اطبع هذه الصفحة


التنور

محمد بن سرّار اليامي

 
رأيت ان المحسد من الناس هو صاحب النعمة .

وكل صاحب نعمة محسود

ان يحسدوني فاني غير لائمهم *** قبلي من الناس اهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهم *** ومات اكثرنا غيظا بما يجد

والحاسد كائن يرى انه نشاز في هذا الكون .. ، وأن كل شي ضد مواهبه ، هذا هو عذره بيد انه يبرر ضعفه وعجزه وخوره .. ، واكثر ما يشعل تنور الغضب في قلبه عجزه عن تحقيق ما حققه المحسود .
ولو لم يكن من خطر هذه الآفة الا انها كانت اول ذنب على ظهر الاراض لكفى بها مذمة لصاحبها .
يقول معاوية راضي الله عنه : وليس في خصال الشر اعدل من الحسد.
فالحاسد لا يغتم الا وقت سرورك ، ولا يضيق صدره ولا ينطلق لسانه الا وقت نجاحه ..

وشكوت من ظلم الوشاة ولن تجد *** ذا سؤدد الا اذا اصيب بحسد
لا زلت يا سبط الكرام محسداً *** والتافه المسكين غير محسد

الغيظ ذاد الحاسد ..
وعدم الرضى شرابه
ومقيله تحت دوحة القلق المخيفة ...
وحياته جافة جفاف قلبه من محبة الاخرين أطفأ بغيضه وغيرته المذمومة نور " لا تحاسدوا "
واذكي بتصرفاته نار البغضاء , فخسر اولا ، واخراً ..
ومع هذا لو عرف المحسود ما لحاسده له عليه من يد ، ومعروف لقبل بين عينيه ، وجعله له من الاصفياء وقربه اليه تقريبا ..

عداتي لهم فضل علي ومنة *** فلا اذهب الرحمن عني الاعاديا
هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبها *** وقد نافسوني فارتقيت المعاليا

بل قد لا تشعر بالنعمة احيانا ولا بالفضل والمنحة ازمانا ..
حتى يقيض الله لك حاسدا عليها وانت لا تشعر فيستيقظ منك قلب غافل
وطرف حائر ، فتري هذه النعم العظيمة من حولك ، وانت لا تشعر .. وهذه حسنة من حسنات الحاسد وهو لا يشعر والا حسدك عليها ايضا ..
وان تعجب من احد فعجب حال الحاسد ..
اقل من محسوده نوما ..
وأكثر منه هما وغما ...
قلبه يحترق ، وشرايينه تضطرب ..
مادام يحمل دائه الذي أشقاه ..
تضج الامه كلما راى صاحب نعمة .. وينقض مضجعه كلما سمع صوت نجاح وهو يهوي تحت وطئت حسده ، والمحسود يصعد الجوزاء بإبداعه ونجاحه وعمله .
إن عيش المحسود لن يهنئا أبدا حتى يعلم أن بضاعته دارت في سوق الحاسدين ، وأنها استحقت مدح المادحين ، حينها ، وحينها فقط يدرك سر حسد المحسود ..

 

محمد اليامي
  • رسائل دعوية
  • رسائل موسمية
  • فوائد من الكتب
  • المتميزة
  • كتب دعوية
  • الصفحة الرئيسية