و الوَبَر
********
و ينقُلني التطوافُ قُدْماً و إذ بنا
على أُحُدٍ و الحربُ في السفحِ تستعر
فلما انجلى عنا الغبارُ بدا لنا
فواجعُ تُدمي قلب من أطلق النظر
بنفسي من يبكي نشيجاً و قد رأى
شهيداً له فوق الدكادكِ قد بُقِر
فيا ليتني كنتُ الفداءَ لعمّهِ
ليسكن وجدٌ بالنبي قد استحر
و يا ليتني كنت الفداءَ لوجههِ
و أسنانِهِ إذ نالها الوغدُ بالحجر
و يا ليتني نحو السقوطِ سبقتُهُ
إلى حيث كادَ المشركون له الحُفَر
على أُحُدٍ مني السلامُ، بسفحِهِ
مشاهدُ إيمانٍ بها أصدق الصور
********
فلما تَقضّى الوقتُ إلا أقلَّه
أُخِذتُ إلى بين السواري و الحُجر
بمسجدهِ الجمعُ الغفيرُ وجوهُهم
عليها من الخوف المهيمن ما قَتر
يقوم به الفاروقُ يخطُب مُغضباً
و في يده اليُسرى حسامٌ له شهَر
و إذ بي أرى الصِدّيقَ يُقبِل نحوه
يُسكِّته، حتى إذا ما أبى, جهر
بأن رسول الله مات و قد تلا
عليهم من الآيات ما فيه مزدجر
فما أن أتم القولَ حتى رأيتُهم
و أولَهم من كان يخطُب قد عَقِر
فذاك أوانُ الهول إن كنتَ واصفاً
و حسبك من هولٍ يخِرُّ له عمر
سلامٌ على الصديق طار بفضلها
و ذاك لأمر في جوانحه وقر
********
و أظلمت الدنيا و ضاق بنا الفضا
و طاشت عقولٌ حين زلزلها الخبر
إلى الله أشكو حينها ما أصابني
من الوجد و الأشجان و الهم و الكدر
و لكن أمر الله لا بد نافذٌ
و ما كان مما في الصحائف مُستطَر
********
و بينا أنا و الناسُ ما بين واجمٍ
و آخرُ مما نابهُ عاد منكسر
و إذ بي وحيداً في فراشي تبلني
دموعي و مَن حولي من الصَحْب في الدُثُر
فأيقنتُ أني قد تركتُ زمانهم
و يا ليت أني قد بقيتُ مدى العمر
أمتع نفسي بالرسولِ و صحبه
و لو كنت فيهم ذاهبَ السمع و البصر
********
سلامٌ على المختار ما هبت الصبا
و ما أشرقت شمسٌ و ما أورق الشجر
سلامٌ خليلَ الله خِيرةَ خلقهِ
و من أنجبت يوماً ربيعةُ أو مضر
سلامٌ على آل النبي و صحبه
من السابقين الأولين و من نصر
ألا ليت شعري هل تقرُّ عيونُنا
برؤيتهم متقابلين على سرر
فإن عيوناً لم تنلهم بنظرةٍ, لفيها
و إن صحَّت نواظِرُها عَوَر
فإن كانت الأوطارُ ثَمَّ كثيرةً
فليس لنا من فوق ذلك من وطر
سوى رؤيةِ الجبارِ يومَ مَزيدِهِ
و مقعدِ صدقٍ في جنانٍ و في نهَر

مكة المكرمة
10 شوال /1443




 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حامد العُمري
  • المقالات
  • القصائد
  • الصفحة الرئيسية