اطبع هذه الصفحة


لذتي

محمد بن سرّار اليامي

 
رأيت أن الليل من أمتع الأوقات في حياتي .. بل هو لذتي في هذه الدنيا .. بل وهو وقت الأسرار ..
إذ لا تحلو الأسرار إلا بالأسحار ،
قلت لليل هل بجوفك سر      عابق بالحديث والأسرار
قال لي : لم ألق في حياتي    شئ كحديث السمار في الأسحار
لا تخلد النفس إلى بطحاء الطمئنينة إلا فيه ..ولا يروق الذهن من المكدرات والمنغصات إلا فيه ..بل لا تطير الهموم عن قلب المحزون إلا فيه ..هو سكينة .. وسكن .. بل هو موسم خصب من مواسم اخصاب الأفكار ، وتلاقحها ، فلا تخرج بنات فكري محبرة في الغالب إلا فيه ، وهي في أبها حللها ، تعرض نفسها في سوق العقول ..هذا الليل ، وإن كان بهيم ، إلا أنه ساتر عظيم .. آية دالة على وحدانية المنعم جل شأنه ، فيه تهيج الجفون ، وتفيض عبرة المحزون ، فيه يلهو أهل اللهو ، ويبسط أهل الحب الصادق أقدامهم بين يدي سيدهم جل ذكره ..فيه تكون المناجاة ، ويكون التضرع ، والمسارة بالعمل ..فيه أزمنة شريفة ، فيه ينزل الرب إلى السماء الدنيا جل وعز ، فتفتح أبواب الرحمات ، وتجاب الدعوات ، وتقال العثرات ..لا يصفوا ذهني إلا فيه ..ولا ينشط قلمي إلا فيه ..ولا يزداد نشاطي الفكري إلا فيه ..فأحمل قلمي وأريق حبري على ورقي ..أستجمع خواطري ، وأشجاني فيه .. فينطلق لسان البيان مسبحاً بحمد ربه ، حامداً ، مصلياً ..لي فيك يا ليل آهات أرددها

أواه لو أجدت المحزون أواه
فالليل في نفوس محبيه صباح
بل القمر المحاق بدر ساطع .. ، ونجم لامع ....
عظيم الأسرار ..
كثير الأخطار ..
في قلوب محبيه أبين من النهار ..
عواطف المحبين فيه كالأشعار ..
ألطف على قلوبهم من نسائم الأسحار ..
فيه صرير الأقلام بالأحبار ...
ياليل ... كم في القلب لك من حب ...
ياليل ... كم من محبرة فيك أريق حبرها ..
ياليل ... كم من عبرة فيك على صحائف الحدود ..
ياليل ... كم من توبة فيك رفعت وقبلت ..
ياليل ... كم من رقبة فيك أعتقت ..
ياليل ... كم من هائم فيك وجد بغيته ..
ياليل ... كم للمحبين فيك من أسرار .
وللصادقين فيك من أخبار ...
وعلى الحقيقة فإن ساعات الليل من أجمل ساعات حياتي ...
وتمتد في الليالي الشاتية ، فتشرق صحائف دفاتري ، وتنضب أحباري فأوصيكم باغتنام دقائقه ..
استثمار ثوانيه ...
ياليل أنت منانا ..
وأنت أنت السمير ..

 

محمد اليامي
  • رسائل دعوية
  • رسائل موسمية
  • فوائد من الكتب
  • المتميزة
  • كتب دعوية
  • الصفحة الرئيسية