اطبع هذه الصفحة


خطبة الجمعة في الجامع الكبير بسبت تنومة يوم الجمعة
8 رجب 1429هـ ، عن " فضل إصلاح ذات البين "

الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية

 
( الخطبة الأولى )
الحمد لله الذي يؤتي المصلحين أجرًا عظيمًا نعمةً منه وفضلاً ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ بن عبد الله الذي آخى بين المؤمنين ، وسعى إلى التأليف بين قلوب المسلمين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، أما بعد :
فيا أيها الناس : اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة ، واعلموا أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ، وأصلحوا ذات بينكم ، واعلموا أن الله تعالى يُحب الصالحين ، ويُجزل الأجر والثواب للمُصلحين الذين يسعون في الأرض للإصلاح بين الناس ، وتأليف قلوبهم ؛ وغرس المحبة في نفوسهم ، فهم بذلك من مفاتيح الخير ومغاليق الشر .
معشر المسلمين : جرت العادة في هذه الحياة الدنيا أن يكون بين الناس بعض المُشكلات والمنازعات ، والخصومات والخلافات التي تكون نتيجةً لاختلاف الآراء والأهواء ، وتباين الرغبات والاتجاهات . ومن الطبيعي أن ينتج عن ذلك الخلاف والاختلاف وقوع الهجر ، وحصول القطيعة ، وانتشار العداوة والبغضاء ، وتفرق الكلمة ، وتشتيت الشمل ، ونحو ذلك مما لا يُحبه الله ولا يرضاه ، ولاسيما بين الإخوان والأقارب والجيران .
أما أسباب ذلك فكثيرةٌ ومختلفة ؛ إذ إن منها ما يكون لاختلاف المصالح والمنافع ، ومنها ما يكون راجعًا للحقد والحسد ، ومنها ما يرجع سببه إلى كيد الشيطان ومكره ( أعاذنا الله منه ) ، ومنها ما يكون نتيجةً لحديث النفس الأمارة بالسوء ، ومنها ما ينتجُ عن الهوى المضل عن سبيل الله ، ومنها ما يكون بسبب الشُح المهلك ، أو بسبب الغيبة والنميمة المفسدة ، ومن الأسباب اشتباه الأمور وعدم وضوح الرؤية ، ومنها التحريش بين الناس ، إلى غير ذلك من الأسباب والمُسببات الكثيرة ، التي قد تأتي متفرقةً أو مجتمعة ، والتي يحصل لأجلها الخلاف والفُرقة ، وتقع بسببها الفتن والمحن ، وتنتشر نتيجةً لها القطيعة والبغضاء بين الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وليس هذا فحسب ، فإن من المصائب التي قد تترتب على تلك الفُرقة والقطيعة ، والهجر والخصام ، ما نراه من صور العداوة والبغضاء بين الأخ وأخيه ، والقريب وقريبه ، والصاحب وصاحبه ، والأب وابنه ، والرجل وزوجته ، فربما هجر الولد أباه ، والأخ أخاه ، وربما آذى الجارُ جارَه ، وربما خوَّن الشريك شريكه ، وربما نتج عن ذلك تفرق الجماعة الواحدة ، وتشتت الكلمة ، وضياع الكثير من الحقوق والواجبات ،الأمر الذي تكون نتيجته - والعياذ بالله - أن يدب الخلاف بين الناس ، وتشتد الخصومة بينهم ، وتفسد النيات ، وتتغير القلوب ، وتتدابر الأجسام ، وتعبس الوجوه ، وتتناكر الأنفس ، وتتهاجى الألسن إلى غير ذلك مما لا تُحمد عقباه من الأقوال والأفعال ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم .
إخوة الإيمان : إن الأمر خطيرٌ جدًا ، ولو أن خطورته تقف عند هذا الحد من السوء ، لكان هينًا ولكن الفُرقة والخصام ، والتقاطع والهجر ، والغضب والشحناء بين المسلمين ، تكون - والعياذ بالله - سببًا رئيسًا في عدم قبول أعمالهم عند الله تعالى ، والحيلولة دون المغفرة لهم ما داموا مختصمين ، فقد جاء في الحديث الصحيح عند الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد لا يُشرك بالله شيئا ، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال :أنظروا هذين حتى يصطلحا " .
من أجل ذلك كله ، فقد اهتم ديننا الإسلامي العظيم بإصلاح ذات البين ، وحرص على المحافظة الدائمة والمُستمرة على وحدة المسلمين ولم شملهم ، والعمل على سلامة قلوبهم وصلاح أحوالهم ، ولذلك جاءت تعاليم الدين وتربيته الإسلامية السامية داعيةً إلى الإصلاح بين المُتخاصمين والتوفيق بينهم ، والاجتهاد في الدعوة إلى الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الشأن ، وما ذلك إلا لأن الإصلاح بين الناس يُعد من أعظم القُربات ، وأجل الطاعات ، وأفضل الصدقات ، فالمصلح بين الناس له أجر عظيم ، وثوابٌ كريم ، إذا كان يبتغي بذلك مرضاة الله تعالى وصلاح أمور المسلمين وأحوالهم ، بل إن أجره كما جاء في الحديث الشريف يفوق أجر وثواب الصائم القائم ، المشتغل بخاصة نفسه ، فقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام ، والصلاة ، والصدقة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين ، وفساد ذات البين هي الحالقة " . ومعنى الحالقة : أي تحلق الدين .
وجاء في حديثٍ آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإصلاح بين المسلمين المتخاصمين يُعد من الصدقات التي ينبغي أن يتقرب بها المؤمن كل يومٍ إلى ربه جل في عُلاه ؛ فقد صحَّ عند الإمام البُخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" كل يومٍ تطلع فيه الشمس تعدلُ ( أي تُصلحُ ) بين اثنين صدقة " .
كما جاء في حديثٍ آخر عن عبد الله بن عمرو ( رضي الله عنهما ) أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أفضل الصدقة إصلاح ذات البين " .
فيا إخوة الإيمان : أصلحوا ما بينكم وبين الله سبحانه يصلح الله ما بينكم وبين من حولكم ، واحذروا أسباب الشحناء والبغضاء تعيشوا - بإذن الله - سالمين من الهم والقلق والحزن .
ويا أخي المسلم ، اعلم - بارك الله فيك - أنك مطالبٌ بالصفح والعفو عمن أساء إليك ، وإذا ما حصل بينك وبين أخيك ، أو صاحِبِك ، أو جارِك بعض الخلاف ثم جاء إليك معتذرًا عن خطأٍ حصل منه أو تقصيرٍ أو نحو ذلك ؛ فأقبل معذرته ببشرٍ وطلاقة ، وكن معينًا له على الخير ، ولا تجعل للشيطان فرصةً يدخل منها بينكما ، فإنه لا يدخل إلاّ بالشر والفساد والفتنة . وتذكّر قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " أعقل الناس أعذرهم لهم " .
وقد جاء في بعض كتب أهل العلم أن الحسن بن علي بن أبي طالبٍ - رضي الله عنهما - قال : " لو أن رجلا شتمني في أذني هذه ، واعتذر إليَّ في أذني الأخرى ، لقبلت عذره " .
عباد الله : أقول هذا ونحن جميعًا في بداية موسمٍ جرت العادة أن يلتقي فيه الأهل والإخوان ، والأحباب والأصحاب ، وأن تكثر فيه المناسبات واللقاءات التي تحتاج منا إلى أن نعمل بهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، الذي علّمنا وأرشدنا وحثنا على أن نعفو عن الآخرين ، وأن نُبادر بالصفح عن أخطائهم ، وأن نتجاوز عن تقصيرهم ، وأن نصطلح معهم ، ولاسيما أن الصلح خيرٌ ولا يأتي إلا بخير .
وكم هو مؤسفٌ ومُحزن أن نجد بين أبناء المسلمين من سادت الخصومة وكثُرت المنازعات بينهم ، وغلب الجفاء والقطيعة على تعاملاتهم بين بعضهم ، فهذا أخٌ لا يُسلم على أخيه من أمه وأبيه ، وهذا جارٌ لا يدخُل منزل جارِه ، وهذا ابن عمٍ في شقاقٍ دائمٍ ونزاعٍ مستمرٍ مع أهله وأقاربه ، وهناك أزواجٌ قاطعوا زوجاتهم وأبناءهم وهجروا بيوتهم إلى غير رجعة .
وليس هذا فحسب ، فهناك الكثير من المناظر الاجتماعية المؤلمة ، والحوادث اليومية المحزنة التي يرجع السبب فيها إلى أننا غفلنا جميعًا عن واجب الإصلاح بين الناس ، وأصبح كلَّ واحدٍ منا مهتمًا بأمر دنياه ، ومُنساقًا خلف ملذات الحياة ومادياتها ؛ فلا يسأل عن قريبٍ ، ولا يهتم بذي رحم ، ولا يهمه إلا نفسه .
فاتقوا الله أيها المؤمنون ، واعلموا أن سُبل الإصلاح كثيرةٌ جدًا ، وطُرق التوفيق بين المسلمين مُمكنةٌ ومتاحة ، وبخاصةٍ إذا صلُحت النيات ، وقويت العزائم ، وحسُنت المقاصد . وعليكم بارك الله فيكم بالجد والاجتهاد في الإصلاح بين إخوانكم عند الاختلاف ، والتوسط بينهم عند حصول النزاع والفُرقة ، وإياكم أن تتركوهم للشيطان وجندَّه من قرناء السوء ، ورفاق الباطل .
واعلموا بارك الله فيكم أن واقعنا المُعاصر يفرض علينا أن يكون في كل مدينةٍ وقريةٍ ، وفي كل قبيلةٍ وجماعة مُصلحين من أهل العلم ، والعقل ، والحكمة ، والروية ، وأصحاب المنزلة الاجتماعية وبُعد النظر ليقوموا بمهمة الإصلاح بين الناس ، والتقريب بينهم ، وحل مُشكلاتهم ، وتذكيرهم بما هم فيه من النعم التي يأتي من أعظم صور شكرها والحفاظ عليها أن تسود المحبة والأُلفة والمودة بين أبناء المجتمع ، فلا خلاف ولا شقاق ولا نزاع ولا بغضاء .
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ ، فاستغفروه ؛ إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله الكبير المتعال ، الذي تفرّد بالجمال والجلال والكمال ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ بن عبد الله كريم الصفات وشريف الخصال ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم المآل .
أما بعد ؛ فاتقوا الله عباد الله في السر والعلن ، واحرصوا - بارك الله فيكم - على سلامة السرائر واجتماع القلوب ، وراقبوا مولاكم الذي وصف نفسه بعلام الغيوب .
عباد الله : يقول بعض أهل العلم من سلفنا الصالح : " إن الهلاك لا ينزل بقوم فيهم المصلحون " ، وفي هذا القول إشارةٌ جميلةٌ ينبغي أن نعرفها ، وأن نقف معها حتى نستوعبها ، وتتمثل هذه الإشارة في أن هناك فرقًا بين ( المصلح ) و ( الصالح ) ، وأن لكلٍ منهما معنى يخصه ، فشتّان بين الإنسان ( الصالح ) الذي يكون صلاحه لنفسه ، فهو صالحٌ في عبادته وقوله وعمله ونيته وسره وعلنه ، ولكن صلاحه محصورٌ في حدود نفسه ، ولا يتعدى نفعه إلى غيره ، وفرقٌ بين الإنسان ( المصلح ) الذي هو صالح في نفسه ، ولكنه إلى جانب ذلك يسعى للإصلاح في المجتمع الذي يعيش فيه فيتعدى نفعه إلى غيره ، وبذلك يكون المصلح أَعَمُّ وأشمل وأنفع من الصالح في نفسه ؛ لأن المصلح يسعى ويعمل جاهدًا لإصلاح الناس وصلاح شؤون حياتهم حتى تستقيم الأمور كما أمر الله عز وجل ، بأن يدعو إلى الله جل جلاله ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويهمّه أمر المسلمين بعامة .
وإلى هذا المعنى يُشير بعض أهل العلم عند شرحهم لقوله تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } ( سورة هود : الآية 117 ) ، فالله سبحانه وتعالى لم يقل : ( وأهلها صالحون ) ، وإنما قال ( وأهلُها مُصلحون ) ، وهذا يعني أن هناك فرقًا بين الصالح والمُصلح . جعلني الله وإياكم من الصالحين المُصلحين .
أما هؤلاء الموفقين من الناس الذين يحبون أن يكونوا مصلحين ، فعليهم أن يحتسبوا أجرهم على الله سبحانه ، وأن يكون عملهم خالصًا لوجه الله تعالى ، وألاّ يريدوا به الرياء و السمعة ، أو الحصول على عبارات الثناء والمدح من الآخرين ، وأن يَكون سعيهم في عملية الإصلاح بين المتخاصمين بالقول الطيب ، والأخبار السَّارَّةِ ينقلونها بينهم ، ويحملونها إليهم ، حتى يمكنهم ذلك بإذن الله تعالى من الجمع بين الأطراف المتخاصمة ، والتقريب بين وجهات النظر المختلفة .
وعلى المصلحين أن يعلموا أن مهمة الإصلاح بين الناس مهنة العُظماء وهواية الشُرفاء ، وأنها مهمةٌ ليست باليسيرة ، ولا يتصدى لها إلا من وفقه الله تعالى لهذا الخير العظيم الذي يسوقه جل جلاله لمن شاء من عباده ، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى :{ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } ( سورة النساء : 114 ) .
فيا أيها المسلمون ، ليكن لكل واحدٍ منا حظٌ ونصيبٌ من هذا الشرف العظيم ، وليحرص كل فردٍ أن يكون من أهل الصلاح والإصلاح ، أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصالحين المصلحين ، وأن يوفقنا جميعًا لصالح القول والعمل والنية ، وأن يجعلنا ممن يستعملهم في طاعته ، وأن نكون مفاتيح للخير ومغاليق للشر ، إنه على كل شيءٍ قدير .
هذا وصلّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على الحبيب المصطفى ، فقد أمركم بذلك ربكم جل وعلا فقال : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْه وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ( سورة الأحزاب : الآية 56 ) .
اللهم أعز الإسلام والمُسلمين ، ودمِّر أعداء الملة والدين ، واكفنا اللهم وإخواننا المسلمين في كل مكانٍ من كيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، وحسد الحاسدين ، وفساد المُفسدين .
اللهم أغفر لنا وارحمنا ، وأغفر اللهم لآبائنا وأمهاتنا ، وأبنائنا وبناتنا ، وإخواننا وأخواتنا ، وأزواجنا وزوجاتنا ، وأحيائنا وأمواتنا .
اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته ، ولا همًا إلا فرجته ، ولا كربًا إلا نفّسته ، ولا دينًا إلا قضيته ، ولا مريضًا إلا شفيته ، ولا مُبتلى إلا عافيته ، ولا أمرًا عسيرًا إلا يسرته ، ولا غائبًا إلا رددته ، ولا حاجةً من حوائج الدنيا هي لك رضى ولنا فيها صلاحٌ إلا أعنتنا على قضائها يا رب العالمين .
اللهم إنك ترى ما نحن فيه من الشدة ، وتعلم ما نحن في حاجةٍ إليه من رحمتك ، فلا تحرمنا فضلك يا واسع الفضل ويا كريم العطاء ، اللهم يا مغيث أغثنا ، اللهم يا مُغيث أغثنا ، اللهم يا مُغيث أغثنا ، اللهم أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلته قوةً لنا على طاعتك ، وسبيلاً إلى المزيد من رحمتك .
عباد الله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . فاذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، واستغفروه يغفر لكم ، وأقم الصلاة ....

 

صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية