اطبع هذه الصفحة


الرسالة (34) من رسائل الايمان
خطورة استباحة المال العام

د.أمير بن محمد المدري


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمدُ لله مُعزّ من أطاعه واتقاه. ومُذل من خالف أمره وعصاه. وفّق أهل طاعته للعمل بما يرضاه، وحقّق على أهل معصيته ما قدّره عليهم وقضاه. أحمده سبحانه على حلو نعمه ومر بلواه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ونبيه ومصطفاه فطوبى لمن والاه وتولاه. صلى الله ّ عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده. وكان هواهم تبعاً لهداه. وسلم تسليما كثيرا.

  أما بعد:

أهمية المال

   فإنَّ المال هو قِوام الحياة، وهو من أهمِّ وسائل  تعمير الأرض؛ لتُعين الإنسان على عبادة الله -¸ -، وقد أمَرَنا ربُّنا بالمحافظة على هذا المال وتنميته، وأساس ذلك قولُ الله - تعالى -: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم )  [النساء:5]

 وأمَرَ الرسول - - الإنسانَ أن يُدافعَ عن ماله؛ فقد صحَّ عنه قولُه: «مَن قُتِل دون ماله، فهو شهيد »[مُتفق عليه من حديث عبدالله بن عمرو]وهذا القتال من  أجل المال ليس على اطلاقه حتى لا يقاتل الانسان اخوه المسلم على أتفه شيء، من ماله بل يتحرز من سفك الدم وليمت مظلوم خيرٌ له من الموت ظالما).

و الإسلام عظّم شأن المال وشدّد في أمره؛ ولهذا قال رسول الله : كما في المتفق عليه من حديث عائشة ~: «من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين»  [ متفق عليه] معناه أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقاً في عنقه.

فكيف بمن ظلم أكثر من ذلك لو أخذ مترًا، أو أخذ ميلاً، أو أخذ أميالاً، إذا كان  أخذ الشبر يطوق صاحبه من سبع أرضين يوم القيامة.

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ¢ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ - – قَالَ: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار و حرم عليه الجنة» قَالَ لَهُ رَجُلٌ: وإِنْ كَانَ شَيْئا يَسِيراً، يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: «وَإِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاكٍ». [رواه مسلم ].

ولقد تحدَّثَ اللهُ عن الْمالِ في ستةٍ وثمانين موضعاً، نصَّ في بعضها صراحةً على وجوب المحافظةِ عليهِ من الضَّيَاع، وحذَّرَ من التعدِّي عليه بأيِّ وجْهٍ من الوُجوه، قال تعالى مُحذِّراً عبادَهُ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ [النساء:29]

تعريف المال العام

المال العام: هو  مال المسلمين عامة؛ وهو ما يعرف اليوم بمال الدولة، أو المال العام.

المال العام: هو ما كان مُخَصَّصًا لمصلحة عموم الناس ومنافعهم، أو لمصلحة عامة، كالمساجد والرُّبُط، وأملاك بيت المال.

المال العام  : هو جميع الأموال المملوكة للدولة سواءً كانت هذه الأموال عقارات أم منقولات.

خطورة المال العام

  بيتُ مال المسلمين مِلْكٌ للمسلمين جميعًا، وليس مِلْكًا لفِئَة معيَّنة من الناس، والقائمون عليه إنَّما هم أُمَناء في حِفْظه وتحصيله، وصَرْفه لأهْله، فلا يحلُّ لأحدٍ أن يعتديَ عليه، أو يأخُذَ منه ما لا يستحقُّ.

الاعتداء على المال العام أمرٌ خطير، وذنبٌ عظيم، وجُرْمٌ كبير، والواجبُ على مَن أخَذَ منه شيئًا أنْ يتوبَ إلى الله - تعالى - وأنْ يَرُدَّ ما أخَذَ.

الاعتداء على المال العام مِن أخطَر القضايا التي تُهدِّد الأمنَ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

 الاعتداء على المال العام سرطان ينخر في اقتصاد الأمة.

جزاء المتخوض في المال العام

جاءَ الوعيدُ الشَّديدُ فيمن يخوضُ في مالِ المُسلمينَ بغيرِ حقٍّ، قالَ --: «إنَّ هذا المالَ خضِرةٌ حُلوةٌ، فَمن أصابَه بحقِّهِ بُورِكَ لهُ فيهِ، ورُبَّ مُتخَوضٍ فيما شاءَتْ نفسُه مِن مالِ اللهِ ورسولِه، لَيسَ لهُ يومَ القيامةِ إلَّا النَّارُ».[صحيح الترمذي: 2374]

وعن خَوْلةَ الأنصاريَّة ~ أنَّها سَمِعتْ رسول الله -- يقول: « إنَّ رجالاً يتخوَّضون في مالِ الله بغير حقٍّ، فلهم النارُ يومَ القيامة » [ رواه البخاري] قال ابن حجر في الفتْح: أي يَتَصرَّفون في مال المسلمين بالباطل.

حتى ولو كانَ شيئاً يسيراً حقيراً

  تُوفِّيَ رجلٌ من أصحابِ النَّبيِّ -- يومَ خيبرَ، فذَكروا لرسولِ اللَّهِ --، فقالَ: «صلُّوا على صاحبِكم»، فتغيَّرتْ وجوهُ النَّاسِ لذلِك، فقالَ: «إنَّ صاحبَكم غلَّ في سبيلِ اللَّهِ»، ففتَّشنا متاعَه، فوجدنا خرزًا من خَرزِ يَهودَ لا يُساوِي دِرهمينِ.[ صحيح: أخرجه مالك في الموطأ في الجهاد، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه]

وفي الصحيحين عن عمر -¢ -: "لَمَّا كان يوم "خَيْبر" أقْبَلَ نفرٌ من صحابة النبي - - فقالوا: فلان شهيد، فلان شهيد، حتى مرُّوا على رجلٍ، فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله - -: «كلاَّ؛ إني رأيْتُه في النار في بُرْدَة غَلَّها أو عَبَاءَة»، ثم قال رسول الله - -: «يا ابن الخطاب، اذْهَبْ فنادِ في الناس، أنَّه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون»، قال: فخرجتُ، فناديتُ: ألاَ إنَّه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.

هدايا موظف الدولة

كلُّ ما يأتي: الإنسانَ من أموالٍ أو هدايا، وكان قائمًا أو عاملاً في عمل يخصُّ بيتَ المال، فإنَّ هَديَّته تُرَدُّ إلى بيت المال ولا يأْخُذها؛ إذ لو جَلَس في بيته ما حَصَل على هذه الهدايا والعطايا،استمعوا لخير الورى يحذر في هذا الأمر أشد التحذير: أخرج البخاري في صحيحه، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ -¢- قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -- رَجُلًا ِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وهَذَا أُهْدِيَ لِي، قَال رسول الله : «فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ».

لماذا الحديث عن المال العام

o لأن هناك فئة من الناس لبَّس إبليس عليهم، وظنوا أن المال العام حلال و أنه من حقهم أن يستخدموا المال العام في أمورهم الخاصة وهذا عين الجهل والضلال؛ من حقِّ الناس جميعًا الانتفاعُ بالمال العام حسب الضوابط التي يضعها ولِيُّ الأمر، والمستنبَطَة من أحكام ومبادئ شريعة الإسلام.

o حديثنا عن حُرمة العام لأننا في زمن وصفه ، َ فقَالَ: «سَيأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ» [البخاري].

o حديثنا عن المال العام  لأننا نرى من يُعيّن في منصب وهو من الفقراء وماهي إلا سنة أو سنتين وإذا به من الأثرياء . من أين له هذا ؟

متى تعرف أن هناك خلل

إذا رأيتَ  بلاداً بالمواردِ الطَّبيعيةِ والثروات غنيَّةً، ورأيتَم في ربوعِها الفقرَ والجوعَ،  فاعلموا أنَّ هناكَ خللاً في التَّصرفِ بالمالِ العامِ.

اذا رأيت  بلادا غنية بالمنافذ والموانئ ولم تستطع أن توفر خدمة الكهرباء، والماء، والدواء، فأعلموا أن هناك سوء تصرف وخيانة في المال العام.

مظاهر العبث بالمال العام

ü المجاملة في ترسِيَة العَطَاءات والمناقصات - عمْدًا - على شخصٍ بعينه، ويوجَد مِن بين المتقدِّمين مَن هو أفضلُ منه.

ü الاختلاس: وهو استيلاء الموظَّفين والعاملين في مكانٍ ما على ما في أيديهم من أموال نقديَّة دون سندٍ شرعي.

ü الربح من الوظيفة واستغلالها لأغراضه الأساسية

ü تعيين الأقارب والمعارف دون النظر للكفاءة والقدرة والمهارة.

ü الرشوة : قبول الرشاوي لتسيير المصالح تحت مسمي الهدايا، وهدايا العمال سحت وغلول.

ü استعمال أدوات العمل في قضاء المصالح الشخصية مثل الهواتف وأجهزة الحاسوب وسيارة العمل بل وبعض الموظفين واعتبار ذلك سببا لحصول العلاوات والأجازات والترقيات، مما يجعل الموظفين خدم للمدير يبحثون عن كل فرصة لقضاء مصالحه الشخصية وأداء منافعه وتحقيق طلباته وذلك للهروب من العمل وحصول المنافع والمزايا.

ü عدم إتقان العمل، وإضاعة الوقت، والتربُّح من الوظيفة، واستغلال المال العام لأغراضٍ سياسيَّة.

ü الحصول على عمولة من المشتري أو من المورِّد أو مَن في حُكْمهم؛ نَظِير تسهيل بعض الأمور لهم من قبل الدولة.

ü  الاعتداء على الممتلكات العامَّة - كالحدائق والمستشفيات والمتنزهات - التي ليس لها مالكٌ معيَّن، وأثاث المدارس، كتشويه منظرها بالكتابة عليها، أو كسر النوافذ الزجاجية منها، أو إتلاف الأشجار.

ü  التصرُّف في المال الموقوف للمسجد، واستعماله في أغراض شخصيَّة.

ü سرقة الكهرباء والماء، من الدولة بحجَّة أنَّها لا تُعطي المواطن حقَّه كاملاً.

ü  توقيف ساعة (عدَّاد) الكهرباء أو الماء؛ لا يجوز حتى لو كانت الدولة كافرة؛، والله -¸ - يقول: (  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا )  [النساء: 58].

والنبي - - يقول: «أدِّ الأمانةَ إلى من ائْتَمَنكَ، ولا تَخُنْ مَن خَانك» [رواه الترمذي (1264) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ]

ü تساهل بعض الناس في صيانة المنشآت الحكومية وعدم العناية بها، حتى تندثر بسرعة، أو تتكلف أموالًا طائلةً للصيانة.

ü تسهيل المعاملات وتخفيض الرسوم في المنافذ، والجمارك على أن يُعطى الموظف مالا.

 

أمثلة رائعة من تاريخ السلف

v عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ / جاءَه أحدُ الولاةِ وأَخذَ يُحدثُه عن أُمورِ المسلمينَ، وكانوا يستضيئونَ بشمعةٍ بينَهما في اللَّيلِ، فلما انتهى الوالي من الحديثِ عن أمورِ المسلمينَ، بدأَ يَسألُ عمرَ عن أحوالِه، قالَ له عمرُ: انتظر، فأطفأَ الشمعةَ، وقالَ له: الآن اسألْ ما بَدا لكَ، فتعجبَ الوالي وقَالَ: يا أميرَ المؤمنينَ لِم أَطفأتْ الشَّمعةَ؟، فقالَ عُمرُ: كُنتَ تَسألني عن أَحوالِ المسلمينَ وكُنتُ أَستضيءُ بنورِهم، وأما الآنَ فتَسألني عن حَالي؛ فكيفَ أُخبركَ على ضَوءٍ من مَالِ المسلمينَ.

v لما احتضر أبو بكر ¢ قال: ( يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها، والجفنة التي كنا نصطبح فيها، والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين فإذا مت فاردديه الى عمر!)، فلما مات أبو بكر، أرسلت به الى عمر فقال عمر ¢رضي الله عنك يا أبا بكر: لقد أتعبت من جاء بعدك.

v وعندما جاء جندي بكنوز كسرى بعد هزيمة جيش الفرس، وقدَّمها لعمر بن الخطاب بالمدينة كاملةً، عجب من أمانته وقد كان عنده الفرصة في سفره الطويل أن يأخذ ما يشاء، فقال أحد الحاضرين: يا أمير المؤمنين، عففت فعفت رعيتك.

v الأمر خطير

 إن الأمر جد خطير، والتهاون فيه ثمنه النار، وبئس المصير، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -- يَقُولُ: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

أتدرون ما الغلول؟ وما مصيبة الغلول؟ الغلول-ولو لشيء يسير- قد يذهب بالحسنات العظام، بل حتى بالجهاد في سبيل الله، أخرج البخاري أَنَّ رجلا في خيبر استشهد َ. فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ --: «بَلْ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا».

فكل ما يأخذه المسؤول من مال الدولة أو عن طريق سلطته إنما هذا غُلُولٌ سيُسأل عنه يوم القيامة؛

العلاج لضبط المال العام

عباد الله اسمعوا إلى القرآنِ وهو يضعُ حَلاً لضبطِ مالِ المُسلمينَ في آيةٍ واحدةٍ فقط، قالَ سُبحانَه: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)  [آل عمران:161]

فجعلَ الحلَّ في أمرين:

الأول: هو القدوةُ، (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ)، فكما أنَّ الأنبياءَ وهم المسؤولون عن بيتِ مالِ المسلمينَ لا يَغلُّونَ ولا تكونُ الخيانةُ أبداً فيمن اختارَهم اللهُ -تعالى- لنبوتِه؛ فالحفاظُ على المالِ العامِ يبدأُ من المسئولينَ، فإذا حفظوا أنفسَهم من الخوضِ فيه، وعلموا أنَّه مالُ المسلمينَ؛ فإنَّك ستجدُ الأمانةَ تسودُ البِلاد.

لمَّا انتصر المسلمون في  القَادسية وفتحوا بلاد فارسَ أَخذوا الغَنائمَ وأرسلوها إلى عُمرَ بنِ الخَطابَ -¢- وفيها تَاجُ كِسرى وملابسُه المُرصَّعةُ بالجواهرِ، وبِساطُه المَنسوجُ بالذَّهبِ واللآلئ، فلمَّا رَأى عُمرُ -¢- مِقدارَ ما وصلَ إليهِ من أَموالٍ إلى المَدينةِ، حَمِدَ اللهَ وقَالَ: "إنَّ قَومًا أدُّوا هذا لأُمناءِ"، فأَجابَه عليٌّ ¢: "إنَّكَ قد عَفَفْتَ فعفَّتْ رعيتُكَ، ولو رَتعْتَ لرَتَعوا".[ أخرجه الطبري في تاريخه (4/20)، والدارقطني في فضائل الصحابة    19]

الثاني:  تخويفُ النَّاسِ بعذابِ الآخرةِ والفَضيحةِ يومَ القيامةِ، (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).

 إن السارق من مال الفرد يتحمل إثم واحد يوم القيامة، أمّا من يسرق من المال العام فهو َ من مالِ المسلمينَ جميعاً، ولذلكَ يأتِي بما غلَّ يومَ القيامةِ فضيحةً له أمامَ الملأِ.

كيف نحافظ على المال العام

1- الدعوة إلى تنميته باموال الزكاة والايرادات والثروات، واستثماره حماية له من الاندثار والضياع، من خلال تحريم كنزه، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )   [التوبة:34]

2- رفع شعار من أين لك هذا، والذمة المالية لمن يتقلد منصبا، تقديم ما يملكه هو وأولاده ومصادر دخلهم وبعد خروجه من المنصب ينظر هل زاد ماله أم لا.

3- توليةُ الناَّصحِ الصَّادقِ، الأمينِ الشَّريفِ؛ كما قالَ تعالى: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)  [القصص:26]؛قويٌّ في تخصُّصهِ وإدارتِه، أمينٌ في دينِه وأخلاقِه.

4- الاعتدال وترشيد الاستهلاك، قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا)   [الفرقان:67]

5- المحافظة عليه من الرِّبا، قال تعالى: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ ۖ)   [الروم:39]

6- عدم تسليم المال لمن لا يُحسن التصرُّف، قال تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا)   [النساء:5]

7- توعية الأجيال وتربيتهم على حب الوطن، والمحافظة على ثرواته، وتضمين ذلك في المناهج التعليمية في جميع المراحل.

8- توفر اللوائح المالية  والقواعد العامة لإدارة الأنشطة المالية.

9- العقوبات الصارمة لمن تسول له نفسه المساس بالمال العام

أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا الحلال ويبارك لنا فيه، وأن يجنبنا الحرام وأهل الحرام، ويحفظ البلاد والعباد ..آمين

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

د. أمير بن محمد المدري

اليمن – المهرة

Almadari_1@hotmail.com

وتس أب : 00967711423239


 

أمير المدري
  • كتب وبحوث
  • مقالات ورسائل
  • خطب من القرآن
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية