اطبع هذه الصفحة


خطبة الجمعة في الجامع الكبير بسبت تُنومة
الجمعة ( 9 ) شوال 1434هـ ، بعنوان :
( وقفاتٌ أربعٌ )

الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية

 
الحمد لله الذي لا يستحق الحمد غيره ، والحمد لله الذي أكرمنا يوم أن أذن لنا بحمده وشُكره والثناء عليه سبحانه ، والحمد لله الذي وعدنا بعظيم الأجر والثواب على حمدنا إياه وشُكرنا له جل في عُلاه ، نحمد ربنا ونشكره ونُثني عليه الخير كُله ، ونتوب إليه ونستغفره ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ذو الجلال والإكرام ، والفضل والإنعام ، ونشهد أن نبينا ورسولنا ، وحبيبنا ومُعلمنا ، وقائدنا وقدوتنا محمدًا بن عبد الله ، إمام الـمرسلين ، وخاتم النبيين ، وسيد الأولين والآخرين ، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد :
فيا عباد الله اتقوا الله تعالى في أنفسكم ، واتقوا الله تعالى في أماناتكم واعلموا بارك الله فيكم أن كل إنسانٍ أمينٌ في موقعه الذي استأمنه الله عليه ، ومسؤول عمّا أسند الله إليه من مسؤولياتٍ ومهامٍ صغيرةً كانت أم كبيرة ، وأن العزيز الجبار جلت قُدرته سيسأل كل فردٍ منا عمّا استأمنه عليه من القول ، أو العمل ، أو الرزق ، أو المال ، أو المنصب ، أو الجاه ، أو الأولاد ، أو الأزواج ، أو غير ذلك .
أما موضوع خُطبتي لهذا اليوم فسيكون بإذن الله تعالى عن مجموعةٍ من الوقفات مع بعض الموضوعات التي نحتاج إلى تسليط الضوء عليها من هذا المنبر المبارك ليكون الإنسان على بينةٍ من أمره عندما يتعامل معها ، وبخاصةٍ أنها موضوعاتٌ ذات علاقةٍ وثيقةٍ بجوانب مختلفةٍ في حياة الفرد والمجتمع ، وليعرف كل من يتعرض لها كيف يتعامل معها من منظورٍ إسلاميٍ صحيحٍ ، سائلاً الله تعالى التوفيق والتسديد .
ويأتي من أبرز هذه الموضوعات ما يلي :
( الموضوع الأول ) صيام ستة أيامٍ من شهر شوال سواءً أكانت مُتتابعةً أم مُتفرقة ، وهي سُنةٌ مُستحبّة وليست بواجب ، إلاّ أنه يشرع للإنسان المسلم صيام ستة أيام من شهر شوال لما في ذلك من الفضل العظيم ، والأجر الكبير الذي أخبر عنه الهدي النبوي الكريم فيما جاء في حديث أبي أيوب ( رضي الله عنه ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال : " من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر " ( رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ) .
ومن هنا ، فإن من صام هذه الأيام الستة بعد صيامه لشهر رمضان المبارك فإن الله سبحانه يكتب له أجر صيام سنةٍ كاملةٍ بإذنه تعالى ، فيا عباد الله عليكم باغتنام هذه الفرصة ، وصيام هذه الأيام الستة طاعةً لله تعالى ، وامتثالاً للسُنة النبوية ، ورغبةً فيما عند الله تعالى من الأجر والثواب .
( الموضوع الثاني ) انتشار ثقافة التيئيس من رحمة الله تعالى عند كثيرٍ من أبناء مجتمعنا الذين ينظُرون إلى الحياة بمنظارٍ أسود والعياذ بالله ؛ فهم لا يرون إلاّ الجوانب السلبية من حياة الناس ، ولا يُبصرون سوى الزوايا المُظلمة التي تبعث على التشاؤم ، وتدعو إلى الإحباط واليأس والقنوط من رحمة الله ولطفه وكرمه ، ولعل مما يؤسف له أن هناك فئةً من الناس الذين يتوقعون الشر دائمًا ، ويتنبأون بالخراب ، ويُراهنون على الشر بشكلٍ أو بآخر ، مع أن حقيقة الأمر تكشف لنا أن هدي الإسلام يدعو إلى النظر إلى الأمور بمنظارٍ إيجابيٍ مُتفائل ولو في أشد الحالات وأصعب المواقف ، وبخاصةٍ أننا نعلم علم اليقين أن الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ، وأن رحمته سبحانه واسعة ، وأنها رحمةٌ عظيمةٌ تسبق غضبه جل جلاله ، وأنها رحمةٌ لا حد لها ولا نهاية فقد وصفها رب العزة والجلال بقوله : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } ( الأعراف : من الآية 156 ) .
ويقول جل شأنه : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ( الزمر : 53 ) .
فيا من تخوفون الناس وترهبونهم بعذاب الله تعالى في الخُطب والمواعظ والدروس والأدعية ، وتُكثرون من ذكر غضب الله تعالى وناره وحميمها ، وضريعها ، وسجينها ، وغسلينها ، وسعيرها ، وسلاسلها ، وأغلالها ، وتغيُظها ، وزفيرها ، وسمومها ، ويحمومها ، وأنكالها ، وجحيمها ، وغساقها ، وصديدها ، وزقومها ، ومهادها ، ومقامعها ، وأصفادها ، وقطرانها ، اتقوا الله تعالى وقولوا للناس حُسنا ، وأعلموا أن الله تعالى بعث محمدًا ( صلى الله عليه وسلّم ) هاديًا وبشيرًا ، وأرسله رحمةً للعالمين .
ثم أين أنتم - غفر الله لنا ولكم - من رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء ؟
وأين أنتم من وصف جناته التي أعدها الله تعالى لعباده المؤمنين والصالحين والمتقين جعلنا الله وإياكم منهم ؟
وأين أنتم من التذكير بنعيم تلك الجنات ، وقصورها ، وغرفها ، وحريرها ، وأرائكها ، وآنيتها ، وكؤوسها ، ورحيقها ، وخيامها ، وقبابها ، ودرجاتها ، وأنهارها ، وأشجارها ، وحورها ، وخدمها ، و فرشها ، وسندسها ، واستبرقها ، وأساورها ، وحدائقها ، وأعنابها ، وفاكهتها .
فيا عباد الله : ليكن لنا في هدي النبي محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) قدوةً حسنة ، وليكن منهجنا في الدعوة إلى الله تعالى منطلقًا من أبشروا ، وأملوا ، وتفاءلوا ، وأحسنوا الظن بالله العظيم ، وارجوا رحمته ، واطمعوا في كرمه ، واسألوه من فضله فإنه هو الغفور الرحيم .
( الموضوع الثالث ) حالة الضياع والفراغ القاتل التي يُعاني منها شبابنا في واقع الحياة ، فهم يُعانون كثيرًا من المشكلات النفسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والأخلاقية ، وغيرها وليسوا بسببٍ في ذلك كله ، فواقع الحياة التي يحيونها يدفعهم إلى هذا الفراغ وبخاصةٍ أننا نعلم جميعًا أنه ليس هناك ما يجب عليهم تأديته من الأعمال ، أو القيام به من الواجبات ، وليست عندهم المسؤوليات التي كان المجتمع يطالب بها من كان في سنهم في زمنٍ مضى ، ولم تُعد هناك الظروف والأحوال التي تفرض عليهم ممارسة بعض الأعمال والانشغال بشيءٍ من مشاغل الحياة ومجرياتها .
من هنا ، فإن طبيعة الحياة المعاصرة قد أدت إلى وجود مشكلة الفراغ المخيفة والمُدمرة لأبناء الجيل ، وما يترتب عليها من المعطيات السيئة ، والنتائج المؤسفة التي يشتكي منها الآباء في هذا الزمان . وأنا من هذا المكان أتساءل وأطرح تساؤلي عبر هذا المنبر المبارك قائلاً :
= ماذا عمل المجتمع لأبنائه الشباب ؟
= وأين المحاضن والبرامج التربوية والتوعوية التي يجب أن تُتاح لهم ؟
= وما هي الخدمات التي قدّمها المجتمع لأبنائه من الشباب ؟
= وهل يتناسب ما قُدِّم لهم مع واقعهم وأفكارهم وطموحاتهم وآمالهم وتطلعاتهم ورغباتهم ؟
= ولماذا نُطالب شبابنا دائمًا بأن يكونوا ( رجالاً ) ونحن لم نُقدِّم لهم ما يُساعدهم على ذلك ؟
= وهل يُعقل أن نبذل في واقعنا الغالي والنفيس مسايرةً لبعض العادات والتقاليد والمظاهر الاجتماعية الزائفة التي لا نفع منها ولا فائدة ، ولا نهتم بتوفير متطلبات وضروريات أبناء المجتمع وعدته وعماده من الشباب الواعي الطموح ؟
أيها الأحباب : إن كثيرًا من الآباء يشتكون مُر الشكوى من أبنائهم ، ويعيشون معاناةً حقيقيةً معهم ، ولكن الحقيقة تفرض علينا أن نقول بصريح العبارة :
إن شبابنا يُعانون منّا أكثر مما نُعاني منهم ؟
وحتى أكون منصفًا فإن الحلول لما سبق ذكره لا يُمكن أن تكون بمجرد التمني أو تقديم الاقتراحات والتوصيات ، ولكن الحلول الإيجابية الفاعلة تحتاج منّا جميعًا إلى استشعار أبعاد المشكلة ومعرفة كافة جوانبها ، يلي ذلك تظافر الجهود وتبادل الآراء السديدة المُمكنة ، ثم العمل الجاد والمستمر على إيجاد تلك الحلول بطريقةٍ أو بأُخرى ، والاجتهاد في توافرها بأسرع وقتٍ مُمكن ، واستنهاض الهمم وتشجيع من يُمكنه الإسهام والمشاركة من مختلف القطاعات والمرافق حكوميةً كانت أم أهلية ، جماعيةً كانت أم فردية ، وبخاصةٍ أن الشباب - كما نعلم - هم عماد الأُمة ، وهم عدة الحاضر ، وأمل المستقبل المنتظر ، ولهم علينا حقوقٌ كثيرة لا بُد أن نعمل جميعًا على تحقيقها وتوفيرها فلعل الله أن ينفع بهم ، وأن يكتب لهم الهداية والصلاح والفلاح والنجاح وما ذلك على الله بعزيز .
( الموضوع الرابع ) كثرة تكرار الحديث السلبي المتشائم عمّا في عصرنا وواقعنا من وسائل الإعلام والاتصال الجديد ، والإسهاب في التحذير منها ، والتخويف المبالغ فيه حتى أن من يستمع إلى بعض الأحاديث والخطب والمواعظ قد يتوقع أن تلك الوسائل والتقنيات بأنواعها المختلفة وأنماطها المتعددة شرٌ محظٌ ، وأنها رجسٌ من عمل الشيطان ، وأن التعامل معها دليلٌ على الانحراف و الفسوق ، وهذا غير صحيح على الإطلاق ، وإذا كان هناك من يُفكر بهذه الطريقة فإن علينا أن نُصحح له المفاهيم ، وأن نوضح له حقائق الأمور .
وحتى نكون منصفين فإن علينا أن نعلم وأن ندرك أن ما بين أيدينا من معطيات العصر الحديث ، ولاسيما في مجال التقنية والاتصال والإعلام لا يُمكن أن تتحدد كيفية التعامل معها من خلال التحليل أو التحريم ؛ لأن هذه الوسائل والتقنيات واسعة الانتشار بدرجةٍ جعلتها تدخل كل بيت ، وكل غرفةٍ في البيت ، وتصل إلى أيدي الصغار قبل الكبار ، بل إنها أصبحت جزءًا لا يتجزأ من ضروريات حياتنا كبارًا وصغارًا ، وهي عاملٌ رئيسٌ في طبيعة معيشتنا على مختلف الفئات والمستويات ، ولا يكاد أحدنا يستغني عنها أو بعضها على مدار الساعة في حياته اليومية ، فهي وثيقة الصلة بكل جزئيةٍ في حياتنا الدينية ، والدنيوية ، والفردية والاجتماعية ، والأُسرية ، والإعلاميةً ، و الاقتصادية ، والتعليمية ، و الثقافية ، والسياسية ، و التوعوية ، و غيرها من الجوانب الأخرى التي توجب علينا أن نُحسن التعامل معها وأن نُعطي هذا الموضوع حقه من العناية والاهتمام .
كما أن هذا يفرض علينا أن نعلم علم اليقين أنه ليس من الحكمة ولا من المقبول ولا المعقول أن نُعد هذه الوسائل شرًا محظًا ، وخطرًا مطلقًا ؛ وأن الواجب علينا أن نُحسن الظن بالله تعالى الذي بيده الأمر كله ، وأن نثق في أنفسنا ومن حولنا من خلال تعويدنا لأنفسنا وأهلينا على حُسن التعامل معها ، والسعي إلى إيجابية توظيفها في حياتنا لتكون نافعةً ومفيدة بإذن الله ، وأن يعي ويعرف كل من يستخدمها أن بإمكانه أن يجعلها أداة خيرٍ بين يديه عندما يُسخرها بقناعته وإرادته لطاعة الله في السر والعلن ، وعندما يوظفها لأداء الواجبات ، وقضاء المهمات ، وسرعة الخدمات ، و تحقيق النافع والمفيد من الأهداف والغايات .
عباد الله .. هذه بعض الوقفات التي رأيت من واجبي أن أطرحها على أسماعكم في هذه الخُطبة فما كان من توفيق وصوابٍ وسداد فذاك من فضل الله تعالى علينا جميعًا ، وما كان من خطأٍ أو زللٍ فمن نفسي ومن الشيطان .
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله العظيم لي ولـكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل ذنبٍ وخطيئة ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم .

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جاد وأنعم وتفضل وتكرّم ، والشُكر له جل في عُلاه على ما وهب من عقلٍ وسمعٍ وبصر وفؤاد ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وسلّم تسليمًا كثيرًا . أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا بارك الله فيكم أن من السُنن الغائبة عن أذهان كثيرٍ من الناس ما جاء الحث عليه في الهدي النبوي الكريم من جلوس الإنسان في مصلاه بعد صلاة الفجر حتى تطلُع الشمس ، والانشغال خلال هذا الوقت بذكر الله تعالى ، وتلاوة القرآن الكريم ، أو تدارس العلم النافع ، أو نحو ذلك مما يُحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الصالحة .

وقد نصّت بعض الأحاديث الشريفة على عظيم فضل هذه السُنةٌ النبويةٌ التي يُكافئُ الله عليها بالأجر الكثير والثواب العظيم ، فهناك الكثير من الروايات التي تُبيّن في مجموعها هذا الفضل الذي يتمثل في أمورٍ ثلاثةٍ جاء الإخبار عنها والوعد بها على لسان نبينا وحبيبنا محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهي :
( أولاً ) أن يكتب الله له أجرًا مثل أجر الحج والعمرة ، إلا أن ذلك الأجر لا يغنى المسلم عن أداء الحج والعمرة .
( ثانيًا ) أن يغفر الله ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر .
( ثالثًا ) أن يُدخله الله الجنة ولا تمسُ جسده النار .
أما الأحاديث الدالة على ذلك فقد جاء عند الترمذي وهو حديث حسن مرفوعًا : " من صلى الفجر في جماعة ، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين ، كانت له كأجر حجةٍ وعمرة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تامةٍ ، تامةٍ ، تامة " .
وجاء عند الطبراني : " انقلب بأجر حجة وعمرة ".
وروى الطبراني مرفوعًا ورواته ثقات : " من صلى الصبح ثم جلس في مجلسه حتى تمكنت الصلاة ، يعني ترتفع الشمس كرمح كان بمنزلة حجةٍ وعمرةٍ مُتقبلَتين " .
وقال ابن عمر ( رضي الله عنهما ) : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى يمكنه الصلاة ( أي الضُحى ) .
وفي رواية للطبراني مرفوعًا : " من صلى الصبح في جماعةٍ ثم يثبت حتى يسبح الله سبحة الضُحى كان له كأجر حاجٍ ومعتمرٍ تامًا له حجه وعمرته ".
وفي رواية للإمام أحمد وأبي داود وأبي يعلي مرفوعًا : " من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرًا ، غُفرت خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر " .
وفي راوية لأبي يعلى : " وجبت له الجنة ".
وفي رواية لابن أبي الدنيا مرفوعًا : " من صلى الفجر ثم ذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس لم يمس جلده النار أبدًا " .
وعلى كل حال فإن هذه الروايات تؤكد - بما لا يدع مجالاً للشك - أن جلوس الإنسان بعد أداء صلاة الفجر في مصلاه أو مسجده الذي صلى فيه مُنشغلاً بذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتي الضحى ( سنةٌ نبويةٌ ) ، وعلينا جميعًا أن نعرفها ، وأن نعرف فضلها ، وأن نحرص عليها ، وأن نُحافظ على أدائها ، وأن نتواصى بتطبيقها بين فترةٍ وأُخرى ؛ فلعل الله أن يقبلها منّا ، وأن يُثيبنا عليها . كما أن من الواجب علينا أن نُعوِّد عليها الأهل والأبناء حتى نكون بإذن الله تعالى ممن يُحيي السُنة ويكسب أجرها وثوابها .
ثم اعلموا - بارك الله فيكم - أن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتـها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار . واعلموا أن الله تعالى أمركم بالصلاة والسلام على النبي فقال جل شأنه : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ( الأحزاب : 56 ) .
وقد صحَّ عن النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) أنه قال : " من صلى عليَّ صلاةً ، صلى الله عليه بها عشرًا " . فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد ، وعلى آله وصحبه الطاهرين ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين : أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك في هذه الساعة رضاك والجنة ، ونعوذ بك اللهم من سخطك والنار .
اللهم أصلح لنا ديننا ، وأصلح لنا دنيانا ، وأصلح لنا آخرتنا ، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير ، والموت راحةً لنا من كل شر .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واحفظ اللهم لنا بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، ومكر الماكرين ، وتربُص المتربصين ، واعتداء المُعتدين ، وإرجاف المُرجفين ، واحفظ اللهم لنا ولاة أمرنا ، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدُلهم على الخير وتُعينهم عليه .
اللهم انصر إخواننا المسلمين في ( بلاد الشام ) على من طغى وبغى عليهم ، اللهم الطف بإخواننا المسلمين في ( مصر ) ولم شملهم وأصلح أحوالهم . اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوءٍ فأشغله في نفسه ، ورد كيده في نحره ، واجعل تدبيره تدميرًا له يا رب العالمين .
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أنزل علينا من بركات السماء ، اللهم اسقنا ولا تحرمنا ولا تجعلنا من القانطين . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وأغننا اللهم بفضلك عمن سواك يا رب العالمين .
اللهم أحسن حياتنا ، وأحسن مماتنا ، وأحسن ختامنا ، وأحسن مآلنا . اللهم أعنّا على كل خير ، واكفنا من كل شر ، وأغفر اللهم لنا ما قدّمنا وما أخّرنا ، وما أسررنا وما أعلنّا ، وما أنت أعلم به منّا .
اللهم اغفر لنا ولآبائنا ، وأمهاتنا ، وأزواجنا ، وذرياتنا ، وإخواننا ، وأخواتنا ، وتجاوز اللهم عن ذنوبنا وخطايانا ، وارحمنا يا رحمان يا رحيم برحمتك التي وسعت كل شيء . ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الأخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، يا عزيز يا غفّار ، يا رب العالمين .
عباد الله : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } .
وَأَقِمِ الصَّلاةَ ، إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .

 

صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية