إن خير ما أهدى الصاحب لصاحبه أن يهديه طريق الجنة
وأن يدلّـه على عمل صالح يَعظُم به أجره ، وتُكفّر به زلّته
وربما أهدى الأخ إلى أخيه والصاحب إلى صاحبه هدية معنوية فصارت أشهر من عَلَم
!
مات ابنٌ لعبد الرحمن بن مهدي ، فجزع عليه جزعاً شديداً حتى امتنع عن الطعام
والشراب ، فبلغ ذلك الإمام الشافعي فكتب إليه أما بعد :
فَـعَـزِّ نفسك بما تـُعَـزِّ به غيرك ، ولتستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل
غيرك ، واعلم أن أمضى المصائبِ فقـْـدُ سرورٍ مع حرمان أجر ، فكيف إذا اجتمعا
على اكتساب وزر ، وأقول :
إني مُعَزِّيكَ لا إني على طمع = من الخلود ولكن سـُنّة الـدِّينِ
فما المُعزِّي بباقٍ بعد صاحبه = ولا المُعزَّى ولو عاشا إلى حين
قال : فكانوا يتهادونه بينهم بالبصرة .
وربما سافر الرجل الصالح فبلغه من الخير والأجر ما لم يبلغ صاحبه فقدِم عليه
به كخير هدية
قال محمد بن واسع : قدمت مكة فلقيت بها سالم بن عبد الله بن عمر ، فحدثني عن
أبيه عن جده عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من دخل السوق فقال :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لـه الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا
يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير . كَتَبَ الله له ألف ألف حسنة ، ورفع
له ألف ألف درجة ، وبَنى له بيتا في الجنة .
قال محمد بن واسع : فقدمت خراسان فأتيت قتيبة بن مسلم ، فقلت : أتيتك بهدية ،
فحدثته الحديث .
قال : فكان قتيبة يركب في موكبه حتى يأتـيَ السوق ، فيقولها ، ثم ينصرف .
قال الذهبي : إسناده صالح غريب . والحديث حسنه الألباني .
هكذا فرح محمد بن واسع بهذا الأجر العظيم فأهداه لذلك القائد العظيم فَعَمِلَ
به
وما حمله مكانه من قيادة الجيش والإمارة أن يزهد في ذلك ألجر العظيم
كم نزهد في هذا المليون ( ألف ألف ) ؟
وليس مليوناً واحداً فقط بل أكثر !
" كَتَبَ الله له ألف ألف حسنة ، ورفع له ألف ألف درجة ، وبَنى له بيتا في
الجنة "
مليون حسنة
ومليون درجة
وبيتا في جنة عدن بجوار الرحمن
فهل أتيتك صاحبك يوماً بمثل هذه الهديـة ؟!
وهاك – الآن – هدية بل هدايا من مثل هدية محمد بن واسع
قال عليه الصلاة والسلام : من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة . قيل : يا
رسول الله وما خرفة الجنة ؟ قال : جناها . رواه مسلم .
وقال : ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ،
وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنة
. رواه الإمام أحمد والترمذي ، وصححه الألباني .
وهل رأيت أفضل من أن يُصلّي عليك ويدعو لك من لم يعصِ الله طرفة عين ؟
وليس مَلَك ولا عشرة بل من عاد مريضا مُسلماً صلى عليه سبعون ألف ملك !
أرأيت كرامة هذا العمل على الله عز وجل حتى سخر هذا العدد من ملائكته تدعو لك
؟!
ألا يستحق أن يتهاداه الناس بينهم ؟
وكم نزهد في عيادة المرضى وإن كان لهم حق علينا ؟ بل ربما نستثقل هذه الزيارة
أو نزور مجاملة !
وخذ هدية أخرى
قال النبي صلى الله عليه وسلم : من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا ، وكان
معه حتى يُصلي عليها ويُفرغ من دفنها ، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين ، كل
قيراط مثل أحد . رواه البخاري ومسلم .
ماذا لو قيل لك : لك مثل جبل أُحد ذهباً ؟
أكنت تزهد فيه ؟!
ومنازل الجنة تُنال بالأعمال الصالحة
ومُجاوزة الصراط تحتاج إلى مثل هذا القيراط
وخذ ثالثة الهدايا من قول خير البرايا صلى الله عليه وسلم
" أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟
فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟
قال : يُسبح مائة تسبيحة ، فيكتب له ألف حسنة ، أو يحط عنه ألف خطيئة . رواه
مسلم .
قال النووي رحمه الله : " أو يحط عنه ألف خطيئة " هكذا هو في عامة نسخ صحيح
مسلم " أو يحط " بـ "( أو ) وفي بعضها : ( ويحط ) بالواو ، وقال الحميدي : في
الجمع بين الصحيحين : كذا هو في كتاب مسلم " أو يحط " بـ ( أو ) وقال
البرقاني : ورواه شعبه وأبو عوانة ويحيى القطان عن يحيى - الذي رواه مسلم من
جهته - فقالوا : ( ويحط ) بالواو ، والله أعلم .
وسبق ما يُشبه هذا
وهو هنا :
هـُــنـــــا
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/56.htm
ومن تأمل السنة وجدها زاخرة بمثل ذلك
فهل تُقبل مثل هذه الهدايا لو أُهديت ، أو يُزهد بها ؟