ثمرات الأوراق 2

محمد بن سرّار اليامي

 
الحمد لله الذي علم الإنسان , علمه البيان , والصلاة والسلام علي سيد ولد عدنان أصدق برهان وأبر إحسان وارحم إنسان وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
وبعد:ـ

فإني والله كما يقول القاضي الجر جاني:

ما تنعمتٌ لَذة العيش حتى *** صرت للبيت والكتاب جليسا

داملت القراءة .. بل أدمنت عليها , ووجدت فيها سعادة في النفس , وتقليبا لعقول الفحول من الرجال.

ووجدتٌ فيها أُنسي في وحدتي وغربتي ..
ووجدت فيها جيلاً يحمل الصدق مشعلاً والنزاهة مبداءً والحق منهجاً فأصبحت بها لا أعيش مع من حولي ..
وأصبحت نظرتي مثالية للمجتمعات , ثم تفا جئت بواقع مرير بين كاذب , وغادر .. , وحامل للواء العلم لعابُه يقطر من يده.. , وكاتب لا يكتب إلا ليبيع , ويكنز الأحمر والأصفر والأبيض ..

تصدقون : ــ من ضعاف النفوس المتآكلين بالعلم ـ
أن أحدهم نزل لسوق الكتب , والمطابع .... يسأل
ــ يا ترى عن ماذا يسأل ؟؟
ـ انه يسأل عن أكثر أنواع الكتب رواجاً في السوق , فدل على باب من هذه الأبواب ... فلزم الكتابة فيه..
عجيب .. عجيب والله عجيب .. تكتبُ لتبيع ..
أين المبداء؟؟؟
أين المنهج؟!!!
أين الأخلاق ؟!!!
أين القيم ؟؟!!!
وأنا مع هذا لا أُحرم حقوق الكتاب , والعوائد المادية منه ...لا... ولكني أقول ..؟
أيها الكاتب .. تذكر غداً .. وأخلص لربك في عملك تجد الأجرين ...
الدنيوي ــ المادي ــ, الأخروي .. والمقصد والمنهج" رضاك .. رضاك يا رحمن عني "
ثم أعلم أنه لا يصلح للتأليف إلا من كان ذا علم غزير , وفهم عميق .. مع إبتكار وإبداع ولموع في العبارة , ولطافة ودقة في الإشارة , وحسن سبك , وجمال استشهاد , وحسن عرض , وجمال لفظ..

وتأمل إبداعات الرافعي وسحره الحلال , وهو يخلب الألباب بعبارته , ويدمي القلوب بإشارته ..
وأنظر إلى الطنطاوي وهو يمارس فن الكلمة , ويصوغ العبارة, فيدهش العقول , ويستدر المكنون.. حتى الدمع من العيون ..
وأنظر إلى أبو الحسن الندوي وهو يكتب بقلم الروحانية عباراته الحانية , ويهز المشاعر . . فهل تجيد كما يجيدون ؟!!.
وهل تبدع كما يبدعون ...؟؟!!!
وهل تنثر بدائع أفكارك على رؤس جواري البيان ..؟؟!
نريد كتاباً حياً .., ومقالاً صادقاً.. فعالاً .. يؤثر في الناس .. يحركهم .. ويشعل في قلوبهم جذوة الأيمان ..

فلقد مللت من الكلام المكرور , الذي قتل بعضه بعضاً من كثرة ما كرر .. ولقد مللنا... القص واللصق ..
نريد إبداع .. وتميز , ولموع , وغوص في مكامن الكلمة , وإبحار في سواحل البيان ,, حتى نفوق سحبان .., فنهز المشاعر , ونسيل المدامع .., ونسترخص الغالي , ونبيع النفس , بنقد البلاغة الحاضر..وهو ثمين..., ليحيى الحق في قلوب العالمين .. والحمد لله رب الأولين والآخرين..