اطبع هذه الصفحة


خطبة يوم الجمعة 21 الـمحرم 1441هـ
عن عيادة الـمريض وآدابها
في جامع آل زخران في تُنومه

أ . د / صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية ومدير مركز البحوث التربوية
بكلية التربية في جامعة الملك خالد


الحمد لله الذي وصف الـمؤمنين في كتابه العزيز بصفة الأخوة الإيمـانية، فقال سبحانه: (إنمـا الـمؤمنون إخوة). وصلى الله على نبينا مـحمدٍ بن عبد الله الذي أرشدنا إلى كل ما من شأنه تقوية أواصـر هذه الأخوة بين عباده الـمؤمنين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وسلم تسليمـاً كثيراً، أما بعد:
فاعلموا (بارك الله فيكم) أن حقوق الإنسان الـمسلم على إخوانه الـمسلمين في أي زمانٍ، وفي كل مكان كثيرةٌ ومُتعددة؛ فمنها ما يجب على الإنسان الـمسلم أن يقوم به وجوباً لازماً، وليس له الحق في تركهُ أو التغافل عنه، ومن هذه الحقوق ما كان مندوباً ندباً مؤكّداً، أي مُستحباً، فهو شبيهٌ بالواجب الذي لا يجب تركه. ويأتي من أبرز هذه الحقوق ما جاء صـريحاً واضحاً في الحديث النبوي الذي صحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، أنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "حَقُّ الـْمُسْلِمِ عَلَى الْـمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ". (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَإِذَا كَانَتِ هذه الحُـقُوقُ كثيرةٌ ومُتعددةٌ ومُتنوعة، وتتباين درجة الاهتمـام بها بَينَ النَّاسِ بِحَسَبِ ضَـرُورَتِهَا وَالحَاجَةِ إِلَيهَا؛ فإن حديثي في هذه الخُطبة سيتركز على حقٍ واحدٍ منها، وهو حقٌ عظيمٌ وعلى درجةٍ كبيرةٍ من الأهـمية في حياتنا؛ ألا وهو حق عيادة الـمريض، الذي أرشد إليه هدي النبوة التربوي الكريم، فعن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه)، أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أطعموا الجائع، وعودوا الـمريض، وفُكُّوا العاني» (رواه البخاري).
وإذا كُنا نعلم جـميعاً أن الإنسان لا يسلم في هذه الدنيا من بعض العوارض التي تحصل له كالتعب، والـمُعاناة، والحُـزن، والألـم، والفِراق، والـمرض، والبلاء، إلى غير ذلك مـمـا يُقدره الله تعالى عليه؛ فإن من جَرَّبَ البَلاءَ والـمرض يَومًا عَرَفَ قِيمَةَ العَافِيَةِ، وَمَن رَقَدَ عَلَى سَـرِيرِ الـمَرَضِ ثَمَّنَ قَدرَ الزِّيَارَةِ، وعرف فضلها ومنزلتها.
والـمعنى أن من أعظم البلاء فقدان الصحة وانعدام العافية؛ فالصحة والسلامة في البدن تُعد من أعظم النعم التي نسأل الله تعالى أن يُمتعنا جـميعاً بها، وأن يُعيننا على أداء شكرها، وقد جاء في الحديث الشـريف عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهمـا)، أن رسول الله ﷺ قال: "نعمتان مغبونٌ فيهمـا كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ" (رواه البُخاري). والـمعنى أن كثيراً من الناس والعياذ بالله تكون صحتهم بغير فائدة، وفراغهم في غير نفعٍ، فهم يتمتعون بصحة الأجسام، وعافية الأبدان، وعندهم وقتٌ طويلٌ من الفراغ ولكنهم لا يستعملون ذلك ولا يستثمرونه فيمـا يُفيدهم، أو فيمـا يقربهم من الله تعالى، وفيمـا ينفعهم في الدنيا والآخرة، فهؤلاء مغبونين في هاتين النعمتين.
ومـمـا جاء في الحِكم والأمثال الـمُشتهرة على ألسُن الناس قولهم: (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا الـمرضـى)، وما ذلك إلاّ لأن الـمَرِيضُ يُنهَكُ بِالدَّاءِ جَسَدُهُ، وَتَضعُفُ بالآلام قُوَّتُهُ، وَتَنقَطِعُ بالأوجاع حِيلَتُهُ، فَتَزُولُ لِذَلِكَ حِدَّةُ نَفسِهِ، ويَرِقُّ قَلبُهُ، وَيَرهُفُ شُعُورُهُ، وَيَلطُفُ إِحسَاسُهُ، فَتَرَاهُ يَفرَحُ بِالزِّيَارَةِ، وَيَأنَسُ بِالعِيَادَةِ، وَيَشتَاقُ لِـمَن غَابَ عنه، وَيَسعد بِمَن حَضـَرَ إليه، وَهو في الوقت نفسه يَحزَنُ ويتألم عندما يَرَى إِخوَانَهُ وأصدقاءه وأقرباءه وجيرانه عَنهُ مُعرِضِينَ، وَبِدُنيَاهُم مُشتغلين، وعَن عِيَادَتِهِ متكاسلين، وعن زيارته والسؤال عن حاله غَافِلِينَ أو مُتغافلين.
من هنا، فَقَد عُنِيَ الإِسلامُ وتربيته السامية بهذَا الجَانِبِ التربوي، وهذا الحق الإنساني الـمُتمثل في عيادة الـمريض، وزيارة الـموجوع والـمُتألـم، وَأَولاهُ مِنَ الاهتِمَـامِ قَدرًا عَظِيمـاً؛ حَيثُ جَعَلَهُ مِن حَقِّ الـمُسلِمِ عَلَى الـمُسلِمِ، وَأَجزَلَ لِلمُسلم العَائِدِ لأخيه الـمريض الـمُسلم الأَجرَ، وَضَاعَفَ لَهُ الثَّوَابَ؛ فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قال: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَـمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا" (رواه الترمذي).
وقد جاء في فضل عيادة الـمريض ما صحّ عن أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟» (رواه مسلم).
وقد بيَّن عُلمـاء الإسلام أن زيارة الـمريض مستحبةٌ ولو كان مغمىً عليه، أو فاقداً للحس والإدراك؛ فقد زار النبي (ﷺ)، وأبو بكر (رضي الله عنه)، جابرَ بن عبد الله، ووجداه مغمىً عليه. وما ذلك إلاّ لأن في مثل هذه الزيارة جبرٌ لخواطر أهله وذويه، مع ما يرجى من إجابة الدعاء بإذن الله تعالى.
كمـا أن من تربية الإسلام وهدي النبوة الـمُبارك أن عيادة الـمريض تكون للأطفال الصغار؛ فقد صحّ عند البخاري عيادته (ﷺ) لصبي لإحدى بناته. وتُستحب الزيارة للمريض ولو كان غير مسلمٍ لـمـا صحَّ أن النبي (ﷺ)، عاد أبا طالب وهو كافر، وكان له غلامٌ يهوديٌ خادمٌ له في الـمدينة فمرض فعاده النبي ودعاه للإسلام والنُطق بشهادة الحق ففعل.
إخوة الإسلام: إن في زيارة الـمريض فوائد عديدة، ومنافع كبيرة؛ فهي بإذن الله تعالى مـمـا يُـقوِّي عزيمة الـمريض ويُعينه على التحلـي بالصبر، وهي تُسهم إلى حدٍ كبيرٍ في غرس الأمل في نفسه، وعدم انقطاع الرجاء، وأنه سيتعافَى بإذن الله تعالى، وأن ما يصيبه خيرٌ له إذا صـبر واحتسب لـمـا يترتب على ذلك من تكفيرٍ لذنوبه وخطاياه، ورفعةٍ لدرجاته، وزيادةٍ في حسناته؛ فقد صحَّ عن النبي (ﷺ)، أنه قال: "ما مِن مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِن مَرَضٍ، فَمـا سِوَاهُ إلَّا حَطَّ اللَّهُ به سَيِّئَاتِهِ، كمـا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا" (مُتفقٌ عليه).
وليس هذا فحسب؛ فعيادة الـمريض طريقٌ إلى الجنة بإذن الله تعالى، حيث صحَّ عن ثوبان (رضي الله عنه)، أن رسول الله ﷺ قال: "إِنَّ الـمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الـمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ" (رواه مسلم).
وهناك شـرفٌ آخر يترتب على عيادة الـمريض؛ فهذا العمل الـمبارك سببٌ لصلاة الـملائكة الكرام ودعائهم للإنسان؛ فقد أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ (رضي الله عنه)، أنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمـًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ" (رواه الترمذي).
يُضاف إلى ذلك ما يترتب على عيادة الـمريض من إسعادٍ، وتأنيـسٍ، وتسليةٍ، وتصبيرٍ، وتقويةٍ، ودعاءٍ، ورفعٍ لـمعنوياته، وبخاصةٍ إذا كان العائد لطيفاً في كلامه، حكيمـاً في تعامُله مع الـمريض. وقد جاء عَنِ ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهمـا)، أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "مِنْ أَفْضَلِ الْعَمَلِ: إِدْخَالُ السّـُرُورِ عَلَى الـْمُؤْمِنِ، تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، تَقْضِي لَهُ حَاجَةً، تُنَفِّسُ عَنْهُ كُرْبَةً".
أَيها الـمُسلِمُونَ: إِنَّ لِعِيَادَةِ الـمَرِيضِ فَوَائِدَ غَيرَ إِدخَالِ السُّـرُورِ عَلَيهِ وَتَصبِيرِهِ وَحُصُولِ الأَجرِ لِلزَّائِرِ، ومن أَهـَمِّهَا وَأَبلَغِهَا أَثَراً، أَن يَعلَمَ الـمَرءُ مقدار ضَعفَهُ، وَقِـلَّةَ حِيلَتِهِ، وَقُربَ الغِيَرِ مِنهُ؛ الأمر الذي يُعينه على تذكُّر مَصِيرَهُ ومآله؛ فَيَستَـعِدَّ لَهُ وَيَزدَادَ مِنَ الصَّالِـحَاتِ، فعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، أن رسول الله (ﷺ)، قال: "عُودُوا الـمَرضَـى، وَاتَّبِعُوا الجَنَـائـزَ تُذَكِّرْكُمُ الآخِرَةَ" (رواه أحـمد).
أقُولُ قَوْلي هَذَا، وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ، إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ، إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.

الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السـر والنجوى، واعلموا أن القيام بحقوق الـمرضى قيمةٌ إنسانيةٌ عظمى، وصورةٌ راقيةٌ من صور تكاتف الـمجتمع وتـمـاسكه، فزيارة الـمريض تُسعد النفوس، وتنشـر التآلف والـمحبة بين الناس، وتُشيع الـمودة والإخاء بينهم، وتعمل على مد جسور التواصل والتكافل والإحسان؛ وتُثمرُ بإذن الله تعالى العطف والرحـمة، والـمحبة والأُلفة، والفوز بالأجر العظيم، والجزاء الكريم.
واعلموا بارك الله فيكم أن لزيارة الـمريض آداباً أرشدتنا إليها سُنة النبي مـحمدٍ صلى الله عليه وسلم وهديه التربوي العظيم، ومن هذه الآداب أنْ يبتغي الإنسان بزيارته للـمريض وجْهَ الله سبحانه وتعالى، وطلب الأَجْر منه جل جلاله، والفوز بِـثَوابه، وأن ينوي بتلك الزيارة أن يقوم بأداء حقِّ أخيه الـمسلم؛ فقد جاء في الحديث عن معاذ بن جبلٍ (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله ﷺ: "خـمسٌ مَن فعل واحدةً منهنَّ كان ضامنًا على الله". وذكر منها (من عاد مريضاً)، (رواه الإمام أحـمد).
ومن الآداب التي يغفل عنها كثيرٌ من الناس اختيار الوقت الـمناسب والظروف الـملائمة للزيارة؛ فلا تكون الزيارة في أي وقتٍ، ولا تكون الزيارة عند خروج الـمريض من غرف العمليات أو ما شابهها، ولا في الأوقات التي قد تُسبب للمريض وأهله الحرج أو الضيق أو الإرباك. ولا تكون في أوقات نوم الـمريض أو أوقات راحته، أو انشغاله بتناول العلاج أو نحو ذلك، ولكن الزيارة تكون في الأوقات التي يكون فيها الـمريض مُستعداً لاستقبال الزوار، وكم هو جـميلٌ أن يستأذن الإنسان قبل الزيارة، فإن سُمح له فبها ونعمت، وإن لم يكن الوقت مناسباً فلا حرج في التأخير.
وهنا يجب علينا أن نتفكر في عظيم تربية الإسلام يوم أن لم تذكُر الأحاديث النبوية ولم تنصَّ على تحديد أوقاتٍ لعيادة الـمريض، فهي مسألةٌ خاضعةٌ للظروف، وتحتاج لإحكام العقل، وحُسن التقدير، ومراعاة الأحوال، وتختلف من حالةٍ إلى أُخرى.
ومن الآداب أن يدعو الزائر والعائد للـمريض بدعواتٍ صالحات، وأن يسأل الله تعالى له الشفاء والعافية والسلامة؛ فإن ذلك من هدي السُنة النبوية، لـمـا جاء عن النبي (ﷺ)، أنه قال: «ما من عبدٍ مُسلمٍ يعود مريضاً لم يحضـر أجله، فيقول سبع مراتٍ: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك، إلا عوفي".
كمـا أن من الآداب أن يُحسن الزائر القول للمريض، وأن يُطمئنه، وأن يُخفف عنه مـمـا هو فيه، وأن يشجعه على الصبر والاحتساب لأن ذلك من الرضا بقدّر الله تعالى، وأن يُبشـره بالحسنات وتكفير الخطايا والذنوب، وأن يُطيِّب نفسه، وأن يرفع من معنوياته، وأن يُنَفِّس له في الأجل؛ فقد روي عن أبي سعيد الخُدري (رضي الله عنه)، أنه قال: قال رسول الله (ﷺ): "إِذَا دَخَلْتُمْ على الـمَرِيضِ فَنَفّسُوا لَهُ في أَجلِهِ؛ فإِنّ ذَلِكَ لا يَرُدّ شيئاً وَيُطَيّبُ نَفْسَهُ» (رواه الترمذي).
ومن آداب زيارة الـمريض عدم إطالة وقت الزيارة، وألاّ يُكثر الزائرون من السؤال عن مرض الإنسان وأوصافه وأحواله، ونحو ذلك، وألاّ يتكلم الزائرُ إلاّ بخير وتفاؤل؛ فإن حـمـاقة بعض الزائرين أشدُ على الـمريض من الـمرض نفسه، كمـا أن الزيارة في غير موعدها ثقيلةٌ ومُـحرِجة، وبعض الزيارات تزيد الـمريض مرضاً وتُضيف إلى آلامه ألـمـاً.
ألا فاتقوا الله يا عباد الله، واحفظوا للـمرضى حقوقهم، وارحـموا إخواناً لكم كانوا معكم بالأمس ثم حبستهم أمراضهم عن حُضور الـجُمع والجمـاعات، ومنعتهم أسقامهم من الـمشاركة في الـمجالس والـمنتديات، فهم في معاناةٍ مع أوجاعهم وآلامهم، وليس لهم إلاّ الله سبحانه ثم كريم زياراتكم، وجـميل مواساتكم، ودعواتكم الصالحة.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وألطف اللهم بكل موجوعٍ، أو مضيومٍ، أو مهمومٍ، أو مغموم، ومتعنا اللهم جـميعاً بأسمـاعنا وأبصارنا، وعافية أبداننا، وقوتنا ما أحييتنا.
ثم اعلموا - بارك الله فيكم - أن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمدٍ ﷺ، وشـر الأمور محدثاتـها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار. واعلموا أن الله تعالى أمركم بالصلاة والسلام على النبي فقال جل شأنه:{ ِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيم}.
وقد صحَّ عن النبي (ﷺ) أنه قال: "من صلى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشرًا". فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الطاهرين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكرٍ وعمر وعثمـان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنّا معهم بفضلك ورحـمتك يا أرحم الراحـمين.
اللهم أعز الإسلام والـمسلمين، ودمِّر أعداء الـملة والدين، اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وبارك اللهم لنا في دنيانا التي فيها معاشنا، واحفظ اللهم لنا ولاة أمرنا، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدُلهم على الخير، وتُرشدهم إليه، وتُعينهم عليه. اللهم من أراد بلادنا وبلاد الـمسلمين بسوءٍ أو عدوانٍ فأشغله في نفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً له يا رب العالمين. واكفنا اللهم من كيد الكائدين، ومكر الـمـاكرين، وحقد الحاقدين، واعتداء الـمعتدين، وحسد الحاسدين، وظلم الظالـمين.
عِبَادَ اللهِ، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ}.


 

صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية