اطبع هذه الصفحة


وصايا للخطيب(3) الشعور بالمسؤولية

د.أمير بن محمد المدري


بسم الله الرحمن الرحيم

يجب أن يشعر الخطيب بأنه صاحب رسالة يؤديها، ويقصد من خلالها وجه الله، حتى ولو كانت تلك وظيفته التي يقتات منها، وذلك لأن صاحب الرسالة سيفرِّغ كل طاقته في محاولة إيصالها إلى الناس، لا يكل ولا يمل.

والحقيقة إذا ما توفر هذا الشعور في نفس الخطيب فإن النجاح سيكون حليفه، وسيكون من أحسن الناس قولاً.
قال الله تعالى: (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ )) [فصلت: 33].

فلا أحد أحسن قولاً ممن حمل مشعل الدعوة إلى الله وإلى إتباع منهجه والالتزام بأحكامه وتعاليمه، والواجب على الداعية أو الخطيب أن يعلن هويته وانتمائه بقوله: إنه من المسلمين بعيداً عن الفئوية الضيقة، والنظرة المحدودة. لأن الإسلام هو الأصل وهو الأعم والأشمل.

أخي الخطيب: اعلم أن الله قد اصطفاك الله لحمل دعوته، ورعاية أمانته، وصيانة عهده، وتحقيق وعده فعلّم الناس دين الله وابسطه بين أيديهم، قال جل شأنه:
(( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)) [فـاطر:32]، ((وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ )) [آل عمران:79].

فيا أيها الخطيب أري الله من نفسك خيرًا، واعلم أنك من ورثة الأنبياء.
ثم اعلم أخي «أنَّ خطيبَ المسجد وواعظَ الجماعة أشدُّ فاعلية في نفوس الجماهير من أيّ جهاز من أجهزة التوجيه والحكم في المجتمع، إن الجمهورَ قد يهابون بعضَ ذوي المسؤوليات لكنهم قد لا يحبونهم، أما الخطيبُ بلسانه ورقة جنانه وتجرّدِه يقتلعُ جذورَ الشرّ في نفس المجرم، ويبعث في نفسه خشيةَ الله وحبَّ الحق وقبولَ العدل ومعاونةَ الناس.
إنَّ عملَه إصلاحُ الضمائر، وإيقاظُ العواطف النبيلة في نفوس الأمة، وبناءُ الضمائر الحيّة، وتربية النفوس العالية في عملٍ خالص، وجهد متجرِّد، يرجو ثوابَ الله، ويروم نفعَ الناس.
ومن هنا فإنّا نرى أنَّ أداءَ الخطيب عملَه على وجهه يكسوه بهاءً وشرفاً، ويرفعه إلى مكان عليٍّ عند الناس. وليس هذا إطراءً ولا مديحاً للخطيب، ولكنه تنبيه إلى شرف العمل ومشقَّته وعظم مسؤوليته وثقل رسالته، وما يتطلَّبه من حسن استعداد وشعورٍ صادق للمسؤولية، وكيف لا يكون ذلك؟! وهذه رسالة الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاًً، ولا غرابةَ أن يواجهَ إيذاءً وعداءً ولوماًً ونقداًً، وحسبُه أن يكون مقبولاً عند الله والصفوةِ من عباد الله» [من محاضرة للشيخ صالح بن حميد في موسم الرابطة الثقافي"السعودية" لعام (1423هـ)]..

وصايا للخطيب(4) : كم رصيدك من العلم والثقافة؟
 

أمير المدري
  • كتب وبحوث
  • مقالات ورسائل
  • خطب من القرآن
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية