يستعظم كثير من الناس أموراً عظيمة ، ويستشنع آخرون أشياء شنيعة .
فلو قيل لبعض الناس :
فلان نكَحَ أمه
لاستشنعوا ذلك واستعظموه ، وهو كذلك .
لكن لو قيل لهم :
إن فلاناً يتعامل بالربا
لما تعاظموا ذلك ، ولربما أصبح المرابي جليسهم وأنيسهم .
ولا مانع عندهم من تزويجه
والتعامل بالربا أعظم من أن ينكح
الرجل أمه .
والمرابي أشد مما لو وقع الشخص على
أمّـه
قال عليه الصلاة والسلام :
أهون الربا كالذي ينكح أمه ، وإن أربى
الربا استطالة المرء في عرض أخيه
. صحيح الجامع الصغير للألباني
وقال عليه الصلاة والسلام : الربا
اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه
. صحيح الجامع الصغير للألباني .
وقال عليه الصلاة والسلام :
درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد
عند الله من ستة وثلاثين زنية . رواه
الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني .
فإذا كان هذا أهون الربا
وإذا كان هذا في درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم
فما بالكم بأعظم الربا ؟
وما ظنكم بمن يأكل الآلاف بل يتجرّع ملايين الدراهم والدنانير من ربا صريح ؟
لا شك أن هذا أعظم وأشنع
غير أن كثرة المساس تـُـذهب الإحساس
فلما تعامل به الناس ، واستمرءوه خف ذلك في موازينهم .
كما أن هذا أهون الربا ... والربا وأربى وأعظم الربا استطالة المرء في عرض
أخيه ... إما بقذفٍ وهو أعظم الاستطالة ، وإما باالغيبة والنميمة ، ولذا قال
عليه الصلاة والسلام : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم
هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا . متفق عليه .
فهذا يُبيّن عِظَم حُرمة هذه الأشياء ، وأنها كحرمة يوم النحر في بلد الله
الحرام مكة المكرمة في شهرٍ محرم ، وهو شهر ذي الحجة .
ولو قيل لبعض الناس :
فلان فعل بأمه الفاحشة أو وقع على محارمه
لاستعظموا ذلك ، وهو ورب الكعبة عظيم شنيع .
لكن لو قيل لهم :
فلان يذهب للسحرة ...
أو فلان يتعلّم السحر ...
أو فلانة ذهبت للساحرة لتـُحبّب زوجها إليها ...
أو فلان يطوف بالقبور ويدعو الأموات ...
أو فلان يقع في الشرك ، ولديه شركيات ...
لما كان ذلك مستعظما !!
ولا شك أن المعصية والكبيرة مهما عظمت فإنها لا تبلغ حدّ الشرك ما لم
يستحلّها فاعلها .
وصاحب الكبيرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه .
غير أن تعلّم السحر أو الذهاب إلى السحرة والرضا بما هم عليه كفرٌ بواح بما
أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
قال عليه الصلاة والسلام :
من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله
عليه وسلم . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
ومن طاف بالقبور أو دعا الأموات فقد أحيا شريعة فرعون هذه الأمة أبي جهل
وأقام دين عمرو بن لحي الخزاعي ، الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم يجر
أمعائه في النار .
ومن مات على الشرك فهو خالد مخلدٌ في النار .
( إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ
وَمَأْوَاهُ النَّارُ )
(إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ
لِمَن يَشَاء )
فهذا أعظم وأبشع وأشنع .
فالشرك أقبح القبائح وأعظم الذنوب .
فماذا لو قيل لك : هذا الناكح أُمّــه ؟
هل كنت تُطيق النظر إليه ؟؟؟
أدع لك الجواب !
وثم ميزان مقلوب أو موازين مقلوبة ومختلة ... غير أني أخشى الإطالة ، ولعلي
أكتب عنها لاحقا .